ظل الصديقان يسيران في الصحراء يومين كاملين حتى بلغ بهما العطش والتعب واليأس مبلغاً شديداً وبعد جدال واحتداد حول أفضل الطرق للوصول إلى حيث الأمان والماء صفع أحدهم الآخر فلم يفعل المصفوع أكثر من أن كتب على الرمل تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي ثم واصلا السير إلى أن بلغا عيناً من الماء فشربا منها حتى ارتويا ونزلا ليسبحا ولكن الذي تلقى الصفعة لم يكن يجيد السباحة .. فأوشك على الغرق .. فبادر الآخر إلى إنقاذه وبعد أن استرد الموشك على الغرق ( وهو نفسه الذي تلقى الصفعة ) أنفاسه أخرج من جيبه سكيناً ..
ونقش على صخرة : اليوم أنقذ صديقي حياتي !!
هنا بادره الصديق الذي قام بالصفع والإنقاذ بالسؤال لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل وانقاذي لحياتك على الصخر؟ فكان أن أجابه : لأنني رأيت في الصفعة حدثاً عابراً وسجلتها على الرمل لتذروها الرياح بسرعة أما إنقاذك لي فعملٌ كبير وأصيل وأريد له أن يستعصي على المحو فكتبته على الصخر !!
أعجبتني هذه الحكاية لأنني لاحظت أن هناك في الخصومة من يقلب المودة إلى عداوة وبغضاء وهناك من لا يفوّت للصديق هفوة أو زلة مع أن الصحيح أن نقبل الأصدقاء على علاتهم مدركين أنهم مثلنا … ليسوا كاملين ..
فما أجمل أن نكون ممن قيلَ فيهم : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين }
إنه في ديننا الإسلامي مساحة عظيمة للتسامح والغفران ، بل هي حاجة بشرية ملحة يؤمن بها العقلاء في كل مجتمع .
لقد بيّن ديننا الحنيف أن الإنسان خطاء لا محالة ، ولكن خيرهم من يرجع عن الخطأ ، وليس في هذا عيب ولا عار ، لأننا نؤمن جميعا بأننا غير معصومين وأننا عرضة لفرصة التسامح من الغير .
ولذلك يجب أن يكون التسامح تبادليا ، أما في هذا الزمن و هنا في المجالس أيضاً .. لا يكاد منا أن يتمالك نفسه عن السب و الشتم و السخرية و التهكّم بالآخرين .. و الله المستعان ..
إنني فقط إريد أن أصل إلى ثمار الأخلاق الإسلامية والتي تتمثل في أنك : كما تحتاج التسامح في كثر من الأوقات أبذله لغيرك كي يعود إليك ، وإذا كنت لا تريد أن يبرر الآخر عنفه ضدك بسبب عنفك أنت عليه ، أيضا لا ترفع تبريرا لعنفك بسبب عنفه هو .
يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافقإقرأ المزيد