حقيقةً ، لاحظت هذا الأمر كثيرا ..

فالأفلام الهندية ، والأغاني الهندية ، طابعها الحزن والمعاناة . والثقافة الهندية التي أنتجت هذه الأفلام والأغاني ، المتمثلة في المؤلفين والمخرجين والفنانين والمتلقين ، قد أبدعت كثيرا في العزف على أوتار القلوب ، حتى أن المرء ليقشعرّ بدنه من شدة التاثر ، بل إن براعة هذا العزف قد توصل المرء إلى حالة انسكاب الدموع ، وربما البكاء !

وفي الجانب الاخر ، وعلى النقيض ، نجد أن الكوميديا الأمريكية لا تجاريها كوميديا أخرى على وجه الأرض . الأفلام الأمريكية ، والأغاني الأمريكية ، تبعث على السرور ، الفرح ، المتعة . أيضا هنا الأمريكيون قد أبدعوا كثيرا في العزف على أوتار القلوب ، لكن نتاج هذا العزف كان فرحا وسرورا واستمتاعا !

لماذا ؟ ..

أظن أن لدي فرضية تفسر ذلك ..

اعتقد أن قضية ” التسيير والتخيير ” ، ” القضاء والقدر ” ، ” إرادة الإنسان ” ، علاقة ما ..

الفلسفة الهندية فلسفة جبرية . أي أن الإنسان مسيّر في هذه الحياة . فلا خيار لديه يُذكر . ولا إرادة له تُعتبر .. أما الفلسفة الغربية ، وخصوصا الأمريكية ، فهي تعتبر أن الإنسان له الخيار والإرادة في كل شأن ، حتى في الموت !

فالهندي ، إذا وُلِد فقيرا ، فسيعتبر ذلك قدرا عليه . وطبقا لعقيدته ، سيعلم أن قدره هذا هو عقاب من الإله على خطأ أو ذنب ارتكبه في حياة بشرية سابقة لا يعلم عنها شيئا . وبالتالي ، فهو سيتاقلم مع قدره في حياته الجديدة . أما الأمريكي ، إذا وُلِد فقيرا ، فسيعتبر أن لديه القدرة والإرادة والخيار لتغيير وضعه هذا . وهو سيعلم أن عليه أن يحاول كثيرا ، وفي كثير من المرات سينجح بفضل قوة اقتصاد بلده .

لذلك أرى أن الأمريكي لديه ثقة كبيرة في نفسه . وهو يرى أن الضحك والمرح والاستمتاع بحياته وبنجاحاته أولى من الحزن والبكاء . اما الهندي ، فهو لوضعه المأساوي ، لفقره مثلا ، لن يفكر في أن يغير حياته ، لأن هذا نابع من عقيدته وفلسفته . ولكن فطرة الإنسان التي لا تتقبل هذه الأفكار هي التي ظهرت على السطح . فما كان من الهندي إلا الندم والحزن وإظهار المعاناة ومواساة نفسه ومواساة أقرانه . وهويرى أن البكاء ولطم الوجوه أولى من الضحك والمرح .

هذا هو تفسيري والله أعلم ….

أما العرب ! فأغلب ما أظنه أن لا فلسفة لديهم ! فإن أردت الضحك والمتعة في أفلامهم فلن تجدها ، وإن أردت الحزن والمعاناة فلن تجدها أيضا .. ( أمزح ، لكن يمكن ! ) ..