لا تهدأ ثورة التطوير والابتكار التي تشهدها صناعة السيارات باستمرار، فبعد مرور 15 عاماً على الإطلالة الأولى لسيارة تويوتا Prius الرائدة في أنظمة الدفع الهجين، رسخت هذه التقنية أقدامها في عالم السيارات وأصبح هناك الكثير من موديلات الحياة اليومية التي تعتمد على منظومة دفع تجمع بين محرك احتراق داخلي ومحرك كهربائي.
وتتنوع حالياً باقة موديلات الهجين المعروضة وتتميز بأنها أكبر من أي وقت مضى، علاوة على أن هناك العديد من شركات السيارات العالمية تستعد لطرح مجموعة أخرى من الموديلات الجديدة.
وأوضح الخبراء أن مبيعات السيارات الهجين تبلغ حالياً عدة ملايين في جميع أنحاء العالم، كما أنها حازت على الكثير من الجوائز العالمية المرموقة، ويقول غيرد لوتزيبن من نادي النقل والمواصلات البيئي (VCD) بالعاصمة الألمانية برلين، إن السيارات الهجين دائماً ما تتصدر قائمة الموديلات المحافظة على البيئة الصادرة عن النادي الألماني.
وبالإضافة إلى ذلك يؤكد نادي السيارات (ADAC) بمدينة ميونيخ الألمانية، على أن تقنية الدفع الهجين أصبحت تتمتع حالياً بالموثوقية والاعتمادية، ومن المتوقع أن تشهد الأسواق طرح حوالي ستة موديلات جديدة خلال الشهور القليلة المقبلة.

السيارات الصغيرة

ومن وجهة نظر خبراء نادي (VCD) الألماني، فإن سيارة تويوتا Yaris Hybrid تعتبر هي الموديل الأهم في هذه السيارات الهجين الجديدة؛ حيث إنه يُعد ثالث موديل صغير يحمل شعار الشركة اليابانية ويتم دفعه بواسطة منظومة تجمع بين محرك بنزين ومحرك كهربائي، بعد أن شهدت الأسواق ميلاد الموديلات الهجين من تويوتا Prius و Auris.
وعلاوة على ذلك، فإن السيارة Yaris تعتبر أول موديل من فئة السيارات الصغيرة يعتمد على تقنية الدفع الهجين، لذلك فقد تقلص معدل استهلاك الوقود لهذه السيارة، التي يتم دفعها بقوة 74 كيلووات/100 حصان، إلى 5ر3 لتر/100 كلم، وهو ما يعادل 79 جم/كلم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتقدم الشركة اليابانية سيارتها Yaris Hybrid الجديدة نظير تكلفة تبدأ من 16 ألف و950 يورو.

الفئة الفارهة

وبينما تعمل شركة تويوتا اليابانية على توسيع باقة موديلاتها الهجين من خلال طرح موديل ينتمي إلى فئة السيارات الصغيرة، تعتزم الشركات الألمانية طرح موديلات هجين من الفئة الفارهة، فعلي سبيل المثال تعتزم شركة بي إم دبليو خلال هذا الصيف تقديم موديل هجين من سيارة الفئة السابعة الفاخرة بأسعار تبدأ من 62 ألف و900 يورو، غير أن هذه السيارة الفارهة لا تتمكن من السير اعتماداً على الطاقة الكهربائية فقط.
ومن المقرر أن تحل هذه السيارة الفارهة محل موديل هجين من الفئة الخامسة يمكنه في واقع الأمر قطع مسافة تصل إلى أربعة كيلومترات بسواعد المحرك الكهربائي.
وأوضح كلاوس دراغر، مدير التطوير بشركة بي إم دبليو الألمانية، أن سيارة الفئة السابعة الهجين تعتمد على منظومة دفع تجمع بين محرك بنزين سداسي الأسطوانات بسعة 0ر3 لتر وبقوة 205 كيلووات/306 حصان، وكذلك محرك كهربائي بقوة 40 كيلووات/55 حصان. وتخطط الشركة الألمانية أيضاً إلى استخدام هذه المنظومة في موديلات الفئة الثالثة الجديدة.
وتسير شركة أودي على نفس الدرب، حيث تستهل الشركة، التي تتخذ من مدينة إنغولشتات الألمانية مقراً لها، عصر الموديلات الهجين بطرح موديل مدعوم بالطاقة الكهربائية من السيارة Q5 المخصصة للأراضي الوعرة.
وبعد ذلك، ستعتمد أودي في سيارتها A6 الجديدة على هذه المنظومة المتطورة، التي تجمع محرك بنزين رباعي الأسطوانات بقوة مزدوجة تبلغ 180 كيلووات/245 حصان مع محرك كهربائي. كما تساهم هذه التقنية الآن في خفض معدل استهلاك الوقود بسيارة أودي A8 الفارهة، التي تكتفي على منصة الفحص بمعدل استهلاك يبلغ 8ر6 لتر/100 كلم، وهو ما يعادل 140 جم/كلم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

الموديلات الرياضية

وأدرجت شركات السيارات التابعة لمجموعة فولكس فاغن الألمانية، تقنية الدفع الهجين على جدول أعمالها منذ فترة طويلة، حيث تقدم شركة بورشه، المتخصصة في إنتاج السيارات الرياضية، حالياً موديلات هجين من سيارتها Panamera و Cayenne الفاخرة. كما استمدت شركة فولكس فاغن نفسها منظومة الدفع الهجين في سيارتها Touareg التي تنتمي إلى فئة الموديلات الرياضية متعددة الأغراض (SUV).
وإلى جانب العلامات التجارية الألمانية، تعول شركات السيارات الفرنسية أيضاً على تقنية الدفع الهجين؛ حيث تعتزم مجموعة PSA، التي تضم شركتي بيجو وستروين، في البداية طرح ثلاثة موديلات جديدة مزودة بمحركات كهربائية مساعدة.
غير أن هذه المجموعة الفرنسية اعتمدت في سيارة ستروين DS4 وموديلي بيجو 3008 و 508 RXH على مسارين جديدين لتطوير منظومة الدفع الهجين، أولهما أنها قامت بتركيب المحرك الكهربائي بشكل منعزل على المحور الخلفي، أما المسار الآخر فيتمثل في أنها استخدمت محرك ديزل كمحرك احتراق داخلي، بدلاً من محرك البنزين.
ويقول برنهارد فوس، المتحدث الإعلامي باسم شركة بيجو :”من خلال ذلك نجمع بين أكثر التقنيات توفيراً في الوقود مع تحقيق أقصى قدر من الكفاءة والفعالية”، موضحاً أنه على الرغم من دفع سيارة الأراضي الوعرة 508 RXH الجديدة بقوة 147 كيلووات/200 حصان، كما أن سرعتها القصوى تصل إلى 213 كلم/ساعة، إلا أن معدل استهلاكها من الوقود لا يتعدى على منصة الفحص حاجز 1ر4 لتر/100 كلم، وهو ما يعادل 107 جم/كلم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويقل هذا المعدل بمقدار 2 لتر/100 كلم عن البيانات الخاصة بسيارة 508 SW التقليدية.

تكلفة أقل

ونظراً لأن كل هذه الموديلات الهجين تنتمي إلى الفئة الفاخرة، فإن مجموعة فولكس فاغن تعتزم طرح موديلات هجين أقل تكلفة، حتى تصل إلى قاعدة أكبر من العملاء. وتستهل الشركة الألمانية هذه الباقة الاقتصادية بتقديم السيارة Jetta Hybrid، التي يتم دفعها بقوة 130 كيلووات/177 حصان، ويبلغ معدل استهلاكها من الوقود في دورة القيادة وفقاً للمواصفات الأمريكية 23ر5 لتر/100 كلم (انبعاثات ثاني أكسيد الكربون: 125 جم/كلم). ولا يمكن مقارنة هذه القيم مع بيانات استهلاك الوقود الخاصة بدورة القيادة وفقاً للمواصفات الأوروبية.
وتهدف شركة فولكس فاغن من خلال السيارة Jetta Hybrid إلى تلبية متطلبات العملاء من أصحاب الميزانيات المحدودة، حيث تطرح هذه السيارة نظير تكلفة أقل من نصف سعر السيارة Touareg الهجين والبالغ 75 ألف و 500 يورو.
وتنتهج شركة مرسيدس – بنز أيضاً سياسة الاعتماد على محركات ديزل هجين، حيث تستعد الشركة الألمانية لطرح السيارة E 300 Bluetec Hybrid خلال فصل الصيف من العام الجاري. وتنص نشرة المواصفات الفنية لأول سيارة ألمانية تعتمد على منظومة دفع هجين مكونة من محرك ديزل ومحرك كهربائي على أن متوسط استهلاك الوقود يقف عند حدود 2, 4 لتر/100 كلم (انبعاثات ثاني أكسيد الكربون: 109 جم/كلم)، وهي قيمة منخفضة أيضاً.
وأوضح غيرد لوتزيبن المتحدث الإعلامي باسم نادي النقل والمواصلات البيئي (VCD) بالعاصمة الألمانية، أن قيام شركات عديدة بطرح الكثير من الموديلات الهجين، التي تأتي بتكلفة منخفضة في بعض الأحيان، يعني بداية عصر ازدهار تقنية الدفع الهجين. وأضاف :”لقد بدأ الاتجاه نحو موديلات الهجين ولا يمكن وقفه”.
ونظراً لأن عملاء مجموعة شركات فولكس فاغن يتميزون بولاء كبير لهذه العلامة التجارية الألمانية، فإنها قد تستفيد من هذا الأمر عندما تقوم بطرح موديلات هجين بشكل تدريجي ضمن باقاتها القياسية.
ويتوقع الخبير الألماني أن يستمر هذا الاتجاه نحو الموديلات الهجين حتى عام 2020 وما يليه، إلى أن تصبح جميع سيارات الركوب تقريباً معتمدة على تقنية الدفع الهجين؛ لأن هذه التقنية تساعد على الالتزام بالقيم الطموحة المتعلقة بخفض معدلات استهلاك الوقود وقيم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن أنها تعمل أيضاً على خفض التكاليف والحفاظ على الموارد الطبيعية.