الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات الأساس التاريخي السياسي للشخصية العربية- العثمانية

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #1801

    أخي العربي، أخي الخليجي، أخي العماني
    يامن ترهن أمنك و حاضرك و مستقبلك للحماية الأمريكية و البريطانية…..
    قرأت لك فهل من متعض ؟؟؟؟؟؟

    الأساس التاريخي للشخصية العربية – العثمانية

    حين كان عرب المشرق العربي، بقيادة الشريف حسين، يقاتلون السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إلى جانب الحلفاء، تقاسم هؤلاء الأراضي العربية دون أن يكلفوا أنفسهم عناء مشاورة العرب بمصيرهم أو إخبارهم بما سيجري عليهم،  كذلك تقاسم الحلفاء ثروات العرب فمنحت بريطانيا لفرنسا حصة ألمانيا من نفط العراق مقابل تنازل فرنسا عن ولاية الموصل التي كانت تابعة لسوريا،  فتحولت لتصير جزءا من العراق. في حين أضافت بريطانيا إلى حصتها من نفط العراق فيما كان يعرف باسم شركة البترول التركية حصة تركيا، بالمقابل تنازلت فرنسا عن مطالبها في إدارة فلسطين لبريطانيا و اعترفت بالأردن، فيما تخلت بريطانيا عن دعمها للملك فيصل و اعترفت بتقسيم سوريا إلى سوريا و لبنان و إضافة المحافظات الأربع المقتطعة من سوريا إليه. و في حين أعطت بريطانيا للحركة الصهيونية وطنا قوميا لليهود بعد مفاوضات و عود فإن فرنسا تخلت للأتراك عن كيليكيا سنة 1922م أولا، مع أن الأكثرية فيها عربية، ثم عن لواء الأسكندرون العام 1939م و هو عربي بالمطلق، و لكن تعهدت تركيا لفرنسا بأن تبقى على الحياد بين الحلفاء و المحور في حال نشوب حرب مع الألمان. و كانت بريطانيا بحكم وجودها في الخليج العربي قد سمحت لشاه إيران بضم لواء المحمرة أو ما يعرف بعربستان إلى الإمبراطورية الفارسية مقابل حصولها على امتياز استثمار النفط و نقله من ميناء عبادان.

    فهل صحيح أن المصالح الاستعمارية، وحدها، ووحدها فقط، هي التي أملت على الدول الغربية منح قطع من الأراضي و الشعوب العربية لدول غير عربية، أم أن هناك عاملا آخر، مجهولا أو غير معلن أو مسكوتا عنه، دفع تلك الدول إلى هذه التصرفات المؤذية التي تجعل العرب في بلادهم أقنانا يذهبون مع أراضيهم على شكل أقطاعات لإرضاء كل الدول على حساب العرب؟ أنا أعتقد أن الدافع الاستعماري وحده لا يكفي لا لتفسير إقطاع الأرض العربية لكل من يطلبها و لا لتقسيم الوطن العربي على الصورة الحالية التي نراه بها الآن. فقد منحت إريتريا لدولة متخلفة تخلف الحبشة في الثلاثينيات, و أطلقت يد إيطاليا في الصومال بعد ليبيا مع أن بريطانيا و فرنسا لا تكنان مودة للدولة الفاشية.

    فإذا نحينا الدافع الاستغلالي في قول تشرشل { سأضع على كل بئر بترول أميرا و علما } وجب علينا أن نبحث وراء تقسيم الوطن العربي عن دوافع أخرى سهل الاستعمار على الغرب تنفيذها و تحقيقها ضد العرب.

    اعتقد أننا لكي نفهم تقسيم الغرب للمنطقة العربية على الصورة التي نراها ينبغي أن نعود إلى تكوين أوربا الحديثة و تفكيرها الحضاري. إن أوربا الغربية تنتمي في حضارتها المعاصرة إلى دائرة الحضارة اليونانية – الرومانية. و بذلك تكون حضارتها غربية خالصة لا تعترف فيها لمؤثر شرقي غير اليهودية. و في هذا الزعم مغالطتان: الأولى اعتبار الحضارة اليونانية حضارة بدائية مستقلة مع أن هيرودوت و أرسطوطاليس يعترفان بأن اليونان استمدوا آلهتهم و علومهم من مصر الفرعونية. المغالطة الثانية أن أوربا الحالية تعرفت على المدنية من العرب عن طريق الأندلس و الحروب الصليبية، فالحضارة الغربية المعاصرة منحدرة مباشرة من الحضارة الفرعونية. القفز عن الحضارة العربية ينطوي إنكار وجودها و حذف الوجود العربي – الإسلامي كأن لم يكن، و اعتبار الحضارة اليونانية الرومانية مستمرة خلال التاريخ إلى حين ظهور الحضارة الغربية الحديثة. و بحذف منجزات الحضارة العربية الإسلامية و محوها من الوجود تعود المنطقة إلى صورتها التوراتية. ولو طبقنا خريطة التوراة للتوزيع الأقوامي على خريطة التقسيم السياسي للوطن العربي لوجدنا الخريطتين متطابقتين تطابقا مدهشا، على النحو التالي:

    –     بين النهرين سكن البابليون و الآشوريون و قبلهم السومريون، فأقيمت دولة العراق الحديثة.
    –     وقد انتشر الفينيقيون على الشاطئ اللبناني – السوري، فأقيمت دولة لبنان الكبير.
    –     في سوريا الداخلية على تخوم الصحراء السورية سكن الآراميون في دمشق و حمص و حماة و حلب، فأقيمت دولة سوريا.
    –     في فلسطين احتل الكريتيون السواحل و لقبوا بالفلسطينين، و في حين سكن الكنعانيون و العموريون ( وهم آراميون ) فلسطين الداخلية.

    و قد غزا العبرانيون الكنعانيين حين خرجوا من مصر، و أقاموا مملكتهم ما بين غزة و حيفا و جعلوا أورشليم عاصمة لهم، ثم انقسمت المملكة العبرانية بعد وفاة الملك سليمان إلى دولتين: مملكة يهوذا و عاصمتها أورشليم، و مملكة إسرائيل و عاصمتها نابلس. فأعطي اليهود حق إقامة وطن قومي على سواحل فلسطين (بعكس الصورة التاريخية) و تركت للفلسطينيين أراضي داخلية يديرون فيها شؤونهم.

    –     وقد أقام الأنباط مملكة لهم في وادي الأردن، فأنشئت المملكة الأردنية، و تشدد الغرب في المحافظة عليها لتكون دولة عازلة بين إسرائيل و منابع النفط في شبه الجزيرة و القوة العسكرية في العراق.
    –     كانت مملكة الفراعنة تمتد من صحراء سيناء إلى صحراء النوبة جنوبا و الصحراء الليبية غربا، و لا تتعدى حدود مصر الحالية هذه الحدود الطبيعية.
    –     شمالي السودان إلى قلب الحبشة مأهول بقبائل عربية منذ الأزل، وصلت من اليمن عبر البحر الأحمر أو من سيناء عبر مصر. وقد ظل الإسلام و اللغة العربية ينتشران إلى أفريقيا الشرقية و الوسطى إلى اليوم بإشعاع حصاري سلمي لم تعرف القارة سواه.
    –     في أقدم العصور كانت الصحراء الليبية مراعي و مروجا خضراء سكنتها أقدم فروع الإنسانية، وقد ظلت خارجة عن طاعة الفرعون إلى أن فتحها عمرو بن العاص و استقرت فيها القبائل العربية بشكل دائم.
    –     أسس الفينيقيون في تونس دولة بحرية جعلوا عاصمتها قرطاج التي تصدت للتوسع الروماني قرابة قرن من الزمان إلى أن تمكنت روما من تهديمها و حشو ترابها بالملح لكي لا تصلح للزراعة.
    –     كانت مناطق شمالي أفريقيا مأهولة بالعرب منذ فجر الإنسانية: جاء البربر من اليمن و هم عرب عاربة فتساكنوا مع الأفارقة الذين وجدوهم في المنطقة، تلت هذه الهجرة غزوة الهكسوس الذين حكموا مصر و انتشروا منها إلى شمالي أفريقيا، ثم هجرة الفينيقيين الذين عمروا مدنا و موانئ، إذ لا يعقل أن يستوطنوا تونس دون أن ينتشروا إلى سواحل الجزائر و المغرب ليصلوا إلى شواطئ المحيط الأطلسي و  إسبانيا. إذ من الثابت أن إسبانيا في القرن الأول من الميلاد كان فيها فينيقيون قاوموا الغزو الروماني و قبائل الفيزيقوط القادمة من فرنسا. ولم يكن بإمكانهم الوصول إلى إسبانيا لو لم تكن لهم قواعد بحرية في طنجة و سبته و مليلة على الشاطئ المغربي و قواعد على الشاطئ الأسباني عبر مضيق جبل طارق. و هكذا فقد سكن العرب شمال أفريقيا قبل الرومان بألفي عام على الأقل. أن تاريخ المنطقة القديم يحتاج إلى تحقيق و إعادة كتابة من وجهة نظر عربية لما قبل الإسلام، لأن المركزية الأوربية شوهت التاريخ العربي تشويها تاما لتبرز الوجود الروماني و كأنه الوجود البشري الوحيد و العنصر الحضاري الفاعل و الأوحد في تاريخ المغرب العربي قبل الإسلام. و لقد أنشأ الفينيقيون مدنا و موانئ على الشواطئ الإيطالية و في جزر البحر المتوسط: رودس و كريت و مالطة و قبرص، ثم شاركهم فيها اليونان في مستهل القرن الرابع قبل الميلاد إلى أن تمكن الرومان من السيطرة على شواطئ المتوسط في القرون الثلاثة من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي فتعمدوا تخريب كل المدن الفينيقية من أسبانا إلى قرطاج إلى القدس حيث هدموا الهيكل و أخرجوا اليهود عام 76م. و استوطنوا شواطئ المغرب العربي دافعين العرب و البربر إلى جبال الأطلس و الصحراء إلى أن حررها العرب المسلمون – وهي الهجرة العربية الوحيدة التي جاءت من شمالي الجزيرة العربية في حين أن كل الهجرات قبل الإسلام كانت تخرج من اليمن و من جنوب الجزيرة العربية. و هذه وحده يفسر ببساطة و بداهة، سرعة انتشار اللغة العربية و اندماج العرب في سكان المنطقة في أقل من خمسين عاما بعد الفتح، و سهولة اعتناق السكان للإسلام بدون تبشير و لا قمع و لا قسر و لا حرمان و لا تمييز بين المسلم و غير المسلم أو بين العربي و أي من سكان المنطقة سواء الآراميين في سوريا أو الأقباط في مصر أو البربر في شمال أفريقيا. في حين أقام اليونان و الرومان ألف عام 333 ق.م – 650 م ثم رحلوا دون أن يتمكنوا من نشر لغتهم أم حضارتهم أو حتى مذهبهم في المسيحية، لآن مسيحية السريان و الآراميين و الأقباط تختلف إلى اليوم عن مسيحية الرومان و روما! و لقد تنصر أباطرة روما و القسطنطينية لكي يتقربوا إلى سكان المنطقة العربية فيحافظوا بذلك على وحدة الإمبراطورية، لكن العمق الحضاري في المنطقة العربية و دفعها إلى ابتداع مذاهب في المسيحية تخالف بها مسيحية روما، فكلها اتجهت إلى القول بالطبيعة الواحدة انسجاما مع التقليد التوحيدي العريق عند العرق السامي (أي العربي)، و جاء الإسلام ليؤكد هذا الاتجاه فصار أقرب إلى المسيحيين العرب من مسيحية روما، لذلك ظهر العرب المسلمون بمظهر المنقذ من الاضطهاد الذي تمارسه روما، فالمسيحي الذي بقي على مسيحيته وجد فبالحكم العربي الإسلامي مظلة تحمي عقيدته، و المسيحي العربي الذي اعتنق الإسلام لم يشعر بغربة الانتقال لأنه وجد في صلب الإسلام اعترافا بالمسيح على أنه كلمة الله و أنه ذو طبيعة واحدة لآن الله تعالى لم يتخذ صاحبة و لا ولدا و لم يلد و لم يولد.

    روما أنكرت المسيحية العربية ثم أنكرت الإسلام العربي بكل منجزاته الحضارية و التاريخية و البشرية، و ظلت تنتسب فكريا إلى الحضارة اليونانية – الرومانية. فلما امتصت أوربا صدمة اجتياح القبائل الجرمانية لها و نصرتها لتحقق معها تجانسا ثقافيا، أمكن إيجاد صيغة سياسية تستوعب اللآتين و الجرمان تحت جناح النصرانية في إطار الإمبراطورية الرومانية – الجرمانية المقدسة. وقد نعمت أوربا بسلام خارجي طويل بعد انتهاء الفتوحات العربية في الأندلس و توقفها على حدود فرنسا في معركة بواتييه – بلاط الشهداء. مما مكنها من الأخذ بأسباب المدنية بدءا من القرن العاشر إلى الرابع عشر عن طريق العرب. فلما استوعبت النخبة الأوربية الغربية معارف العرب و فهمت بواسطة شروح الفلاسفة العرب فلسفة اليونان عمدت في القرن الخامس عشر و في إيطاليا بالذات إلى الرجوع مباشرة إلى التراث اليوناني – الروماني فكان ما يسمونه عصر النهضة الذي استمر إلى نهاية القرن السادس عشر. في القرن السابع عشر بدأت تتخلق في أوربا الغربية ملامح حضارة جديدة مستقلة عن الكنيسة و العرب، ثم اليونان بخاصة لأن التحرر الفكري كان أولا و أخيرا ضد سلطة أرسطوطاليس الذي تبنت الكنيسة فلسفته و حرمت مناقشتها. و يقول توينبي في الجزء الرابع من مختصر دراسته للتاريخ إن ظهور الفلسفة و العلوم الأوربية الحديثة كان على الرغم من فلسفة أرسطوطاليس و ليس بسببها، و كذلك يشايعه جورج سارتون مؤرخ العلوم.

    حين قررت الحضارة الأوربية التي بدأت تعي وجودها و تميزها و استقلالها في أوائل القرن السابع عشر، أن تنتسب إلى حضارة سابقة وجدت أنها سليلة عصر النهضة المنتسب إلى الحضارة اليونانية الرومانية، ولم يكن بإمكانها أن تعترف للحضارة العربية الإسلامية لأن العثمانيين آنذاك كانوا قد اجتاحوا أوربا الشرقية و هددوا فيينا باسم الإسلام. و كان بين مفكري عصر النهضة و عصور التأثير العربي ثلاثة أو أربعة قرون، و كانت الحمية الأوربية في بداية اندفاعها ضد الإسلام دينا و حضارة و مجتمعا فتم إسقاط دور الحضارة العربية الإسلامية بتواطؤ صامت و بالإجماع، أي دون أن يرتفع صوت واحد بالحق الصريح. على العكس، منذ ذلك الحين بدأ أدب الرحالة الأوربيين و طلائع المستشرقين يصورون ما كان عليه المجتمع العربي المسلم آنذاك من ركود و جمود و جهل، و يعزون كل ذلك إلى الدين الإسلامي فيتهمونه بأنه يؤدي إلى التواكل و الاستسلام و الخنوع و الطغيان، و أيضا إلى التحلل الجنسي و الأخلاقي و الروح الدموية.

    على هذا النحو دفنت الحضارة العربية مرتين، الأولى على أيدي المماليك الأتراك، ثم العثمانيين الذين انتحلوا صفة المدافعين عن ديار الإسلام فنحوا العرب عن القيادة و تقرير المصير ثم حكموهم و تحكموا بهم و بمواردهم حكما تعسفيا مطلقا باسم المحافظة على الإسلام و الدفاع عنه. إلا أن المماليك الأتراك و الشراكسة كانوا يدافعون عن الأراضي العربية التي يحكمونها دفاعا مباشرا لأنهم إذا خسروها خسروا كل شيء. في حين أن العثمانيين كانوا يريدون أن يستخلصوا آسيا الصغرى وطينا قوميا لهم من جبهة الشرق حيث المسيحية الأرثوذكسية، فجعلوا الأقطار العربية رهائن يقطعونها لدول أوربا الغربية مراضاة لها و ملاينة سياسية مقابل تخفيف الضغط الغربي على العثمانيين لكي يركزوا قواهم ضد أوربا الشرقية الأرثوذكسية. حين كان العثمانيون أقوياء أكتفوا بإعطاء الدول الغربية امتيازات تجارية فلما ضعفوا منحوها حق حماية الأقليات، و عندما انهاروا سكتوا عن احتلالها للأقطار العربية، و انتزعوا منها بالمقابل تعهدا بالمحافظة على السلطنة العثمانية. و قد استمر هذا الوضع ‘إلى أن زال العثمانيون التقليديون بزوال السلطان عبد الحميد و استلام الأتراك الجدد من جمعية لاتحاد و الترقي، فحادوا عن السياسة العثمانية التقليدية في التفاهم مع الغرب على حساب العرب، و اتخذوا خطوتين قاتلتين: سياسة التتريك التي أزالت عنهم الغطاء الإسلامي فألبت عليهم العرب، و التحالف مع ألمانيا ضد إنكلترا و فرنسا، الحلفاء التاريخيين للسلطنة العثمانية. و مع ذلك فقد تحقق للأتراك هدفهم التاريخي في استخلاص آسيا الصغرى وطنا قوميا مستقلا و قابلا للتوسع في الأراضي العربية.

    كما دفنت الحضارة العربية مرة ثانية على أيدي الأوربيين الذين حذفوا الوجود العربي من التاريخ و رسموا الجغرافيا السياسية للمنطقة على صورة التوراة، فزالت آخر المعالم العربية من الجغرافيا السياسية على الأرض العربية إذ أن هذه الأرض كانت متصلة تقريبا أيام العثمانيين، أما الحدود بين الكيانات العربية فهي حدود دولية بحماية النظام الاستعماري الأوربي بعد الحرب العالمية الأولى. وكان الاختراق العربي الوحيد لهذا النظام هو الاختراق الذي حققته الجماهير بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر في قيام الجمهورية العربية المتحدة. غير أن الآلية القطرية اشتغلت لكل فعالياتها المذهلة: الطائفية و الشعوبية و الطبقية و القطرية و الملكية و النفطية و الحزبية و الرجعية و التقدمية – عدا عن الضغوط الخارجية الإسرائيلية و الأمريكية و الأوربية و السوفيتية – وربما كاد يحصل الاختراق الثاني خلال حرب تشرين الأول / أكتوبر بقطع النفط و سد منافذ البحر الأحمر، غير أن الولايات المتحدة الأمريكية أسرعت بمعالجة الوضع قبل أن يتفاقم فيحقق العرب مكاسب لا يمكن التراجع عنها. ز من سوء حظ العرب التاريخي أن الاستعمار الجديد ورث أسوأ  ما حمله الاستعمار القديم ضد العرب: التقسيم التوراتي للأقطار العربية و مساندة إسرائيل، ثم أضاف إليه قدرة على نهب الموارد غير مسبوقة في التاريخ و لا يوازيها سوى قدرته على التدمير. غير أن هاتين البادرتين تثبتان أن الفرص سانحة أمام العرب لاختراق أي نظام دولي، أذا صح منهم العزم و كانوا مهيئين بوضعية وحدوية لاقتناصها.

    أن إنكار الحضارة العربية على المستوى الفكري كان له عواقب بالغة الضرر على العرب كعرق متحضر أسهم فيتقدم البشرية. فحين غيبهم الأتراك المماليك في التحالف القسري ضد الصليبيين و المغول و التتار غيبوهم عن الممارسة التاريخية التي تتعلم بها الأمم كيف تكون وحدتها و تقرر مصيرها. وحين تحالف العرب مع العثمانيين غدوا رهائن يشتري بهم العثمانيون رضى الأوربيين، فصار العرب ينتقلون من مالك إلى مستعمر. و عندما حصلوا على الاستقلال كانوا قد فقدوا أي حس عملي بالضرورات السياسية و التاريخية التي يقتضيها بناء أمة و إنشاء مستقبل مخالف للماضي المشتت التعيس. فإذا لم ينضج لديهم الوعي للتماسك تجاه إسرائيل في السلم القادم الطويل فسوف يدخلون في متاهات التاريخ ليعيشوا عصر ظلم و ظلام جديدين، كما أن الحركات الأصولية البازغة أذا لم تدخل التنوير الفكري و الديموقراطية في مناهجها التنظيمية فتتعلم أن العروبة هي الضامن للإسلام و أن المبدأ القومي أساس للمبدأ الديني، فسوف تضيع هدرا دماء كثيرة على أمد طويل.

    #308796
    الغشمرية
    مشارك

    أساسنا في تاريخنا … نحن قوة عظمى لو وثقنا بأنفسنا واتحدنا ككيان واحد..فتاريخنا مشّرف ورائع..وليته يكون قدوتنا لمستقبلنا

    شكراً يا أخ الحبيب العماني.. مواضيعك ذات قيمة وهادفة.. إلى الأمام إن شاء الله تعالى

    ___________________________________________

    اضحــــك وفكّر بإيجابية…

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد