إنهُ حادٌّ في كثيرٍ من الأوقات، فالغربةُ تُدرج في سلبيّاتها وأثارها على الفردِ، قاسيةٌ في كثيرٍ من المواضع، في مضمونها جفاءٌ وغلظة، لها وقعٌ في النفسِ عميقٌ، وألمٌ في القلبِ جسيم، تكدّرُ صفوةَ ذهنكَ، ومُحبةٌ لجَرحِ مشاعرك.

لقد ربطتُها بالحَرْبَةِ وما قد تُوقِعُ من ألمٍ وشدةٍ في جسَدِ الفَرْد، والغربةُ ألمها يكونُ في جوف الفَرْدِ..

فالغُرْبةُ والحَرْبة تتفقانِ على إلحاقِ الأذى بحاملهما..

كيف لا، وهي حقٌّ واجِبٌ للعلقِ من أسرارها: فإن استمرَرْتَ فقد تنتصرُ علَيها، وإن تقوقعَتَ فقد وقعتَ في مصيدَتها، وإن نجوتَ فلا بدَّ أن تصيبكَ شظاياها، فتُحْدِثُ لك هزةً لا يتحملها إلاّ الرجالُ اللّذين قد استعدُّوا لها.

فالغُربةُ لا يتجرّعُ مرارتَها إلاّ ذائقُها، فإنْ وصفتُ لك هيئتها وقسوتَها وغِلظَتَها، فإنّي لا يمكن أنْ أجعلكَ في قلبِ الصُّورة، وإن تأثَّرت قليلاً.

فغربةٌ وحَرْبَةٌ..

عَقَباتٌ تكُونُ أمامَ دُروبِكَ..

فاسألْ مولاكَ يصونُكَ.

مِن غربةٍ قاسية، وحَربةٍ دامية.