هنالك نظريات تستعصي أن نُقر ما إذا كانت صحيحة أو خاطئة. نظرية الريال واحدة منهم. فالفريق الذي يؤمن أن رجلاً واحداً فقط سيعيد أمجاده إلى منصة التتويج، ذلك ما يقال عنه نظرية مشكوك في صحتها! فلا أعرف كيف أن ريال مدريد وقد مرَ عليه نخبة جبَارة من ألمع المدربين في السنوات الأخيرة، قد استعان بمورينيو من أجل أن ينقذهم من عقدة ليون..أو من احتكار برشلونة لهيمنة اسبانيا المحلية!

شئ غريب لا أفهمه، فأولئك المدربين لم يفشلوا بسبب أنهم لم يحسنوا التكتيك، ولكن أصلاً تمت محاربتهم من إدارة الفريق قبل أي جهة أخرى. فالجماهير إلى اليوم ما زالت تتمنى أن يعود فابيو كابيللو يوماً ما لتدريب الملكي، الذي قبل الرحيل بالرغم من تحقيق لقب الدوري المحلي لأنه لم يتقبل أفكار الإدارة. صحيح أن مورينيو شخصية ساحرة يطبق لاعبوه كل التعليمات بالحرف الواحد، ولكنه حتى اليوم لم ينجح في رغبات واختبارات الإدارة، فسقط في الكامب نو، وبدأت المشاكل الداخلية من تحت الطاولة..ولم تلبِ الإدارة طلباته الشتوية! نعم..لقد غيَر مورينيو في الريال على مستوى التكتيك، ولكن هذا الأمر بالذات أشبه بالطعام..يتفنن كل مدرب بطريقة طبخ تلك المأكولات، وفي النهاية سيختار كل واحدٍ منا مذاقه المفضَل، أقصد التكتيك. بينما الشئ الوحيد الذي سنتفق عليه..هو الطموح، وبينما كانت كل الأمنيات تتمنى حصاد مميز يختلف عن أولئك، يتعلق بإنهاء حقبة برشلونة على حساب مدريد، ولكن جرى ما جرى..فنَعود مرة أخرى للعبة الطبخة والمذاق!

المشكلة أن مورينيو يقول: احتاج لسنتين على الأقل كي أحقق شيئاً مع ريال مدريد. لم يأتِ بشئ جديد، فهو نفس المشروع الذي كان سيتبعه كابيللو وبليجريني وغيرهم. ولو أن الإدارة أعطت خاصية الصبر للكوادر التدريبية السابقة كما ستفعل مع مورينيو، لكانت تلك الشخصيات قد نجحت في مهمتها. لم يكن هنالك صبر، فقامت الإدارة بالتعاقد مع مورينيو من انترناسونالي في لمح البصر..من أجل أن يعود بالريال لمنصات التتويج. ريال مدريد استعان بمورينيو وكأن الحلول لم تكن موجودة في الماضي! وكأن مورينيو هو الحل الوحيد!

وهنالك نظريات وقتية، تتعلق باليوم والشهر والسنة لا بالمستقبل، كالأحوال الجوية. إحداهم نظرية ما بعد مورينيو!. ريال مدريد لا يعرف أن مورينيو وإن حقق البطولات الكبرى للريال، فإنه عندما يخرج من القلعة، سيعود ريال من جديد لنقطة الصفر، كما صار حال بورتو وتشيلسي وانترناسونالي من بعد مورينيو. ريال مدريد نفذ مشاريع أكثر نجاحاً كانت ستتحقق وستستمر في عهد كابيللو وآخرون لو كانوا قد نالوا ولو قدراً بسيطاً من امتيازات مورينيو المفتوحة! لأن أولئك صنعوا أمجاداً في ميلان، روما، يوفنتوس وفياريال وعندما حل التجديد، أضيفت بعض الرتوشات المقتضبة. ولكن مورينيو مع لاعبوه يذكرني بالمدرس الذي يُحَفِظ طلابه إجابات علل بالحرف الواحد، وعندما يخرج ذلك الطالب من قاعة الامتحان بدرجة امتياز..كان قد نسي العلوم في مستهل مشواره الثقافي وأصبح بحاجة لإعادة تأهيل!

نظريات كثيرة نتبادل فيها لعبة شد الحبل. واحدة أخرى نظرية أهلي جوزيه. فيكتب جمهور الأهلي المصري في مدرجاته طرب مانويل جوزيه جاني اللي بحبه جاني.. والستة حترجع تاني!. لا أدري كيف لنادي عريق يبحث عن أنوار طريق العودة فلا يجد أمامه سوى التفكير مرة ثالثة بعودة مانويل جوزيه! انتهت الحلول؟ نضب التفكير؟ ماتت الكوادر؟ ليس هنالك مخارج أخرى؟ هل سيدوم جوزيه!؟!؟!

نعم.. مورينيو مدرَبي المفضل بعد مارتشيللو ليبي، ولو لم أكن مشجعاً للأهلي المصري، لوقفت لأرفع لهم القبعة احتراماً لانجازاتهم القارية..ولكن بلا شك أن نظرية الريال، ونظرية ما بعد مورينيو، وأهلي جوزيه، هي جزء من النظريات الغريبة في حياتنا. علينا أن نراجعها، فهي في النهاية من أقلام البشر وهم أنفسهم يحتملون الصواب والخطأ والزوال. ولو قيست الأمور على أنها نظريات الحياة الصحيحة، فعلي أن أطلب من اتحاد الكرة الفلسطيني أن يكرر استدعاء المدرب عزمي نصار الذي جلب لفلسطين ذكرى خالدة بتحقيق برونزية الدورة العربية في عام 1999..في الواقع أن نصار عاد للتراب الذي سنؤول إليه سواسية.

–