الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات الفصل السادس: الحياة والحضارة الاموية 40

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #20238

    الفصل السادس: الحياة والحضارة الاموية 40- 132ه
    لقد اتسمت‏حياة العرب في الجاهلية على العصبية القبلية ، فلما بزغ نور الاسلام ذابت‏بعض هذه العصبيات وحل محلها الانتماء الى الجماعة الاسلامية من ناحية ، ومن ناحية اخرى شغلت الفتوحات الاسلامية قسما من الشعراء اللامعين ، حيث ارسيت اسس الدولة الاسلامية الجديدة حاملة مبادئ الدين الجديد .

    وفي الوقت نفسه نلاحظ القسم الآخر من الشعراء المخضرمين ظلوا طيلة بداية عهد الاسلام حتى زمن معاوية ومروان بن الحكم ، متمسكين بعصبياتهم الجاهلية واصرارهم على خذلان الدين الجديد ، بالرغم من اسلامهم العلني وعدم ايمانهم به اضطرارا او تكسبا .

    لذلك ظهرت هذه العصبية الجاهلية المكبوتة على يد جماعة من الشعراء ، عاشت في ظل الحكم القبلي العشائري ، وبالاخص زمن دولة آل مروان من بني امية ك: (الحطيئة ، وجرير ، والاخطل ، وصيب ، والاحوص ، والطرماح) . فقسمت الامة الى سنة وشيعة وخوارج ومرجئة ، وهذه الفرقة الاخيرة كانت من الامويين «وقالوا اننا نطيع الخليفة ولو كان فاسقا ونرجئ امره الى الله ، فالله هو الذي يتولى امره‏» (1) .

    من ناحية اخرى فقد بنى الامويون المدن امثال مدينة واسط بين الكوفة والبصرة ومدينة اللد في فلسطين ، كذلك بنيت القصور الخاصة في بادية الشام وقصور للاستجمام والاصطياف ، كل هذا نتيجة تدفق الاموال من انحاء البلاد المفتوحة الى الشام ، فكثر الترف وخصوصا بين امراء البيت المالك (الاموي)، وقامت مجالس اللهو والغناء واللعب بآلات القمار اضافة الى كثرة الشراب والفساد .

    اشهر الشعراء:
    قيس بن الملوح – قيس بن الملوح بن مزاحم – ت سنة 68ه

    ابو الاسود الدؤلي – ظالم بن سفيان – ت سنة 69ه

    عبيد الله القرشي – عبيد الله قيس الرقيات – ت سنة 75ه

    ابو صخر الهذلي – عبد الله بن سلمة السهمي – ت سنة 80ه

    ليلى الاخيلية – ليلى بنت عبد الله – ت سنة 80ه

    جميل بثينة – جميل بن عبد الله بن معمر – ت سنة‏82ه

    اعشى همدان – عبد الرحمن بن عبد الله – ت سنة 83ه

    اعشى بن ابي ربيعة – عبد الله بن خارجة – ت سنة 85ه

    عمران بن حطان – عمران بن حطان البكري – ت سنة 89ه

    مسكين الدارمي – ربيعة بن عامر – ت سنة 90ه

    عمرو بن ابي ربيعة – عمر بن عبد الله – ت سنة 93ه

    الاخطل – غياث بن غوث – ت سنة 95ه

    عمر بن عبد العزيز – عمر بن عبد العزيز بن مروان – ت سنة 101ه

    الاحوص – عبد الله بن محمد – ت سنة 105ه

    كثير عزة – كثير بن عبد الرحمن – ت سنة 105ه

    الفرزدق – همام بن غالب – ت سنة 110ه

    جرير – جرير بن عطية – ت سنة 111ه

    ذو الرمة – غيلان بن عقبة – ت سنة 117ه

    الطرماح – الطرماح بن حكيم – ت سنة 125ه

    الكميت – الكميت‏بن زيد الاسدي – ت سنة 126ه

    الوليد بن يزيد – الوليد بن يزيد بن عبد الملك – ت سنة 126ه

    يزيد بن الوليد – يزيد بن الوليد بن عبد الملك – ت سنة 126ه

    واصل بن عطاء – واصل بن عطاء الغزال – ت سنة 131ه

    عبد الحميد الكاتب – عبد الحميد بن يحيى – ت سنة 132ه

    خالد بن صفوان – خالد بن صفوان بن عبد الله – ت سنة 133ه

    انواع الادب في هذا العصر:
    يمكننا ان نقسم الادب في هذا العصر الى ثلاثة اقسام:

    القسم الاول: الغزل بنوعيه ، الغزل الماجن والغزل العفيف ، مع نماذج شعرية من كلا النوعين . وسنكتفي في هذا الفصل بالتحدث عن هذا القسم ان شاء الله تعالى .

