الرئيسية منتديات مجلس الثقافة العامة محمد بن أبي عامر

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #137424
    تجليآت
    مشارك

    شاب في عمر الورد أترع قلبه الطموح للوصول إلى الحكم ولا غرو في ذلك فهو يضم بين برديه كثيراً من رجاحة الكهول و حكمة الشيوخ وفطنة الأنبياء وحيوية الشباب ،كانت تبدو عليه مخايل النجابة وبواكير الرجولة ما يبشر أن هذا الهلال سيكون بدراً كاملاً في يوم قريب ،انه محمد بن أبي عامر شاب في ريان الشباب،غض الإهاب ،طري العود.ولد محمد في الجزيرة الخضراء قرب حصن طرش جنوبي الأندلس وكان جده عبد الملك المعافري من العرب القحطانيين الذين دخلوا الأندلس مع طارق بن زياد وأظهر شجاعة في بعض العمليات العسكرية فمنح إقطاعات الجزيرة الخضراء ،توفي والده وهو صغير فلم يكن له دخل سوى أرض صغيرة ورثها عن أبيه بالإضافة إلى عمل أمه في الغزل.وكانت الأندلس في ذلك الحين في أوج عظمتها بفضل أعظم ملوكها عبد الرحمن الناصروالذي خلفه في الحكم ابنهالحكم الملقب بـ المستنصروكان الحكم يقارب الخمسين من عمره إلا أنه لم يرزق بولي لعهده رغم زواجه الكثير،ثم رزقه الله بعد ذلك بولد من جارية من بلاد البشكنش تدعىصبح. وفي هذه الأحوال الأندلسية العظيمة قررمحمد أن ييمم وجهه شطر قرطبة عاصمة إقليم الأندلس ومركز الإشعاع العلمي الأول في ذلك الحين فسلك طريقه الميمون إليها.قاصداً العلم فتتلمذ على يد أعظم العلماء الأندلسيين وأعجبوا بذكائه وفطنته. كان محمد بن أبي عامر حاد الذكاء , آية في الدهاء, شديد الطموح , قوي العزم , متعدد المواهب , ذو همة عالية تناطح السحاب طولاً وتملأ الأرض عرضاً . وكثيراً ما كان يجلس بين أصحابه وأبناء عمومته وينظر إلى الزهراء ويقول : يوماً ما سأحكم هذه الدولة , فيسخر أصحابه من كلامه ويبدؤون يحبطون من هممه ولكن دون جدوى فهو قد وضع الحكم نصب عينيه ولن تستطيع قوة في الأرض أن تقف بوجه طموحه العظيم وذكائه الباهر , وكان مثله الأعلى في ذلك صقر قريش فقد دخل الأندلس وحده مع تابعه بدر واستطاع أن يؤسس للأمويين دولة قوية ولكن صقر قريش كان يعولُ على حقه في إرث حكم آبائه , أما محمد فكان يعولُ على طموحه ودهائه . عمل محمد بن أبي عامر في بدايته ككاتب رقاع على حافة الطريق أمام باب الزهراء المدينة الملكية ولكن هذا العمل الصغير مكّنه من توطيد علاقاته مع الفتيان الصقالبة فقاموا بنقل أخباره لسادة القصر وخاصة السيدة صبح فعهدت إليه بوظائف كتابية بعد ولادتها من ابنها عبد الرحمن بالإضافة إلى إدارة أعمال الأمير الصغير وكان ذلك أول دخول لأبي عامر للزهراء , وبعد ذلك استطاع محمد أن يثبت كفائته في عمله فأسند إليه الحكم دار السكة ,فكثر حُساده وأعدائه الذين غمرت البهجة قلوبهم عندما سمعوا بخبر وفاة ولي العهد الرضيع عبد الرحمن معتقدين بذلك انتهاء عمل أبي عامر ولكن الله شاء أن يرزق الحكم بولد آخر فأصبح ابن أبي عامر المسئول الأول عن إدارة أموال ولي العهد الجديد هشام المؤيد باللهبالإضافة إلى عمله في دار السكة ثم رقاه المستنصر إلى قائد الشرطة في الأندلس بعد أن كان قائد للشرطة في قرطبة فقط .