التصوف يشكل اتجاها فنيا فكريا ومذهبا اعتقاديا تميزه عن غيره لدى كثير من الناس شرقاوغربا قديما وحديثا . 

وقد تعدد مفهوم التصوف وسأذكر هنا بعض هذه المفاهيم …

بعضهم يعرف التصوف على أساس أنه قطع العلائق مع الخلق وربط النفس بالحق والباطن بالظاهر ، وبعضهم قال أنه علم أحكام القلوب ، وعرفه القنوجي أنه علم يعرف به كيفية ترقي أهل الكمال من النوع الانساني في مدارج سعادتهم والامور العارضة لهم في درجاتهم بقدر الطاقة البشرية .

ويعد اشتقاق مصطلح التصوف من الصوف أشهر أنماط الاشتقاق اللغوي ، لأن الصوف يحمل معنى الفقر والخشونة والذل والمسكنة … وكان قد ارتبط بالايمان لقول النبي الكريم في الحديث الصحيح ” عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان في قلوبكم ” وبعضهم قال أن اشتقاق الصوفي من الصفاء فقد قالت طائفة إنما سميت صوفية لصفاء أسرارها ونقاء أسرارها  .

ومن هنا ندرك أن التصوف نشأ من صميم التدبر والايمان بالدين الاسلامي وكان الرسول الكريم وخلفاؤه أزهد الخلق في الدنيا التي جعلوها جسرا للأخرة . ثم إزدهرت حركة الزهد في البصرة على يد الزهاد كحسن البصري ..

ونحن نعلم جميعنا رابعة العدوية البصرية التي تعتبر أول من حول الزهد الى الافق الصوفي في الحياة وفي الشعر ، وهي أول من حول مفهوم الخوف من النار الى مفهوم الحب الإلهي كما في قولها :

ليس بي من بالجنان والنار حظ **** أنا لا أبتغي سواك سبيلا

ونجد أن التصوف أخذ يشق طريقه بقوة الى لغة الشعر … ويكسبها جمالا ساحرا بكثرة الرموز والكنايات والاشارات والالغاز … ومثال على ذلك ما قلته رابعة :

أحبك حبين ، حب الهوى **** وحب لأنك أهل لذاكا

فأما الذي هو حب الهوى *** فذكر شغلت به عمن سواكا

وأما الذي أنت أهل له **** فكشفك لي الحجب حتى أراكا

فكان للحب الالهي مفهوم مميز عند رابعة العدوية فحين فتحت رابعة العدوية باب المحبة الى الله لما حضها به من نعمائة صار حبها لله يحمل أنواعا جديدة منها الحب المشاهد باليقين وبصفات الله ومنها الحب لذات الحب … إلخ

راحتي يا إخوتي في خلوتي **** وحبيبي دائما في حضرتي

فقد ذكرت رابعة العدوية كمثال بارز ومتآلف في عالم الصوفية الخاص .

وأذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الالفاظ الصوفية تلك الالفاظ التي تعبر عما يختلج في نفوس المتصوفة من مشاعر وأفكار مثل الخلوة والحبيب والحضرة والوجد والرضا والوصل والبصيرة والنفحات الرحمانية والحجاب … إلخ .

فهناك العديد من الالفاظ والمصطلحات الصوفية التي تتجلى  فيها الذات الالهية .

ونجد ان جمالية لغةالتصوف تكمن في كونها ذات معان وأساليب تدور على ما اتفق عليه أهل التصوف .

فما أجمل لغة التصوف التي تتجلى فيها الحب الالهي ، ويتتوجها الزهد .