    القسم الثاني: ادب الطف (عاشوراء) ويشمل نماذج من اقوال الامام الحسين واهل بيته عليهم السلام واصحابه ، بالاضافة الى نماذج مختارة من اقوال مسؤولين من المعسكر الاموي ، مضافا الى ذلك نصوص قيلت‏بعد واقعة الطف . وهذا ما سنتحدث عنه في الفصل القادم .

    القسم الثالث: الادب والشعر السياسي الديني ، والذي يحتوي على:

    1- شعر الشيعة: ويتمثل بشعر الشاعر الكميت الاسدي .

    2- شعر الخوارج: ويتمثل هذا النوع بشعر عمران بن حطان الذي مدح ابن ملجم على ضربته لامام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام في محراب الكوفة .

    3- شعر المرجئة: وهم امويون قالوا اننا نطيع الخليفة ولو كان فاسقا ونرجئ امره الى الله فالله هو الذي يتولى حسابه ، ويمثل هذا الجناح الاخطل المشهور بالخمريات ، والحطيئة وجرير ، اضافة الى الفرزدق الذي كان يتردد على البلاط الاموي لسد ودفع التهمة ولكنه في آخر عمره قرر مصيره مع اهل البيت عليهم السلام .

    وهذا ما سنتناوله في الفصل الثامن من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى .

    القسم الاول: الغزل
    لقد انحدر الغزل الاموي من الغزل الجاهلي ، والفارق هو ان الغزل في القصيدة الجاهلية كان غرضا من اغراض القصيدة ياتي في ابيات ، ثم ينتقل الى غرض آخر في نفس القصيدة . اما في العصر الاموي فقد اصبح الغزل يختص في قصيدة كاملة ، فلا يذكر الشاعر في قصيدته غير الغزل . ويمكن تقسيم الغزل الى نوعين:

    1- الغزل الماجن (الغزل الحضري):
    فهو غزل اباحي . وكثر مثل هذا الغزل في الحضر حيث المدينة والحضارة والثروة

    (ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى) (2)

    حيث اجتمع الياس مع وفرة الثروة فانتجا اللهو والاسراف . وساعد على ذلك كثرة الرقيق وانتشار ضروب الملاهي والغناء والموسيقى ، حيث توجد فضائح في البلاط الاموي نشرت في الكتب الادبية والتي تعكس شرب الخمر والزنا وغيرها من المفاسد واشعار الفسق والفجور من قبل امراء الامويين لا يمكن ذكرها ، كالذي يفعله الوليد بن عبد الملك ، فقد كان في بلاطه حوضا مملوء بالشراب (الخمر) فكان يغتسل داخل هذا الحوض ويرتكب الزنا . ثم ان التاريخ يحدثنا ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك لما عهدت له الخلافة كان منهمكا في اللهو والشراب وسماع الغناء ، مستهترا بالمعاصي منتهكا للحرمات زنديقا . وكانت له اشعار في المجون ، حيث قيل انه استفتح في القرآن فاتفقت له الآية الكريمة:

    (و استفتحوا و خاب كل جبار عنيد) (3) ،

    فالقى المصحف من يده ورماه بسهم ثم انشد:

    تهددني بجبار عنيد

    نعم انا ذاك جبار عنيد

    اذا ما جئت ربك يوم حشر

    فقل يا رب خرقني الوليد (4)

    كل هذه المظاهر الفاسدة والخارجة عن الاسلام وباسم الاسلام ، بينما نلاحظ الجانب الآخر بيوت بني هاشم ، يسمع القرآن والبكاء والاستغفار حيث‏يذكرهم القرآن: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5) .

    ومن اشهر شعراء الغزل الماجن ، عمر بن ابي ربيعة والاحوص والوليد بن يزيد . ان عمر بن ابي ربيعة كان يعشق هند (هند غير هند ام معاوية) حيث قال:

    كلما قلت متى ميعادنا

    ضحكت هند وقالت‏بعد غد (6)

    2- الغزل العفيف (العذري):
    كثر مثل هذا الشعر في البدو حيث الخيمة والفقر ، فقد اجتمع الفقر والحرمان ، وعفت النفس واللسان . ويلقبون شعراء هذا النوع من الغزل بشعراء العشاق حيث كانوا يعيشون في نجد مجاور الحجاز ، لذا سميت نجد بارض العشاق ، ويمتاز شعرهم بالعفة والعذوبة ، وانه سهل محبب الى النفس الانسانية .

    و اشهر شعراء العشاق:
    ا – قيس بن الملوح ، يذكر اسمه مع بنت عمه ليلى العامرية ، واشتهر بمجنون ليلى .

    ب – جميل ، وله شعر في بثينة ، ولاجل ذلك سمي ب (جميل بثينة) .

    ج – كثير ، كان يحب ويعشق عزة .

    د – عروة في عفراء ، له شعر فيها .

    ه – توبة له شعر في ليلى الاخيلية ، وهما شاعران .

    وهناك شعراء كثيرون في هذا المجال ، نكتفي بذكر ثلاثة منهم:

    كثير عزة
    اسمه كثير بفتح الكاف وكسر الثاء ولفرط قصره سمي بكثير . ولد في عام 23ه بالحجاز ، وكان يرعى الاغنام ، ويروى انه اعتنق مذهب الكيسانية (7) ، وقد اختلف في تاريخ وفاته ، والارجح انه توفي سنة 105 (8) .

    ان المتتبع لاسلوب والفاظ كثير يجدها تتباين بين الوضوح والغرابة والسهولة والتعقيد . يحتوي ديوانه على اكثر الاغراض الشعرية ولكن ابرزها شعره الغزلي العذري والذي ينبع من الطبيعة البدوية الصافية وبعدها عن ترف المدن .

    المختار من شعره:

    خليلي هذا ربع عزة فاعقلا

    قلوصيكما (9) ثم ابكيا حيث‏حلت

    وما كنت ادري قبل عزة ما البكا

    ولا موجعات القلب حتى تولت (10)

    وكانت لقطع الحبل بيني وبينها

    كناذرة (11) نذرا فاوفت (12) وحلت (13)

    فقلت لها يا عز كل مصيبة

    اذا وطنت‏يوما لها النفس ذلت

    فلا يحسب الواشون ان صبابتي

    بعزة كانت غمرة (14) فتجلت (15)

    فوالله ثم والله لا حل بعدها

    ولا قبلها من خلة حيث‏حلت

    تمنيتها حتى اذا ما رايتها

    رايت المنايا شرعا قد اظلت (16)

    قيس بن الملوح
    قيس بن الملوح ، او قيس بن معاذ (مجنون ليلى)، ويقولون انه كان مجنون بني عامر او انه مجنون بني جعدة .

    شعر قيس:
    دخل الادب الفارسي والهندي والاردو والآداب الاخرى ، حيث ترجم الى لغات عديدة . ولذا حولوا مجنون ليلى الى اسطورة ورمز للحب العرفاني ، بينما كان في الواقع حب بشري حقيقي . ومن اشهر من كتب وابدع في قصة مجنون ليلى جامي ونظامي . وقد تركت قصة مجنون ليلى اثرا عظيما في الادبين الفارسي والتركي . روي انه كان اذا اشتد شوقه الى ليلى يمر على آثار المنازل التي كانت تسكنها فتارة يقبلها وتارة يبكي وينشد هذين البيتين:

    امر على الديار، ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا (17)

    وهذه القصيدة الغزلية المشهورة رد على الذين يقولون لماذا انتم تقبلون اضرحة الائمة عليهم السلام ؟ !

    ويروى ان والد قيس بعد ان قضى نسكه جمع اعمامه واخواله فلاموه وقالوا: لا خير لك في ليلى ولا لها فيك ، فانشا يقول:

    وقد لامني في حب ليلى اقارب

    ابي وابن عمي وابن خالي وخاليا (18)

    ارى اهل ليلى لا يريدون بيعها

    بشي‏ء ولا اهلي يريدونها ليا

    الا يا حمامات العراق اعنني

    على شجني وابكين مثل بكائيا

    يقولون ليلى بالعراق مريضة

    فيا ليتني كنت الطبيب المداويا

    فيا عجبا ممن يلوم على الهوى

    فتى دنفا (19) امسى من الصبر عاريا (20)

    فان تمنعوا ليلى وتحموا بلادها

    علي فلن تحموا على القوافيا (21)

    وقال ايضا:

    الا قاتل الله الهوى ما اشده

    واسرعه للمرء وهو جليد

    دعاني الهوى من نحوها فاجبته

    فاصبح بي يستن (22) حيث‏يريد (23)

    توفي قيس سنة 68ه .

    جميل بثينة
    جميل بن عبد الله بن معمر العذري . ولد بالحجاز سنة 40ه (660 ميلادي)، كان يميل الى حب ابنة عمه واسمها بثينة ، لذا عرف بجميل بثينة ، فقال فيها الشعر ، حيث ان شعره فصيح ورقيق سهل التراكيب وواضح المعاني ، ذكره حسان بن ثابت وقال: «جميل اشعر اهل الجاهلية والاسلام ، والله ما لاحد منهم مثل هجائه ونسيبه‏» (24) . وجميع شعره في الغزل الا مقاطع شعرية قليلة قالها في هجاء زوج بثينة وقومها (25) .

    قال في بثينة:

    فلو ارسلت‏يوما بثينة تبتغي

    يميني وان عزت علي يميني

    لاعطيتها ما جاء يبغي رسولها

    وقلت لها بعد اليمين سليني (26)

    وخلاصة القول: ان شعر الغزل كان على اوصاف جمة ، فمنه الهجران والفراق والم الرحيل والمشيب ، فمن الغزل ما هو تقليدي بدوي يترسم به الاقدمون من وقوف على الاطلال وذكر اماكن البدو ، ومنه الجديد المترف حيث تحس فيه عاطفية الشاعر المتوفرة ، حيث‏يصف عواطف نفسه واهواءها وشجونها ، ويصف اللقاء والوداع ، اضافة الى وصفه مجالس اللهو والانس والخمر والحبيب .

    توفي جميل بثينة سنة 82ه .

    تعليقات:

    1. الفرق بين الفرق / عبد القاهر البغدادي: ص‏19 .

    2. العلق: 6- 7 .

    3. ابراهيم: 15 .

    4. تاريخ الادب العربي / عمر فروخ: ج‏1 ، ص‏693 .

    5. الاحزاب: 33 .

    6. ديوان الحب والغزل / اعداد: اميل ناصيف: 96 .

    7. حديث الاربعاء / الدكتور طه حسين: ج‏1 ، ص‏286 . تاريخ الادب العربي: ج‏1 ، ص‏617 .

    8. تاريخ الادب العربي: ج‏1 ، ص‏618 .

    9. القلوص: الشابة من الابل .

    10. حتى تولت: حتى اصبحت .

    11. الناذرة: التي اقسمت .

    12. اوفت: نفذت .

    13. حلت: خرجت من احرامها .

    14. غمرة: شدة .

    15. تجلت: انكشفت ، زال اثرها .

    16. حديث الاربعاء: ج‏2 ، ص‏296 . معجم السفر / احمد بن محمد السلفي: ص‏407 . ديوان كثير عزة / شرح: مجيد طراد: ص‏54 . الاغاني / ابو الفرج الاصفهاني: ج‏1 ، ص‏29 .

    17. ديوان مجنون ليلى / شرح: يوسف فرحات: ص‏113 . المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية / الدكتور اميل بديع يعقوب: ج‏10 ، ص‏63 . خزانة الادب / عبدالقادر بن عمر البغدادي: ج‏4 ، ص‏227 . المنازل والديار / اسامة بن منقذ: ص‏351 . مجلة المورد: المجلد 12 ، العدد 3 ، ص‏350 .

    18. الاغاني: ج‏2 ، ص‏36 .

    19. دنفا: مريضا مرضا ملازما ، والفتى هو قيس الذي امسى من الصبر عاريا .

    20. ديوان قيس بن الملوح ، برواية الوالبي: ص‏38 .

    21. تاريخ الادب العربي / عمر فروخ: ج‏1 ، ص‏438 . ديوان الحب والغزل: ص‏54 .

    22. يستن: يذهب .

    23. ديوان قيس بن الملوح: ص‏103 .

    24. ديوان جميل بثينة / تحقيق: نوري عطوي: ص‏13 .

    25. الاغاني: ج‏8 ، ص‏122 ، ديوان جميل بثينة / تحقيق وشرح: حسين نصار: ص‏167 .

    26. ديوان جميل بثينة / جمع: الدكتور اميل بديع يعقوب: ص‏205 .

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد