الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات لماذا الهجوم على عناصر العافية في الجسم

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #22065
    بحبوح
    مشارك

    لماذا الهجوم على عناصر العافية في الجسم العربي الجريح؟

    بقلم :فهمي هويدي

    في ازمنة الضعف والهزيمة تنعدم الثقة بالذات وتهتز منظومة القيم الايجابية، وتطفو على سطح المجتمع عوامل التآكل والتحلل، التي تجهز على مقومات ومظان العافية فيه، ويغدو ظهور تلك العوامل لازما لاستكمال عناصر المشهد، لتسريع الانهيار وتبرير السقوط، ومن ثم لاستيفاء شروط الاستسلام والانبطاح. ومن أسف ان منابرنا الاعلامية اصبحت تحفل بتجليات هذه الحالة، حيث ظهرت من خلالها أصوات كل همها ومشاغلها هو ضرب مواطن العافية في جسد الأمة، فيما يبدو انه تجريد منظم لها من كل قوة قائمة او محتملة، الامر الذي لا يفسر الا بحسبانه تكريسا للهزيمة وتسويغا للاستسلام.

    خذ مثلا ذلك الهجوم الشرس على جهود المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولاحقا العراقية، التي قلت أكثر من مرة انها الدليل الوحيد على ان الأمة العربية لم تمت، والاضاءات الوحيدة في أفقنا المعتم. والذين يتابعون ما تنشره الصحف لا بد انهم لاحظوا ان ذلك الهجوم استخدمت فيه مختلف اساليب التشويه والدس والتحقير، بل والتحريض ايضا، الامر الذي يكاد يوحي بأنه بغير تلك المقاومة «الشريرة» فان الأمة ستنعم بالهدوء والسلام والاستقرار.

    واذ نسجل شذوذ الحالة وغرابتها، حيث تتنافس بعض الاصوات في لعن المقاومة، بينما الأمة مهزومة بالكامل وخيارها بات محصورا في المقاومة او الركوع، الامر الذي يضعنا بازاء مشهد فريد في التاريخ. الا اننا اذا تخلينا عن الدهشة مؤقتا، سنجد ان ثمة جوانب عدة في المشهد تستحق التساؤل وجديرة بالتحري. بعض تلك التساؤلات ينصب على دلالة توقيت الهجوم، والبعض الآخر يتصل بتفسير التركيز على العمليات الاستشهادية بالذات، ثم على حقيقة المراد بالهجوم على المقاومة، وطبيعة الطرف المستفيد منه.

    ذلك انه لا تفوت المرء ملاحظة ان الحملة على المقاومة اشتدت بعد احتلال العراق، ووسط أجواء الدعوة الى إعادة تشكيل خريطة المنطقة (بما يوافق الهوى الأميركي والاسرائيلي بطبيعة الحال)، اذ ان ظروفا كهذه تقتضي وضع كل أشكال المقاومة في قفص الاتهام، وملاحقتها بمختلف السباب والشتائم والإدعاءات، التي ابرزها حتى الآن ان الفلسطينية تنسف فرص السلام (الذي يقدمه شارون!) واللبنانية بمثابة دولة داخل الدولة. اما العراقية فهي تستهدف استعادة النظام السابق (الذي انتهى أمره وسقط رمزه).

    لكي تتهيأ فرصة إعادة التشكيل فلا بد من ضرب كل القوى «المارقة» التي ترفض الانصياع، وتتعلق بقيم العزة والكرامة وتحلم بالاستقلال، وهي المفردات التي أصبح البعض ينددون بها ويسخرون منها، ويعتبرونها لعنة زمن انقضى وتعبيرا عن السلفية السياسية. وبطبيعة الحال فان التنديد لا يقف عند استهجان المصطلحات والقيم، وانما يتجاوز ذلك الى الذين يحاولون تفعيل تلك القيم على أرض الواقع، من خلال المقاومة بمختلف اشكالها.

    لا تفوتنا أيضا ملاحظة ان الهجوم على المقاومة يركز على العمليات الاستشهادية بالذات، التي اصبحت محل استهجان البعض، ممن عميت اعينهم عما يصيب الفلسطينيين من قهر وذل يومي، ومحيت ذاكرتهم بحيث نسوا وقائع تطور النضال الفلسطيني، وعلاقة بروز العمليات بانسداد افق الحل العادل في حده الأدنى، واذ اصابهم العمى والذهول في هذا الجانب، فانهم مضوا يلطمون الخدود ويشقون الجيوب كلما وقعت عملية استشهادية، تارة أسى على الدم الاسرائيلي، الذي لا يزال يمثل قطرة في بحر الدم الفلسطيني المراق منذ اكثر من نصف قرن، وتارة اخرى حزنا على من يسمون بالمدنيين الاسرائيليين، وكأن المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون كل يوم لا ينتمون الى جنس البشر، ومن ثم فلا حرمة لهم ولا حدود لاستباحتهم.

    وكما انهم لا يسألون ما الذي اضطر الفلسطينيين للجوء الى العمليات الاستشهادية، فانهم ايضا لم يسألوا من الذي بادر الى استهداف المدنيين منذ عام 47، وهل يراد من الفلسطينيين ان يستسلموا للإبادة المنظمة ويردوا على غارات طائرات الأباتشي او اف 16 بالاعتصامات والاضرابات والتلويح بأغصان الزيتون؟ ولأن المطلوب هو التسليم والتركيع فان اصوات المنددين لم تجرؤ على تسليط الضوء على اصل الداء ومصدر البلاء كله، المتمثل في الاحتلال الوحشي، الذي بزواله يتراجع وينقضي كل ما ترتب عليه وانبنى عليه.

    ان الهجوم على العمليات الاستشهادية والتنديد المستمر بها لا يراد به الا هدف واحد هو: ابطال استعمال السلاح الوحيد الذي يستعمله الفلسطينيون الآن، والذي نجح في إيذاء اسرائيل المحتلة ونقل الوجع إليها، ومن ثم نجح في هز الحلم الصهيوني، وذلك ينقلنا الى اجابة التساؤل الاخير الذي طرحته عن المراد بالهجوم على المقاومة وطبيعة المستفيد منه، اذ اننا اذا ما اردنا ان نتصارح، وان نقرأ حقيقة الرسالة المرجوة من مواصلة ذلك الهجوم، فلا مفر من ان نقرر أولا بأن ذلك الخطاب يتبنى بالكامل موقف المتطرفين في الادارة الأميركية المتحالفين مع الصهيونية، ثم انه لا يخدم الا مصلحة اسرائيل ورعاية أمنها.

    لقد وقعت على كتابات لبعض الاقلام الغربية، التي وجهت نقدا حادا للعملية الاستشهادية التي قامت بها الأم الفلسطينية ريم الرياشي التي فجرت نفسها في حاجز «اريز» وقتلت اربعة من الجنود الاسرائيليين وجرحت آخرين، ممن يعدون رمزا مباشرا للاحتلال والقهر، ولم يكونوا من «المدنيين» الذين يريد ان يحيطهم البعض بالحصانة والعصمة دون غيرهم من المدنيين الفلسطينيين، إذ بدلا من تمجيد الدور الذي قامت به الأم الباسلة التي قدمت كرامة وطنها وحلم شعبها في الاستقلال والعزة، على يتم أطفالها، فان سهام النقد الجارح صوبت إليها والى الذين وقفوا وراءها. ومن عجب ان أصواتا غربية محترمة واخرى اسرائيلية متفهمة وضعت الامر في نصابه الصحيح، وقدرت طبيعة الظرف الفلسطيني ودوافع الأم الفلسطينية، في حين لم نجد شيئا من ذلك القبيل لدى تلك الاصوات العربية المنددة، التي ما زالت استثنائية والحمد لله.

    انني اضع بين يدي اولئك الذين عميت ابصارهم وانمحت ذاكرتهم ما قالته قبل ايام النائبة البريطانية في حزب الأحرار، الدكتورة جيني تونغ، من انها لو كانت فلسطينية لفكرت في الانضمام الى «الانتحاريات»، بل الى ما قالته الكاتبة اليهودية ايلانا هوفمان للاذاعة الاسرائيلية تعليقا على العملية التي قامت بها ريم الرياشي، واتهمت فيه الذين استهجنوا ما وقع، بين القادة الاسرائيليين، «بالنفاق» قائلة انه «من الطبيعي ان يهب أي انسان لقتل اولئك الذين يقتلونه ويسلبونه الحق في العيش بكرامة، ولا يتغير الامر كثيرا اذا كان الفاعل شابا او رجلا او طفلا او عجوزا او أماً ترعى أولاداً».

