يقارن مخرج فيلم «ذا سوشيال نيتورك» (الشبكة الاجتماعية) بينه وبين الفليم الشهير «سيتزن كين» (المواطن كين) القصة التقليدية للطموح الإعلامي.
ووصفت صحيفة «هوليوود ربورتر» الفيلم بأنه «رائع ولا يجب تفويت مشاهدته»، لذا فليس من المفاجئ وفيلم «ذا سوشيال نيتورك» الذي يتحدث عن مؤسس موقع « فيس بوك» بصدد عرضه في أنحاء العالم في غضون الأيام المقبلة، أن تدور الأحاديث في هوليوود وفي عالم المدونات الأكثر أهمية عن أن الفيلم سيحصل على الاوسكار بسهولة وسيكون طريقه إلى هذا المجد مفروشاً بالورود.
وربما يحقق مكانة لم تحققها سوى القلة القليلة من الأعمال الفذة في تاريخ السينما لينال استحسان النقاد والجوائز المرموقة، بالإضافة إلى تحقيق إيرادات في شباك التذاكر، خصوصاً إذا قرر جزء صغير من الأعضاء المسجلين في «فيس بوك» والبالغ عددهم 500 مليون عضو صرف الأموال التي جنوها بشق الأنفس في مشاهدة فيلم تدور أحداثه حول مؤسس موقعهم المفضل على الإنترنت.
والفيلم من تأليف أرون سوركين مؤلف حلقات «ويست وينغ» ومن إخراج ديفيد فينتشر مخرج فيلم «كريوس كيس أوف بنجامين بوتن» (حالة بنجامين بوتن الغريبة)، ومن بطولة الممثل الشاب «جيسي إيزنبرغ»، الذي يجسد دور مؤسس الموقع «مارك زوكربرغ» ويتتبع تاريخه بداية من كونه طالباً متعسراً في جامعة هارفارد إلى أن يبزغ نجمه مؤسساً للشبكة الاجتماعية التي تغير العالم، ومما لاشك فيه أن الموضوع له قيمته، فالشاب زوكربرغ يبلغ من العمر 26 عاماً فقط، ويطلق عليه «الملك الشاب» لسيلكون فالي، لكن هذا اللقب الكبير ربما لا يعطيه الاستحقاق الكامل. فـ«فيس بوك» ليس أكثر المواقع الإلكترونية شعبية فحسب، لكنه أيضاً يفوق موقع «غوغل» في كمية الوقت الذي يقضيه المستهلكون في تصفحه. وأعاد الموقع، بصورة تفوق أي اختراع آخر منذ اختراع الهاتف، تعريف الطريقة التي يتواصل بها الناس مع بعضهم بعضاً.
ووصفت «ذا نيويوركر» «فيس بوك»، في لمحة شخصية أخيرة ونادرة عن زوكربرغ، بأنه «دليل لحياة الناس»، وعلى الرغم من أن واحداً «فقط» من بين كل 14 شخصاً في العالم حالياً أعضاء في موقع «فيس بوك»، فإن الموقع آخذ في النمو بصورة سريعة للغاية ما يعني أنه لن يستغرق وقتاً طويلاً إلى أن يصبح هذا الوصف المبالغ فيه نوعا ما وصفاً دقيقاً. وليست مقارنة فينتشر فيلمه بالفيلم الذي يطلق عليه أحياناً أعظم فيلم في تاريخ السينما، أمراً مفاجئاً تماماً، ففيلم «المواطن كين» للمخرج أورسن فيليس هو فيلم شبه خيالي لحياة وطموحات راندولف هيرست، وهو قطب إعلامي بارز في مطلع القرن العشرين. ويحاول فيلم «ذا سوشيال نيتورك» اختلاس النظر إلى حياة زوكربرغ ، الذي لايزال بصورة متزايدة يعيش كشخص عادي على الرغم من نواياه المعلنة في «فيس بوك» بجعل العالم مكاناً أكثر انفتاحاً.
يستند الفيلم إلى كتاب «مليونيرات بالصدفة» وبعضه مبني على حقائق تصف زوكربرغ بأنه انطوائي وعبقري مهوّس يتوجه لخلق نوع جديد من التفاعل الاجتماعي من خلال الإنترنت، على الرغم من أن هذا تسبب في فقده أقرب أصدقائه في حياته الواقعية. ووصفت مجلة «هوليوود ربورتر» شخصية زوكربرغ بأنها تماثل أبطال أعمال شكسبير «وهي شخصية فردية حققت إنجازات كبيرة وتحمل بداخلها بذور دمارها الذاتي».
وإلى الآن تجنب زوكربرغ بمهارة هذا الدمار. وعلى الصعيد المالي، يحتل بالفعل المرتبة 35 بين أغنياء أميركا بثروة قدرها 6.9 مليارات دولار. وهذه الثروة من المحتمل أن تتزايد بشكل كبير بعد طرح موقع «فيس بوك» للاكتتاب العام.
كما يبدو أن له حياة خاصة طبيعية، مستمتعاً برفقة صديقة ثابتة، وهي طالبة تدرس الطب التقى بها في جامعة هارفارد، ويبدو أنه غير مهتم بالزخارف المادية التي يتيحها له نجاحه. ويعيش زوكربرغ في منزل مؤجر ولا يمتلك جهاز تلفزيون، ويقود سيارة سيدان متواضعة نوعاً ما، اشتراها بعد أن طلب من صديق سيارة «آمنة ومريحة ولا تسترعي الانتباه»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «ذا نيويوركر».
ونشأت نزاعات بشأن مزاعم موثقة بصورة جيدة في أن زوكربرغ سرق أفكاراً وكثيراً من الخواص الرئيسة لموقع «فيس بوك» من زملائه الطلاب الذين طلبوا من عبقري البرمجة مساعدتهم على تطوير مواقع مماثلة.
وقام زوكربرغ بالفعل بتسوية معظم هذه القضايا مقابل مبالغ مالية لم يتم الإفصاح عنها يعتقد أنها تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
لكن لا يوجد مثل هذا الارتياح من المصدر الآخر من الجدل حوله، فشخصيته
المتعجرفة والمعيبة التي صورته على أنه يقيّم الآخرين فقط بقدر إسهامهم في خططه.
وذكر زوكربرغ مراراً أنه يكره الأفلام التي لم تحصل على تصريح الشخص الذي تتناول حياته، لكنه يقر في كل مكان بأنه نضج منذ ذلك الحين، وأن بعضاً من أفعاله الكثيرة المثيرة للمشكلات كانت ناجمة عن طيش فترة الشباب. ونقلت «ذا نيويورك» عنه قوله «أعتقد أنني نضجت وتعلمت الكثير».
كما اعترف إيزنبرغ بتعاطف مع الشخصية المعيبة التي جسدها في الفيلم، قائلاً «لا أعتقد أن أياً منا يرغب في أن تتحول الأشياء التي فعلناها عندما كان عمرنا 19 عاماً إلى فيلم».
وربما يهاجم أقطاب بارزة أخرى التجسيد غير المجامل. لكن ردود أفعال زوكربرغ كانت أكثر فتوراً. وكان متعاوناً مع اللمحة الشخصية التي نشرتها «ذا نيويوركر» التي أفصحت عن رؤية تكنولوجية متعاطفة.
كما أعلن تبرعه بمبلغ 100 مليون دولار لمدارس تواجه مشكلات في منطقة نيووارك في ولاية نيوجيرسي قبل أيام فقط على عرض الفيلم.

من هنا لتحميل الفيلم