الرئيسية منتديات مجلس الثقافة العامة الشناقطة والكتب .. قصة عشق إباحي!!

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #143649
    abdallahicom
    مشارك
    الشناقطة والكتب .. قصة عشق إباحي!!

    لا تكاد تغيب شمس يوم، إلا وتطلع شمس اليوم الموالي بتقارير دولية، عن تراجع الكتاب في الوطن العربي، نشرا وقراءة، والسبب لا يعود – طبعا– إلى انتشارالوسائط الإلكترونية،فتلك أيضالايشكل العالم العربي في خريطتها، سوى (نقطة في جنب ثور)المشكلة تكمن في تراجع الإيمان لدى الإنسان العربي، بجدوائية استنباط الدروس من تاريخه، الذي بُني في الأصل على الكتاب، وما يحويه من تنوير للعالم أجمع، ومن الطبيعي أن ينساق البعض نحو مبررات واهية، تقول : إن مشاكل الحياة اليومية، لم تترك للإنسان فرصة تصفح كتاب، أو موقع إلكتروني، مما يعني أن أزمةالمطالعة، هي نتاج الأزمات السياسية والاقتصادية، التي يعيشها المواطن العربي، على مدى تاريخه المعاصر .والحق أن المطالعة، مجرد نشاط بشري يتم التدرب عليه، تماما مثل الأنشطة الفسيولوجية، كالمشي والكلام، ذلك أن رغبة المرء في المطالعة الدائمة، هي نوع من الإدمان الحميد.

    ولقد حفظت لنا مصادرنا الشنقيطية، حكايات عن عشق ساكنة هذه الأرض للمطالعة، رغم شظف العيش وقساوة الظروف، والبعد عن المراكز الثقافية العالمية . ولأن الكتابة والتدوين، وحتى الورق أو (الكاغط ) – على حد تعبير اليدالي- لم يكن منتشرا، فإن اعتماد القوم انصب على الذاكرة والحفظ، ولهذا لا غرابة أن تجد في تراجمهم، أن فلانا كان يحفظ (الكامل للمبرد) أو (مقامات الحريري ) أو(دواوين الشعراء الستة )أو(القاموس المحيط) عن ظهر قلب، وأن فلانا أملى من ذاكرته ديوان المتنبي كاملا. وبعيدا عن الشحنة (الأسطورية) في هذه الحكايات، إلا أنها ليست مستحيلة، على مجتمع لم يجد بداًّ من الحفظ وتدريب الذاكرة.

    ومن أمثلة عشق الشناقطة للمطالعة، ما رواه صاحب (فتح الشكور)، عن بعض علماء ولاتة قائلا : كان الفقيه محمد بن الفقيه الطالب أبي بكر الولاتي (1107 هـ – 1137 هـ) كثير المطالعة، وربما كان يطالع آخر النهار، فإذا نزلت الظلمة نزل وأوقد النار، وطالع على ضوئها، ورأيت له كلاما كتبه على (الخصائص الكبرى للسيوطي )، في السدس الأخير من الليل، وقلّ أن ترى كتابا في ولاتة، إلا رأيت أثره فيه، حتى كأنه لما عجز في مرض وفاته عن إمساك الكتاب، تمسكه له زوجته، ينظر فيه، فإذا أكمل وجه الورقة، قلبتها له، فينظر في الوجه الآخر . ص 120ويقول عن القاضي ممُّ بن احلون الكلادي (كان حيا عام 1208 هـ) إن له اهتماما بالمطالعة، لا يمل ولا يضجر، ذكر عنه تلميذه أحمد بن هد، أنه كان آخر النهار يأمر بجمع الحطب في مصلاه، وكان بدويا فإذا صلى المغرب ذهب إلى بيته، فغفي غفية، ثم يتوضأ ويصلي مائة ركعة، ثم يأتي المسجد فيصلي بالناس العشاء، ثم يوقد نارا، فيبيت يطالع حتى يصبح، ويظل نهاره يطالع، وقال محمد الكلادي: أظن أن هذا في وقت الشتاء، وأما في زمن الحر، فيستغرق النهار بالمطالعة دون الليل، فلما كبر سأل عنه محمد بعض أصحابه، فقال: لا ينزع الكتاب من يده إلا ظلمة الليل . ص 140أما عن الطالب البشير بن الحاج الاديلبي (ت 1179 هـ) فيقول: كان نهاره في التدريس والإفتاء والشرح، وليله في المطالعة، فكان يُرى في عمامته أثر الدخان، لكثرة مطالعته بالليل . ص 78فهذه نماذج من تعلق القوم بالكتاب ومطالعته، وهي ليست ميسما على جهة معينة، بل نجدها منسحبة على الإقليم الشنقيطي بكامله، وقد وثقتها مصادرنا الأدبية، ابتداء بفتح الشكور، مرورا بالعمران أو الآبار لولد البخاري، وصولا للوسيط، الذي حدثنا عن عشق محمد بن الطلبة وغيره للقاموس المحيط . ناهيك عن المشاق التي كانوا يتكبدونها، والتضحيات التي كانوا يقدمونها، من أجل الحصول على كتاب أو استنساخه، فهذا سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، يكرمه أمير مصر، ويهديه فرسا عتيقة، من فصيلة (الكحيلات ) المعروفة، وبدلا من اتخاذها مطية والتباهي بها، استبدلها بكتاب (مواهب الجليل بشرح مختصر خليل)، المعروف محليا بـ (الخطاب)، وعندما سئل عن الفرس قال: (جعلتها حَطَّابًا).وهذا شنقيطي آخر، يشتري نسخة من القاموس المحيط للفيروزبادي، بعشرين بعيرا .

    إن الاطلاع على هذه النماذج القليلة، لابد أن يؤدي إلى طرح سؤال جوهري وملح، وهو : كيف استطاع هؤلاء أن يوائموا بين فظاظة الحياة و مطالعة الكتب ؟ في الوقت الذي يعجز فيه أحفادهم، عن تخصيص وقت ضئيل للكتاب؟، وهو وقت – في أغلبه – سائب وعبثي ؟ . إننا بحاجة إلى استنباط الدروس من هذه النماذج، حتى نستطيع – على الأقل- الحكم على ماضينا الثقافي والفكري، لأن الثقافة الشنقيطية رغم ما كتب عنها، لا تزال بكرا، وبحاجة إلى نفض الغبار عن غوامضها، تلك الغوامض المبثوثة بين صفحات المخطوطات والكنانيش.

    بقلم : الشيخ ولد سيدي عبد الله

    #1527805
    العلم أشرف مطلوب وطالبة…لله أكرم من يمشي على قدم
    فقدس العلم واعرف قدر حرمته…في القول والفعل والآداب فالتزم
    ياطالب العلم لاتبغ بدلا…فقد ظفرت ورب اللوح والقلم
    واجتهد بعزم قوي لا انثناء له…لويعلم المرء قدر العلم لو ينم
    والنيه تجعل لوجه الله خالصة..ان البناء بدون الأصل لم يقم

    ربي يسلمك على هالطرح

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد