الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات متى يوطّن المواطن؟

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #20868
    ابو خالد
    مشارك

    في توطئته للكتاب الصادر عن مجلة المعرفة السعودية، وصف رئيس تحريرها الوطنية بأنها
    (كائن هلامي لا يعرف رأسه من ذيله). ولعل هذا يفسر الخلط الحاصل بين الوطنية وبين الهوية والجنسية، وإذا ما أردنا أن نُعرّف الوطنية فإننا سنقول مجازاً بأنها شعورٌ داخليّ بالانتماء إلى الأرض والقومية، تفرضه معطيات موضوعية وذاتية، تتلخص في مكتسبات توطنية من بينها المأوى والاستقرار المعيشي الذي يعتمد على المسكن وتكسب العيش.

    وحين يفتقد أي مواطن لهذه الأسباب التوطنية فإنه سيفقد حالته وشعوره بالوطنية، نظراً لعدم وجود ما يربطه بالأرض التي نبت فيها والقومية التي تفرع منها، خصوصاً وإن دائرة الوطنية تضيق كلما ضاقت سبل العيش الكريم.

    ولعلنا في دول الخليج أكثر الخالطين والطاحنين لهذه المفردة بدءاً بالقادة وانتهاءً بالرعية، وبهذا يكون وصف الوطنية بالكائن الهلامي أكثر صدقاً على ما نحمله من مفاهيم للتوطن والوطنية.

    فعندما تمتهن كرامة الإنسان في بلداننا يصبح من العار أن يتلفظ بعض قادة دول الخليج بالوطنية, أو يطالبون رعاياهم بالولاء للوطن من دون أن يقدموا لرعاياهم أي حقوق وطنية.

    عندما يولد إنسان أباً عن جد على أرض خليجية ويبقى بدون جنسية فأي وطنية له أو عنده وهو بدون جنسية وبدون مسكن وبدون وظيفة تكفل له استقراره وأمنه المعيشي.

    الوطنية مطلب إيماني حيث أنه ورد في الأثر أن حب الوطن من الإيمان، والوطن لا يكون وطناً للإنسان إلا إذا حصل فيه على كرامته وحقوقه في المواطنة.

    إن أكبر المغالطات التي يقع فيها بعض قادة بلداننا هي مفهوم التضحية من أجل الحاكم الذي يريد من الجميع أن يضحوا من أجله بداعي وطنيتهم من غير أن يبذل هو في مقابل ذلك أي شيءٍ من أجلهم، فأين إذاً وطنية الحاكم، الذي يمتلئ قصره بالأجانب فيما بعض رعاياه يبحثون عن لقمة العيش.

    لماذا تبخل بعض دول الخليج على رعاياها حتى بإعطائهم جنسية؟ وهل الحصول على الجنسية -وهو من أقل حقوق المواطنة– يستوجب من الرعية كل صنوف الولاء للحاكم والوطن؟ أم أن هناك أشياءً عديدةً يجب تحقيقها من أجل أن يشعر الإنسان بوطنيته وانتمائه؟.

    ولماذا تبخل بعض دول الخليج على رعاياها بمنحهم مسكن حتى تحت بند المنح التي سيدفع المواطن خلفها مزيداً من النفقات والمصاريف بعد مصاريف فواتير الهاتف والكهرباء والماء وما إلى ذلك؟.

    بكل أسف نقول أن لدينا في دول الخليج مواطنين يعيشون ويموتون بعد أن يُقدموا ما يقدموه للوطن من دون أن يحصلوا حتى على جنسية في ظل دول هي في أمسّ الحاجة إلى مواطنين، بل في ظل دول تستورد مواطنيها من الخارج وتقوم بتقديم كل أسباب التوطن لهم فيما المواطن الأصلي لا يحصل على أقل الحقوق.

    ولعل الحديث الآن أخذ يكثر في بلداننا عن توطين الوظائف، والأجدى أن لا يبقى مواطن يعيش في أرضنا بدون جنسية. أليس من الأجدى أن نتكلم عن توطين المواطن؟.

    إن توطين المواطن يعني أن نوفر له جميع مناخات التوطن والعيش الكريم من خلال توفير مسكن مريح ووظيفة تكفل له لقمة عيشه وقانون واضح يكفل كرامته.

    إننا نعيش في زمن المتغيرات المتسارعة… زمن يتضامن فيه المختلف ويتحد فيه المُؤتلف وينفتح فيه على الآخر خلف كل الأسوار والحدود. إننا نعيش في زمن لا يؤمن إلا بعصريته وراهنه ولا يلتفت بمن هو خارج نطاق هذا الزمن.

    وبعد كل هذا… ألم يحن الوقت لتوطين أو حتى تجنيس من يعيشون على أراضينا؟ إنني أعتقد أنه بات لزاماً على من يمتلك من حكامنا روح الإنسانية أن يبادر كي يمنح الآخرين من رعاياه ممن ليست لهم جنسيات حرية تقرير مصيرهم ومساعدتهم في تحقيق حلماً طالما راودهم بأن يعيشوا كبقية خلق الله من نظرائهم في حلهم وترحالهم.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد