الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات العنف في سياقه المجتمعي والسياسي

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #145941
    Mohamed Rkhissi
    مشارك

    قرأت لكم:
    في ثلاث حلقات
    العنف في سياقه المجتمعي والسياسي

    الثلثاء 13 آذار (مارس) 2012

    بقلم: محمد وقيدي
    شيوع العنف بأشكاله المختلفة في المجتمع، مثل الجريمة، والعنف في الأسرة والمدرسة، وفي المواقع التي يتجمهر فيها الناس مثل الملاعب الرياضية، والتظاهرات الاحتجاجية ذات الدلالة السياسية بصفة خاصة، مظاهر توحي بالبعد المجتمعي لظاهرة العنف، وتقود محلل الظاهرة نحو التعامل مع التحليل الاجتماعي الذي يعود إلى فرع آخر من العلوم الإنسانية هو علم الاجتماع. وفي نظرنا، فإن مفاهيم هذا العلم مؤهلة لإلقاء الضوء على ظاهرة العنف من حيث هي ظاهرة مجتمعية.
    لا يمنع اتباعنا لمنهج التحليل الاجتماعي لفهم ظاهرة العنف في مستويات تمظهراتها المجتمعية من القول إن الظاهرة المعنية بدراستنا لها متنوعة الأشكال، وذلك بحيث يكون لكل شكل من أشكالها مكونات ينبغي أخذها بعين الاعتبار. لا نستطيع تحقيق هذا النوع من التحليل في حدود هذه الدراسة، وسنقتصر على محاولة بيان بعض الشروط المجتمعية العامة التي يمكن أن تتيح شيوع ظاهرة العنف. لا شكّ أن البحث في هذه الشروط العامة قد يساعد في فهم الظاهرة، ولكن مطلب تحليل الأشكال الخاصة يظل قائما في هذه الحالة. في إطار هذا التحليل العام، الذي نقترحه مدخلا، سنستخدم مفهومين عامين هما التوازن المجتمعي والتوازن السياسي، علما بتقاطع هذين المستويين. -2-
    نحدد في البداية الدلالة التي نستخدم بها مفهوم التوازن المجتمعي. لنعني بهذا المفهوم واقعا قائما ومستمرا بحيث يكون بالنسبة للمجتمع حالة يتجه السعي نحوها. الواقع المجتمعي، كما هو الشأن بالنسبة للجسم الحيّ، في حالة انتقال مستمرّ من التوازن إلى الاختلال والعكس. التوازن المجتمعي حالة مثالية يكون كل مجتمع في حالة سعي إليها عبر مساعيه الدائمة لتحقيق نموه بالشكل الملائم، علما بأن هذا النمو يشمل مظاهر مختلفة من الحياة. يصبح التوازن ممكنا عندما تلعب جميع العوامل الفاعلة في صيرورة الحياة المجتمعية الأدوار المرجوة منها في إطار من التكامل الإيجابي. لكن المجتمع لا يصل أبدا إلى حالة يكون فيها التوازن حالة مستقرة ونهائية. هناك دائما مطلب لاستعادة التوازن حين يقع اختلاله.
    التوازن المجتمعي الذي نقصده هنا نتاج لسياسة تنموية اقتصادية ومجتمعية، نرى أن خاصيتها الأساسية هي جعل الإنسان في مركز التخطيطات التنموية، بحيث يكون بصفة جدلية هو غاية التنمية وأداتها في الوقت ذاته. ففي ذلك حماية له في أي مجتمع من فراغات السياسة التي تترك مجالا لظهور ردود الأفعال العنيفة.
    من الاختلالات تغافل السياسة نوعا من التوازن بين فئات المجتمع من حيث استفادتها من ثروات البلاد ومن التنمية المعتمدة على هذه الثروات. فالشعور بالحيف المجتمعي يقود الفئات التي يمسها هذا الحيف، مع تراكم مظاهره ودوامها في الزمن حيث تزيد استفحالا، نحو التفكير في ردود فعل عنيفة قد تصبح مضرة باستقرار المجتمع ودوامه متكافلا.
    إضافة إلى الفوارق بين الفئات المجتمعية، هناك الفروق التي تظهر في بعض السياسات التنموية بين الجهات المختلفة في البلد الواحد، وذلك عند اتجاه مشاريع التنمية نحو جهات أكثر من غيرها وإهمال جهات أخرى. وتهميش بعض الجهات وتركها للفقر من شأنه أن يهيئ لوجود استعدادات لدى سكان تلك الجهات للانخراط في ردود أفعال عنيفة تمس المجتمع ومؤسساته.
    نضيف إلى التهميش سابق الذكر، التهميش الذي يمس التهميش المجتمعي في المدن نفسها، في بعض الأحياء التي تظهر فاقدة لعلاقة الانسجام بينها وبين جهات أخرى من نفس المدينة. فقد انطلقت أعمال العنف الإرهابية في الدار البيضاء عام 2003 من واحد من تلك الأحياء المهمشة. كما أن فرنسا شهدت انطلاقا من بعض أحياء باريس المهمشة التي يسكنها غالبية من المهاجرين بعض أعمال العنف التي تميزت بميل المتظاهرين إلى تخريب المؤسسات والممتلكات.

    يجد سلوك العنف بصفة عامة ما يشجع وجوده واستمراره في الفراغات التي تتركها السياسة التنموية في المجتمع. ويكون من الملائم مراعاة التوازن المجتمعي بين الفئات، وكذلك بين جهات البلد الواحد. – 3 –
    -مستوى آخر من التوازن في كل مجتمع هو التوازن السياسي. ونقصد بهذا المستوى تلك الحالة التي تسمح لكل مكونات المجتمع بالمشاركة في الحركة المجتمعية بصفة عامة في إطار دينامية سلمية داخل المجتمع. فإن إقصاء أي مكون مجتمعي من شأنه أن يخلق نوعا من الشعور بالحيف ومن الإحباط الذي قد يؤدي إلى التعبير عن المواقف بشكل عنيف، كما يتطور لديه رد فعل عنيف متميز برفض دينامية المجتمع في كل مظاهرها ومستوياتها.
    يتشكل كل مجتمع من مكونات متعددة تختلف من مجتمع إلى آخر تبعا لطبيعة التكوين الذي عرفة كل مجتمع عبر مراحل تاريخه. ولا غنى، من أجل إبعاد أشكال العنف المدمرة والمانعة لحياة مجتمعية طبيعية، من بناء المجتمع سياسيا على أساس توازن بين مكوناته لتجنب أشكال الصراع المبنية على العنف المتبادل. نذكر هنا المكونات العرقية والثقافية واللغوية، ثم المكونات الدينية والإيديولوجية والسياسية. الاختلاف مسألة طبيعية في كل مجتمع من المطلوب أخذها بعين الاعتبار في البناء السياسي للمجتمع بكل أصعدة الحياة فيه وفيكل مؤسساته. الإقصاء المجتمعي ضمن أي بناء سياسي مدخل إلى اجتماع شروط العنف وتكونها لدى الأطراف التي يتم إقصاؤها أو لا تأخذ من الاعتبار قي البناء المجتمعي ماترى هي أنها تستحقه.
    الإنسان في المجتمع مختلف من حيث عرقه أو جنسه أو لغته وثقافته أو اختياراته على صعيد العقائد والإيديولوجيات، وهو يطلب من الشروط السياسية للمجتمع أن تقبله بالصفات التي هو عليها. والاختلاف إن لم يؤخذ بعين الاعتبار يكون أرضية تستحث أشكال الصراع العنيفة على الظهور. قد يظل هذا العنف كامنا في الذوات حين لاتجد السبيل إلى ممارسته ومواجهة الواقع غير المقبول به. ولكن أمد هذا الكمون في الذات ينتهي، ودون سابق إنذار أحيانا، عند لحظة يتطور فيها العنف نحو درجاته القصوى. فالفئات المجتمعية التي تتحمل التمييز والحيف لمدة من الزمن تتراكم فيه بداخلها مظاهر الحرمان وعدم الاعتبار، تنتقل بصورة سريعة نحو العنف ضد الأسس التي ينبني عليها المجتمع الذي تعاني فيه من الحرمان محاولة دفع مجتمعها لإعادة بناء أسسه من جديد.
    الأمثلة التي يمكن الرجوع إليها عديدة، ولكننا نرجع من بينها إلى التي نراها في مجتمعات قريبة من مجتمعنا أولها علاقة بانتماءاتنا الجغرافية والحضارية. يتعلق الأمر بمجتمعات دخلت في مجال العنف المتبادل بين مكوناتها، لأنها لم تستطع السير في طريق التعاقد المجتمعي الضامن للتواجد السلمي بين تلك المكونات ضمن البلد الواحد.
    لقد عاش لبنان حربا أهلية بين مكوناته المسلمة والمسيحية والطوائف المنبثقة عنهما. دامت هذه الحرب سنوات وقع فيها استخدام العنف من كل طرف ضد الأطراف الأخرى، وأذكت ذلك بعض التدخلات الخارجية التي كانت لها استراتيجياتها الخاصة. وهكذا تم التدمير المشترك للمؤسسات، وأصبح لبنان بعد تلك الحرب في حاجة إلى إعادة تعمير وبناء للمجتمع على أسس جديدة.

    #1538938
    جبل أحد
    مشارك
    العنف يكون ما بين الانسان ونفسه
    العنف نفسيا اكثر مما هو جسديا

    وجهة نظري ولك الشكر

    سلمت الايادي أخي
    وكل عام وأنت بخير

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد