تعد الناقة- انثي الجمل، من اقدم المعبودات- الطواطم -العربية ويلاحظ ان العربي القديم كان يتبدي في الاثار الحفرية المصرية والاشورية والبابلية والفارسية القديمة جمالا فالجمل حيوان هام جدا عند البدوي القديم،فكان وحدة قياس مهر العروسة ودية او فداء القتيل ووحدة الميسر والتضحية يشرب البدوي لبنه بدلا من الماء وحفظ هذا الحيوان- الطوطم- في اللغة العربية فمن اسمه اشتقت تعبيرات جمال والجمال والجميل والجامد والجيد وكذا الجمائل والفضائل وتحوي اللغة العربية للجمل نحو الف اسم مختلف ويري البعض انه كان من العوامل التي سهلت الفتوح العربية ثم الاسلامية نظرا لجلده علي تحمل العطش- شتاء- 25 يوما.

كذلك عرف العرب الجاهليون شعائر النوق والجمال السائبة التي تترك لترعي في حمي الارض الحرام مثل مكة والطائف فاذا ولدت الناقة خمسة بطون اخرها ذكر شقوا اذنها واخلوا سبيلها فلا تركب ولاتحلب وتصبح سائبة منافعها للمعبودات دون البشر فكانت تنذر للمعبودات والارض المقدسة او المحرمة فيقول العربي اذا شفيت فناقتي سائبة وهكذا تصبح الناقة محرمة او تحت التابو للآلهة- الاصنام- بدلا من الناس.

فما يهمنا هنا هو توحد كلتا الناقتين – للنبي- صالح والبسوس ذلك ان كلتيهما تسببت في كارثة قومية اسطورية ناقة صالح او ناقة الله التي كانت سائبة فعقرها له قومه فكان ان دمر الله قبائل عاد وثمود حين ارسل عليهم الرعاف -السيول- كعقاب كما هو الحال مع قوم نوح والطوفان.

ويلاحظ ان صالح الذي ارسل الي قوم او قبائل ثمود الارامية وكانوا يسكنون اليمن الي ان طردهم الحميريون القحطانيون وبالتحديد حميد بن عبدشمس الملقب بسبأ لانه كان يسبي اعداءه فنزلوا مدائن صالح بالحجاز واصبحوا مضرب الامثال في التفرق والتشتت فقيل فيهم لعبت بهم ايدي سبأ .

وعنهم انشد المتنبي:

انا من امة تداركها الله

غريب كصالح في ثمود

كما قيل فيهم:

فاهلكوا ناقة كانت لربهم

انذروها وكانوا غير انذار

كما يلاحظ ان الكشوف الحفرية اثبتت وجود مدائن صالح المعروفة بهذا الاسم شمال غرب السعودية الي اليوم ومن معالمها الاثرية واورد اسم مدائن صالح المؤرخ سترابون وذكر الطبري ان ثمود اقامت في الحجر وضواحيها بين الحجاز وسوريا وهي تفوق في ضخامتها مدينة البتراء واثارها المتبقية عبارة عن اضرحة ومدافن يبلغ عددها 130 مدفنا عليها كتابات ثمودية ونبطية ووجد رسم الجمل -الطوطم- كوحدة اساسية في هذه الحفائر الثمودية.

فتتوحد ناقة صالح مع ناقة البسوس التي نجحت بعد تزيينها ودهنها بالطيوب لان تتركها سائبة- ترعي في مراعي وحمي الملك كليب- الاخ الاكبر للزير سالم ذاته ملفتة اليها الانظار بالطيوب التي عنها يذكر هردوت ان بلاد العرب كانت تفوح بالعطر والطيوب لانها كما يقول- البلاد الوحيدة التي تنتج المرواللبان والقرفة واللاذن .

اما الجغرافي سترابون فدعا جنوب الجزيرة العربية بلاد الطيوب كما ذكر ديودورس الصقلي ان ارض الجزيرة تثمر الطيوب بحيث كانت تربتها نفسها تعبق بالاريج .

كما تصاحب هذه الطيوب الاسطورة القحطانية المصاحبة لارض الميعاد العربية حين اوصي قحطان ابو العرب – الجنوبيين- اليمنيين ابنه يعرب بان يسير مهاجرا متبعا رائحة المسلك والطيور الي ارضه المقدرة او الموعودة في الشام واليمن حيث شملت تسمية اليمن كل ماهو واقع علي يمين القبلي .

وهكذا اندفعت هذه الناقة السائبة ترتفع الي ان دخلت بستان حمي الملك كليب الذي كان من احسن منتزهات الدنيا والذي يذكرنا ببساتين الزرع والضرع للالهة الممزقة -المغتالة ككليب- بستان اوزيريس والذي حفظت شعائره في زهرية او قصرية لزرع بذور جثمان الآله الممزق موسميا وحديقة ادونيس ADONIS فيما بين النهرين واتيس Atis الفريجي او الاناضول وكذا ديونزيوس وديونزيوس زاجريوس في كريت وجزر البحر الايجي فهو بستان او بحمي – مقدس ،للملك كليب مضت ناقة البسوس- سراب -تعبث به اكلة زهوره واشجاره وثماره، وعندما حاول عبيد كليب ارجاع الناقة اشتبك معهم رعاة البسوس وكبرت المكيدة الي ان وصلت مسامع الملك كليب الذي امر رعاته بذبحها وطرحها خارج البستان.

وما ان عاد عبدالبسوس اليها بالخبر وجثة ناقتها المضرجة بالدم حتي صاحت: الان بلغت مرادي واخذت ثأري من الاعادي.

وامرت عبيدها بسلخ، جلد الناقة- الذبيحة. وتلفحت بها، وشقت ثيابها هي وبناتها وعبيدها ومضت تبكي وتندب الي ان وصلت ديوان الامير جساس بن مرة ملقية بجلد الناقة

الذبيحة بين يديه وكان ان اندلعت حرب البسوس القبائلية التي امتدت لاربعين عاما بسبب اغتيال تلك الناقة المقدسة- السائبة- التابو.

ومرة ثانية تطل هذه الشعيرة العربية الاصل والمنشأة -كما يري فريزر- المتصلة بالتوحد مع الحيوان -الاله او الطوطم- عن طريق ارتداء جلده كما فعل كليب ليلة العرس انظر: البسوس وحربها القبلية 40 عاما+ الزير سالم ابوليلي المهلهل.

___________________________________________

اضحــــك وفكّر بإيجابية…