الأخت بدور

الحب كلمة جميلة لمعنى جميل. الحب عاطفة سامية كان و ما زال و لن يزول برغم تغير الزمان و مفاهيمه لأن العواطف السامية لا تتغير. و الحب لا يقتصر على عاشقين يحب أحدهما الآخر و لكنه إحساس جليل سام يبدأ من حب الله أولا لعباده و نتيجة لهذا الحب الإلهي يغدق عليهم كل هذه المنح العظيمة ثم حب العبد لربه شكرا لنعمه و خضوعا لسلطانه و قدرته و جبروته.  و الحب أنواع كثيرة حب الوالدين لأبنائهم و حب الأبناء لآبائهم، الحب المتبادل بين الأخوة، الحب المتبادل بين الزوجين، الحب المتبادل بين الأصدقاء الخلص هذه الأنواع من الحب يبقى خالدا و لا تتغير مراسمه و لا أحاسيسه مدى العصور  و لكني اعتقد بأن الحب الذي قصدتيه بموضوعك هو الحب بين الجنسين أي الحب بين شاب و شابة،  أو الحب بين رجل و إمرأة، و الذي يسمى أيضا بالعشق و انت تتسائلين ماذا حدث لمثل هذ الحب في زماننا.

أختي بدور،

مثل هذا الحب نوعان، الحب الحقيقي لم يتأثر و إنما اختلفت وسائله، فبدلا من أن يطوف العاشق حول خيام المحبوبة يتشبب بها شعرا أو يقف تحت شرفتها تحت المطر أو تحت لهيب الشمس المحرقة ليعزف لها أنغام الحب الشجية على الجيتار أو العود أو الربابة، اصبح يطلبها بالهاتف النقال أو يراسلها عن طريق الأي ميل أو يحادثها عن طريق الشات أو المسينجر. تحولت وسائل الإتصال من وسائل حسية إلى وسائل اليكترونية عصرية و ربما لهذا السبب فقدت حسيتها أو فُقد الإحساس منها. في زماننا كانت الوردة التي يرميها الحبيب لحبيبته تبقى بين صفحات كشكوله سنوات و سنوات و كان المنديل الذي ترميه الحبيبة لحبيبها يبقى لدى الحبيب كأغلى المقتنيات. و لا أدري عن أمور هذا الزمان هل يبقى الحب أم ينتهي بانتهاء آخر نقطة من العطر المهدى من الحبيب لحبيبته أو بعد قراءة آخر صفحة من الرواية التي أهدتها الحبيبة لحبيبها.

الحب هو هو لم يتغير ….. و لكن الأشخاص و الناس هم الذين تغيروا. اصبحت المادية هي التي تحكمهم.  لذا فالمحبون الحقيقيون قلما يظهرون حبهم على الملأ خوفا من سهام العزال، أما المتظاهرون بالحب فهم الذين تراهم يتباهون و يتبجحون و ينشرون حبهم و اسماء من يحبونهم على الملأ و يملئون الدنيا ضجيجا بحجة أنهم عشاق وهم في الحقيقة يرقصون على أنغام الموجة المادية السائدة في عصرنا هذا.

في عصر الصخب هذا يفضل العشاق الجادون على ممارسة حبهم في ضلال من الهدوء و السكينه و بعيدا عن الصخب لذا فإننا لا نراهم و بالكاد نحس بهم و هم على فكرة كثيرون و نعتقد ربما خاطئين بأن الحب انقرض.

اطمئني يا بدور فالحب الحقيقي لم و لن ينقرض، لأن أساسه إحساس علوي سماوي جليل.

و دمت لأخيك
الحبيب العماني