    هذا المعنى ذاته عبر عنه أحد ضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي في برنامج اذاعي آخر، حيث قال انه من خلال تجربته وخدمته في مدن الضفة والقطاع «فاننا عندما نقوم بقتل أبناء الأمهات امام اعينهن، وعندما تشاهد الأم الفلسطينية كيف يدمر منزلها في ثوان، في حين ان عائلتها امضت عقودا في بنائه، فان لجوء أم مثل ريم الى ما فعلته لا يعد شيئا مستغربا».

    اسرائيلي آخر هو يهود يعاري كبير المعلقين للشؤون العربية في القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي سخر امام الملأ من الذين يدعون ان العمليات الاستشهادية تعبير عن اليأس، وقال انها تعبير عن «الأمل» الذي يحدو الفلسطينيين للتخلص من الاحتلال، اما المعلق جيمي شليف فقد شدد على ان عمليات المقاومة بشكل عام، وبالأخص العمليات «الانتحارية»، عملت على تحطيم الاجماع الوطني الصهيوني المساند للاحتلال، ولفت النظر الى ان العجز عن وقف تلك العمليات فتح باب الجدل في اسرائيل على مصراعيه حول الأضرار المأساوية الناجمة عن استمرار الاحتلال.

    مثل هذه الشهادات ـ وغيرها كثير ـ تثير سؤالا جوهريا اترك لك التفكير فيه ومحاولة الاجابة عليه هو: لماذا يرى بعض الغربيين والاسرائيليين الحقيقة، بينما عميت عنها أعين بعض العرب؟

    لقد فصلت في مشهد المقاومة لأنه الاكثر سخونة واثارة للجدل هذه الايام، ولدي قائمة اخرى من الركائز التي تتعرض للانقضاض بدرجات متفاوتة من الشراسة والتجريح الماكر، تحقيقا لذات الهدف الذي اشرت اليه في البداية، وهو المحصور في ضرب مواطن العافية في كيان الأمة العربية وتجريدها من مصادر القوة تكريسا للهزيمة وتسويغا للاستسلام. واذا لم يكن الامر كذلك فبمادا نفسر ايضا ذلك الهجوم على الانتماء الاسلامي، وذلك التحقير المتواصل من الوشائج العربية مع اذكاء الروح القطرية بوسائل شتى، بينها رفع شعار «أنا أولا» ولا شأن لي بغيري، وبماذا نفسر ذلك التهوين المستمر من عزيمة الأمة، من خلال الالحاح على الحاقها بالغرب والانصياع لكل ما تمليه واشنطن، مع الحفاوة بالاحتلال وتبرير اقامة القواعد العسكرية على الأرض العربية، مع الاحتماء بالمظلة الاميركية «والكفيل» الغربي.

    تلك بدورها اسئلة أضعها بين أيدي الجميع للتفكير فيها ومحاولة الاجابة عليها على مهل.

    نقلا عن الشرق الأوسط

    #446265
    بحبوح
    مشارك

    ريم ومني

    بقلم :عدلي صادق

    لنفترض جدلاً، أن الشهيدة ريم الرياشي، التي فجرت نفسها، عند حاجز شمالي غزة، قد جلست في بيتها، وتوافرت علي أمومتها، لطفليها، فمن كان يضمن أنها لن تصاب برصاصات قاتلة، لتموت، مثلما ماتت مني فايز اسماعيل، التي أسلمت الروح بين أطفالها، في رفح، وعلي مرأي منهم، فيما هي متوافرة، علي أمومتها، تخبز لهم أرغفة طعامهم؟!

    ولنفترض أن ريم، كانت صديقة لمني، وذهبت لتخبز معها، في حضور كل الأطفال، فمن كان يضمن أن الإثنتين، لن تسقطا مضرجتين بدمائهما، فيما الجنود القتلة، الذين أطلقوا النار، يتضاحكون، وينتعشون لإصابة الهدف، واهمين أن تاريخ العسكرية، سيباهي بأفعالهم؟!

    كم هي قاصرة ومنافقة، كل لغتهم، وبعض لغتنا. ففي اللغة الأولي، يتحدثون عن أمومة مفتقدة، تعليقاً علي ما قامت به، واحدة أو اثنتان أو ثلاثة ـ بالكثير ـ من نسائنا، عندما فجرن أنفسهن، تاركين الأطفال. وكأن هذا العدو، ليس هو، الذي قتل، في السنوات الثلاث الماضية، 97 إمرأة وفتاة فلسطينية بريئة، وكأنه ليس سوي، سبع إناث فقط، من بين الشهيدات، هن الذين قتلن جنوداً، قبل أن يلقين مصير أخواتهن الـ 93!

    ہ ہ ہ

    لنفترض أن شهيداتنا المئة، قد علمن، ولو عن طريق قراءة الفنجان، بأنهن مقتولات مقتولات؛ فماذا سيكون الأكرم والأعز، والأعمق أثراً: أن يمتن ميتة مني المأساوية، أم ميتة ريم المزلزلة؟!

    لن نضع جوابنا الافتراضي، ولكن بمقدور مؤسسات استطلاع الرأي، أن تتجول بالسؤال، في حي بروكلين في نيويورك، وحيث الكثافة اليهودية، وليس عندنا فقط، حيث الكثافة الفلسطينية، علي أن تكون الصيغة علي النحو التالي: إن كان من وراء ظهر أية امرأة، ومن أمامها، ومن يمينها، ومن يسارها، عدو يصطاد الناس، ويزهق أرواحهم، ثم جاءها النبأ، بأنها ستُقتل فجأة، أمام أطفالها، فيما هي تتوافر علي أمومتها، أو علي حبها، ماذا عليها أن تفعل: أن تنتظر الموت المروّع أمام أطفالها وأهلها، أم أن تذهب للموت، لتصيب من عدوها ما ـ ومن ـ تصيب، دون أن يتعذب أطفالها، بمشاهدة اللحظات الأخيرة؟!

    ہ ہ ہ

    نحن، هنا، لا نتفلسف. فمن حقنا أن نفترض، لا سيما وأننا لا نخترع واقعة قتل السيدة مني فايز اسماعيل، فيما هي مسالمة، مثلما كانت ريم، حتي لحظات انفجارها، ومثلما كانت 93 إمرأة وفتاة فلسطينية، من كل الأعمار: من 18 حتي الثمانين!

    ومن حقنا، أن نسأل المتباكين علي الأمومة، ممن انتقدوا عملية ريم، مَن الذي قتل أطفالاً، وأزهق أرواح آباء وأمهات، فترك اليُتم للأطفال، ريم الرياشي، أم القتلة المحتلون؟ ربما تكون ريم، قد أذهلتنا، بخطواتها، ذاهبة الي الدار الآخرة، ولكن من يدري؟! فربما تكون قد رأت في منامها، أنها إن لم تذهب، فسيأتي الموت اليها، لتسقط بالمجان، ولينساها المنتقدون وحتي المتفجعون، لذا أرادت أن تسقط بأي ثمن، ليتذكرها المنتقدون والمتفجعون؟!

    ربما أرادت ريم، أن تختار بين أحد أمرين لأطفالها: الفقدان المأساوي لأم مسالمة، أو الفقدان المدوي، لأم مقاتلة، فاختارت للأطفال المصير الثاني! ومن يملك أن يعترض علي اختيار ريم، ثم من يملك أن يزاود عليها في عاطفة الأمومة. فالإنسان الذي تتوافر في أعماقه القناعة، ببذل الروح، في سياق الصراع العام لشعبه، لا بد أن يكون أباً رائعاً، أو أماً رائعة، في السياق الخاص، لحياته وحياة أسرته!

    ہ ہ ہ

    كنا نتمني أن يجف نبع الأسباب، التي قادت ريم الي مصيرها. ولم نكن سنقصّر في إجزال العتاب، لروحها، لو لم يكن مصير مني فايز إسماعيل، ماثلاً أمامنا. ونحن هنا، لا ندعو الي أن تحذو الأمهات الفلسطينيات، حذو ريم، وإنما الي أن يحذو العدو، حذو مني، قبل أن يقتلها، فتسقط شهيدة بريئة. نحن ندعوه لأن يعيش ويدعنا نعيش. لأن يهييء الطعام لأطفاله، في أمان، ولأن يكف عن الولوغ في دمنا، لكي نهييء لأطفالنا طعامهم، بأمان وبعدالة!

    فعندما يقتلون عشرات الأمهات، بالمجان، لا يحق لهم أن يستهجنوا أن تخرج أم، لكي تَقتل وتُقتل بأي ثمن!

    فمثلما أصبحت مني، واحدة من رموز ضحايانا، فإن ريم، غصباً عن أنف الجميع، هي من رموز شهدائنا. فرحم الله ريم ومني، في مستقرهما الهانيء!

    #446372
    المستشار
    مشارك

    اشكر صاحب هذا الموضوع

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد