لا شك أن طرح أي تراث فكري لجميع الفرق والمذاهب الإسلامية والفكرية والسياسية على طاولة البحث والتشريح والنقد والجلد هي بدايات مسيرة التصحيح والإنقاذ للتاريخ والتراث المتراكم بالأخطاء
فأول تلك البدايات هو كسر صنمية الأشخاص
فلقد كان نقد ابن تيمية أو محمد بن عبدالوهاب داخل الديار السعودية يمثل بمثابة النقد للنبي محمد نفسه
ويكفينا شاهد هو فصل رئيس تحرير جريدة الوطن بسبب نقد احد كتابها لفقرة واحدة من كتاب واحد من كتب ابن تيمية
فمثل تلك المباحثات جديرة بكسر حاجز الصنمية التي كان يتمتع بها ابن تيمية من قبل أصحابه ومريديه
فمثل تلك تجعل المدارسة فيما بعد أكثر هدوءا وموضوعية وأكثر برودة وأكثر بعدا عن حالة التشنج والانفعال والقلق
فتخف بذلك وطأة التعصب وترتخي غلواء الغلو
والآن ندخل في الموضوع وهي قراءة نقدية لمناظرة المستقلة وسوف أتناول شخصيات المناظرة :

أولا : الشيخ حسن السقاف :

لقد اخطأ خطأ كبيرا السقاف حينما كفر الشيخ ابن تيمية والشيخ له باع كبير في الهم الديني بل وكرس حياته كلها لخدمة المعرفة الدينية بجميع معارفها وعلومها
فرغم أخطاء ابن تيمية وانحرافاته العقدية إلا أن ذلك لا يعزونا إلى تكفير الرجل حتى وان قال مقالات كفرية فليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه فللكفر شروط وموانع لا بد من استيفائها كالجهل والتأويل وبلوغ الحجة وغيرها
فصحيح إن ابن تيمية كفر فرقا ومذاهب وأفرادا ولكن هذا ليس مدعاة لارتكاب الخطأ نفسه
فما الفرق إذن بين خطأ ابن تيمية في منهج التكفير وبين منهج السقاف في المنهج نفسه
وربما قصد السقاف هذا وآمل ان يكون كذلك.

ثانيا: الشيخ عدنان عرعور :

الشيخ عرعور عليه عدة ملاحظات :
1- كثير ما يتهم السقاف ببتر النصوص والتدليس والى الآن لم نجد انه ثبّت على السقاف انه بتر نصا بل العكس هو الصحيح فكثير ما يبتر عرعور عامدا متعمدا نصوصا ويدلس في ذلك وقد عراه السقاف مثل قول عرعور إن ابن تيمية قال ((رُوي)) ولم يقل القول ابن تيمية ثم يتضح إن الأمر كما قال السقاف ولا كما قال عرعور
وكذلك بتر عرعور للنص الذي جاء لابن تيمية وفي اليوم التالي أكمله السقاف وكشف عرعور واكتفى عرعور بالتهوين من الأمر ولو حصل العكس لأقام في ذلك الهوائل والمناحي

2- إن الشيخ عرعور لا يجيب على تساؤلات السقاف إنما يعّول على الجماهير فيختار نقطة واحدة فقط ويدندن حولها ويلبسها بالكلام التنميطي العاطفي ويتوجه للجماهير ويخاطب مشاعرها وعواطفها بأسلوب خطابي منبري جمعي معروف (أيها المشاهدون احكموا ) (اعانكم الله اخواني المشاهدين) (ياسلام عليك اليوم الهاشمي)( بالله عليكم لكم عقول..الخ) وهكذا من الخطابات الجماهيرية الفضفاضة التي تدغدغ مشاعر الجماهير بعيدا عن الأسلوب العلمي في التباحث
3- في بداية كل حلقة يقول لا بد من الإجابة على الشبهات (يسميها شبهات وهي حقائق) التي أثارها السقاف ثم يرجع لعادته بالكلام المنبري المشاعري ويغفل تناول النقاط الجوهرية بشكل منهجي علمي.
4- الشيخ عدنان يعكس للجماهير انه مرتاح من نتائج الحوار ليوهم الناس أن مجرى الحوار هو لصالحه فيقول (أنا سعيد جدا يا حامدي )(ياسلام الحمد لله انه ظهر الحق)و أن يثني على المتداخلين بكلام تفاؤلي ليعكس للناس انه هو المنتصر وان كفة الحوار تسير لصالحه رغم إن كل الحلقات التي سلفت هي لصالح السقاف بلا منازع.
فالشيخ عرعور يطرب بملامسة مشاعر المشاهدين البسطاء رغم إن أكثر المتابعين هم من أهل العلم والاهتمام لا كما يتصوره الشيخ عرعور
5- من الواضح إن الشيخ عدنان يظهر شيئا ويخفي خلافه فهو يقول الكلم الطيب داخل الأستوديو ثم يقول خلافه خارجه من قبيل (إن السقاف يتغوط في الكعبة)!! (والسقاف كذاب ) (ووصف السقاف بالوسخ)(صعاليك) وهي عبارات مقرونة بالأخلاق السلفية دائما مع خصومهم
والشيخ عدنان رجل فاضل في العلم والسن
في مقابل إن السقاف وهو رجل شاب اظهر تواضعه وسماحته وأريحيته وأدبه وثقته بنفسه.

ثالثا :مدير الحوار الدكتور محمد الهاشمي

مدير الحوار عليه تلك الملاحظات
1- غير منصف في الوقت مع السقاف
2- الهاشمي بدلا من أن يكون مديرا للحوار أصبح طرفا فيه بل وخصما بالمرصاد للسقاف ومعاونا لعرعور فهو في كل حلقة يقرأ لأبي زهرة وهو يعلم موقف أبي زهرة من ابن تيمية لذلك السلفيون مرتاحون جدا من إدارة الهاشمي وان كانوا ساخطون من طرح الموضوع نفسه
3- كان من المفترض من الهاشمي أن يقرأ كتابين بشأن ابن تيمية (كتاب مع) و(كتاب ضد) حتى تعرض الصورة كاملة إلا أن مدير الحوار اكتفي بقراءة مؤيد
هذا بالإضافة إن أبا زهرة له نقد على ابن تيمية لم يقرأه مطلقا الهاشمي ولم يمر عليه أصلا
4- حشد الهاشمي أطرافا متعددون للهجوم على السقاف
فإلى الآن استضاف الشيخ الحلبي الأثري والشيخ النجيمي والشيخ الدوسري والدكتور البسيوني وهو احد كتاب الجرائد السعودية!!
والدكتور البيومي وهو رجل سلفي معروف وله كتابات في ذلك
بالإضافة إلى عرعور والشيخ عادل البحريني والهاشمي نفسه
أي أن اللعب ثمانية مقابل واحد..
ومع ذلك السقاف استطاع بقوة الغلبة لقوة حجته وأدلته الساطعة وتوثيقه لاسم كل كتاب والمجلد والصفحة بعكس الشيخ عرعور يقول كلاما عن المعتزلة والاشاعرة دون توثيق إنما كلاما في الهواء الطلق.

5- منهجية الهاشمي فيها تحيز في طريقة قيادة دفة الحوار فالهاشمي يقاطع كثيرا السقاف ويعترض عليه ويناقشه ويستشكل عليه وبشكل متكرر بينما لم يقاطع عرعور ولا يستشكل عليه .
6- الهاشمي دائما يستشهد بعلماء في سعة علم ابن تيمية واتساع معارفه وموسوعيته وذكاؤه وغزارة مصنفاته وهذا حق ولا خلاف عليه إنما الحديث ليس حول كثرة معارف ابن تيمية إنما منهجه وأخطاؤه وانحرافاته العقدية وشطحا ته .
7- يذكر الهاشمي كلام أبي زهرة إن معارضي ومخالفي ابن تيمية ما هم إلا فقاقيع صابون سرعان ما يبتلعها الموج وارى أن الهاشمي في ذلك فيه قلة ذوق وأدب إذ كيف يستضيف ضيفا في قناته ثم يقول في وجهه مثل تلك العبارات!