بسم الله الرحم الرحيم
نهنئكم – يا من فرحتم بهذا الخبر – أنكم تشاطرون أمريكا وأذنابها فرحتهم بهذه المناسبة .. والحمد لله أنكم تفرحون حين يفرح اليهود .. وتغضبون حين يغضب اليهود .. وهذا ما يجعلنا نطمئن لحالكم فنزداد يقيناً بأنكم لستم منا ولسنا منكم .

لا ننكر أن كثيراً من أفراد الشعب العراقي قد تضرر من أذى النظام البعثي أثناء فترة حكم صدام الجائر. ولكن لا نظن أن المواطن العراقي الذي يملك مثقال ذرة من كرامة وضمير ، لا نظنه يقبل على نفسه أن يشارك الأمريكان – الصليبيين منهم واليهود – فرحتهم وابتهاجهم . لأن الفرحة بهذه المناسبة هي تعبير عن تقديم الشكر لقوات الاحتلال إضافة إلى تشجيع جيش الكفر الأمريكي على ارتكاب مزيد من الجرائم والمجازر بحق المسلمين بحجة ملاحقة أتباع صدام !! ويا لها من حجة واهية ساقطة مردودة في وجه قائلها .

فالذين أبدوا فرحتهم بهذا الخبر علانية أمام الناس دون أدنى حياء .. وخرجوا يصفقون ويرقصون ويوزعون الحلوى ويهتفون باسم بوش وبلير .. لا نظن أنهم من الحمقى والمغفلين الذين ينظرون إلى الواقع بسطحية وسذاجة، ولكننا على يقين بأنهم من الخونة العملاء الذين يؤيدون المجرمين على ما يقومون به من سفك لدماء المسلمين الأبرياء . إذ كيف يجتمع في قلوبهم حب الوطن والتصفيق للأمريكان المحتلين في نفس الوقت ؟!

هناك بعض أقرباء ضحايا النظام البعثي، ومنهم من أهل السنة .. فهؤلاء نعذرهم إن كانت فرحتهم فيما بينهم فقط دون إظهارها للأمريكان والعالم .. لكن لا نظن أن فرحتهم ( المستورة ) ستطغى على حزنهم باحتلال العراق .. ولا نظن أنهم سيعلنون انتهاء المقاومة .. وإلا فإنهم حتماً سيكونون في قائمة العملاء الخونة الديوثين الذين لا يغارون على عرض بلدهم المحتل، وهذا ما لا نرجوه فيهم ولا نتوقع أنهم سيفعلون ذلك .

على فرض أننا سنصدق ببغاوات الإعلام العربي قولهم بأن صدام هو أكبر دكتاتور وطاغية في العالم، وإذا افترضنا أن الذي قبض على صدام هو أحد العراقيين الذين عانوا العذاب والقهر والظلم على يده، فلماذا لا يقتله بنفسه كي يشفى صدره ويأخذ بالثأر منه؟ وما الحاجة لإخبار الجيش الأمريكي عن مكان اختبائه ؟ إن هذا الأمر لا يدع مجالاً للشك بأن الذي وجد صدام – إن كان عراقياً – لم يُلقي القبض عليه تشفياً به وإنما للحصول على المكافأة المالية التي وعد بها بوش لمن يدل على مكان وجود صدام . وهذه هي الخيانة بعينها.. لأن التعاون مع أمريكا مرفوض ومحرم خصوصاً وأنها عدو محتل وليس بطلاً فاتحاً . وإن كان حقاً أن – عراقياً – دل القوات الأمريكية على مكان صدام، فهذا تبرير منه لتواجد القوات الاحتلال الأمريكية طيلة تلك الفترة ومواصلة جرائمها واستمرار احتلالها بحجة أنها لم تعثر على صدام .. فهل من يبرر لأمريكا بقاءها واحتلالها لأرض العراق – بحجة البحث عن صدام – يكون شريفاً وصاحب ضمير ؟! لا والله ولكنه يكون مرتداً كافراً في نظر الدين ونظر الناس . ولأجل ذلك لم يخب ظننا بالشيعة الروافض ( المرتدين ) الذين أبدوا استعدادهم الكامل للتعاون المطلق مع المحتلين من أجل سرقة ثروات العراق وقتل المسلمين . ولا نعجب من ذلك إذا علمنا أن مشايخ الشيعة ورموزهم البارزة في العراق أفتوا بتحريم مقاومة الأمريكان ، فقد كانوا هم أكثر الذين أظهروا فرحتهم أمام العالم كله وقدموا الشكر للقوات الأمريكية ووصفوهم بأنهم إخوان لهم فقالوا والعالم كله يشهد : ” نشكر إخواننا الأمريكان ” ..!! فهنيئاً للشيعة الكفرة على هذه الأخوة والمحبة والصداقة فيما بينهم وبين راية الصليب .

لا تظنوا أن عملية إلقاء القبض على صدام كانت بفضل الاستخبارات الأمريكية، ولا تظنوا أن العملية هي من بطولات أمريكا التي تزعم أنها تعرف أسرار العالم وخفاياه .. كلا .. فأمريكا لا تعرف العراق أكثر مما يعرفه أبناء أرضه .. مهما آمنا بتطور التكنولوجيا الأمريكية وتفوقها.. فلو كان ذلك بفضل قوة الاستخبارات الأمريكية ، فإنهم لن يعجزوا عن القبض عليه منذ سقوط بغداد . ولكن العملية كانت بفضل أعوان الصليب الذين نذروا أنفسهم وأرواحهم في سبيل رفع راية العلم الأمريكي فوق ديار المسلمين تمهيداً لرفع العلم الإسرائيلي فيما بعد .

قيل أن صدام لم يبدي أي مقاومة أثناء عملية اعتقاله، وهذا خبر كاذب ومردود، لأن جميع القنوات الفضائية التي قالت هذا الخبر لم تكن متواجدة أثناء عملية القبض على صدام، فكيف يمكن الجزم بذلك ؟ ثم لماذا ذكرت بعض الأنباء أنه تم إطلاق رصاص متبادل بين صدام والفرقة الخاصة المكلفة باعتقاله ؟! .. إذاً فهذا الخبر هو من تأليف الإعلام الأمريكي بلا ريب.. ومن صالح أمريكا أن تكذب مثل هذه الكذبة الرخيصة .. لأنها ضد صدام وبالتالي تريد أن توهم جميع المعارضين للاحتلال الأمريكي أن صدام لم يقاوم وأنه ببساطة سلم نفسه !! وكذلك فإن أمريكا تهدف من هذا الخبر أن تضعف معنويات الشعوب المسلمة وتغرس في عقولهم فكرة الاستسلام السهل ! ومن تتبع حياة صدام ومواقفه ، يعلم أن صدام رجل من العيار الثقيل لا يمكن أن يستسلم بسهولة .

لو كان صدام لم يقاوم كما يزعم الأمريكيون، وأنه ببساطة وسهولة سلم نفسه لهم، فما الحاجة لكي يكون متوارياً عن الأنظار عدة شهور؟ ولماذا لم يسلم نفسه من قبل ؟ بلا شك أن أحباب أمريكا لن يستطيعوا الجواب على هذا السؤال .

من خلال قراءتنا لسيرة صدام وقصة حياته حتى سقوط عرشه، ومن خلال متابعتنا لشرائطه التسجيلية التي كان يبثها من مكان ما في أحد الملاجئ ، وبغض النظر عن معتقدات صدام وأفعاله بحق شعبه، إلا أن صدام كان شجاعاً في وجه الأمريكان ومحفزاً لإرادة أحرار العالم – المسلمين منهم على وجه الخصوص – في المقاومة ضد الاحتلال ، رافضاً أن يكون بلده تحت الوصاية الأمريكية . وهذا ما لم نجده في أي حاكم عربي معاصر .

قصة صدام جمعت بين الخير والشر .. وبين الظلم والعدل .. وبين السلبيات والإيجابيات .. وبين الكفر والإيمان .. ولكن خاتمة صدام كانت أفضل من حياته السابقة بشهادة جميع المنصفين من الناحية الإصلاحية والدينية .. وقد قتل ابناه بعد معركة باسلة ضد جيش الاحتلال .. سطروا فيها أعظم معاني الكرامة التي لا تعرف الاستسلام للعدو. وكان صدام يقول لو أن لي مائة من الأولاد لوهبتهم للجهاد ضد أمريكا. كذلك فإنه ورغم تواريه عن أنظار الناس، إلا أنه كان يبث الخطابات الثورية الحماسية التي تشجع الشعب العراقي على مواصلة المقاومة والثبات في طريق الجهاد .. ونكرر فنقول : بغض النظر عن عقيدة صدام وموقف الإسلام منه، إلا أن ما قيل فيه من جوانب الخير ومواقفه البطولية ضد الاحتلال الأمريكي لم يكن كذباً أو محضاً من الخيال .. وكان باستطاعة صدام أن يسمح لأمريكا بالاستيلاء على العراق وثرواته دون سفك قطرة دم ، وبالتالي يضمن حياته سالماً في أحضان أعدائه ، ولكنه آثر الصمود والمقاومة حتى لو كان ذلك سيؤدي إلى مقتله أو القبض عليه .. وقد حصل ما توقعه صدام فعلاً .. فكانت نهايته نهاية رجل شجاع ، رافضاً أن يلحقه العار فيذكره التاريخ بالخيانة والعمالة، وهذه خاتمة محمودة لن يذوق طعمها طواغيت الخيانة المطلقة الذين سيلعنهم التاريخ إلى أبد الآبدين .