كشف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون رسميا عن (سوء أفكاره) لصياغة اتفاق تسوية نهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين, المنحازة تماما لاسرائيل, فهي تنكر على الفلسطينيين حق العودة وتدعو لتوطينهم في الشتات,

معتبرا ذلك تهديدا لاسرائيل التي تعطيها في المقابل الحق بضم المستوطنات, كما انها تقترح حلا مضللا بتقاسم السيادة على الحرم القدسي الذي حاصره أمس عشرات الآلاف من المتطرفين اليهود بسلسلة بشرية التفت حوله. وأقر كلينتون في خطاب معد سلفا ونشره البيت الأبيض القاه أمام المنتدى الاسرائيلي في واشنطن الليلة قبل الماضية بصعوبة تحقيق اتفاق قبل انتهاء ولايته في 20 يناير الجاري, واصفا الموقف الحالي على المسار الفلسطيني بأنه (ورطة).

وفور نشر المقترحات رسميا سارعت اسرائيل إلى اعلان قبولها للمقترحات وقالت مصادر اسرائيلية انها تأمل أن يتم التوصل لاعلان مبادئ بين الجانبين بناء على تلك المقترحات تكون بديلا لقرار مجلس الأمن ,242 أما السلطة الفلسطينية التي تطلعت إلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جورج بوش فقد رفضت تلك المقترحات ورجحت فشل وساطة جديدة يقوم بها المنسق الأمريكي لعملية السلام دينس روس خاصة بعد فشل الاجتماع الأمني الرباعي (الفلسطيني ــ الاسرائيلي ــ الأمريكي ــ المصري) الذي عقد في القاهرة أمس لرفض اسرائيل رفع الحصار عن المناطق الفلسطينية.

ويقترح كلينتون في بنود خطته للسلام اسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين والسماح لعدد محدود بالعودة إلى ديارهم واستيعاب الباقي في الشتات والدولة الفلسطينية التي تنص الخطة على اقامتها.

ورغم العبارات الغامضة والمضللة التي تتناول المطالب الفلسطينية إلا ان خطة كلينتون كانت واضحة فيما يتعلق بأمن اسرائيل فأسقطت حق العودة حفاظا على ذلك, ومنحتها حق ضم المستوطنات ونشر قوات دولية في وادي الأردن لتوفير حدود آمنة لاسرائيل.

أما فيما يتعلق بالقدس فيعرض كلينتون أن تكون المدينة مدينة مفتوحة وعاصمة لدولتين, ويكون لكل جانب مقدساته مقترحا تقاسم السيادة على الحرم القدسي الشريف الذي يزعم اليهود انه بني مكان هيكل سليمان المزعوم.

وخلال عرض خطته أشاد كلينتون برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك دون أن يأتي على ذكر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي قدم تحفظات عديدة على الخطة في وقت سابق, طالبا خصوصا بسيادة فلسطينية كاملة على القدس الشرقية بما فيها الحرم القدسي واقرار حق عودة اللاجئين.

واختتم كلينتون عرضه بوصف الموقف الحالي على المسار الفلسطيني بأنه (ورطة) معترفا بأنه لم يعد أمامه وقت كاف للتوصل إلى اتفاق نهائي قبل انتهاء ولايته في 20 يناير الجاري.

وسارعت اسرائيل بلسان نائب وزير دفاعها افرايم سنية لاعلان قبول هذه الخطة فيما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات انها كما وردت في خطاب كلينتون لا تلبي المطالب الفلسطينية.

أما المفاوض البارز أحمد قريع فلم يكتف برفضها بل شن هجوما حادا على إدارة كلينتون بسبب انحيازها السافر لاسرائيل وتبنيه وجهة نظرها على الدوام.

وانتقد قريع فى تصريح له أمس خطاب كلينتون وقال ان هذا الخطاب لم يحتو على اى جديد وبه تضليل وعدم عدالة بالنسبة للقضايا الفلسطينية ورؤيته لها.

وقال انه لا توجد امكانية للوصول الى اتفاق مع اسرائيل مع ادارة كلينتون.. مشيرا الى ان هذه القناعة تبلورت لدى القيادة الفلسطينية بعد قمة كامب ديفيد حين اتضح الموقف الاسرائيلى تماما وماهى المساندة الامريكية للموقف الاسرائيلى.

وأضاف ان الموقف الامريكى الذى اتضح فى كامب ديفيد جعل من المستحيل التوصل الى اتفاق فى عصر هذه الادارة المنحازة, مشيرا الى ان كلينتون قدم للرئيس عرفات مقترحا رفض شفويا وخطيا وهو نفس الموقف الاسرائيلى الذى طرح علينا فى السابق.

وأضاف ان اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف (الشرقية) وعودة اللاجئين طبقا للقرار 194 ليست منة من الرئيس الامريكى كلينتون وليس لاية جهة أخرى ان تضع اى شروط على عودة اللاجئين الى بلدهم وممتلكاتهم.

ورجح فشل المهمة الجديدة للمنسق الأمريكي دينس روس الذي يصل إلى المنطقة غدا الأربعاء بسبب موقفه المنحاز تماما للدولة العبرية.

وحذر إدارة كلينتون من محاولة فرض خطتها هذه على الفلسطينيين والتي ستتسبب (في انفجار). وسارعت السلطة الفلسطينية بلسان نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لرمي الكرة في ملعب الإدارة الأمريكية الجديدة.

وقال ابو ردينة في تصريح الى وكالة فرانس برس (المطلوب من الادارة الامريكية القادمة, من اجل التمهيد لتسوية عادلة, ان تأخذ بالحسبان التحفظات الفلسطينية التى قدمها الرئيس (ياسر) عرفات على الافكار او المعالم الامريكية التى يتحدث عنها الرئيس كلينتون من اجل ان تكون صالحة لتسوية عادلة).

وذلك رغم تصريح نقلته رويترز عن ياسر عبدربه وزير الاعلام الفلسطيني من ان السلطة لن تغلق الباب في وجه كلينتون.

وفي غزة أعلنت كافة القوى والفعاليات الوطنية والإسلامية الفلسطينية في ختام مؤتمرها رفضها لخطة كلينتون وتمسكها بالثوابت الفلسطينية بخصوص الأرض والقدس واللاجئين.

وكانت مصادر اسرائيلية ذكرت أمس ان كلينتون يسعى لالغاء قراري مجلس الأمن 242 و338 اللذاين يدعوان لانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وارساء اعلان مبادئ اسرائيلية فلسطينية يجهد من أجله كمرجعية وحيدة للمفاوضات.

وفي هذه الأجواء أعلن عن فشل تسع ساعات من الاجتماعات الأمنية الرباعية في القاهرة جراء التعنت الاسرائيلي. وقال مصدر فلسطيني لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه ان (المفاوضات الامنية الرباعية في القاهرة لم تسفر عن اي نتائج بسبب تعنت الجانب الاسرائيلي واصراره على استمرار فرض الحصار على المناطق الفلسطينية وتقطيعها).

واضاف المصدر ان (الجانب الاسرائيلي مصمم على عدم وقف العدوان على الشعب الفلسطيني ومستمر في تطبيق ما يسمى بالخطة الامنية الشديدة على الاراضي الفلسطينية وفي قمع الشعب الفلسطيني وتقطيع الاراضي الفلسطينية).

واضاف (ان الجانب الفلسطيني اصر على رفع الحصار ووقف عمليات الاغتيال والعدوان التي يقوم بها الاسرائيليون بحق الكادرات الفلسطينية ومن ثم يمكن ان نتحدث في المواضيع الامنية الاخرى الا ان الجانب الاسرائيلي رفض بشدة واصر على مواقفه).

وعلى خلفية تأكيد حكومة ايهود باراك انها تتعامل بجدية مع تهديدات اليهود المتطرفين لتدمير الأقصى بهدف بناء الهيكل المزعوم مكانه انتشر آلاف من شرطة وجنود الاحتلال في القدس والخليل مساء أمس حيث تظاهر عشرات الآلاف من هؤلاء لرفض اخلاء المستوطنات والتنازل عن الحرم القدسي حيث تضمنت المظاهرة سلسلة بشرية حول الحرم.

وكان رئيس شرطة الاحتلال في القدس أصدر في وقت سابق تحذيرا قال فيه (لن نسمح بأي استفزاز, أو محاولة للاخلال بالأمن من الجانب اليهودي أو الجانب الفلسطيني).

أما جيرشون سالومون زعيم (حركة أمناء جبل الهيكل) المتطرفة التي تسعى لتدمير الأقصى رد بالقول (أحداث اليوم جزء من نهاية الزمان ومن المعركة بين الأمم والتي سيأتي بعدها حساب الله لكل أعداء إسرائيل).

_________________________________________

اضحــــك وفكّر بإيجابية…