لكن بعض من يصيبهم النقد من المسؤولين وأصحاب القرار، لا يدركون هذا المعنى الشامل وهذه النية الحسنة في الناقدين ، الذين لا أعتقد أن أي أحد منهم يبحث عن المتاعب والمصائب ، بقدر بحثهم عن الإصلاح وتعميمه في المجتمع، أو أن النقد يكون من باب الاختلاف في الرأي والتنويع فيه من أجل الوصول إلى أحكم وأصوب الآراء ليس إلا.

في الولايات المتحدة تصل الانتقادات بحق الرئيس إلى درجة التحدث عن خصوصيات وموضوعات هي في العرف العربي تستحق ، ليس الفصل أو التضييق فحسب ، بل السحل أو الصلب ! بل الأكثر أنك تجد المسئولين الكبار في الغرب يحاولون قدر المستطاع تجنب النقد من وسائل الإعلام ، ليقينهم أنه لو وقعوا يوماً في دائرته ، فإن مستقبلهم بل وحاضرهم سيكون في خطر وحرج شديد ، ولكن دون أن يفكر في رفع هاتفه والاتصال بمسئول زميل كبير ، لكي يعاقب ناقده بالفصل من عمله أو التضييق عليه في رزقه أو كذا وكذا.. لماذا ؟ لأن الأمر ليس بالسهولة التي يكون الأمر عندنا في العالم العربي ، حيث القرارات محصورة في أشخاص قلائل .. لا ، هناك قضاء مستقل ولا رأي عام قوي وفاعل ، ولا مؤسسات مدنية نشطة يمكنها فعل الكثير ، إن تضرر كاتب أو صحفي أو ناقد أو أي صاحب رأي.

وبالطبع هذا الأمر ، وحتى يتحقق ويتجسد في العالم العربي الكبير ، يحتاج لسنوات طوال من التضحيات والكفاحات، والتوعية المستمرة وتغيير ثقافات الشعوب التي منها يخرج بعض المسئولين أصحاب الرؤى المحدودة غير المبصرة ولا المدركة للواقع ولما يدور حولهم في هذا العالم الصغير اليوم . فمتى يأتي اليوم الذي يبدي المواطن العربي رأيه بكل حرية ودون خوف من عواقب وخيمة من هذا أو ذاك ؟ لا أشك لحظة أنه بعيد بعض الشيء ، ولعلي متشائم زيادة على الحد ، رغم أننا منهيون عن التشاؤم ومدعوون إلى التفاؤل

مقال أكثر من رائع للأخ عبدالله العمادي في صحيفة الوطن يحاكي تلك العقول التي لا تلبث أن تسحق الحقيقة أو الذي يتفوه بها او الذي يحاول إثارتها ، هذه احوالنا نحن العرب نغمس ارجلنا في الوحل وفي الخطأ ونعاتب من ينتقدنا ويعاتبنا ، متى سوف نرتقي لتقبل الإنتقادات بصدر رحب ونحاول تلاشي أخطائنا مستقبلاً ؟؟؟؟