الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات العراق في انتظار جودو..!

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #135133

    العراق في انتظار جودو..!

    في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي (1947)، نشر صاموئيل بيكيت الكاتب المسرحي الايرلندي، مسرحيته الشهيرة «في انتظار جودو». وتتلخص فكرتها في شخصيتين ترتحلان إلى مكان بعيد في انتظار الوصول المرتقب ل «جودو»، ولكنه لم يأتِ، لذلك عاشا حياتهما في حالة من العبث، المتمثلة بانتظار شيء لا وجود له، أو لا معنى له، أو لا هيئة له. ولما سئل بيكيت من هو «جودو» قال، لو كنت أعلم ما كتبت هذه المسرحية.

    في الوطن العربي، كلنا في انتظار جودو. فمنا من ينتظر الغيث، ومنا من ينتظر الفرج من السماء، ومنا من ينتظر السلام، ومنا من ينتظر الأمن، ومنا من ينتظر عودة الحق إلى أهله، ومنا من ينتظر رغيف الخبز، ومنا من ينتظر السيد المسيح، ومنا من ينتظر المهدي.

    أهل العراق هم أيضاً ممن ينتظرون جودو الذي لم يصل إلى الآن ولم يعرفوا بعد هويته أو حتى أصله أو تقاطيع وجهه.

    فهل من المقبول أو حتى من المعقول، أن تنتهي الانتخابات النيابية في العراق الشقيق في السابع من آذار الماضي، وتفتح صناديق الاقتراع، وتفرز الأصوات، وتعلن النتائج إلاّ أنه إلى اليوم، أي بعد مرور سبعة أشهر وعشرين يوماً، لم نشهد تأليف حكومة أو التئام مجلس نواب أو انتخاب مجلس رئاسة في عراقنا الحبيب! أليس هذا أمراً مستهجناً على بلد عرف ألواح سومر وتشريعات حمورابي، وامتلأت أرجاؤه بالعلماء والمفكرين والسياسيين والاقتصاديين منذ آلاف السنين؟.

    أعجز أخوتنا في العراق أن يحزموا أمرهم وينظّموا شؤونهم الداخلية وينطلقوا لإعادة إعمار العراق الذي هدمته قوى الشر والطمع والهمجية، بعد أن استنزفت قدراته البشرية والاقتصادية، ودمرت حضارته وأعيد إلى ما قبل الحداثة؟

    لقد استطاعت أطراف الاستقواء الدولي أن تلعب بمصير العراق، وأن تعيده مئات السنين إلى الوراء وكان ذلك جهاراً نهاراً، واضحاً عياناً لكل البشر، وبالتأكيد هو لم يغب عن عقول العراقيين، ومع كل ذلك لا يزالون يقتلون أنفسهم، ويدمرون بلدهم، ويختلفون على التفاصيل التي في داخلها آلاف الشياطين.

    العراق مصدر للعلم، ومبعث للنور، ومنارة للفكر، فلماذا هذه العبثية في التعامل مع مقدرات البلد؟ ولماذا فتح الأبواب على مصراعيها أمام كل القوى الخارجية! ألم يحن لنا، نحن العرب، الذين عشنا تاريخاً عراقياً مشرقاً، أنْ نصرخ بأعلى الصوت، أنْ كفى استهانة ببلد كان على الدوام مخفراً للعرب، ومستقراً لعنفوان العرب، وإطلالة على كرامة العرب؟

    كفانا هدراً لكل شيء، وكفانا عبثية فجودو لن يأتي، وعلينا إذن إن نلملم متاعنا، وأن نعود إلى مكان سكنانا، وإن كنا بحاجة للقاء جودو فليأتِ هو إلينا.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد