مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #1471
    الغشمرية
    مشارك

    منذ أنْ تأكد للأطباء والباحثين خطورة التدخين على صحة الإنسان وثبتت العلاقة بين التدخين والعديد من الأمراض ؛ والجهود مكثفة لإيجاد وسائل لمساعدة راغبي الإقلاع عن التدخين بترك هـذه العادة

    والحقيقة أنَّ جميع العوامل التي تؤدي إلى تأجيل عادة ترك التدخين وتثبط من عزيمة المدخن متوفرة في هذه العادة ، فمثلاً

    لا يؤدي التدخين إلى أضرار سريعة وآنية على المدخن وإلا لما استطاع أحد أنْ يستمر في التدخين ولو لفترة قصيرة

    جميع الأمراض والعواقب التي يحذر منها الأطباء تحدث بعد مرور سنين عديدة قد تتعدى 20 سنة أو أكثر ، مما يجعل مثلاً الشاب الذي بدأ التدخين لتوه لا يلقي بالاً لأضرار ربما تحصل له عند بلوغ سن الخمسين

    حتى ولو حصل الضرر للبعض فإن النسبة الكبرى من المدخنين يظلون بصحة جيدة حتى سنوات متأخرة من أعمارهم رغم التدخين ، وهنا تكمن مشكلة (المثل ) فلكل مدخن مصاب يوجد مدخن صحيح الجسم؛ وبهذا يصعب إقناع المدخن بل لا يوجد حافز كبير من هذه الناحية للمدخن أنْ يترك التدخين

    التدخين ليس عادة شخصية فحسب يمكن للمرء أنْ يتركها في سـره بل هو أسلوب اجتماعي وسلوك جماعي ؛ فقد يفقد المدخن محيطه الاجتماعي وأصدقائه عند ترك التدخين وقد يتعرض إلى إحراجات ومواقف تعيده وبسرعة إلى صفوف المدخنين

    ولكن بالمقابل فهناك عوامل عديدة صحية واجتماعية ، ومالية بل ودينية ؛ تجعل المدخن ينحصر في زاوية الضغط المستمر والمتكرر لترك هذه العادة التي أصبحت تضيق عليها دائرة السماح في كافة نواحي الحياة من حولنا

    ولكن لماذا يجد المدخنون صعوبة بالغة في ترك التدخين ؟

    إنَّ السبب في ذلك هو احتواء التبغ لمادة النيكوتين ، فعلى الرغم من أنَّ هذه المادة واحدة من أربعة آلاف مركب كيمائي يحتوي عليها التبغ إلا أنَّ هذه الماد تعتبر المسبب الرئيسي للتعود الشديد الذي قد يصل إلى حد الإدمان عند بعض المدخنين ، وذلك بتأثيرها المباشر على المخ والجهاز العصبي

    وهناك أيضاً الجانب النفسي ، فالمدخن يربط ذهنياً بين السيجارة وبين مواقف كثيرة بيئية واجتماعية ونفسية ، كفترة ما بعد الأكل أو التحدث على التليفون . إذاً فالتعود الجسمي والنفسي معاً يجعلان من الصعوبة التخلص من هذه العادة إلا بإرادة وعزيمة جادة

    وما هـو النيكوتين ؟

    إنه العقار المتواجد طبيعياً في ورق التبغ ، وهو مادة قلوية نيتروجينية الأساس ، تؤثر تأثيراً قوياً على الخلايا العصبية ، فعندما يُستنشق النيكوتين فإنه يصل إلى الرئتين ومنها ينتقل مباشرة إلى الدم ، وخلال سبع ثواني فقط يصل إلى حوالي 25% منه إلى المخ. أما البقية فتوزع في أنحاء أخرى من الجسم

    تأثير النيكوتين على الجسم

    هنا تأثيرات كثيرة جداً من أهمها ما يلي

    الإحساس والتصرف

    فالنيكوتين يغير من الشعور النفسي والتصرف العاطفي من خلال تأثيره على المستقبلات المتواجدة على خلايا المخ مما يؤدي إلى أنَّ هذه الخلايا يتغير عملها المعتاد فتظهر التأثيرات المختلفة للتدخين

    الانتباه والتـركيـز

    كما يؤثر النيكوتين عكسياً على عديد من التفاعلات الكيمائية في الأعصاب والمخ التي تنظم وظائف عديدة ، كالمزاج والانتباه والقدرة على التركيز والإنتاج

    التأثـير العضوي

    وأيضاً يؤدي تواجد النيكوتين في الجسم إلى زيادة ضربات القلب وسرعة التـنفس ، وفي نفس الوقت فإنه يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية فتتناقص الدورة الدموية في الأطراف

    الارتخاء والخمـول

    وعلى العكس في كل ما سبق فإن النيكوتين يزيد من موجات ألفا وهي موجات تنتج تلقائياً من المخ متلازمة مع حالة الارتخاء والتكاسل كما يسبب النيكوتين إفراز مادة ( الأندروفين ) وهي مادة طبيعية تؤدي إلى الخمول والدعة

    لذا فقد يكون النيكوتين منشطاً وقد يكون مهدئاً وذلك تبعاً لعدة عوامل ، منها كمية النيكوتين الممتصة ، وطبيعة جسم المدخن ومقدار الضغوط النفسية عليه

    وكيف يحدث التعود والإدمان على التدخين ؟

    هناك دراسات عديدة أثبتت أنَّ النيكوتين هو المسبب للتعود والإدمان . فمثلاً عندما أُعطى المدخنون سجائر خالية من النيكوتين لم يستمروا عليها واشتكوا من أعراض مختلفة من جراء نقص مادة النيكوتين في الدم

    ويصل تركيز النيكوتين في الدم ذروته في الوقت الذي يطفأ فيه عقب السيجارة تقريباً. ومن ثم يزول سريعاً من الدم حيث يطلب كثير من المدخنين جرعة أخرى بعد نصف ساعة تقريباً. وينشأ لدى المدخن تعوداً وتلازماً مع هذه المادة حيث أنَّ أكثر المدخنين يزيد من استهلاك السجائر حتى يصل إلى عدد معين يعطيه نسبة تركيز في الدم كافية . فمثلاً كثير من المدخنين يستهلك عشرين سيجارة يومياً للمحافظة على المستوى المريح من النيكوتين . لذا فإنه بعد ليلة من النوم يقوم المدخن باستنشاق عدد من السجائر بسرعة وعمق حتى يرجع إليه مستوى التركيز الذي يكون قد انخفض عن المستوى الذي تعود جسمه عليه

    وليس كل مدخن يكون متعوداً بشدة أو مدمناً على التدخين ولكن من يكون كذلك فإنه يجد صعوبة بالغة في نبذ هذه العادة ، ويصاحب إيقاف التدخين أعراض مختلفة ، هذه بعض منها

    القلق والصداع الرغبة الجامحة في التدخين

    انخفاض ضربات القلب قــلـــة الــنـــوم

    تغــيـر المـزاج صعوبة التركيز

    أعراض الجهاز الهضمي تغير شهية الأكل

    رعشة الأطراف

    يحتاج نضوب مادة النيكوتين من الجسم تماماً إلى عدة أيام بعد الإقلاع عن التدخين ، ولكن أعراض النيكوتين قد تستمر إلى عدة أسابيع ولكنها تقل حدةً تدريجياً. والسبب في ذلك هو أنَّ الجسم يعاني بشدة من التحول الحاصل والحياة بدون سجائر

    من خصائص ملازمي التدخين أنهم يعودون إليه بعد محاولة الإقلاع ، وقد يتكرر هذا الوضع في عدة محاولات . ولقد أثبتت الدراسات الميدانية أنَّ حوالي 70% ممن أقلعوا عن التدخين عادوا إليه في الثلاثة أشهر الأولى

    وعلى كل حال فإنه من المهم معرفة أنَّ هذه الظاهرة هي جزء من عملية الإقلاع ولا تُعد فشلاً في حد ذاتها لدى الشخص الراغب في الإقلاع حيث يمكنه الإقلاع نهائياً بعد عدة محاولات إذا كانت المحاولات مصحوبة بالمثابرة وقوة الإرادة

    إذاً تواجه من يترك التدخين الكثير من الأعراض والاحساسات التي يصعب عليه مقاومتها ، تتمثل في

    اللهفة والشوق إلى التدخين

    الاندفاع اللاإرادي للبحث عن السيجارة

    التـوتر والقلـق

    عدم القدرة على التركيز

    عدم القدرة على النوم مع دوخة أو دوران وصداع أو ضيق في التنفس

    الطرق المتبعة للإقلاع عـن الـتـدخين

    وتتمثل الطرق المتبعة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين بما يلي

    الإيحاء النفسي والتأثير العاطفي لتقوية الإرادة وإيجاد البيئة المواتية لكبح جماح الرغبة في التدخين ويدخل ضمن هذا الإطار : العلاج بالإبر الصينية والجلسات الكهربائية وأمثالها

    تعويض النيكوتين الذي ينقص عند الوقف عن التدخين وذلك بإعطاء هذه المادة على شكل علكة (لبان) النيكوتين ، أو لاصق النيكوتين أو بخاخ النيكوتين

    وعلى الرغم من تطبيق هاتين الوسيلتين إلا أنَّ نسبة النجاح لا تتعدى 20% في أفضل الأحوال ناهـيك عن نسـبة الانتكاسـة التي قد تحصل بعد ترك التدخين ولو بعد عدة أشهر أو سنوات

    بادرة جديدة

    إلا أنَّ بادرة جديدة بدأت تطل على أسلوب الإقلاع عن التدخين ؛ حيث لاحظ باحثون وخبراء في هذه المشكلة أنَّ وجود تاريخ مرضي للاكتئاب يوجد صعوبة في ترك التدخين لدى المدخن، وأن مرضى الاكتئاب الذين بدأوا يتعاطون مضادات الاكتئاب أصبح ترك التدخين أسهل مع هذه الأدوية . ومضادات الاكتئاب أدوية عديدة ومتنوعة وتختلف في تأثيرها على الناحية النفسية والمزاج والرغبة والتشوق واللهفة . فبدأ العلماء يجربون عدة أدوية أثبت الكثير منها فاعليته في المساعدة على ترك التدخين حتى ولو لم يكن الشخص مصاباً بالاكتئاب . آخر هذه الدراسات تمت بإعطاء دواء نورتريبتيلين مجموعة مدخنين يبلغ عددهم 214 مدخناً أصحاء ولا يعانون من الاكتئاب . أُعطى الدواء لنصفهم تقريباً وبعد عشرة أيام طُلب منهم التوقف عن التدخين ، وجاءت النتيجة مؤكدة أنَّ الذين استطاعوا الامتناع عن التدخين أكبر بكثير (وذا مغزى إحصائي ) من المدخنين الذين لم يأخذوا الدواء

    ويرى الباحثون أنَّ استعمال عدة عوامل مع بعضها مثل : الإيحاء النفسي ، ولصقة النيكوتين ، والتهيئة المحيطية واستعمال أحد الأدوية المذكورة من شأنه رفع عدد المقلعين عن التدخين بنسبة كبيرة مقارنة في السابق مع ما يترتب على ذلك من عائد صحي جـم على الفرد والمجتمـع

    والخلاصة فإن الإقلاع عن التدخين ليس مستحيلاً حتى عند أشد الناس تعوداً عليه ، فآلاف المدخنين تركوا هذه العادة إلى غير رجعة . وعندما يتمكن الجسم من الحصول على فترة من الوقت (عدة أسابيع غالباً) يخلو فيها تماماً من عقار النيكوتين فإنه مع الوقت سوف يتمكن من التعود على التحول الجديد

    إذاً ، وبعد أنَّ يؤدي الطبيب دوره في وصف العلاج ، فإن المهمة الرئيسية للعازم على ترك التدخين هي الصبر والمثابرة في الأسابيع القليلة الأولى . ويحتاج المقلع عن التدخين إلى تشجيع مكثف ورغبة جادة ودعاء بالتوفيق في الاستمرار حتى يستطيع تخطي الأعراض الأولية لنقص النيكوتين . ويمكن للعائلة والأصدقاء وزملاء العمل المساعدة بتهيئة الجـو المناسب والإقلال من الضغوط النفسية حتى لا يضيفوا أعباء أخرى لتارك التدخين.

    _________________________________________

    اضحــــك وفكّر بإيجابية…

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد