الرئيسية › منتديات › مجلس أخبار ومقالات › نمر من ورق!!
- This topic has 0 ردود, مشارك واحد, and was last updated قبل 21 سنة by الرباش الكبير.
-
الكاتبالمشاركات
-
2 ديسمبر، 2003 الساعة 5:48 م #20446الرباش الكبيرمشارك
أرجوا قراءة الموضوع حتى النهاية
كانت سرية، ومفاجئة، وسريعة..
في مساء يوم الاربعاء الماضي، كان الظلام قد أرخى سدوله على مدينة “كرافورد” بولاية تكساس، ارتدى الرئيس كابا على رأسه ونظارة سوداء على وجهه، حاول أن يغير من ملامحه على قدر المستطاع، ودع زوجته “لورا” التي لم تعرف بالخبر إلا منذ قليل، ثم تقمص دور اللص الهارب من العدالة، وراح يتسلل من داخل مزرعته خفية، بعد أن طلب من زوجته أن تشغل الحراس حتى يتمكن من الهروب.. انطلق من باب خلفي مخصص للخدم ومعه عدد محدود من حراسه المقربين، لم يعرفوا إلى أين يتجه الرئيس، فقط أبلغوا بأنه في مهمة سرية.إلى جوار الباب الخلفي بقليل وقفت سيارة تاكسي “أجرة محافظات بالعداد” السائق ينتظر ضيفا كبيرا، لكنه لا يسأل، يخرج بوش بعد دقائق محددة يلقي بجسده في التاكسي مسرعا، إنه يبدو قلقا للغاية، سائق التاكسي مرتبك هو الآخر، بسرعة البرق وعلى طريقة أفلام هوليود الحارس يبدو عنيفا، ويحدد وجهة المكان للسائق، يطلب منه أن يكون عاديا.
السائق يتوقف في اشارات المرور، بوش يطلق النكات، إنها المرة الأولى التي يتوقف فيها رئيس أمريكي أمام اشارات المرور، قطع السائق المسافة من المزرعة إلى المطار في 45 دقيقة بالتمام والكمال، معذور اشارات المرور عطلته كثيرا، فالمسافة بالموكب الرئاسي لا تستغرق أكثر من 15 دقيقة.
الآن وصل التاكسي الأجرة إلى المطار بعد عناء، الرئيس يتسلل من التاكسي مسرعا يدخل إلى المطار من باب خلفي حتى لا يراه أحد، اتجه مسرعا إلى طائرة الرئاسة، الطيار يعرف وجهته جيدا، لكنه قال لمن سألوه إن طائرة الرئاسة رقم واحد بها عطل خفيف وإنه سيطير إلى واشنطن فقط لمدة يوم واحد ثم يعود إلى الرئيس الذي يقضي اجازة عيد الشكر في مزرعته بولاية تكساس.
كان الأمر يبدو طبيعيا للغاية، فالكل يعرف أن الرئيس سوف يتناول عشاء عيد الشكر في الولاية، والبيت الأبيض نشر قائمة الطعام التي سيتناولها الرئيس مع أسرته، وأعلن أن العشاء سيحضره والدا الرئيس بوش الأب وبربارا الأم، وكذلك زوجته لورا وابنتاه جينا وبربارا..
انطلقت الطائرة متجهة إلى قاعدة أندروز الجوية القريبة من واشنطن، لم يكن الحراس الذين رافقوا الرئيس من مزرعته إلى الطائرة يعلمون أنه متوجه إلى بغداد، فقط عدد محدود الذين كانوا يعرفون.
هبطت الطائرة الرئاسية بعد منتصف الليل في قاعدة “اندروز” ظل الرئيس في الطائرة التي هبطت في حظيرة بعيدة عن الأعين داخل المطار، كان الوقت بعد منتصف الليل.. منذ قليل تم استدعاء خمسة من الصحفيين ومصورين ومنتج تليفزيوني ومصور كاميرا إلى لقاء صحفي هام.
كان “تيم سلون” المصور بوكالة الأنباء الفرنسية قد خلد إلى النوم في فندقه منذ قليل، اتصال هاتفي عاجل يطلب منه أن يجهز نفسه في فترة لا تزيد على 3 دقائق وأن ينتظر خارج المدخل الخلفي للفندق دون اجراء أية اتصالات، بسرعة البرق حملته سيارة إلى وجهة غير معلومة، ثم وجد نفسه في طائرة الرئيس.
