الرئيسية منتديات مجلس شؤون العائلة من هذا الرجل الذي تزوجته.؟!!

مشاهدة 15 مشاركة - 16 إلى 30 (من مجموع 52)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #428839

    حشى متى تخلص هذي القصه …

    #428952

    خطــــــــبة وصـــــــلاة الجمعــــــــــــة

    في أحد الأيام .. وعند الساعة التاسعة صباحاً أيقظته حتى يتهيأ لصلاة الجمعة ..

    تكاسل .. تباطأ .. فقلتُ له استحثه :

    – ما بك ؟ لقد قاربتْ الساعة الآن من العاشرة والنصف وأنت لم تنهض بعد !

    هيا حتى تستعد للذهاب إلى الصلاة !

    تصنّع النوم والتوعّك .. وتحت ضغطي وإلحاحي عليه بالنهوض قام مُتأففاً !

    ذهب إلى المسجد للصلاة .. عاد غاضباً حانقاً من الخارج .. وأغلق الباب بقوةٍ وعنفٍ اهتز له أرجاء المنزل ..

    أصابني الخوف ! ماذا أيضاً ؟ ما به ؟

    أسرعتُ إليه لأستفسر عن سبب غضبه .. فقال وصدره يعلو ويهبط من شدة الغيظ :

    – الأوغاد !! أهل الكفر !! الوهّابيون !

    – عمّنْ تتحدث ؟ هدّئ من روعك ! ما بك ؟

    قال ونار القهر تتأجج في صدره :

    – في أي شهرٍ نحن ؟!

    – في شهر رجب ! لِمَ تسأل ؟!

    – وماذا تعرفين عن فضله ؟ وعن أول جمعةٍ فيه ؟

    استرقتُ النظر إليه ثم قلتُ بعد تردد :

    – إنه شهر كباقي الشهور وأول يوم جمعة يومٌ كباقي الأيام فيه ! ولكن لماذا ؟!

    قال في تمهلٍ وضيق وقد احمرّ وجهه غضباً :

    تباً !! تباً للوهّابين ! تباً لهم !! إن الإمام الضال ينهانا عن صيام أيام وشهر رجب !

    وعن تعظيم ليلة الإسراء والمعراج !

    وعن الاحتفال بهذه الليلة ! وعن إقامة الولائم فيها ! فهو يزعم بأنها بدعة ! هل جُنّ ؟

    ولكن .. أنتِ السبب في كل ذلك !

    فقد قلتُ لكِ بأني لا أرغب الذهاب إلى المسجد فلم تستمعي إليّ !!!

    – ولكنّي قرأتُ بالفعل أن تخصيص رجب للصيام يُعَدّ … بدعة !! .. وأنّ ….!

    قاطعني وعيناهُ تنقل إليّ رسالة وعيدٍ مُدمِّرٍ لا يُمكن لأحد غيري أن يفهمها :

    – اصمتي .. اصمتي الآن وإلا جززتُ رأسكِ وفصلتُه عن كتفيك ..

    ألا تعلمين أنّ مَنْ ينقدنا فإنه يُطرد من رحمة الله ؟

    – ماذا ..؟!!

    – نعم .. فهذا الشهر من أفضل الشهور لدينا ..

    ففيه ليلةٌ عظيمةٌ هي ليلة السابع والعشرين منه وهي ليلة الإسراء والمعراج ..

    نظرتُ إليه لأرى أثر كلماتي عليه .. فنظر إليّ وقد أدهشه ما قلتُ .. لا حظتُ دهشته بقلبٍ خافق ..

    ولكنّي أطرقتُ برأسي قائلة :

    – وهل .. وهل .. يجوز .. تعظيم هذه الليلة ؟! .. أعتقد … أعتقد …

    وهنا ضرب المائدة بقبضة يده وقال مُعترضاً :

    – هذه الليلة الشريفة العظيمة هي ليلة السابع والعشرين من رجب بالفعل !

    ويُكثر الناسُ فيها من إيقاد القناديل .. وتجتمع النساء والرجال في المساجد .. أما النسوة فيدخُلْنَ

    متطيبات متزينات تعظيماً لهذه الليلة المباركة .

    قلتُ بتعجب واستغراب :

    – أيحدث كل هذا حقاً في هذه الليلة ؟!

    تجاهل سؤالي وأضاف :

    – بل ويُطبخ الطعام ويُهتم به ويُرسل إلى المساجد للدعاء عليه لإيصال الثواب ..

    – ولكن … ولكن كيف تختلط النساء بالرجال ؟! وفي المساجد ؟!!!!

    – نعم تختلط !! تدخل النساء بكامل زينتها وكل ذلك تعظيماً لهذه الليلة المباركة !

    خفق قلبي .. وخاطبتُ نفسي .. هل ينتظر مني ذلك ؟! .. أرجو ألا يأمل أن أفعل …

    ثم خرج من الغرفة ..

    وللقصة بقية ..

    #429670

    الكــــــــــــــــــتب المقدســــــــــــــــة

    أجبرني الزوج في أحد الليالي بأن أذهب معهم إلى مراسم عزاءٍ سيقام بسبب وفاة وليّ صالح !!

    وأمرني بأن أتصدر أنا هذه المرة النساء في قراءة كتبهم الضالة ! وحتى يتعلموا مني !

    وحتى تتأكد جميعهن من أنني أصبحتُ إحداهنّ !! فأنا مثار جدلٍ لا ينقطع بينهنّ !!

    أصرّ على قوله .. تقدّم إليّ أمام أهله حاملاً في يده بعضاً من الكتب ..

    انتقلت نظراتي بعشوائيةٍ إلى يديه .. أدركتُ فوراً أنه يريد مني أن أخذل !

    – ماذا تحمل في يديك ؟
    – هذه الكتب التي أردت منك قراءتها على النساء ! وبصوتٍ عالٍ !

    حتى تتجنبي نظراتهن إليك بأنكِ مخلوقٌ غريب !! وحتى تثق النساء بأن الله قد هداكِ إلى الطريق القويم !

    مدّ يده ببطء .. فتناولتُ الكتب .. وركّزتُ نظري على الكتاب الأول وقلت بنبرة تشكك !! :

    – دلائل الخيرات ؟! .. روض الرياحين ؟! .. مجالس العرائس ؟! .. الروض الفائق .. البُردة … !!!

    قاطعني بتوتر :

    – لا حاجة لكِ أن تقرأي العناوين بهذا التشكك وتلك الريبة !! اقرئيها فقط فيما بعد .. وافعلي ما آمركِ به !!

    – ولكنّي لا أجد من بينها كتباً من كتب الأحاديث المعتمدة !! أين هي ؟!

    عضّ على نواجذه وتضايق ثم قال :

    – ماذا تقصدين ؟ وهل يساوركِ الشك في هذه الكتب ؟ إنها من الكتب التي يستغني المرء فيها عن قراءة القرآن !

    صُعِـقْت !! شعرتُ أن هذه الكتب تحوي افتراءات وأكاذيب إذاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم !

    وأنها قد حُشيت بالأحاديث الموضوعة والمكذوبة !! وأنها جمعتْ بين الغث والموضوع والبدع !!

    لا .. يجب أن أحذِّر من قراءة هذه الكتب المسمومة الكاذبة ! فكيف أقرأها على الملأ ؟

    إنْ رفضتُ فسألقى عقاباً ساحقاً !! ما العمل ؟!

    نظرتُ إلى والدته وإخوته .. ووجدتها فرصةً ومناسبة .. فقلتُ :

    – ما رأيكم ؟ من الأفضل أن آخذ معي مصحفاً ، وكذلك كتب الحديث المشهورة مثل الصحيحين ، السنن ،

    الموطآت ، المسانيد ، المصنفات .. فإنها تغنينا حتماً عن … وسكتّ

    فهمتُ بأني قد أصبتُ الهدف ! تجهم وجهه على الفور ،

    وبصوتٍ متهدج خافت مليء بالرغبة في قتلي وسحقي وقلوب الجميع تعاضده :

    – كفّي .. كفّي .. لا أريد سماع المزيد !! إلى متى سنظل في اختلاف ؟! متى ستهتدين ؟ متى ستقتنعين ؟

    متى ستتوقفين عن معارضتنا ؟ سحقاً لكِ ؟ لم يجرؤ أحدٌ قط على انتقاد هذه الكتب المقدسة سواكِ !

    آزرته أمه وقد استولى عليها الغضب الشديد :

    – كفّي .. استمعي إلى أوامر زوجك ولا تعارضيه .. اذهبي لتستعدي للخروج .. تأخرنا … بسرعة !

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

    كنتُ في ظاهري هادئةً ومسترخية .. ولكن إحساسي الداخلي بالانعزال آلمني كثيراً !!

    لماذا يقف الجميع ضدي ؟! رباه ! لقد تعبت .. ساعدني يا إلهي .. لا أريد أن أذهب معهم ..

    لا أريد أن أقرأ كتبهم ! فليموتوا بغيظهم .. لا أريد أن أضعف أبداً أبداً ..

    أخذتُ أتأمل الكتب التي أمامي بعينين لا تميزان شيئاً ، بعينين فارغتين .. فتحتُ الصفحة الأولى من كتاب

    ( مجالس العرائس ) .. أحسستُ بانقباض في صدري منه .. فتحتُ على الصفحة الثالثة من الجزء الرابع وقرأت:

    ” أن الله خلق الأرض على قرن ثور ! وأن مدّ البحر وجزره يحدث بسبب تنفس الثور ! وأن الله خلق العرش

    على الماء فاضطرب وتأرجح ، فخلق الحية فالتفّتْ حول العرش فسكن !!!!!

    يا إلهي ! ما هذا الكذب ؟ هل بعد هذا الكذب من كذب يا معشر الصوفية ؟!!!

    أغلقْتُ الكتاب بسرعة وأنا أرتجف ما هذا ؟ … ودعاني الفضول إلى فتح كتاب آخر يُقال له ( الروض الفائق ) !!

    في الصفحة (61) يقول صاحبه ويُدعى ( الحريفيش ) بأنه كان يذهب إلى الحج وهو يصلي في مسجده

    الأوقات الخمسة لا ينقطع منها في أي وقت أبداً !!!!!

    هل يُعقل هذا الهراء ؟ إذا كان صاحب عقلٍ ودين فكيف يحجّ وهو يصلّي في مسجده

    في البصرة الأوقات الخمسة ؟!!! وهل حدثت خارقةٌ مثل هذه الخارقة الكاذبة للرسول صلى الله عليه وسلم ؟!!!

