56 عاماً على اغتصاب فلسطين رسالة إلى جدي

جدي.. التماعة الأمل في عينيك تجرحني نحو ما فيك.. تنغرس في كوشم يتمترس في مسامات الجلد خلق متراسه ولا يبارح المكان.

رمال الحزن الكثيفة تنثال علي، وفتيل التصميم على تحقيق حلمك يشعل سهول روحي، وأنا استمع إلى القصة، ربما للمرة المليون، وأنت ترويها عن تلك الليلة التي شهدت مأساتك ومن معك ومن بعدك..

تلف بأصابعك السيجارة.. تأخذ منها نفساً طويلاً ثم تبث أحزانك وتلامس بأصابعك أوجاع قرانا ومدننا: ” كانت الأرض واسعة وفيها نسرح ونمرح كفراشات الربيع، فيها نزرع ونرعى.. ومنها نأكل ونشرب ونعيش.

بعد نهاية يوم عمل قاس كنا نلتقي، كل رجال القرية، في “ديوان” نتسامر، ونتلفق الحكايا من بعضنا البعض ثم ينفض الجمع استعداداً ليوم أجمل.

في تلك الليلة بدأ النشاز في اللحن، وتعثر إيقاع القصيدة.. في تلك الليلة إجتاح القرية حشد من الوجوه الغريبة، أضرموا النار في المحاصيل والبيوت وقتلوا بعض أطفالنا ونسائنا ورجالنا، وأخرجونا من الأرض.. أنشبنا أظفارنا بلك ذرة من التراب، ولكنهم كانوا أقوى.. نزعونا من بيوتنا.. أطلقوا النار.. خرجنا وعبرنا “الشريعة” إحدى تسميات النهر الشعبية الفلسطينية منذ تلك الليلة ونحن نوقد

شموع الأمل.. يلتفت الجد إلينا (ونحن متحلقون حوله) يبتسم ابتسامة خفيفة ويضيف قائلاَ :” الأمل فيكم” لازمة يكررها كلما روى الحكاية.

جدي.. قصتك التي تضرم في قلوبنا نار الإصرار على العودة إلى الأرض، ستبقى رغم مرور (56) عاماً عليها، معلقة مع المفتاح ” وكوشان الأرض” ومطحنة قهوتك اليدوية بأجنحة القلب الذي يحلق هناك فوق قريتنا.. يوتصاحب مع أقران لا يعدون ولا يحصون، ومفاتيح “وكواشين” وغوالي كثر كالقمح في بيادرنا..

جدي.. لو تنهي عفوتك، وتنظر معي إلى الأفق فالأمل الذي يبرق في عينيك لم يعد حلماً بعيد المنال، ها هو قد اكتمل وتحول إلى عصفور يحلق في الأجواء يرشد الأرواح والقلوب الجاثمة فوق الأرض على حيث حقيقتنا الأقوى من وحوش العصر.

جدي لو تنهي غفوتك، وتطل من نافذتك العالية ستضيف كلمة أخرى إلى لازمتك وستقول:” الأمل فيكم اكتمل”.

وستسخر حتماً من توقع أو قال:” الكبار يموتون والصغار يسنون”.

منقول