مدير اتصالات البيت الأبيض “دان بارتليت” يرافق الرئيس في رحلته، كان يقف على سلم الطائرة، جرد الصحفيين المسافرين من هواتفهم المحمولة وأجهزة البيجر والبطاريات وكافة الأجهزة الالكترونية، مما أثار دهشتهم فراحوا يتساءلون ماذا يجري؟
كانت التعليمات مشددة، انطلقت الطائرة بعد قليل.. جيء بالصحفيين والمصورين إلى الرئيس بوش في استراحته، قال لهم: كلاما محددا، نحن سنتجه إلى بغداد، إذا تسرب الخبر فسأعود بالطائرة فورا، إياكم وإجراء أي اتصالات، إنها مهمة خطيرة ولن اتسامح في تسريب أية أخبار.
كان الرئيس قلقا وعصبيا، كان يتحدث وكأنه سيلقي حتفه بعد قليل، وكان يتجول في الطائرة وكأنه يستعجل قائدها أن يكمل مهمته الآن وفورا.. وبعد ثلاث ساعات من الطيران بدأ القلق يشتد على الرئيس، خوفا من تسرب الخبر، رغم أن كل من رافقوه من رجال المخابرات ومن أعدوا للزيارة أقسموا أنهم سيلتزمون بالسرية الكاملة.
كان الرئيس يقول لمرافقيه: لو علم رجال المقاومة العراقية بالأمر لأسقطوا الطائرة وأطاحوا بسمعة الولايات المتحدة، لم يكن واثقا في شيء رغم أن طائرته تمتلك وسائل دفاع قوية وتضلل أية صواريخ متجهة إليها، وهناك طائرة أخرى كان ترافقه في الحراسة من طراز (سي 17) مزودة بأجهزة انذار مبكر للكشف عن أي هجمات قبل وصولها إلى طائرة الرئيس.
بعد ساعات قليلة من الانطلاق كادت الرحلة تفسد من الأساس، ولكن قائد الطائرة تعمد ألا يبلغ الرئيس، لأنه يعرف عصبيته وقلقه، قد اكتشف أحد الطيارين البريطانيين طائرة الرئاسة الأمريكية في الجو بمحض الصدفة، وعلى الفور تلقى ملاح طائرة الرئاسة الأمريكية رسالة باللاسلكي من الطيار البريطاني تقول: “هل ما رأيته فعلا هو طائرة الرئاسة رقم 1؟” تلعثم الطيار الأمريكي الكولونيل “مارك تليمان” الذي كان يقود طائرة الرئيس، صمت ثم أجاب بعد تردد إنها “جلف ستريم فايف” وهي طائرة أصغر حجما يستقلها الرئيس أحيانا.
كان الرئيس في هذا الوقت يدرس الوضع مع رجال الأمن من مرافقيه، قال لقد طمأنوني على الوضع في بغداد، كانت أسئلته كثيرة، وكان رجال الاستخبارات يحاولون تهدئته على قدر المستطاع، لكنه ظل تائها، عيناه شاردتان وكلماته تتعلثم، وكل بضع دقائق ينطلق إلى حيث الصحفيون محذرا إياهم من ابلاغ الخبر.. وكان يقول بعصبية شديدة لن أتسامح وسأعود بالطائرة فورا إلى واشنطن.
حاول الرئيس أن ينام، لم يستطع، ولكن يبدو أنه لجأ إلى المهدئات ليستريح بعض الوقت أو يغمض عينيه برهة، لكن المشكلة أن الدقائق لا تتحرك وأن الوقت قد تجمد، وكأن أسامة بن لادن أو صدام حسين تآمرا من خلف ستار.
في الصباح الباكر من يوم الخميس وصل جورج بوش الأب وباربارا الأم إلى مزرعة الابن (الرئيس) في “كروفورد بتكساس” إنهما على موعد عشاء عيد الشكر مساء اليوم، ولكن “لورا” الزوجة أخطرتهما بأن ابنهما “الشقي” سافر إلى بغداد.. كان الخبر كالصاعقة عليهما، لكن “لورا” طلبت منهما التكتم على الأمر وإلا فقدوا جورج الثاني إلى الأبد.
صمت الأب برهة من الوقت، تذكرت الأم لحظة اختباء ابنها في أحداث 11 سبتمبر، وكيف نصحته بالخروج من مخبئه حتى لا يجر العار على أمريكا وعلى أسرته.. إنها تعرف قلقه وخوفه الدائم، لذلك تمنت من الله أن يلهمه الصبر والشجاعة.
مضت الآن أكثر من ثلاث عشرة ساعة، الطائرة اقتربت من مطار بغداد الدولي، بدأت في الهبوط، ازداد رعب الرئيس وخوفه من المجهول، يتحرك بسرعة شديدة، يأخذ الطائرة ذهابا وإيابا، يحاولون تهدئته، لكنه يتذكر الصواريخ التي يطلقها رجال المقاومة العراقية فيسقطون بها الطائرات. ربما يخدعونه.. إن مشاهد عشرات القتلى الذين أحرقوا في طائراتهم على مطارات العراق تزاحم ذاكرته.
أخيرا لم يجد أمامه سوى أن يتجه إلى قمرة القيادة، جلس إلى جوار الكولونيل تليمان قائد الطائرة يسأله، يستفسر منه، هل نحن في أمان؟ لو كانت هناك مشكلة أمنية لتعرضنا لخطر كبير، هل الطائرة جاهزة للرد على أية هجمات؟ هل الصواريخ يمكن أن تصل إلينا؟
ارتبك قائد الطائرة، حاول أن يطمئن الرئيس بأية وسيلة، دقائق وسنهبط، المطار آمن، كل شيء على ما يرام. رفض الرئيس أن يغادر قمرة القيادة فربما تكون هي أقل الأماكن خطرا، كان يمسك بجهاز القفز من أعلى، وكان يحتمي بحراسه ومرافقيه، وكان يستعجل قائد الطائرة بأن يسرع في الهبوط قبل أن ينتبه المقاومون.
تقدم مدير الاتصالات بالبيت الأبيض، حذر المرافقين من أن الطائرة ستهبط تحت جنح الظلام، تم اظلام المصابيح كاملة، ووجه حديثه للفريق الإعلامي طالبا منهم ألا يفتحوا الستائر حينما تهبط الطائرة، قال حين نكون على الأرض لا نريد أية أضواء تنبعث من داخل الطائرة، لن نقترب من صالة الوصول، فقط سنتوقف عند نهاية المدرج.
وراح يتحدث بلغة الواثق “لا أحد يعلم شيئا باستثناء بول بريمر وقائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ريكاردو شانشيز، وقال حتى الموظفون الأرضيون في مطار بغداد ليس لديهم أدنى فكرة عن أن طائرة الرئاسة في طريقها للوصول”.
في الساعة 14.32 بتوقيت جرينتش كانت الطائرة تحط بسرية بالغة في مطار بغداد.. تسلل الرئيس من سلم الطائرة سريعا، لم يصدق أنه نجا من الموت، وأنه وصل سالما إلى بغداد، وأن مغامرته كللت بالنجاح في فصلها الأول، شدد على مرافقيه عدم إجراء أية اتصالات أو إعلان الخبر، اطلق حراسه لمتابعة الصحفيين الذين رافقوه وعدم تسليمهم أيا من هواتفهم أو معداتهم لحين انتهاء الزيارة.
انتظرته سيارة جيب بيضاء على سلم الطائرة، أحاطت بها 13 مركبة وعربة اسعاف عسكرية، قطع المسافة من سلم الطائرة إلى البوابة الخلفية لصالة الطعام “بوب هوب” بالمطار في خمس دقائق فقط.
هنا في هذه الصالة المتسعة بمطار بغداد التي اطلق عليها “بوب هوب” كان هناك 600 ضابط وجندي ينتمون للفرقة الأولى للجيش والفرقة 82 المحمولة جوا، ومعهم 4 من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العميل قد دعوا على عجل لتناول عشاء شكر مع بول بريمر وريكاردو سانشيز.
كان البرنامج أنهم سيتناولون العشاء وسيستمعون إلى كلمة الرئيس التي سيلقيها أعلى رتبة عسكرية أمريكية في العراق، ثم مشاهدة عرض مثير للمغنية الأمريكية “شانايا توين”.
بعد قليل وقف بول بريمر وإلى جواره سانشيز. قال كان يفترض أن ألقى كلمة بوش في عيد الشكر، لكن أكبر رتبة عسكرية هو الذي سيلقي الكلمة، اندهش الناس لثوان قليلة، وفجأة اقتحم بوش القاعة على طريقة أفلام “رامبو” مرتديا حلة عسكرية مكتوبا عليها “الجيش الأمريكي”.
قال بوش لقد كانت لحظة مؤثرة، إن الجنود كانوا ينظرون إليٌ بدهشة كبيرة، ثم بامتنان كبير.. انطلقت الأصوات غير مصدقة، أخيرا جاء إليهم بوش، جاء يرفع روحهم المعنوية المنهارة، وليوقف حالات الانتحار، والهروب الجماعي.
ارتدى بوش ثوب الشجاعة فجأة، راح يتحدث عن النصر الوهمي، قال بلغة تنضح بالكذب: “لم نقطع الاف الكيلومترات، لم ندفع غاليا ثمن الخسائر التي تكبدناها، ولم نهزم ديكتاتورا فظا، ولم نحرر 25 مليون شخص لننسحب أمام عصابة من اللصوص والمجرمين”.
صفق الحاضرون، لكنهم كانوا مرتعدين، حاولوا أن يتحلوا بالشجاعة لكنهم بعد قليل ظنوا أنهم أمام عرض للمغنية الأمريكية التي انتظروها طويلا “شانايا توين” فراحوا يصرخون في هيستيريا بشعة ومثيرة.
كانوا يعرفون أن بوش يكذب، وأنه خائف، وأن سرية الرحلة دليل خوفه، وأنه لن يغادر المطار ليتجول في العاصمة أو ضواحيها، وإنما سيعود في سرية أيضا إلى طائرته التي ترابض في المطار.
انتهى بوش من خطابه القصير، نزل إلى الجنود ليتناول معهم الطعام، تقدم ليمسك بطبق كبير يحتوي على القائمة المعلنة للعشاء وكانت ديوك رومي محمرة وبطاطا مهروسة بالزبد وقريدس مسلوق بصلصة الكوكتيل وفطائر الجوز بالتفاح ونبيذ الصودا وكوب من دم عراقي أصيل!!
أمسك بوش بطبق كبير يرقد بداخله ديك رومي ضخم، ولا أعرف لماذا كنت على يقين بأن من كان بداخل الطبق هو طفل عراقي شهيد، يثير ذعر بوش ويتوعده بنهاية قريبة.
فقط 150 دقيقة أمضاها بوش محاصرا في مطار بغداد، ولم يسمح لكائن من كان أن يعلن عن النبأ إلا بعد أن خرجت طائرته من الأجواء العراقية نهائيا.
هل رأيتم كيف تكون الشجاعة؟ وكيف يكون التحرير؟.. إنها إقرار بالهزيمة وتأكيد أن من يسيطر على العراق هي المقاومة، وليس هؤلاء الخائفين المذعورين الذين ينتظرون الموت أو الرحيل. انتصرت المقاومة وانهزم بوش.
وإذا أردتم التأكد فاسمعوا صوت الشعب المصري أبو دم خفيف والذي يقول “ولماذا لا يكون المشهد كله قد جرى في أمريكا من الأساس وأن بوش لم يغادر بلاده أصلا وجيء إليه بكل الحاضرين”؟ هل رأيتم الثقة بالنفس؟ هل رأيتم بسالة العراقي وجبن المحتلين؟ غدا لن يستطيع بوش أن يدخل سماءنا لا سرا ولا علانية.
مبروك النصر للعراق.. إنها دعوة لليائسين والمحبطين. هل رأيتم كيف ينتصر سلاح المقاومة بلا امكانيات حقيقية؟ وهل أدركتم كيف يهزم الإنسان فاقد الإرادة ولو امتلك كل أسلحة الدمار الشامل وكل أدوات الفتك والقتل؟!
مقالة أكثر من رائعة للصحفي الكبير مصطفى بكري رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية ، كتبها في صحيفة الحقائق التي تصدر من لندن…..
إنه شحن للهمم ومواساة لأرواح الشهداء الأبرار الذين يدفعون ارواحهم فداء للوطن ودافع للنضال والجهاد ، فبارك الله فيه وفي قلمه الحر العربي الاصيل ……
وإذا تحدثنا قليلاً عن واقع الحياة التي يعيشها هؤلاء المرتزقة الأمريكان رئيساً ومرؤساً نجدهم في خوف ورعب شديد إذ لم تنفعهم صواريخهم الذكية في ردع المقاومة ولا أسلحتهم البيولوجية والجرثومية في أزالة الرعب الذي يخيم على قلوبهم ، ولن يستطيعوا بإذن الله…..
-
الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.