    تابعتُ القراءة … ماهذا أيضاً ؟ إنه يعلم الغيب ! إنه يُحدّد وقت وفاة بعض الناس

    وعلى الإسلام يموتون أم على الكفر ! فسأله خادمه: وكيف عرفتَ ذلك؟ فقال :

    – اطّلعْتُ على اللوح المحفوظ فوجدتُ فيه ذلك !!!

    لا لا لا … هل أقرأ كتباً تحمل كذباً وافتراءً ؟ وبهذه الصورة ؟ لا .. أرجوكم !!

    وقفتُ بسرعة .. استرقتُ النظر إلى الباب .. هل رآني أحدهم وأنا أقرأ ؟ لا يبدو ذلك !

    يبدو أنهم مازالوا يستعدْون حتى نخرج للعزاء.. اغتنمت الفرصة..

    فتحت كتاباً آخر بطريقة عشوائية..

    قرأتُ في كتاب (روض الرياحين).. بأن أعرابياً قال للرسول صلى الله عليه وسلم :” إنْ حاسبني ربي لأحاسبنّه !!

    فهبط جبريل عليه السلام وقال : يا رسول الله بلّغ الأعرابي بأن الله يقول :

    لا يحاسبنا ولا نحاسبه لأنا قد غفرنا له !!!

    أيُّ جرأةٍ على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ؟! إنه روض الشياطين وليس الرياحين !!

    تملكني الذعر والذهول ! في هذه اللحظة سمعت صوتاً خلفي .. أدرت رأسي ببطء .. إنه هو ..

    تأملته من رأسه وحتى أخمص قدميه ! قلت له وأنا ألاحظ نظراته الباردة المتسائلة عن ردة فعلي على ما قرأت:

    – لن أفعل .. لن أفعل .. أرجوك .. اتركني وشأني .. مَنْ أنتم ؟ اتركوني .. أرجوكم !!

    أجابني بلهجةٍ جافةٍ خلتْ من الرحمة وتجردت منها :

    – صدقيني ستفعلين .. وبدون أية مقاومة .. والآن .. لا تفقديني انضباط أعصابي !

    وقف الجميع خلفه والنصر يتراقص في عيونهم .. اتجهتُ نحو السلم دون أن ألتفت إليهم .. تبعني بسرعة

    وأمسك بقوة على معصمي ثم أمرني بهدوء عاصف :

    – سأنتظر .. لا أحب أن أطيل الانتظار .. أو .. أكرر الكلام .

    ارتعد صوتي بالانفعال ، وبدتْ إمارات الانهيار على تصرفاتي وأنا أهتف قائلةً :

    – إذاً قررتم أن أموت غيظاً ونيران الرفض تستعر في حناياي !!

    أجاب بنظراته المليئة بالثقة .. والفرح يظهر في صوته البارد :

    – نعم .. ها قد أصبتِ أخيراً .. والآن تحركي !…

    رفعتُ نظري إلى السماء وعيناي ملأى بالدموع .. ركضتُ وأطلقتُ العنان لدوعي تسيل على وجهي الكئيب ..

    أمرني بالتوقف .. فلم أفعل .. ركضتُ إلى غرفتي وأقفلتُ الباب ورائي .. وتركته ومَنْ معه غاضبين

    وعيونهم تقدح شرراً .. سمعتُ صدى صوته وهو ينادي .. ارتعدتُ .. لا خيار .. سأذهب .. سأذهب !

    بدا الانكسار يتجسد في ملامحي .. نظرتُ إليهم وأنا أهبط درجات السلم .. فبادلوني يتلك النظرة الملأى بالزهو !

    ذهبتْ والدته معي وأمرتني واثقةً وأمام النساء بأن أبدأ القراءة ..

    ابتسمتُ .. ثم .. رفضت .. اعتذرتُ للجميع بأني أعاني ألماً حاداً في رأسي .. وتركتهن ..

    وعلامات الغيظ تنطق عنها وعنهن ..!

    تبعتني بعد قليل والدته مُحرجة .. وقالت بابتسامة مصطنعة تخفي ورائها غيظاً مكظوماً:

    – حسناً .. إنْ لم تقرأي .. فتعالي وشاركينا اللهج بالدعاء والمجالسة ..

    وتعلّمي .. ربما انتفعتِ .. تصنعتُ بدوري الألم في رأسي فوضعتُ يدي عليه وقلتُ لها أطمئنها :

    – حسناً .. سألحق بك بعد قليل يا خالتي !!

    دخلتُ .. استقبلتني نظراتهن الضيقة .. وأفسحت إحداهن لي مكاناً .. شكرتها .. ثم جلستُ وأنا أتنهد ..

    بعد قليل دخلت امرأة تتبعها أربعٌ من النساء وفي أيديهن كتب ! ما هذا ؟ لا بد أنها الكتب نفسها

    التي طالبوني يقراءتها أمامهم !!

    ثم .. ما هذا إنها تحمل مصحفاً ؟! صحيح ؟! لا أصدق !

    جلست النسوة الأربعة مقابلاتٍ لنا وبدأت إحداهن بقراءة القرآن .. ولكن .. إنها تتغنى به !

    تعجبت من قراءتها !! انخفضتْ نظراتي لترى أكواب الماء منتظمة

    وكذلك جوالين الماء موجودة في الأرض بجانب القارئات .

    عندما يصيب إحداهن النّصب والتعب تتداول الأخريات في القراءة .. وبأصوات وتغنٍ به مختلف ..

    كان هذا اليوم هو ثالث أيام العزاء ويسمى بيوم ( الختم ) لأنهن يختمن فيه القرآن فيهدينه إلى الميت !!

    أخيراً انتهت المرأة من القراءة فبدأتْ بالدعاء بصوتٍ مرتفع ، وإنشاد مدائح للرسول صلى الله عليه وسلم

    من كتاب رأيته بين يديها .. كتاب ( البُردة ) .. إنه كتاب يحوي مدائح غرامية في الرسول الكريم كما سمعت عنه !

    فتحت هؤلاء النسوة الكتب الباقية فقرأت إحداهن :

    وقال الوليّ الصالح فلان بن فلان .. وفي الكتاب الفلاني ..

    وقرأنا في حاشية العلاّمة العارف بربه وبأسراره الفلاني .. إلخ .. ما بال الناس مذعنون ؟ متأثرون ؟!

    انتظرتُ مطوّلاً نصاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم … أطلت الانتظار.. لا أمل في ذلك ..

    أكملت القارئة :

    – ونحتج بفعل ذلك بعمل الولي الصالح فلان بن فلان … !!

    تعجبت .. شعرتُ بشيءٍ ما يُعلن سخطه وعدم رضاه بداخلي ! شعرت بأن الهزل يوشك أن يبدأ ..

    ثم أقنعتُ نفسي الرافضة لكل ما أرى بأني عن قريب راحلة .. إن شاء الله .. وددتُ أن أصرخ فيهنّ ..

    أن أدوّي بصيحات تجعل من أركان المجلس تهتزّ .. كفى .. أرجوكم ..

    لماذا تصرّون على تحطيمي وتعذيبي لماذا ؟

    ألم تتفكروا في قوله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا )

    آه لشعوري بالانعزال والاضطهاد .. آه ليقيني بما تحملون عليّ من ضغينة وأحقاد !!

    أخيراً انتهت المرأة من الأذكار والقرآن .. فتمتمت بكلمات لم أفهمها .. كنتُ في مدٍّ جزر مع ما يحدث حولي ..

    يا الله كُنْ بي لطيفاً .. فجأة رفعت إحدى القارئات صوتها وقالت :

    – الفاتحة على روح فلان بن فلان .. فقرأن الفاتحة .. ثم قالت مرةً أخرى :

    الفاتحة بنيَّة كذا وكذا ..

    وللقصة بقية

    #430107

    بركـــــــات المــاء والطعـــــام !!!

    انتهتْ القارئة من كل شيء ثم وقفتْ .. فقامت النساء وهاجتْ وماجتْ .. ما بهنّ ؟!

    أين يذهبن ؟ أين أذهب أنا ؟ … أوه .. إنهنّ يتنافسْنَ في أخذ الماء المتواجد لدى القارئات ! ماذا دهاهُنّ ؟

    والدة الزوج وأخواته أيضاً ؟ إنهنّ يتخاطفْن أكواب الماء و جوالينه !! ما هذا ؟ هذه امرأة شتمتْ أخرى

    لأنها كانت سبباً في سكب بعض الماء من كوبها !!

    بضع دقائق.. انتهت الفوضى ! عادت كل واحدة ، وكأنها تحمل كنوزاً من الذهب والفضة !!

    قلت في نفسي :

    – ما هؤلاء النسوة الغافلات ؟ الماء منتشر في كل مكان ! لِمَ هذا بالذات ؟

    ولم يمضِ وقتٌ حتى نادت صاحباتُ العزاء النسوةَ إلى الطعام ..

    أيضاً إنهن يتنافَسْنَ في الدخول إلى غرفة الطعام .. مهلاً .. ما بهنّ ؟! ليس للطعام جنحان ليطير بهما !!

    شدّتْ والدةُ زوجي على يدي بقوة وأخذتْ تُسرع وأنا خلفها .. فبدأتُ بالكلام ولكنها قاطعتني :

    – فيما بعد .. فيما بعد .. هيا الآن .. أنتِ بالذات يجب أن تأكلي وتتصدري غرفة الطعام .. بسرعة !

    سألتها بفضولٍ بريء :

    – لماذا ؟ لا أريد طعاماً ! كُلِي أنتِ يا خالتي بالهناء !..

    قاطعتني وهي تنظر إليّ بمكر ودهاء لم أعرف كنهه:

    – بل أنتِ أولى الفتيات التي يجب أن تأكل من هذا الطعام !!

    جلستْ هي وأجلستني بجانبها ! وأخذتْ تُطعمني بيدها أمام النساء ! احمرّ وجهي خجلاً ..

    نظرات النساء سُلطتْ علينا ! .. قلتُ لها بلطف :

    – أرجوك يا خالتي .. كفى .. أنا سآكل .. لا تحملي همي … أوه .. أشعر بالخجل .. أرجوك ..

    ضحكتْ النسوةُ استلطافاً لما رأيْنَ .. فأشرقتْ عينا والدة الزوج وهي تقول :

    – هيا كُلي .. تباركي بهذا الطعام .. إنه مذبوح باسم الوليّ الصالح .. كُلي .. ولو لقمة واحدة ..

    اجعلي البركة تسير في دمائك وجسدك … !!!!

    توقفتُ عن الطعام وأنا تحت تأثير هذه الكلمات ! شعرتُ برغبةٍ صارخةٍ في التقيُّؤ !! لا .. لا .. لا..

    كيف استطاعوا فعل ذلك ؟ كيف ؟ لقد نذروا بالذبح لغير الله ؟!! كيف يجرؤن ! لا يمكن !

    يا رب لم تعُدْ لي قدرةٌ على الحياة معهم !! هذا فعلٌ قبيح ! إنه شركٌ أكبر !! رباه أنا لستُ منهم يا رب..

    رباه أعلم قولك في كتابك الكريم :

    ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما )

    وقفتُ .. أقاومُ جوعي وعطشي .. تركتهم وما يصنعون ! ذهبتُ مُسرعةً إلى أقرب دورةٍ للمياه ..!

    أخرجتُ ما أكلته حراماً ! ولكني أشعر بالوهن والجوع .. إنهم يستخدمون معي عقاب التجويع بأقوى درجاته

    حتى أؤمن .. ولكن لا .. الجوع أرحم من طعامٍ حرامٍ .. الجوع أهون من إيماني بما يدّعون .. لأمُتْ جوعاً ..

    لأُجاهد نفسي ضد نفسي .. لا بأس حسبي لقيماتٌ قليلاتٌ بالحلال !..

    تلفتُّ حولي بدهشة كبيرة .. أريد العودة إلى المنزل .. إني أتضوّر جوعاً ..

    آهٍ وآهٍ لما أصابني .. أريد العودة إلى أهلي ..

    لحقتْ بي أم الزوج تنبهني بأخذ كأسٍ من الماء من إحدى القارئات .. انتبهي إليه .. و إلا فاشربيه ..

    هيا يا ابنتي اشربيه .. ابتسمتُ بألم وقلتُ لها حتى أردّ كيدها عني :

    – شربتُ الآن كأساً مماثلاً أخذتُه من المكان نفسه !!

    – رائع ! إذاً سنأخذ كأساً أخرى لابنتي في المنزل .. خذيه وانتبهي له جيداً أرجوك ..

    لا تدعي قطرةً منه تتسرب ..!

    وللقصة بقية

    #430564

    كيـــــــــــف أنجــــــــــــــو

    ما العمل الآن !! سوف أعود للمنزل ! وسأجده هناك ينتظرني ! وسيسألني عمّا إذا امتثلتُ لما أمرني به أم لا ..!

    ولكني لم أستطع ذلك .. كيف له أن يفهم ؟ كيف أنجو منه ؟ ما العمل يا رب ما العمل ؟

    اللهم إني أنتظر منك فرجاً ومخرجاً من بعدما عانيتُ من الضيق والبلاء !!

    عُدنا إلى المنزل .. وفي الطريق أخذتْ والدته الكأس من يدي وهي تحافظ عليه كما تحافظ الأم على الوليد
    لم أُعلِّق ولم أنطق .. كان تفكيري منصباً على هذا الزوج الذي ينتظرني في المنزل !

    أوه .. تذكرتُ .. عضضتُ على فمي بقوةٍ كدتُ منه أن أدميه .. يا ويلتي ..

    لقد نسيتُ المفتاحَ بالداخل .. لابُدّ من الصدام !!!

    طرقتُ الباب بأنامل قد جمّدها الخوف .. استجمعتُ قواي .. طرقت مراراً وأنا أشعر بالهلع العظيم !!!

    أخيراً .. فُتح الباب على مصراعيه .. رأيته أمامي .. تنحّى عن الباب قليلاً .. دخلْنا

    نبضتْ خفقات قلبي بقوةٍ أسمعتْ مَنْ في المشرق والمغرب .

    أغلق الباب خلفه بركلةٍ من رجله ونظراته تحدّق بي .. نقل نظراته إلى والدته التي تقف بجانبي وقال :

    – أمّاه .. هل فعلتْ ما أمرتُها به ؟

    لم تردّ أمه .. نظرتْ إليّ بعينين جامدتين خائفتين ..

    أضاف وهو يحرقني بنظراته موجهاً الحديث لأمه :

    – تكلمي يا أمّاه .. هل فعلتْ أم لا ؟ بالطبع لا !! تكلموا .. لم تفعلْ أليس كذلك يا أمي ؟!

    شعرتُ بثقل يكبل أجزائي وبقلبي يصارع في الخروج من مخبأه من وطأة الخوف !

    قالت أمه بخوف أمام نظراته المثبتة عليّ :

    – يا بني .. هدّئ من روعك .. إنها .. آه .. نعم نعم .. لقد فعلتْ !!

    مشى بخطوات عريضة تجاهي .. نظر إليّ بتحدٍ عندما طال صمتي .. عرف أن والدته قد كذبتْ عليه ..

    فأمّعنَ النظر في وجهي وكزّ على أسنانه بقوةٍ جبارة .

    أما أنا فقد أدركتُ بأن شعوري بالأمان في هذه اللحظة قد ابتعد عني بعيداً جداً في الأفق !!

    هزّني بعنف .. وصفعني صفعةً قاسية جداً أفقدتني الذاكرة لبضع دقائق ..

    فبدا لي وكأنه يُقهقه ضاحكاً من شدة القهر والغيظ .. والخيبة فيما يرجو !!!

    صرخ قائلاً :

    – لا فائدة تُرجى منها في هذا المجال يا أمي .. ماذا عساي أن أصنع بها ؟ لقد أمَّلْتُ فيها خيراً كثيراً

    ولكن يبدو أنني كنتُ مخطئاً ! أخبروني ماذا أفعل معها ؟ أقتلها ؟

    سأصبح عمّا قريب إماماً للأولياء والصوفية ! وزوجتي هي العدّو الأول لي في مذهبي !!

    كيف سيصوّت الجميع لي وهي بهذه الطريقة ؟ كيف ؟ كيف ؟

    انفجرتُ باكيةً حينها :

    – إذاً … أطلق سراحي .. والآن .. أنا لا أريدك .. لا مجال للعيش بيننا ..

    هيا .. افعل .. لا تعذبني .. لماذا تُصرّ على بقائي معك ؟ أنا سأضرّك أكثر من أن أنفعك !

    كانت أنفاسهُ تتردّدُ بصوت مسموع لكنه قال بهدوء
    :
    – وهل تظنين بأني فاعل ؟ أرجو ألا يُراودكِ الأمل في ذلك مطلقاً ! لن أترككِ أبداً مهما طال النزاع بيننا !!
    ثم انسحب بسرعة ودون أن يضيف شيئاً آخر …

    ارتميتُ على الأريكة وامتلأت عيناي حسرةً وحزناً على حالي ! يا إلهي أنت ملاذي وملجأي فساعدني ..

    ذهب الجميع .. بقيتُ وحدي .. ولكن لن أقول سوى الحمد لله على كل حال !

    أتتْ والدتُه بعد قليل وكأنها تتشفى مما حدث .. اقتربتْ مني وأنا أرتجف كطائرٍ جريح لم يجدْ له راعياً
    ومطمئناً ..

    وقفتُ قليلاً ثم ابتعدتُ عنها وحاولتُ التظاهر بالتفتح والنسيان فقلتُ لها :
    – لا بأس .. كل شيء على ما يُرام يا خالتي !! لا تقلقي سيعتدل الوضع قريباً .. سيعتدل ..

    تركتها بخطواتٍ زاحفة .. شعرتُ بأنها تريدُ أن تقول شيئاً ما .. ولكني لم أفضّل البقاء !

    توجهتُ نحو غرفتي .. استلقيتُ على فراشي .. أخذتُ أفكر مليّاً بالوضع ..

    آه يا رأسي إنه يؤلمني من كثرة البكاء .. والأنين .. ما سرّ حقدهم المتناهي عليّ؟

    هل لأنني سنيّة ؟ ولكن لو كان طريقهم يؤدي إلى الجنة وإلى رضوان الله فأنا مستعدةٌ لإتباعه ..

    ابتسمتُ متحسرة .. الحمد لله الذي نجّاني مما هم فيه !

    سمعتُ صوتاً ينادي ! لم أجبْ ! أشعر برغبةٍ في الانفراد والانعزال ! نحن لا نتفق فما الذي يجبرني على البقاء ؟

    يجب أن أذهب بأي طريقة ! ليس لي مكانٌ في هذا المكان !!!

    سمعتُ الصوت مرةً أخرى .. إنه صوته .. سكتّ ! ثم أجبت .. ماذا بعد ؟! ماذا يريدون بي ؟

    نزلتُ إلى الطابق السفليّ .. وآثار الصفعة الموجعة مازالت تُعلن عن إصرارها على البقاء على وجهي الحزين ..

    شعرتُ بوجوده دون أن أنظر إليه .. أجبتُهُ وأنا أنظر إلى أصابعي المرتعشة :

    – نعم .. بم تأمرني ؟!!!

    نظر إلى ما تركه من أثر في وجهي .. اقترب قليلاً ليتأكد منه .. ثم تنهد ..

    ومشى بخطواته الثقيلة إلى مكان وجود أكواب الماء وأخذ كوباً وقدّمه إليّ وهو ينظر بمكر دون أن يحاول

    إخفاء نبرة البرودة التي تشعّ من صوته .. ثم جاء بجالون ماءٍ كبير وسكب في كأسي وقال آمراً..

    – تفضلي بشرب هذا الماء ..

    نظرتُ إلى الجالون في يده .. عُدتُ بذاكرتي إلى الوراء قليلاً .. أين شاهدتُه ؟

    لقد رأيته في مكانٍ ما بهذه الإشارة الحمراء .. نعم .. نعم تذكرت !! إنه الماء الذي تخاطفته النسوة في العزاء !

    كيف أتي به إلى هنا ؟ ماذا يحدث ؟

    شعرتُ بأنها محاولةٌ منه لامتحان ذكائي وقدرتي على الملاحظة .. لأنه وضع الجالون أمام عينيّ .

    حاولتُ التصرف برزانة .. فقلتُ وقد رفعتُ نظري إليه ..

    – عذراً .. لا رغبة لي في شرب الماء الآن .. لقد شربتُ للتو كأسين من الماء .. أعتذر عن شربه ..

    قاطعني بحدّة :
    – ولكنك ستشربين .. أليس كذلك .. ؟!

    دخلت أمه وإخوته في هذه اللحظة .. مسحتُ جبيني بالمنديل .. وهممتُ بالاحتجاج .. وهنا بادرني كمن قرأ أفكاري .

    – قلتُ : ستشربين !! أم أنكِ ستعارضيني على ذلك أمام أهلي جميعاً ؟!

    أشعر بأن هذا الماء يحوي شيئاً ما لا أعرفه ! أردتُ الاعتذار ثانيةً .. وفعلتُ ..

    ولكن اعتذاري هذه المرة كان عن طريق عينيّ اللتين تضرعتا للجميع بأن يقنعوه بأن يتركني وشأني ..

    وعرفتُ أنْ لا فائدة تُرجى منه أو منهم !!

    شربته !!! لم أبقِ فيه قطرةً واحدة .. فلمعتْ عيناه بالانتصار العظيم .. وازداد انكسار قلبي وألمه .. فقال مبتهجا ضاحكا:
    – صدقيني .. أتوقع أن تفوق النتيجة آمالنا !

    حدّقْتُ فيه ثم قلتُ بهدوء وأنا أمسح وجهي المعروق بظاهر يدي :
    – كي تحصل على ما تريد فإنك تدوس على مشاعر الآخرين دون أن تهتم بقليل من اعتبارهم ..
    أليس كذلك ؟!!

    قال بمرح دون أن ينظر إليّ وهو يستدير ليعيد الماء إلى مكانه :
    – نعم أصبتِ .. أصبتِ .. !

    في اليوم التالي مباشرة علمتُ أن الماء الذي شربته كان لأحد أوليائهم !! لقد غسّلوا فيه هذا الوليّ الذي حضرنا عزاءه !!

    بعد موته!! أي أنه غسول ميت !! والغرض بالطبع منه أن تسري بركته في جسدي مجرى الدم فأتأثر وأصبح صوفية !!!!

    سألته وقد عانيتُ ما عانيتُ من الشعور بالاستياء والظلم ، وبكل لطف يخفي ما أنا فيه من لوعة ومرارة وحزن :
    ما نوع الماء الذي أسقيتنيه البارحة ؟

    فقال شاردا، وقد أحسستُ من خلال شروده أنه فوجئ بمعرفتي لمصدر الماء:
    – الماء ! إنه ماء طبيعي ! أم أنك ستقولين بأنك تشكين بمصدره أيضا ؟!

    انهمرت أدمعي .. أحشفة وسوء كيلة ؟! لماذا يكذب عليّ أيضا ؟ فقلت منهارة :
    ولكني علمت من مصدر موثوق طبيعة هذا الماء !! حرام عليك حرام ما تفعله بي ..

    لماذا تفعل كل ذلك بي لماذا ؟ قال جادا وبحماس:
    _ ماذا ؟ يجب أن تتباركي بهذا الماء ، فأنتِ قد شربتِ من غسول وليّ صالح .

    فمن يحصل له ذلك !! عجبا لأمرك !!

    دعوت الله أن يفرج همي وأن يبقي على ما بقي من صبري وجَلَدي فيخرجني من بين هؤلاء القوم الظالمين ..
    ويعتقني من أسرهم ..

    وللقصه بقيه

    #431115

    زيـــــــــارة الولـــيّ الصالـــــــــح


    وقف .. تردد برهةً ثم قال باسماً :
    – ما رأيكِ في أن نخرج الآن إلى مكانٍ مهمٍ جداً ..

    تسمْرتُ في مكاني وأنا أتنهد ، فسألته :
    – إلى أين؟ لا أريد الخروج كفى أرجوك ..

    – هيا هيا .. سنذهب إلى مكانٍ ستتعجبين مما سترين فيه وتسمعين .. قلت :

    – ولكن .. الوقت متأخر .. ومن الأفضل أن .. قاطعني بسرعة :

    – هيا لا مجال الآن لتضييع الوقت ..

    ذهبتُ معه .. أخذ ينعطف بسيارته يميناً ثم يساراً .. وأنا صامتةٌ أنتظر فرج الله ،

    فقد أصبحت زاهدةً حتى في حياتي .. وقفنا عند منزلٍ متواضع صغير .. سألته بخوف :

    – أين تذهب بي ؟ ألا تزال مُصرّاً على إخفاء ذلك عني ؟! سكت وطرق الباب ..

    فُتح الباب على يد خادمة غضبى .. دخل مُسلِّماً على الرجل الطاعن في السّن وأمرني أن أتبعه .. فوجئت !!!
    – ألم ينتهِ الهزل بعد ؟! ( خاطبتُ نفسي متألمة ) !!

    جلس مُقابلاً له .. شرح قضيتي وأنني من أهل السنة !! تبادل الرجلان النظرات الحانقة ، وبدت علامات التعجب
    و التفاجؤ على الرجل لسماعه هذا الخبر!! امتعض كثيراً وكأنه سمع عني بأنني ارتددتُ عن الإسلام !!

    اكفهرّ وجهه .. وتلونت ملامحه ، قال بحقد :

    – ما هذا الخبر والحدث الجلل ؟! هل ما يقوله زوجك صحيح ؟ لا أصدق ! لا أصدق !!

    انتابني الذعر والرعب ، تلفتُّ حولي بدهشة .. لا حظ العجوز دهشتي وقال مستنكراً :

    – لا لا يا ابنتي هذا شيءٌ خطير جداً ! ابتعدي عن ذلك .. انتبهي إلى أن يجرفك تيّارهم !!

    واستمعي إلى كلام زوجك

    فهو أعلم بمصلحتك ! لا أريد سماع ذلك عنك من اليوم فصاعداً !!

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!

    أصابني الخوف والهلع .. اعتذر الرجل المسنّ ليخرج من المكان .. وأنه سيأتي بعد قليل ..

    وعند خروجه قال الزوج واثقاً من قوله :

    – هل رأيتِ هذا الرجل ؟! إنه علاّم الغيوب .. !!

    أجبتُه بحماس كبير يطوي تحته السخرية من كلامه :

    – حقاً ؟! وهل كان يعلم بمجيئنا إليه ؟ وفي هذا الوقت ؟!!

    نظر إليّ باستغراب وكأنه يشكّ في صدق نيتي .. ثم قال :

    – بالتأكيد !! وسيخبرك الآن عن كل ما تفكرين به .. وستُدهشين من إجابته على

    كل الأسئلة التي تُطرح عليه !! .. وسترين ذلك بأمِّ عينك !

    امتلأتُ غيظاً .. فكتمتُه !! وعاد الرجل المُدّعي وجلس في مكانه السابق ..

    وإذا بالزوج يخضع ويذل نفسه إليه .. وينحني .. وينكسر !! وإذا به يقبّل يديه ورأسه ..
    ثم خلع قبعته وفاضتْ عيناه إجلالاً !!!!

    اقترب بعدها الزوج كثيراً من الرجل .. وأخذا يتمتمان بكلماتٍ لم أفهمها !

    وفجأةً نظر إليّ وقال :

    اجلسي .. لِمَ تقفين كل هذا الوقت ؟!

    جلسْتُ .. ركّزا نظرهما نحوي ! يا إلهي ماذا فعلتُ أيضاً ؟ لم أعد أحتمل ! لم أعد أستطيع المنافحة !

    ماذا ينويان أن يفعلا بي هذه المرة ؟!!!!

    أمرني الزوج بانكسار أمام الوليّ أن أخلع حجابي .. رأيتُ اللهفة في عيني الرجل

    ليرى أيّ نوع من الكائنات أنا !!! .. ولماذا تركتُهم وما يدّعون !! ترددتُ كثيراً .. وامتنعت ..

    فأمرني الزوج بتلك النظرات المخيفة الكريهة ..

    فإذا بالوليّ يبتسم ابتسامة عريضة ! إنه رجلٌ مسنّ ! بالكاد يرى ويسمع !!

    وأمرني أن أجلس أمامه مباشرةً فرفضتُ بحياءٍ وخجلٍ .. وهمستُ في أذن الزوج متوسّلة :

    – أرجوك لا أستطيع .. أقسم بالله العظيم أني لا أستطيع .. أرجوك .. إني أ خاف ..

    ابتسم بدوره ابتسامةً صفراء حاقدة :

    – لا تخافي إنه وليّ صالحٌ جداً .. سيعرّفك على مستقبلك .. إنه يكشف الغيب ويعلمه .. هيا تقدمي .. هيا ..

    ارتجفتُ وشعرتُ بالإغماء .. رباه اصرف أذاهم عني … رباه ..

    قام الزوج وأمسك بيدي بقوة آلمتني .. وأجبرني على الجلوس أمام الرجل المسنّ قائلاً بلطفٍ مصطنع :

    – هيا تعالي .. إنه لا يخيف .. واخفضي نظرك ِ عنه إجلالاً لقدرته ومكانته … ففعلتُ ..

    نظر إليّ الرجل المسنّ وابتسم ثانية ثم قال :

    – ما اسمكِ يا فتاة ؟!

    لم أنطق .. خشيتُ إنْ نطقتُ أن يسقط سقف المنزل علينا من غضب الله !

    فأجاب الزوجُ بلهفة :
    – اسمها …………… ! أخبرنا يا وليّنا العظيم عما سينكشف لك !!

    مازالت نظرات الرجل عالقةً بي … ثم قال :

    – أنتِ فتاة صالحة … ولكنكِ منحرفة عقائدياً .. وسيحلّ عليك غضب الله تعالى إنْ لم تتركي
    ما أنتِ فيه من خزعبلات ..

    وأوهام .. عودي إلى الطريق السّويّ .. عودي .. لأن الخير كلُ الخير في طريقتنا ..

    واتركي عنكِ كل أقوال الكافرين ..

    لأنهم سيزيدونكِ كفراً وإضلالاً وذنوباً .. هل فهمتي ؟!!

    ارتعشتُ .. ثم أجبتهُ وأنا أشعر بأنني أخضع لتأثير سحرٍ عظيم .. و.. غريب !!!

    – فهمتُ .. فهمتُ ..!!!

    ارتجفتْ يداي .. شعرتُ بذهول .. ثم .. أفقْتُ !! ماذا يقول ذلك المعتوه !!!

    أخفض نظره .. ثم أغمض عينيه وكأنه ينظر إلى شيء ما .. لا أراه !! ثم قال :

    – ستعودين اليوم إلى المنزل ..

    سيتراءى لكِ في المنام الوليّ الصالح الذي قد مات منذ زمن ( فلان بن فلان )!

    لا أحد يراه في منامه إلا قلةٌ من الناس !

    فإذا رأيتيه فأخبريه بما تريدين وسيخبرني هو فيما بعد بما دار بينكما !!!

    فتح عينيه المغمضتين .. ونظر إليّ مجدّداً .. ثم قال :

    – ستنجبين ولداً نجيباً .. وستكونين من أولياء الله الصالحين لأنكِ مترفِّعة في أخلاقك ..

    وسيخلف الله لكِ خيراً من دينكِ الزائف .. وستنضمين إلينا على الرحب والسعة ..!!

    رباه .. رباه .. ماذا يقول هذا الرجل ؟ أريد الخروج .. أنا لا أحتمل ..

    وفجأةً سمعتُ صوتاً بجانبي .. انتقلتْ نظراتي بسرعة.. إنه الزوج يجهش بالبكاء الحار !!

    إنه متأثر … منفعلٌ جداً … مُصدّق !!

    ما به ؟! ثم … سالتْ دمعاتٌ لاهباتٌ من عينيْ وليّهم !!!

    أرجوك يا رب .. أبعدني عنهم ! رباه … إنهم يريدون إغراقي معهم ! إنني أتهاوى ..

    وفجأة .. عكف الزوج على يديْ الوليّ وبالغ في تقبيلها .. ثم تمسّح به !!

    ماذا يقصد ؟ إنه يضع يده على رأس الوليّ ويأمرني بوضع يدي أيضاً !!! أدرْتُ وجهي .. إلا هذا !

    لا أستطيع !! وأُمرتُ مرةً أخرى فرفضتُ ببقائي صامتةً جامدة !

    نظر الرجل إليّ بقلق عندما طال صمتي ..

    قال للزوج وقد مدّ يده إليه بقبعةٍ قديمة :

    – إذاً اجعلها تخلع حجابها كاملاً حتى تلبس هذه القبعة وتتبارك بها !..

    فنهض بقوةٍ وشدّ عني حجابي بكيدٍ دفينٍ ثم ألبسني القبعة .. ودمعاتي تحرق كل جزءٍ في وجهي المتألم !

    وتناول من الرجل قطعة قماشٍ بالية وهو يشكره بِذُلّ !!

    فقال الرجل يوجه إليّ الحديث :
    – أما هذه القطعة فضعيها تحت وسادتك وستقيك الشر وتدفع عنك الضُّرَ !

    قمتُ من مكاني أترنح من شدة البأس الذي أصابني حتى هذه اللحظة الصعيبة !

    لا أحد يُبالي بمشاعري ! .. يا رب رحماك !!

    سمعتُ الزوج في هذه الأثناء يقول والدموع الذليلة لا تزال تتدفق من حُجرها :

    – أتوسل إليك يا ولينا العظيم أن تخبرني عن أبي .. لقد مات منذ وقت قصير ..

    هل في الجنة هو أم في النار ؟ وهل هو في نعيم أم جحيم ؟!!

    وزاد بكاؤه وعويله .. فأطرق الوليّ مليّاً .. ثم وضع أصابعه على صدغيه .. وأغمض عينيه ..

    وافتعل حركات كأنما هو يرى أشياء أغضبته .. فتلوى وجهه .. وتقطّب حاجباه .. ثم .. أشياء سرّتْه ..

    فقال له : لا تحزن فأبوك في الجنة .. لقد رأيته الآن .. إنه يرتع فيها .. هنيئاً لك وله .. إنه في نعيم مقيم ..

    لا تخف .. فأبوك بخير فاطمئن وطمئن ذويك عنه ..

    زاد بكاء الزوج وارتفع صوته ولكن هذه المرة .. بكاء الفرح والحبور هو الذي كان له صدى في الأرجاء !!!

    أستغفر الله العظيم .. ماذا يفعل هؤلاء ؟ هل فقدوا صوابهم ؟ لماذا يفعلون ذلك ؟ وأمامي ؟!

    إنّ هذا الرجل المسنّ يدّعي علم الغيب و الإحاطة به !! ثم يقول إنه كشفٌ وإلهام ؟!

    ولكن لا يعلم الغيب .. إلا الله تعالى فكيف يجرؤون ؟! إنه شرك ! كيف أخبرهم ؟ كيف أقنعهم ؟

    سيقتلوني إنْ تفوّهْتُ بكلمةٍ واحدة !

    ولكن ألم يقل الله تعالى لرسوله الكريم : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء )

    إذا كان رسول الله إلى الناس وخاتم الأنبياء والمرسلين لا يعلم الغيب .. فهل يعلمه هؤلاء ؟!!

    إنهم قوم يستكبرون !! هممتُ بالاحتجاج .. تراجعت ..

    سيؤذونني بلا شك .. أعرف ذلك !

    وللقصه بقيه

    #431341

    خزعبــــــــلات العجـــــــــــوز !!!

    لم أحتمل هذا القول .. فقمتُ من مكاني غضبى إلى الداخل .. فوجدتُ زوجة الوليّ تسرح شعرها !!

    إنها عجوزٌ أيضاً .. سلمتُ عليها بريبة وتخوّف ..

    ربما كانت ذات عقلٍ .. أفضل من زوجها .. إنها تقبع وحيدة .. ربما هي لا توافق زوجها

    ولا تقتنع بصنيعه .. مثلي !! قلتُ لها باسمة :

    – كيف حالك يا خالة ؟ فبادرتني بالتحية ؛ وأجلستني بجانبها وقالت :

    – بحالٍ طيبة .. أهذه أول زيارة لكِ في بيتنا ؟ وجهكِ غير مألوف لدي!

    فقلت :
    – نعم .. هذه أول مرة .. ( وخاطبتُ نفسي ) .. وآخر مرة إن شاء الله !!

    قالت بدهاء :
    – وما رأيك بالوليّ ؟! إنّه علاّمةٌ وعارفٌ بالله .. إنّ له أموراً لا يصدقها البشر !

    عندما تجلسين معه مرةً ستأتين أكثر من مرة .. صدقيني ..

    ثم قالت :
    – هل تعلمين أنه في يومٍ ما .. كان يحدّث الناس ويعظهم .. وفجأةً سكت ! فنظر إليه الجالسون وقالوا..
    – ما بك يا وليّنا العظيم .. ما بك ؟

    فقال :
    – انتظروا لقد دُعيت .. ويجب أن أُلبي النداء … ( وكان الجميع ينظرون إليه ) ..

    وفجأةً تبلّل كمّه الأيمن بالماء !! فهاج الحضور وصاحوا وقالوا له :

    – ماذا حدث يا وليّنا .. وما بال كمّك امتلأ بالماء ؟ ..

    فقال :
    – كان هناك رجلٌ يسبح في البحر فغرق .. فاستغاث بي .. فأخرجتُه بيدي الآن ..

    والحمد لله لقد نجا من موتٍ محتم !! ..

    فقالوا وهم يُكْبِرون عمله :
    – ولكن كيف ؟ وأنت تجلس معنا يا وليّنا العظيم … يا إلهي ما أعظمك !!!

    إنك عظيم كبير قادر على كل شيء !! يا وليّنا !

    قال مزهواً بنفسه :
    – هذه من الكرامات الخارقة .. فلا تسألوا عن أشياء إنْ تُبْدَ لكم تسؤكم !!!

    ( انتظرتْ مني رداً .. وأنا كالمصعوقة مما أسمع ! ) .. هل أصاب عقلي شيء ؟!
    هل أنا في كامل وعيي ؟ هل أعيش كابوساً مُروّعاً ؟ أم أنا موجودة حقاً بين هؤلاء ؟!

    بدأ عقلي يضعف فقلتُ لها بذهول :
    – ولكن !! كيف ؟!! هل يستطيع ؟! كيف يُرسل يده إلى البحر وهو يجلس في مكانه ؟!! كيف ….؟!

    نظرتُ إليها بتوجس .. رأيتها تضحك !! رأيتُ عينيها الغائرتين تنظران إليّ بنظراتٍ تعني شيئاً ما !!

    هل أقنعوها بأن تفعل معي ذلك ؟! هل سلّطوها عليّ هي أيضاً ؟! .. يا رب .. يا رب ..

    سمعتُ صوت الزوج ينادي .. فخرجتُ أستجمع ما بقي من عقلٍ ودين !!

    ركبتُ السيارة .. لم أنطق ولم ينطق .. ماذا يحدث حولي ؟!! ماذا يحصل ؟

    أين أنا؟ أشعر بأن ما يدور هنا هي قصةٌ نسجها الخيال إلى أبعد مدى !!!

    عدنا إلى المنزل .. أول ما عمله الزوج هو أن وضع قطعة القماش تحت وسادتي ..

    وقال بتوسل :
    – أرجو أن تعتقدي فيها ! فهي ستنير لك طريقك وستقتنعين فيما بعد ! .. أرجوك !!

    أومأت برأسي بالإيجاب .. وتمالكتُ نفسي .. ما أصعب هذا الموقف .. مَنْ سينتصر ؟

    ومَنْ سيرفع راية الاستسلام البيضاء ؟! ويطأطئ رأسه خيبةً وخذلاناً !!!

    لم يغمض لي جفنٌ طوال الليل .. تضرعتُ إلى الله باكية .. رجوتُ الله أن يثبتني .. فلو رأيتُ الحلم الذي نسجه لي ذلك الرجل الأرعن .. فأخشى أن أؤمن بهم ! يا رب أنت ملجأي ..

    يا رب أنتَ ملاذي .. يا رب وجّهني إلى طريق الخير والصواب .. لقد ظهرت خيوط الصبح وأنا لم أنم !! أخشى أن أحلم .. يا رب ساعدني … ثم … أنسدلتْ أجفاني تغطي عينيّ بدون وعيٍ مني !!

    وفي الصباح .. فتحتُ عينيّ بثقل شديد .. رأيتُه .. يذرعُ الغرفةَ ذهاباً وإياباً ..

    إنه ينتظر نهوضي بفارغ الصبر .. وقَفْتُ أنظر إليه .. تذكرت !! .. جاء يهرول إليّ .. راجياً .. باسماً..

    – هاه ماذا رأيتِ ؟! هل صدق . بالطبع صدق !! أخبريني بالتفاصيل .. هيا

    أسرعي .. لا أطيق الانتظار !! أخبريني .. فصّلي رؤياك .. هيا ..

    يا إلهي .. تذكرت ماذا يقصد .. تنهدتُ بعمق .. ثم ابتسمتُ أخيراً ابتسامة نصرٍ وثقةٍ
    واختيالٍ وعُجب .. وازدراء !!!

    – لا … لا .. لا لم أحلم بما قاله وليّك ذاك !! لم أحلم .. الحمد لله .. الحمد لله ..

    ربي لك الحمد والشكر والثناء .. فقام من مكانه مدحوراً مذموماً ..

    قال باهتمام :
    – ليس من المشترط أن تكون الرؤيا في الليلة الماضية .. من الممكن أن تكون الليلة ..
    أو غداً أو بعد غد .. أو …

    قاطعته بتحدٍ :
    – ولكن هذا الرجل أكّد لي بأنها ستكون الليلة الماضية .. فلا مجال إذاً !! آه .. يا رب لك الحمد ..

    خرج من الغرفة غاضباً .. وسمعتُ يتمتم بكلماتٍ ساخطة ..

    فضحكْتُ في قرارة نفسي على خذلانهم !

    وللقصه بقيه

    #431399
    النقيض
    مشارك

    الاخ زاد المعاد
    هل من الممكن ان توضح لي الهدف من هذه القصة الطويلة ؟
    احسب انها بها توجه مذهبي . أو بالاصح توجه لبعض الفرق الضالة.

    تحياتي..

    #433877

    القطـــــــــــــب والغَــــــــــــوث

    بعد يومين .. ذهبوا بي عند أعظمهم بلاءاً .. وأكثرهم شهرة .. ووقفوا بي الساعات الطوال ينتظرون الإذن

    بالدخول ! سبحان الله !! ألهذا الحدّ يُمنع دخول أي شخصٍ إليه ؟! هل هو إله مُقدّس؟

    هل يختلف تكويناً عن البشر؟!

    طال الانتظار .. وهم ينظرون إليّ بين اللحظة والأخرى ! إنهم ينتظرون اهتماماً مني أو سؤالاً !

    ترددتُ كثيراً في طرح السؤال أو إبداء الاهتمام والقلق يُساورني ! تُرى أيّ نوع من الناس يكون هذا أيضاً ؟!

    أخيراً .. فُتح الباب الكبير على مصراعيه !! ارتجفوا !! فتحٌ كبيرٌ ونصرٌ بالدخول إليه أكبر !

    تسارعتْ خُطاهم ! أيُّ مغفرةٍ ستقع لهم ؟ أيُّ رضىً عنهم بفتح الباب والسماح بالدخول إليه ؟

    ( تساءلتُ باستهتارٍ في نفسي ) !!! تقدّمني الجميع وأنا أنظر في دهشة ! ثم عادوا يمسكون بي وقالوا :

    – أنتِ وليةٌ من أولياء الله الصالحين ! لقد فُتح البابُ بسببك !!

    كم حاولنا الدخول ولكنه لم يُسمح لنا ولم يُسْمَع لرجائنا ؟!!

    دخلتُ بخطواتٍ مترددة .. البيت مظلمٌ ، ساكنٌ ، لا حراك فيه مطلقاً .. ولا أصوات تبدّد وحشة المكان ..

    بدأتْ المخاوفُ تنتابني شيئاً فشيئاً ؟

    وعندما فُتح البابُ الداخليّ .. ركضوا .. فتتبعتهم بتردّد وتخوّف شديد .. ما نوع الكائن الموجود بالداخل ؟!!!

    وفجأةً .. رأيته ..!!! شخصٌ قربَ موتُه كثيراً ! لا حراك !

    ينام على سريرٍ وكأنه جثةٌ هامدة ! هو لا يتكلم ! لا يتحرك ! لا ينظر !

    لا يعلم مَنْ دخل إليه ومن خرج ؟! لا يفقهُ شيئاً ! إنه شبه ميت !!!

    توجهتُ أنظر فيمن معي .. أي عقولٍ معتوهةٍ يحملون ؟ تهافتوا عليه كالمصروعين ؟!

    ما هذا ؟! إنهم يلمسونه !! يتباركون به ! أوه ! حتى النساء يلمسنه ! يقبلنَ يديه ورأسه ووجهه!!!

    يمسحون على وجهه الهرم ! رباه.. إنهم يبكون ! بل ينتحبون ؟! علا بكاؤهم ودوت صيحاتهم !!

    إنهم يلهجون بالدعاء ! لمَنْ ؟! له !! يتوسلون ؟!

    أما أنا .. فقد وقفتُ وحدي .. هائمة على وجهي ! ماذا حدث ؟ لمَ كل هذا التبجيل والتعظيم ؟!

    إنه بشرٌ مثلنا ! بل هو أشلاء إنسان !!

    وفيما أخذ التفكير مني والتأمل والتعجب وقتا طويلا .. إذ بالزوج يقول من بين أدمعه وشهيقه :

    – هيا تعالي والمسيه .. فرصتك الذهبية ! لا يحصل عليها أيُّ كان ! انظري إلى وجهه ..

    ونور الصوفية الظاهر عليه .. يا إلهي لو تعلمين ماذا كسبنا وماذا جنينا !!! فخاطبتُ نفسي بتشكك:

    – هل كسبوا الجنة مثلا ؟!! ربما !! لسان حالهم يجزم بذلك !

    بقيتُ جامدة في مكاني .. كيف لي أن أمسك برجل ؟! حتى وإن كان الموت يتهافتُ لخطفه!.. لا ..

    لن أسمح لنفسي بذلك ! فأنا أخاف الله .. كفاني إلى هذا الحد .. كفاني ..

    ثم .. أكرهوني .. وأجبروني بغضب و أحرجوني .. فتوقفتُ أمام هذه البقايا الهامدة .. أخاطبها :

    – بمَ تشعرين ؟!! هل أنتِ على حق ؟!! أم أنك خارجة عن جادة الطريق القويم ؟!!!!

    أمسك الزوج بيدي وهو غارقٌ في البكاء :

    – هيا أسرعي بالإمساك به ، بيديه ، قبليهما ، قبلي رأسه .. أمسكي بجسده والمسي وجهه !!

    انظري بربك إلى هذا النور و الإيمان .. انظري !!!

    نظرتُ إليهم وقد عكفوا على أقدامه أذلاء صاغرين ! ماذا جرى لهم ؟ ..

    قام الزوج بأمري مرة أخرى .. فقمتُ وبحركة آلية لا شعورية .. ثم بحركة متعمدة .. وسترت يدي بإدخالها

    في ثنايا العباءة .. وأمسكت بيد الصوفي بطريق غير مباشر .. ثم .. تصنعتُ تقبيلها حتى

    لا يفعلوا بي ما ينوون فعله أكثر من ذلك …

    تطاير الشرر من عينيه الباكيتين فجفتْ ! وقبض على يديه بقوةٍ كادتا منها أن تتهشم !

    انتفض جسده رغبةً في الانتقام مني ! رأيت التقريع والتأنيب يتفجران من أنفاسه !!

    يا إلهي ! ما الخطأ الجديد الذي ارتكبته؟! أهو الستر أيضا ؟! رباه ما العمل ؟! ما العمل ؟!

    عدنا إلى المنزل وما إن دخلنا مع عتبة الباب حتى انفجر كالبركان قائلا والكل يؤيده :
    – والآن! .. لِمَ فعلتِ ما فعلتِه أيتها الـ … ؟ هل تتحدينني ؟!

    فقلتُ بهدوء وذهول يطويان الخوف والهلع منه:

    – وماذا .. وماذا فعلت؟ أنا لم أفهم ؟! …

    قال حانقا منفجرا:

    – لِمَ لمْ تتركي يديك تلامس يديه الطاهرتين ؟ يديه الشريفتين ؟ لِمَ ؟ لِمَ ؟ أجيبي !!

    ثم قال ُمردفا قبل أن أجيب:

    – نعم.. لو كان أباكِ أو خالكِ أو عمكِ أو أنا .. لما توانيتي مطلقا عن تقبيل أيدينا !! صح ؟!

    ولكن هذا الولي الصالح الغوث القطب تضعين بينك وبينه حجاب !! سبحان الله !!

    وبحركةٍ لا شعورية استدرتُ نحوه قائلة :

    – أيُّ غوثٍ وقطبٍ تعني ؟

    رفع رأسه وهو يتقدم نحوي ببطء .. ثم قال بعد صمتٍ ثقيل وبلهجةٍ متلعثمة :

    – أقصد أن الله عندما يريد إنزال أمرٍ ما بالعباد من غضب أو حكمٍ يُظلم به الناس .. فإن الغوث يُغيث

    هؤلاء العباد ويخفف عنهم الحكم ويُعدّ له .. ثم ينزله إلينا ..

    أو أنه يلطّـف بقدرته من قسوة وقوة حكم الله علينا .. أفيكون هذا جزاؤه ؟!!!

    آه .. ماذا يقول هذا الأرعن ؟! رباه .. ما للموازين اختلّتْ ؟ قلتُ بلهجةٍ متهدّجة :

    – ولكنّ الله هو المتحكم بالكون ولا سلطة لأحدٍ سواه عليه !!

    سيطر عليه الارتباك .. ثم قال :

    – تباً لكم من وهّابيين !! إن القطب هو أكمل إنسان .. وهو نظر الله في الأرض .. وفي كل زمان !

    عليه تدور أحوال الخلق .. ويلجأ إليه الملهوف عند حاجته .. أفهمتي ؟!

    قاطعته باعتراض :

    – ولكن .. إنّ هذه معتقدات كالأساطير الخرافية .. أقصد ….!!!

    صرختْ أمه في وجهي غاضبة :

    – الويل لكِ ! ماذا تقولين ؟! إنك حمقاء !!

    دقّ قلبي بشدة .. فقلتُ استحثُّ الكلمات على الخروج :

    – ولكن .. هذه الصفات .. تنزع إلى تجريد الله .. من .. الربوبية والإلهية .. !!

    قال مُدافعاً وبلهجةٍ حادة :

    – ألا تعلمين أيتها العنيدة بأنّ مما أكرم الله به هذا القطب أنه علّمه ما قبل وجود الكون ..

    وما وراءه .. وما لا نهاية له ؟! وألا تعلمين أنه علّمه وخصّصه بأسرار الإحاطة بالغيب ؟

    وأنه مكّنه من إدارة الوجود بيده كيفما شاء ؟!!!

    قلت بمرارة وتألم :

    – كفى .. كفى .. كفى أرجوكم .. لا أريد سماع المزيد .. لا أريد ..

    صرخ بأعلى صوته في وجهي :

    – بل يجب أن تعلمي كل شيء .. فأنتِ تعيشين في وهمٍ مع هؤلاء الجهلة الضلاليين !!

    تقدم أحد إخوته بثقة مفرطة أراد بها أن يزعزع بقايا مشاعري فقال :

    – حسناً .. لا تتعجلي الأمور .. أنا سأثبت لكِ ..

    ألا تعلمين أنّ في الوجود ديواناً باطنياً يحكم فيه القطب الأكبر بما يشاء ويُصرِّف أقدار الوجود ؟!

    التفتُّ إليه متعجبة .. فسألته بهدوء :

    – أيّ ديوان تعني ؟ وأيّ أقدارٍ هذه التي تخضع لقدرة غير الله ؟!

    إنّ هذا غير صحيح ولا يُمكن أن … قاطعني بهدوء أكثر :

    – استمعي إليّ .. عند الصوفية محكمة عُليا يحاكم فيها الأقطابُ أقدارَ الله دون أن تستطيع أية

    قدرة إلهية نسخ حكمٍ لها .. فهل تعلمين مكان وجود هذا الديوان ؟ ومَنْ يحضره ؟!

    صرختُ بقلبٍ قد ملأه الوجل .. فهمتُ إلى أين يريدون الوصول بي .. نظرتُ إليه بتخوّف .
    .
    انقبض قلبي .. وَهَنَ عقلي .. هل أعيش في واقعي ؟ لا أصدق ..

    ساد صمتٌ قاتلٌ فيه انتظار حارق لإجابتي على السؤال المطروح ..

    أصبحتُ لا أميّز شيئاً .. ليطل انتظارهم .. ارتجفتُ .. هممتُ بالدفاع عن نفسي والاحتجاج على

    ما يتفوّهون به .. تصوّرتُ ما سيفعلونه بي إنْ نطقت بخلافِ ما يعتقدون ..

    تحدّيتُهم ووافقتُ على مجاراتهم فقلتُ بانقباض :

    – لا .. ولا أريد أن ……

    تدخل الزوج في هذه اللحظة وأجاب بحماسٍ ظاهر :

    – إن الديوان في غار حراء ! ويحضره النساء .. وبعض الأموات .. فالأموات حاضرون في الديوان

    ينزلون من البرزخ يطيرون طيراناً بطيران الروح ! وتحضره الملائكة والجن ..

    أكملتْ أمه بفرح :

    – ليس هذا فحسب .. ففي بعض الأحيان يحضره النبي ..

    وكل ذلك يكون في الساعة التي وُلد فيها النبي من كل عام .. أما الأنبياء فيحضرونه في ليلةٍ واحدة

    هي ليلة القدر .. وتحضره كذلك أزواج النبي الطاهرات ..

    ابتسمتُ .. فظنّ الجميع بأني آمنتُ أخيراً و أيقنت .. نظروا إلى بعضهم .. توقفوا عن الكلام …

    انفرجتْ أساريرهم … فقلتُ أخاطب الجميع :

    – حقاً ؟! هل تحضره أزواج النبي الطاهرات ؟!

    – أجل .. أجل .. ألم نقل لكِ بأنكِ ستقتنعين ؟!

    استبشر الجميع .. أخيراً !!! فقلتُ بعد أن أخفيتُ تلك الابتسامة عن الوجود :

    – وهل كانت أزواج النبي الطاهرات تحضرنَ هكذا في وسط الرجال ؟! أيّ هراء هذا ؟!

    أطبق الصمت !! حملقوا فيّ بنيران نظراتهم .. ولكني لم أعد أحتمل .. دعوني و شأني .. دعوني ..

    وقف الزوج هائجاً يصول ويجول .. يريد الإمساك بي .. وإخفائي عن الدنيا ..

    فأمسك به أخوه بسرعة .. وفهمتُ على الفور بأنني ارتكبتُ في نظرهم خطأً جسيماً في سخريتي من حديثهم ..
    لا بأس … إلى متى هذا الخوف ؟ إلى متى هذا التراجع ؟

    بادرتُ بالاعتذار فوراً تخفيفاً من وطأة الغضب الجامح :

    – أنا آسفة .. آسفة .. لم أقصد إغضابك .. ولكنك فتحتَ باب النقاش ..

    أعتذر منك مرةً أخرى .. أعتذر .. لم أنتظر المزيد من الجدل .. انطلقتُ بسرعة ..

    أخذتُ أصعد السلم .. لا مكان لي هنا .. يجب أن أرحل ..!!

    وللقصه بقيه

    #433878

    بارك الله فيك أخي النقيض.

    لا يوجد في الموضوع توجه مذهبي أبدا ولكن القصه تحكي عن أمرأه تزوجت من صوفي وأنظر إلى أفعال الصوفين التي لا تمد للأسلام بشيء، بل أنها أفعال شركيه والعياذ بالله.

    وجزاك الله خيرا على مرورك الكريم .

    #433985

    الحلــــــــــــف و الاستغـــــــــــاثة

    مضتْ أيامٌ قلائل بعد النقاش والصراع .. خفّت حدة التوتر قليلاً .. ذهبنا جميعاً إلى البحر في وقت الفجر ..

    آه ما أجمله !! كانت النجومُ ما تزال تلمع في كبد السماء ..

    وأشعة الشمس .. لقد بدأت بالظهور شيئاً فشيئاً ..

    دخل الزوج مع إخوته إلى البحر … يتلاعبون .. يتمازحون .. تذكرتُ إخوتي ..؟!

    كم أشتاق إليهم .. ناداني الجميع لأشاركهم المرح واللعب في البحر ..

    اعتذرتُ وعللتُ بقائي برغبتي في الجلوس مع والدة الزوج قليلاً ..

    ولكن الرفض كان سببه أني لا أريد كسر طوق الجليد مع إخوته ! فكيف أوافق على اللعب معهم إذاً ؟!

    بقيتُ مع والدته .. استرقْتُ النظر إليها .. إنها تتأمل أبناءها ..

    تذكرتُ أمي .. إخوتي .. أبي .. تنهدتُ بعمق .. مسحتُ دمعةً حزينة كادتْ أن تفتح باباً لأنهار الدمع بداخلي ..

    آه .. عائلتي تعتقد بأن السعادة ترفرفُ على أرجاء حياتي !! إنها لا تعلم بمعاناتي !!

    حدّقتُ في البحر .. في الزرقة الممتدة أمامي بلا نهاية .. آه .. أشتاق كثيراً لسماع صوت أمي ..

    لمداعبات أبي وأخوتي .. أوه .. أفقتُ من أحلامي الجميلة عندما تحركتْ والدة الزوج ونظرتْ إليّ !!!

    تحركتُ بحذر .. ثم قلتُ بابتهاجٍ مُصطنع :

    – خالتي .. هل تريدين أنْ أعدَّ لك بعض الطعام ؟!

    – لا .. لا أشعر بالجوع الآن … شكراً لكِ .. فقط أريد كوباً من الشاي ..

    فالطقس يُساعد على الانشراح .. ابتسمتُ بصدق .. وأحضرتُ لها كوب الشاي لتشربه ..

    إنها تفضله دائماً من صنع يدي .. ناولتها الكوب .. حذّرتُها من إمكان وقوعه .. فالأرض غير مستوية ..

    عبّرت عن امتنانها لي بابتسامةٍ مسرورة .. وقامتْ بوضعه أمامها .. أما أنا فعدتُ ثانيةً لتأمل ظهورقرص

    الشمس كاملاً ..

    تحركتْ الأم وهي تحدّق في أبنائها مسرورة .. فانسكب الشاي على قدمها وأحرقها ..

    فتمتمتْ قائلة بغضب وهي تحدث نفسها ..

    – ( يا فلان بن فلان ) .. تتوسّل بأحد الأموات وتستنجد به !!

    استولى الاستياءُ عليّ .. فأدرتُ ظهري للبحر وقابلتُها مباشرةً .. ثم قُلتُ لها بلطف :

    – خالتي .. ماذا تقصدين بـ ( فلان بن فلان ) ! ولِمَ هو بالذات ؟!

    نظرتْ إليّ باستغراب وكأنها لم تكن تنتظر مني مثل هذا السؤال .. ثم قالت بعد صمتٍ وتلعثم :

    – إنه .. إنه .. أحد أولياء الله الصالحين المقرّبين إلى الله .. آه لقد مات منذ زمنٍ بعيد ..

    نستنجد به ونتوسل إليه .. وهذا أمرٌ واجبٌ مفروضٌ يا ابنتي .. واجبٌ دينيّ يجب علينا وعليك أيضاً عمله !!

    حدّقتُ بها شككتُ في صحة معلوماتها فقلت :

    – ولكنك كما قلتِ مات !! فماذا تطلبين من ميتٍ أو ترجين منه يا خالتي ؟!!!

    شعرتُ بأنها تأخذ نفساً عميقاً .. ضمّتْ يديها وقالت بتعجرف :

    – ولكن روحه تخرج إلينا .. وتساعدنا وتجيب ملهوفنا ..

    ولذلك نطلب منه ومن غيره من أولياء الله ما نريد !

    – تطلبون منه ما تريدون ؟!! مثل ماذا ؟

    – مثل .. مثل .. الرزق .. الأولاد .. الزواج .. النجاح .. الشفاء من الأمراض والأوجاع …

    حبسْتُ أنفاسي في مكانٍ ما حول قلبي الذي كان يطرق بقوةٍ وعنفٍ .. هناك صوتٌ صغيرٌ بداخلي

    قد يئس منهم يهتف بي بقوة بأن هذه حقائق زائفة .. ولا يهمني سماعها ..

    ألا يجب أن تكون أكثر عقلانيةً في مثل هذه السّنّ ؟ قلتُ بقلق :

    – خالتي الحبيبة .. فكري معي قليلاً .. أرجوكِ .. حسناً لنتبادل وجهات النظر ونؤيد أصحها ..

    ألا ترين معي أن سؤال الميت أو الغائب يُعدُّ مُنكراً لنفوسنا ؟ لا نرتضيه لأنفسنا !!

    ثم إنه لم به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. ولا فعله أحدٌ من الصحابة أو التابعين .. فكيف نفعله نحن ؟

    قاطعتني بجديةٍ وهي تؤمن بكلمة تقولها :

    – أوووه … ماذا تقولين ؟ ما هذا الهراء ؟ إننا قد تعوّدنا أن نستغيث بهم إذا نزلتْ بنا تِرةٌ أو

    عرضتْ لنا حاجة ! إني أقول لميت من الأولياء ( يا سيّدي فلان بن فلان )

    أنا في حسبك أو أقضِ لنا حاجتنا .. وسُرعان ما يقضيها ..

    تجهّم وجهي على الفور فقلتُ بغيظٍ كظيم :

    – ولكنّ أحداً من الصحابة لم يستغثْ بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ( وهو نبي ) !!

    ولا بأحدٍ من الأنبياء أو بغيرهم .. والاستغاثة بغير الله عزّ وجلَّ مُحرّمة ..

    فقدتْ أعصابها عند سماع كلماتي .. فلم تجدْ بداً من الإدلاء بدليلٍ تحاول به تشويه الواقع :

    – لن أقتنع .. هلاّ علمتني بأن أحد أئمة الصوفية العظماء كان قد دعا الله ستّ سنوات أن يرزقه الولد ..

    فلم يُرزق !! فذهب إلى وليّ صالحٍ .. فما إن استغاث به وطلب منه الولد حتى رُزق بطفلين توأمين !!!!

    حملقْتُ فيها بعينيّ .. شعرتُ بأنّ لمعاتِ البرق تكادُ أن تمزق السماء !

    شحب وجهي .. لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .. هل بعد هذا الشرك من شرك ؟!

    وبحركةٍ لا شعورية .. تابعتْ قولها وهي ترتعد غضباً مني .. وأنفاسها تتمزق ..

    _- ألا تصدقين ؟! حسناً .. بجاه فلان بن فلان .. وبحق النبي .. أن هذا ما حدث له !!

    ولكن ما أدراكِ أنت ؟!! إنّ تربيتك الدينية كانت غيرسليمة .. أعانك الله عليها يا بُنيتيّ !!!

    امتقع وجهي فأصبح كالغمام .. طالتْ فترةُ الصمت .. وساد صمتٌ آخر ..

    إنها تحلف !! بمَن ؟ أيضاً بغير الله !!

    – خالتي .. خالتي نحن نتجاذب أطراف الحديث !! يجب أن تُقنع إحدانا الأُخرى !

    كيف.. كيف تدعين وتستغيثين بغير الله ؟! خالتي إنك تفتقرين إلى غير الله .. ألا تعلمين أن في ذلك إذلال للنفس وظلم لها ؟ ثم .. ثم .. إنك تحلفين أيضاً بغير الله …

    خالتي ..
    رفعتْ حاجبها باستغراب بسرعة .. ترددتْ قليلاً قبل أن تجيب :

    – كوني على ثقة ويقين بأنك عندما تطلبين اليمين بالله منّا نحن الصوفيّون فإننا نعطيك

    ما تريدين صدقاً أو كذباً .. بينما .. عندما تطلبين منّا اليمين بالشيخ أو الوليّ أو صاحب القبر

    فإننا نصدق معك ولا نجرؤ على الكذب أبداً .. وذلك لعظمتهم و جلالة قدرهم … !!!!!

    تملكتني موجةٌ من الغضب والانفعال اللاإرادي .. فهتفتُ وأنا أقفُ وأجمع حاجياتي رغبةً في الهروب منها ..

    – ولكن هذا لا يجوز !! حرامٌ أن تسألي بمخلوقٍ يا خالتي !! عودي إلى رشدك يا خالتي ..

    افهميني أرجوك ! ألم تستمعي قوله تعالى : ( ادعوني أستجب لكم ) ؟

    ألم تستمعي إلى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ” من حلف بغير الله فقد أشرك ” ؟!!

    لمْ تردّ .. لم تتحدثْ !! فضّلتُ السكوت للحظات .. لقد بلغ الصمتُ حداً يثير الأعصاب !!

    لا طيور تزقزق ! ولا أوراق تهتز مع نسيم الريح الخفيف .. حتى صوت البحر بدا مكتوماً !!

    قلتُ لها قبل أن أفترق عنها بلطفٍ ورجاء :

    – خالتي .. لقد شاهدتِ قبل قليل ولادةً لنهارٍ جديد .. وأعتقد أنه باستطاعة المرء أن يُولد مرةً أخرى .
    .
    إذا فتح صفحةً جديدةً .. ناسياً كل الأمور والأحداث الماضية !!

    خفّفْتُ لهجتي الهادئة من اضطرابها وغضبها .. فنقلتْ نظرها إلى البحر ..

    خلفي .. واعتقدتُ أنها تتأمله !!!

    قالت بدون أن تنظر إلي .. وقد ركّزتْ نظرها خلفي :

    – إنها فكرةٌ جيدة لم تخطر ببالي يوماً !! ولكن .. لا تظني بأنها ممكنة !!

    شعرتُ بخيبة أملٍ عنيفة .. تنهّدتُ بأسى من الأعماق .. وبحركةٍ لا شعورية ..

    التفتُّ إلى الوراء .. خلفي .. حيث كانت نظراتها مُسلّطة .. وإذا بي أجده ورائي ..

    وقد بدتْ عليه إمارات الغضب الشديد !!!!!

    نعم ( لقد كانت والدته تنظر إليه هو ولم تكن تتأمل البحر )!!

    اكتفيت بالنظر إليه وقد اتسعتْ عيناي تعجباً وتحجّر قلبي تخوّفاً ..

    فلم أجد الكلمات المناسبة للدفاع …!!

    فضّلتُ الصمت ! منذ متى وهو يقف خلفي ؟! شعرتُ بالوهن الشديد أمام نظراته التي كانت تنمّ

    عن حقدٍ دفينٍ وقهرٍ شديد !!

    وللقصه بقيه

    #437390
    النقيض
    مشارك

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخ زاد المعاد
    لقد تابعت هذه القصة من اولها ولحد ما صلت اليه الان ، ولكن في حقيقة الامر احب ان أوكد لك اني ما زلت اقول بان هذه القصة بها توجه مذهبي. والدليل على ذلك الامور الآتيه:

    الرد على :


    _- ألا تصدقين ؟! حسناً .. بجاه فلان بن فلان .. وبحق النبي .. أن هذا ما حدث له !!



    عزيزي زاد المعاد :
    أود القول بانه الحلف لغير الله حرام وهذا لا خلاف فيه ،
    ولكن القصة التي نحن بصددها لا تتكلم عن الحلف بغير الله ولكن تتكلم عن الدعاء لله عن طريق شخص اخر ، وهذا قصدك حرام . نعم حرام والف مرة حرام .
    ولكن اريد ان أسألك سؤالا وانتظر منك الاجابه.

    ما قولك في الدعاء التالي ( اللهم اني اسألك بجاه نبيك محمد ان ترزقني الصحة والعافية )

    تحياتي الحارة

    #437412

    أخي النقيض :

    الرد على :


    ما قولك في الدعاء التالي ( اللهم اني اسألك بجاه نبيك محمد ان ترزقني الصحة والعافية )


    هذا توسل غير صحيح ليس على السنه ولم يأتي به أحدا من الصحابه أو التابعين.

    وجاه النبي بينه وبين ربه ومنزلته عند الله عظيمه، والتوسل الصحيح أن يتوسل المسلم بأسماء الله وصفاته أو بعمل صالح هو فعله ( كما في قصة النفر الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار ) أو يتوسل بحبه لهذا الدين أو يتوسل بحب الرسول أو يذهب إلى رجل صالح فيدعوا له.

    أما بجاه النبي فهذا غير صحيح.

    أما قولك أنه توجه مذهبي فهذا غير صحيح، الموضوع تصحيح لبعض الأخطاء التي يقع فيها المسلمون.

    والأقتباس الذي وضعته هذا لا يدل على أي توجه.

    واذا اردت في الاستزادة اضغط الوصلة

    اضغط هنا للفائدة

    زاد

    #437571
    النقيض
    مشارك

    اخي زاد المعاد :
    لقد وصلتُ لما اصبو اليه ، كنت متوقع منك هذه الاجابه . يا اخي العزيز انتم الفرقة الوهابيه تنادون بأن الدعاء الذي ذكرته أنا سابقا بانه حرام ، وقولكم بهذا باننا ندعوا الله سبحانه وتعالى عن طريق واسطه ( وهو النبي محمد ). انا الآن لا اريد ان ادخل دوامة المهاترات المذهبيه التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

    عموما هذي المسألة فيها اختلافات مذهبية منهم من يراها صحيحه ومهنم من يراها خاطئة ، وكونك تقول ادخل على الوصلة لأستزيد من صحة قولك ، فهذه الوصلة تنتمي لفرقتكم الوهابية ( يعني يا بو زيد كأنك ما غزيت) وهي ليست محايده كي استطيع اعرف صحة قولك او صحة قولي.

    ولقد قلت :

    الرد على :


    أما قولك أنه توجه مذهبي فهذا غير صحيح، الموضوع تصحيح لبعض الأخطاء التي يقع فيها المسلمون


    هذا هو التوجه المذهبي بعينه .
    فانت تعتقد بانها اخطاء يقع فيها المسلمون والبعض الاخر يعتقد بانها صحيحة وكل الطرفين لهما ادلتهما فيما يقولون .

    ومثال على ذلك : احنا نقول في مذهبنا ان زيارة القبور والدعاء لهم بالمغفرة حلال … وانتم في فرقتكم تقولون بانه حرام ، اذاً اصبحنا مختلفين مذهبيا، فلا تأتي بادلتك وتقول بانها تصحيح لخطأ وقعتم فيه.

    تحياتي المتناقضة….

    #437707

    الرد على :


    ومثال على ذلك : احنا نقول في مذهبنا ان زيارة القبور والدعاء لهم بالمغفرة حلال … وانتم في فرقتكم تقولون بانه حرام ، اذاً اصبحنا مختلفين مذهبيا، فلا تأتي بادلتك وتقول بانها تصحيح لخطأ وقعتم فيه


    هذا الكلام غير صحيح. لا تتهم الغير بدون يقين. نحن نزور القبور وندعوا لهم لكن لا نقرا القرآن في المقابر.

    أنا لا اعرف مذهبك ولا اريد أن اعرف، فأنا لست مناظرا.

    لا اريد أن ادخل معك في نقاش لا مذهبي ولا غير مذهبي لا وهابي ولا شيعي ولا إباضي.

    أن احببت الموضوع أقراه وأن لم تحببه فدعه.

مشاهدة 15 مشاركة - 16 إلى 30 (من مجموع 52)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد