بعد الخطوبة وعقد القران وليلة العمر ..كيف يؤسس الزوجان بيتهما على التفاهم والسعادة ..كيف يضمنان استمرار الحب واستقرار الزواج?

ما الاساس الصحيح للحب فى بداية العلاقة الزوجية أو شهر العسل ؟

النقطة الأولى: هذه النقطة مطلوبة من الرجل وحده وهى الحلم الشديد والعدل الشديد والرأفة الشديدة والتسامح ..وأن يتعامل الزوج مع زوجته بمنتهى الرحمة فلا يؤذيها ولا يهينها ولا يمنعها من زيارة أهلها ولا يترصد لها الاخطاء ثم يحاسبها عليها حساباً شديداً.
ليس معنى ذلك أن نطالبه بعدم الحزم إنما الأصل فى تعامله مع زوجته هو الرحمة والتسامح والعدل والطبطبة وهذه المسألة تظل المرأة تحملها للرجل فى عينيها إذ لا يمكن لإمرأة يتعامل زوجها معها بهذه الطريقة فتتمادى فى الخطأ. التجربة الانسانية تقول ذلك ومهما كانت الزوجة تحمل فى نفسها زعلا من أخطاء الرجل لكنها تشهد بأنه لم يتعمد إيذاءها. المرأة تحتاج إلى الرجل الذى يحمل إلى جانب القوة حناناً.
ومهما كانت المرأة تحب الرجل ثم عيرها هذا الرجل بأهلها أو أهانها أمام الاخرين أو قسى عليها فإن هذا الحب سرعان ما يتبدد مهما كان يملأ قلبها .

كيف واجه الرسول صلى الله عليه وسلم غيرة عائشة رضي الله عنها؟

أعدت السيدة حفصة وليمة للنبى والصحابة أمام بيتها وكانت الوليمة فى إناء من الفخار طاجن فلمحت السيدة عائشة تجمع الصحابة مع النبى حول وليمة السيدة حفصة فغارت وخرجت من بيتها وتوجهت صوب الإناء وضربته بقدمها فانسكب وتحطم .
انحنى صلى الله عليه وسلم ليعيد قطع اللحم المتناثرة إلى الاناء ثم نظر إلى الصحابة وقال :غارت أمكم وهو هنا لم يقل غارت زوجتى .فأراد حتى لا يحملوا عليها أن يذكرهم بأن عائشة أمهم أى واحدة من أمهات المؤمنين فهدأت القلوب .
وهو فى تسامحه أمام الصحابة كان حازماً بينه وبينها إذ توجه إلى بيت السيدة عائشة وقال :يا عائشة أفسدت لحفصة قصعة ,فأبدليها قصعة مكان القصعة .
وهو هنا قد جمع ما بين الرحمة والعدل ..فما كان من السيدة عائشة إلا أن قالت :استغفر لى يا رسول الله فقال يغفر الله لك يا عائشة .
هل هناك حكمة أجمل من ذلك فى احتواء مشاكل البيت والعائلة ؟الزوجة هنا شعرت بقوة الرجل ورحمته فاعترفت بخطئها وطلبت إلى زوجها النبى صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لها حتى لا تعود إلى غضبها وغيرتها مرة أخرى والحب هنا يتضاعف فى قلب الزوجة وهى مسؤلية الرجل .

النقطة الثانية: مسؤلية المرأة .هناك أزواج يتمادين فى لوم الازواج على كل خطأ يقع منه ..وهى بذلك تسبب النكد فى البيت وتخفض معنويات الزوج ..فإذا أراد مثلاً أن يحكى لها عن مشكلات واجهها فى عمله تمعن فى لومه وتقريعه .
وهو حين تزوجها ظن أنه سيجد فيها الصديق الذى يفضفض له بهمومه والصدر الحنون الذى يحتويه ..فحواء سميت حواء لأنها قادرة على الاحتواء لكنه يجد فيها عكس ما تمنى فهى لا تريد سماعه,وهى لا تتقبله فتكون النتيجة أنها تخسره وإنه يذهب لمن يسمع إليه ويرفع معنوياته ولا يلومه .وأنا هنا انصح الزوجة بأن تستمع كثيراً إلى الزوج وترفع معنوياته ولا تلومه إلا قليلاً فى الاخطاء التى لا يمكن السكوت عنها وأن تقول له فى المحن والشدائد :لا تخف فإن الله معنا وهو لن يضيعنا.
لا نريد للزوج أن ينصرف عن زوجته بحجة أنها لا تفهمه ..وأنها تكيل له دائماً اللوم والتوبيخ .

كان النبى صلى الله عليه وسلم يترك السيدة خديجة بالعشرين يوماً ليتعبد فى غار حراء ولم تكن الرسالة قد نزلت عليه بعد .وكان يمكن للسيدة خديجة أن تثير المشاكل معه لغيابه عن بيت الزوجية فى ظروف لم تكن قد فهمت بعد لكنها كانت تشعره بالثقة والمؤازرة وتذهب إليه كل يوم الطعام إلى غار حراء .
ويوم أن عاد لها من غار حراء وهو يرتعش ويقول :زملونى زملونى كانت السيدة خديجة هى التى أحتوته وجعلته يشعر بالأمان وقالت كلا والله لا يخزيك الله أبداَ .
ثم بدأت تقول له كلاماً جميلاً يرفع معنوياته :إنك لتصل الرحم وتقرى الضيف وتنصر الضعيف وتقف مع المظلوم ..فكيف بعد هذا يضيعك الله ؟والحديث يقول:وأخذته من يده إلى ورقة بن نوفل لهذا صارت السيدة خديجة سيدة نساء العالمين.
ولو فعلت الزوجة ذلك هل يمكن أن يتخلى عنها زوجها ويتجه إلى أمرأة أخرى ؟مستحيل .

النقطة الثالثة: ما الذى يؤدى إلى برود الحب فى البيوت والقلوب ؟كيف تبرد العاطفة المتأججة والمشتعلة فى صدور الأزواج والزوجات ؟

تبرد المشاعر حين يصبح كل من الزوج والزوجة فى طريق وحده يفكر وحده ويفعل ما يشاء وحده .
وأنا انصح الازواج أن يحرصوا على وجود هدف مشترك تتجمع حوله الأفئدة والعقول لتظل العلاقة دافئة وحميمة .
أنا شاهدت رجلاً وزوجته فوق الستين من العمر وكان حبهما لبعضهما يفوق الوصف ..وسر هذا الحب أنهما اتفقا على هدف مشترك هو العمل معاً على أن يكون الحى الذى يسكنانه انظف الأحياء وأجمل الأحياء وأكثر الأحياء تديناً .
بدأ كل منهما يفكر فى إنشاء جمعيات خيرية لتنظيف وتجميل العمارات المجاورة وجمعية للمساعدة فى تزويج أبناء وبنات الحى وتحول الحى بفضلهما إلى ساحة للعلاقات الاجتماعية الراقية جداً .وأعرف رجلاً آخر وأمرأة كتبا أهداف زواجهما فى وثيقة يحتفظان بها معلقة على حائط غرفة النوم .

النقطة الرابعة: المشكلة أن الرجل حين يصلى فى البيت يصلى وحده والمرأة حين تصلى تصلى أيضاً وحدها .
لماذا لا نعبد الله معاً ؟
تصور الذى يصلى مع زوجته ركعتين كل ليلة خميس هل سيتشاجر معها من أجل زرار قميص مخلوع ؟
تصور لما يقول لها :صحينى الفجر لنصلى معاً .
الذين يفعلون ذلك هل سيتشاجران فى الصباح لأن طعم الفول به ملح زائد ؟الحب بلا شك يأتى بالفسحة الجميلة والأكلة الحلوة والهدية الرقيقة ..هذه أشياء بلا شك مهمة لنمو الحب وترعرعه فى القلوب لكن أكثر شىء يدعم الحب فى البيوت أننى وأمرأتى نعبد الله معاً فالله سبحانه هو الذى قال {وأنه هو أضحك وأبكى} هو الذى يزرع السعادة فى القلوب .
وانا رأيت أزواجا وزوجات وصلوا إلى مرحلة من البرود العاطفى لا يمكن تصورها قلت لصدبق أصابه البرود العاطفى بضراوة:هل يمكن أن تصلى مع زوجتك ركعتين كل أسبوع ؟قال نعم .
بعد أسبوعين فقط جاءنى هذا الصديق الذى كان يقول أنه لا يطيق زوجته ليقول لى :علاقتى بها اصبحت وثيقة جداً وأحس الأن أننى أحبها جداً ولم يجد أى جديد فى حياتهما سوى أنهما عبدا الله معاً .
ماذا يحدث لو خرجت للعشاء مع زوجتك فى سيارتك وقلت لها :تعالى نسبح الله لمدة خمس دقائق فقط قبل أن نذهب للعشاء ؟
هذه وصية لمن أراد أن يبني بيتاص قائماص على السعادة الزوجية.. لمن يبدأون حياتهم فى شهر العسل ولمن يعيشون حياة زوجية ممتدة ويريدون استمرار الحب وعدم خفوت جذوته فى القلوب .

منقول بارك الله فيكم