وبدأت الأيام تتعاقب وشعر الحكم بدنو أجله فقرر أن يعهد الولاية لابنه هشام- وكان ابنه لم يبلغ الحادية عشر من عمره – متجاوزاً بذلك إخوته من الناصر وأخذ له البيعة على ذلك ولكن الفتيان الصقالبة قاموا بتحريض المغيرةعم هشاملإقصائه عن الحكم شريطة أن يخلفههشام وسرعان ما شعر الحاجب المصحفي بهذه الخيانة فأخبر أبا عامر بالأمر فقام بقتله ،وقام أيضاً بالقضاء على الصقالبة وإقصائهم عن السلطة و القصر . ثم مالبث محمد أن تخلص من المصحفي وقام بسجنه بتهمة اختلاس أموال الدولة مستعيناً بغالب الناصري قائد الجيش بعد أن تزوج من ابنته بأمر من الخليفة وذلك بعد أن طلبها المصحفي لابنه الذي قام محمد بعزله عن منصب صاحب المدينة بأمر من هشاموأصبح أبا عامرحاجب الخليفة بعد أن تولى منصب صاحب المدينة بدلاً من ابن المصحفي بأمر من الخليفة الذي كانت تسيره أمه ومما يقال أن سبب وصول محمد إلى هذه المكانة العالية المرموقة واستفحال أمره هو خدمته للسيدة صبححيث استمال قلبها بحسن تدبيره وخدمته لها حتى استهواها وغلب على قلبها حتى تحدثت الناس عن شغفها وعشقها له . وبعد أن أصبح محمد حاجب الخليفة قام بالحجر علىهشاموإبعاده عن أمور الحكم والرعية مدعياً بذلك خوفه عليه بعد محاولة اغتياله من أحد الفتيان الصقالبة ،وقام محمدبإشغاله بالجواري والنساء،واستبد أبو عامربالحكم واستأثر به ونقل جميع الدواوين إلى الزاهرة -المدينة التي بناها على غرار الزهراء،وأصبح بذلك محمد الخليفة الرسمي للأندلس كلها،ولعل محمد بن أبي عامركان معذوراً بعض الشيء فالخليفة لم يكن يمتلك الخبرة الكافية التي تؤهله لمباشرة الحكم بنفسه ،فكان لصالح البلاد أن يحكمها رجل سياسي ناجح كأبي عامر ولكن غالباً الناصري شعر بخطورة هذا الموقف وتنبه إلى نوايا زوج ابنته في السيطرة على البلاد فدعاه لجبهة قتال انتهت بوفاة قائد الجيش وبذلك خلت الساحة لأبي عامر ولقب نفسه بالملك المنصوروأمر بنقش اسمه وصورته إلى جانب اسم وصورة الخليفة هشام المؤيد بالله. حكم الملك المنصور الأندلس سبعة وعشرين عاماً خاض خلالها أكثر من خمسين معركة ضد الإسبان لم يهزم في واحدة منها وجاست خيله في أمكنة لم يكن قد وصل إليها المسلمون من قبل وسقطت في يده شنت ياقب وهي أقدس مكان مسيحي في إسبانيا وانتصر على ملوك قشتالة،ونفار،وليون ،وقطا لونيا ودانت له ملوك الأندلس شمالاً وجنوباً.تآمر ابنه على قتله مع آخرين لأن أباه اثر أخاه الأصغر عبد الملكليكون وريثه في الحكم فأمرأبو عامربضرب عنقه والسبب في ذلك أنمحمد بن أبي عامر كان يشك في بنوته بمعنى أن أمه لم تكن قد استبرأت تماماً حين تزوجها فلم يكن يحبه كأخيه. كان المنصور يتمنى دوماً أن يلقى ربه في ساحة الوغى وتحققت أمنيته حين توفي أثناء قتاله للإسبان في إحدى معاركه ،ودفن في مدينة سالم ومما كتب على قبره :
    آثاره تنبيك عن أخباره حتى كأنك بالعيون تراه
    تالله لا يأتيك الزمان بمثله أبداً ولا يحمي الثغور سواه
    حكم ابنه من بعده ست سنوات وكان حسن السيرة ،عادل تقي ،ولكن سرعان ما عمت الفتنة قرطبةوزالت دولة الخلافة ليحل مكانها دولملوك الطوائف .ذاك هو محمد بن أبي عامرالذي لم ينصفه التاريخ ،فكثيراً ما تكون المرآة التاريخية مقعرة أو محدبة أو دخانية غير سوية . ذلك هو الفتى الطموح الذي لم يقنع بالقليل والذي وصفه المؤرخون بقولهم:((استبد بحكم الأندلس دون خلفائها من بني أمية)) ولكن حقيقة الأمر أن رجلاً من العامة خرج ليحكم الأندلس فأخّر سقوطها عدة قرون.
    إنه حتماً مثل أعلى في الطموح

    بقلم: برلنت أسامة منوّر

    #1474646

    ~ْ ::: مشكورة اختي شوق >> لقد ذكرتينا باحد الشخصيات الإسلامية التي تغذت من منبع ديني نقي لا تكدر فيه > فطمح و أصبح الملك المنصور لقرطبة >> يعطكي العافيي ::~ْ~ْ

    #1475746
    تجليآت
    مشارك

    الله يعافيك اخي سامي

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد