الرئيسية منتديات مجلس الثقافة العامة عندما دخل الإسلام الفلبين (2)

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #134053

    استمرار المقاوَمة الموحَّدة ضدَّ المستعمِر:

    استمرَّت المقاومة الإسلامية على الرغم من أن الإسبان قد ارتكبوا الجرائم والمذابح الوحشية كالتي ارتكبوها في الأندلس، ولم يستطع التفوُّق العددي والحربي الإسباني أن يحطِّم مقاومة المسلمين؛ إذْ إنَّ الأسلحة لا تقف أمام الإيمان، والاستعداد لا يكون بالأسلحة فقط، وإنما بالرُّوح المعنوية التي لا مصدر لها إلاَّ الإيمان، ولا تقاتل الشعوب إلاَّ بعقيدتها، ولا تنتصر إلاَّ بإيمانها، ومَن أهمل جانب الإيمان انقلبتْ معارِكُه إلى هزائم، والمسلم يرفض الخضوع للمغتَصِب، ولمن لا يدين بدين الحقِّ، ومع هذا الرَّفض استعلاءٌ بالإيمان، وهذا ما جعل المقاومة الإسلامية عنيفة، وبَقِيَت سَلْطَنات المسلمين مستقلَّة في الجنوب.

    ولكن هذا الأمر اختلف بعد السيطرة الهولندية على جزر الهند الشرقية، والسيطرة الإنجليزية على ماليزيا، فقد تمكَّن الأوربيون من عزل مسلمي الفلبِّين عن بقية العالم الإسلامي بالقرصنة البحرية، وبيع الأَسْرى المسلمين في أسواق النخاسة؛ مما تسبَّب في ضعف المسلمين وتأخُّرِهم، ورغم ذلك فقد بقيت إمارتان إسلاميتان في جنوب الفلبِّين، هما: إمارة صولو وإمارة ماجندناو تُجاهدان الغزوات الصليبية المتوالية، ولم يَستطع الإسبان سوى السيطرة على بعض المناطق الساحلية وقليلٍ من المدُن، ولكنهم نجحوا في عرقلة انتشار الإسلام شمالاً، ومنع المسلمين من الحركة بدعوتهم.

    إن الضغط الإسباني على السُّكان قد جعلهم يتقاربون بعضهم مع بعض، ويندمجون في كيانات مستقلَّة؛ إذ حكمت إسبانيا المناطق التي سيطرت عليها بالحديد والنار، وفرضت على السكَّان الدِّيانة النصرانية الكاثوليكية، والثقافة واللُّغة الإسبانية، ونظرًا إلى أنَّ مختلف القبائل كانت تنظر إلى الإسبان كعدوٍّ مشترك، فقد جمَعَت هذه النظرةُ بين مختلف القبائل، واندلعت الثورة عام 1290هـ – 1893م، ثم عادت فتأَجَّجت عام 1314هـ – 1896م، واضطر الحاكم العام الإسباني الجنرال جوينالدو إلى أنْ ينسحب إلى هونج كونج في العام نفسه، وإذا كانت القوَّات الإسبانية قد تمكَّنت من القضاء على تلك الثورات، إلاَّ أنَّ منظَّمةً سرِّية بقيت تعمل في الخفاء، واتَّصل بها الأمريكان؛ كي تساعدهم في طرد الإسبان من تلك الجزر ليحلُّوا محلَّهم.

    بدأت العمليات المشتركة عام 1316هـ – 1898م، حيث دُمِّر الأسطول الإسباني، فقرَّرت إسبانيا الانسحاب من تلك الجزر مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها أمريكا، انسحبت إسبانيا من الفلبِّين بعد معارك تمثيليَّة، وعاد الحاكم العامُّ من هونج كونج، فأعلن استقلال الفلبِّين عن إسبانيا، وكانت قد تمَّت معاهدة باريس في العام نفسه، وفيها تخلَّت إسبانيا للولايات المتحدة عن الفلبِّين، وكوبا، وبورتوريكو، وهكذا أصبحَتْ جزر الفلبِّين تتبع الولايات المتَّحدة.

    في عام 1941م غزا اليابانيُّون الفلبِّين، واحتلوها اثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت جيوش اليابانيين من أقْسَى الجيوش الاستعمارية في التعامل مع أبناء المستعمرات، مما أشعل نيران الثَّورة ضِدَّهم فتعاوَنَ أبناءُ الفلبِّين – مسلمون وغير مسلمين – في مقاومتهم منذ عام 1943م، وظلُّوا على هذا الوضع حتى انهزمت الجيوش اليابانية في عام 1945م، وقد قامت القيادات الإسلامية خلال هذه المرحلة بتجنيد أربعين ألفًا من المقاتلين المسْلِمين الأشدَّاء الذين وَجَّهوا أشد الضَّربات لليابانيين، مما جعل الأمريكيين يُسَلِّمون بمنح الفلبِّين استقلالهَا عام 1946م، ووضع لها نظام حكم ديمقراطي على غرار النِّظام الأمريكي، لكن الأمريكيين لم يغادروا الجزُر، وظلَّ لهم وجود عسكري واضح حتى عام 1991م.

    كان من المفترض أن يكون للمسلمين نصيبٌ كامل في حكم بلادهم بعد الاستقلال، والذي شاركوا بقوَّة وإخلاص في تحقيقه، لكن التبشير – قديمَه وحديثه – مع دعم القُوى المعادية للمسلمين، كان قد أينع وأثْمَر، فظهرتْ فئات المثقَّفين المسيحيين المتعصِّبين الذين أعدَّتهم الكنائس، واستولوا على مقاليد الحكم، وشَكَّلوا حكومات نصرانية متعاقِبة، تجاهلت تاريخ وحقوق المسلمين المشروعة والعريقة، فتمَّ إبعادهم عن مناصب الدولة، إلاَّ مَن تعلَّم في مدارس الإرساليات، وأظهر تنكُّرًا لدينه ومَطالِب قومه، بل غزَوا مناطقهم المسلمة؛ حرْبًا وتبشيرًا، بالكنائس ومدارس التبشير، ومحاربة التعليم العربي والإسلامي، والضغط الاقتصادي، والتلويح لهم بالخبز والتعليم والعمل لمن يترك دينه وينضمُّ لعقيدتهم ومسيرتهم.

    نظرًا إلى انحسار الزِّراعة والارتباط بالأرض ضمن قائمة الأوليَّات الاقتصادية والمجتمعية (تُحتِّمه طبيعة جزر الفلبِّين وتعرُّضها الدائم للفيضانات)، وتركيز المشاريع التنموية في المناطق النصرانية، وتهميش المناطق المسْلِمة، بل وزَحْف الجماعات النصرانية على مناطق المسلمين، والضغط على المسلمين للهجرة منها، والاستيلاء على المناطق الحيويَّة والأراضي الجيِّدة تحت دعاوي إقامة المرافق والمشاريع الحكومية، كما اكتُشِفت في جزيرة مينداناو وفي المناطق الإسلامية جنوب البلاد ثرواتٌ طبيعية؛ مما دعا الحكومة المركزية إلى إشعال الحروب تحت اسم محاربة الإرهاب.

    كذلك تشكَّلَت جماعات نصرانية منظَّمة (مثل جماعة الفئران إيلاجا)، التي تقوم بمهاجمة قُرَى المسلمين وذَبْح النساء والأطفال وإشاعة الرُّعب والفوضى لتهجير المسلمين من قُراهم، ففي مدينة كوتابانو التي كان المسلمون يشكِّلون 95 % من سُكَّانها، قامت السُّلطات النصرانية بتقسيمها إلى ثلاثة مناطق، هي: كوتاباتو، وسلطان قدرات، وماجنداناو، وتَمَّ إحضار غير المسلمين لتغير التركيب السُّكاني واليموجرافي حتى انخفَضَت نسبة المسلمين فيها إلى أقلَّ من 40 %، فكُتب على المسلمين الجهاد مرَّة أخرى ضدَّ الاستعمار التنصيري/ الصليبِي، الذي خلَّف كلاًّ من الاستعمار الإسباني والأمريكي، ودفاعًا عن هُويتهم وتاريخهم ووجودهم العريق، وتمكينًا لهم من حكم أنفسهم، وتنمية مجتمعاتهم.

    الصحوة الإسلامية في الفلبِّين:

    بدأت الصَّحوة على أيدي الشَّباب المسْلِم فتكوَّن اتِّحاد مسْلِمي الفلبِّين، وعُقِدت مؤتمرات، وتقرَّر إنشاء معهد إسلامي شمل بعض الكلِّيات، وفي عام 1381هـ تم إنشاء مركز إسلامي يضمُّ مسجدًا ومكتبة ومدارس ومنازل للطلاَّب، وانتشر النَّشاط إلى أن تبلور بإعلان جبهة تحرير مورو سنة 1968م بقيادة نور ميسواري وسلامات هاشم، فخاضت الجبهة جهادًا عظيمًا، لكن بدأ نور ميسواري ينحرف بالجبهة عن خطِّها الإسلامي مما سبَّب انفصال العلماء والمخْلِصين عنه، وأسَّسوا جبهة مورو الإسلامية ضمَّت 90% من رجال الجبهة السابقة، وبقيادة سلامات هاشم.

    أبرز الاتجاهات الدَّعَوية في الفلبِّين:

    1- جبهة مورو الإسلامية: هي أوسع اتِّجاه جهادي اجتماعي دعَوِي في الفلبِّين بقيادة سلامات هاشم، وقد تأسَّست عام 1977م كفصيل مستقلٍّ عن جبهة تحرير مورو، تخوض جبهة مورو الإسلامية للتحرير التي تضمُّ نحو 11 ألْفَ عضو مفاوضات بشكل متقطِّع مع الحكومة منذ أكثر من عشر سنوات؛ لإنهاء نحو 40 عامًا من الصِّراع أسفَرَت عن سقوط 120 ألفًا تقريبًا، وتعثَّرت المحادثات التي ترعاها ماليزيا منذ عام 2001 في ديسمبر كانون الأول 2007م، بشأن مسائل دستورية، لكن كوالالمبور بدأَتْ في سحب مراقبِي السَّلام العُزَّل التابعين لها في الجنوب بسبب عدم إحراز تقَدُّم، وتلتزم مانيلا وجبهة مورو الإسلامية للتحرير أكبر جماعات الثُّوار المسلمين في الفلبِّين – بِوَقْف إطلاق النار منذ عام 2003، ولكنْ تدَهْوَرَت العلاقات في الآونة الأخيرة وسط خلافات بشأن منح أراضٍ لمسلمين في الجنوب مما فجَّر مَوْجة من الاضطرابات، وقال متحدِّث باسم جبهة مورو الإسلامية للتحرير: إن الجنود تسلَّلوا داخل منطقة تابعة للجبهة في باسيلان مما اضطر الثُّوَّار للردِّ، وقال عيد كابالو: هذا تجاهُل تامٌّ لاتِّفاق وقف إطلاق النَّار بيننا وبين الحكومة الفلبِّينية.. لدينا فريق مراقبة محَلِّي في المنطقة، وسنقدِّم احتجاجًا لمنع المزيد من التَّصعيد في القتال.

    2- جماعة (أبو سَيَّاف): جماعة جهادية أسَّسها الأستاذ عبدالرزَّاق جان جيلاني، وظهرت على السَّاحة في العقْد الأخير، ولكنها لم تصل إلى مستوى التنظيم الشامل، ويوجد بين جماعتي مورو الإسلامية وأبو سياف تعاونٌ، كما أنَّ بينهما اختلافًا في الوسائل والأولويات.

    وقد اشتركت الحكومة الأمريكية في محاربة هذه الجماعات المسْلِمة، فأرسلت قوَّاتها للتعاون مع الجيش الفلبِّيني والحكومات المتعاقبة، ففي فترة حكومة إسثراده (الرئيس المخلوع) حاربت الحكومةُ كلاًّ من الجبهة الثورية التي يرأسها أبو سياف، والجبهة الثورية التي يرأسها سلامات هاشم بالتعاون مع الجيش الأمريكي، واستطاع الجيش الحكومي التقَلُّب على الجبهتين، وتشتيت القوَّات الثَّورية بفضل الأسلحة المتطوِّرة والأدوات الحربية التي جاءت بها القُوَّات الأمريكية لمحاربة الثُّوَّار.

    وكانت مؤسَّسة القذَّافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية قد بذَلَت جهودًا في احتضان مُحادَثات سَلاَم لبحث الاستقرار في مناطق المسلمين بجنوب الفلبِّين وعَقدت جولات من المفاوضات تبحث سُبُل تطبيق اتِّفاق السَّلام المُوقَّع بين الجبهة الوطنية لتحرير مورو والحكومة الفلبينية عام 1996، وأكَّدت قيادات الجبهة على انشغالها بالبطء في تنفيذ هذا الاتِّفاق، ودَعَت قياداتُ الجبهة الحكومةَ الفلبِّينية إلى العمل على تمكين الجبهة من إدارة إقليم الحكم الذَّاتي، وناشَدَت هذه القياداتُ الحكومةَ مَنْحَ عفْوٍ عامٍّ على كلِّ أعضاء الجبهة، وعبَّر المشاركون في الاجتماع عن ترحيبهم بمساعي مؤسَّسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية التي تكلَّلت بالنجاح في إطلاق سراح نور مسواري، وبُذِلت جهود من قادة هذه الجبهة؛ لتحقيق إجماع واتِّفاق نهائي لحلِّ الخلافات القائمة حول قيادة الجبهة، وبما يَضْمن تحقيق المُصالحة والوَحْدة والتضامن بينهم، أعلنوا اتِّفاقهم باسم إعلان طرابلس بشأن المصالحة والوحْدة بين قيادات فصائل الجبهة الوطنية لتحرير مورو،ونصَّ الاتِّفاق على تشكيل لجنة انتقالية للقيادة والوحدة من كلٍّ من: نور مسواري، ومسلمين سيما، وفاروق حسين، ومجاهد هاشم، والفراسي سي ناجي، ويوسف زكيري، هذه اللَّجنة ستَكُون المُعبِّر الشرعي الوحيد عن الجبهة الوطنية لتحرير مورو، والتي بإمكانها الدُّخول في أيَّة مفاوضات أو اتِّفاقات، كما أن اللجنة ستتولَّى الاتِّفاق حول الطريقة الملائمة لحلِّ الأزمة المتعلِّقة بالقيادة بالطُّرق الديمقراطية قبل نهاية شهر يونيو 2008، بالإضافة إلى صياغة برنامج عمَل يركِّز على الانشغالات السياسية والاقتصادية لشعب مورو.

    الفلبِّين في الحاضر:
    يوجَد اقتصاد نامٍ ومتطوِّر يعتمد على الموارد البشريَّة وتنميتها، وَفْق مُعْطيات بسيطة وواقعيَّة، تشمل: اللغة، فلا يوجد فلبيني لا يتحدَّث الإنجليزيَّة (إن لم يكن بِطَلاقة، فعلى أقلِّ تقدير بصورة جيِّدة جدًّا)، بل إنَّ المصطلحات والمرادفات الإنجليزيَّة تحتلُّ مساحة لا بأس بها أثناء تحاوُر الفلبِّينيين مع بعضهم البعض بلغة التاجالوك الخاصَّة بهم، ويرجع ذلك إلى وجود الفلبِّين تحت الاحتلال الأمريكي، والذي لم يكن عسكريًّا فقط بقدر ما كان ثقافيًّا واجتماعيًّا، ولا يخفى على أحد أهمِّية عامل إجادة اللغة الإنجليزيَّة في خَلْق فُرَص العمل (خاصَّة في دُول الخليج التي تعجُّ بمختلف الجنسيَّات التي لا يربطها في الغالب إلاَّ اللغة الإنجليزيَّة).

    الإستراتيجيَّة العامَّة للدَّولة: إستراتيجيَّة فرضَتْها ظروف طبيعيَّة وجغرافيَّة وبيئيَّة، فعلى صعيد الموارد البشريَّة فإن الفلبِّين تأتي على رأس قائمة دول الطَّرد، ودولة الطرد هي تلك الدولة التي تتبنَّى سياسة التنشئة والتجهيز لمواردها البشريَّة تحت هدف تصدير العمالة البشريَّة، (وهو هدف موضوع مسبقًا كسياسة عامَّة وكتوجُّه إستراتيجي)، لكن يجب أن يُوثَّق عقد العمل الأجنبي بالسفارة الفلبِّينية قبل السفر؛ حيث تقوم السِّفارة بحصر الشركات غير الموثوق فيها، وترفض أيَّ عقد يصدر من تلك الشركات لمنع حدوث أيِّ حالات نَصْب من قبل الشركة الأجنبية على الرعايا الفلبِّينيين.

    عوامل اجتماعية: أهمُّها القدرة الفائقة للفلبِّينيين على التأقلم مع الغُرْبة، ووضعيَّة الابتعاد لفترات طويلة عن الأسرة والوطن الأُمِّ، ويرجع ذلك إلى تفشِّي ظاهرة قيام الفلبِّينيين (ذكورًا وإناثًا) من العاملين في الخارج – وبخاصِّة في دول الخليج – بالزَّواج في بلد العمل؛ من أجل تقاسُم مصاريف الإقامة والتفرُّغ للعمل.

    فالصِّفة الغالبة على الفلبِّينيين الودُّ الشديد لأبناء جنسهم، وهم على صِلَة وطيدة ببعضهم البعض، ويَسْعون دائمًا إلى مساعدة بعضهم البعض؛ إمَّا بتقاسم السَّكن أو المساعدة في العمل، وأحيانًا على حساب الجاليات الأخرى، ويتمُّ تنسيق ذلك إما في السفارة أو في الكنيسة، كما يسعون لإقامة الجمعيات التي تساهم في مساعدة الجالية في المهجر.

    فارق العملة: انخفاض قيمة البيزوس الفلبِّيني إلى معدَّلات خرافيَّة أمام عملة دولة العمل يجعل من الرَّاتب المنخفض للغاية للعمالة الفلبِّينية راتبًا قادرًا على أن يمثِّل شيئًا ذا قيمة للعمالة الفلبِّينية (ألف ريال سعودي مثلاً يمكِّن الفلبِّيني من فعل أشياء كثيرة به)؛ نتيجة تضافر فارق العملة مع عوامل أخرى؛ كضَغْط النَّفقات؛ نتيجة زيجات الشَّراكة الاقتصادية.

    عوامل بشريَّة: عوامل تَدْخل في صلب السِّمة العامَّة للتركيبة الشخصيَّة التي يتمُّ زَرْعُها في العمالة الفلبِّينية، والتي تجعلها مجبولة على الطَّاعة العمياء للأوامر المُعْطَاة لها في نطاق العمل، وعدم مناقشة أيِّ أمر صادر من الرُّؤَساء حتى ولو كان به أخطاء جسيمة، فالفلبِّيني عبارة عن روبوت، وعندما يقوم الرئيس ببرمجته فإنَّه يظلُّ يعمل حسب تلك البرمجة لحين قيام الرئيس بتعديل البيانات التي يقوم بإدخالها إليه (هذه الطبيعة قد خَلَقها وعمل على توطيدها الاحتلالُ الأمريكي منذ أكثر من 50 عامًا بالفلبِّين).

    يُعتبر الأرز مصدر الغذاء الأساسي في البلاد، وعلى الرغم من أنَّ الأرز ينتج على مدار العام، إلاَّ أن إقليم لوزون وكاجايان هما أكثر الأقاليم التي ينمو فيها الأرز، ويمتدُّ الموسم المُمْطِر لمحصول الأرز من يونيو إلى نوفمبر، ويمتدُّ موسم محصول الأرز الجافّ من يناير إلى مايو – يونيو، وفي الجنوب، يصبح العكس هو الصحيح، حيث يمتد الموسم الممطر للمحصول من شهر أكتوبر – نوفمبر إلى شهر مارس – إبريل، أمَّا موسم محصول الأرز الجاف، فيمتد من شهر مايو – يونيو إلى شهر نوفمبر، تتمُّ زراعة عدَّة أنواع من أرز الإنديكا ذِي المحصول الوفير، إلاَّ أنَّ الميلاجروزا – وهو نوع تقليدي – ما زالت له شعبيَّة في عدَّة مناطق، وقد بدأت زراعة أنواع الأرز الهجين مؤخَّرًا، وقد أصبحت له شعبيَّة متزايدة، ويُشَكِّل الأرز نسبة 41% من استهلاك البلاد للسُّعرات الحرارية، ونسبة 31% من استهلاك البروتين، إلاَّ أنَّ الإنتاج المحلي للأرز لا يمكن أن يَفِيَ بمعدَّل الطَّلب الحالي، مما يجعل الفلبِّين من أكبر الدُّول المستورِدَة للأرز.

    السياحة في الفلبِّين دور الاستثمار العربي والإسلامي في دعم مناطق المسلمين:

    تشتمل الفلبِّين على مدن حيوية تقدِّم لزائريها أجمل المعالم السياحية والجذَّابة، فمانيلا العاصمة تَزْخر بالحياة والنَّشاط، وهي تُعْرف بأزيائها الزَّاهية ومبانيها الإسبانية الرائعة، وشوارعها الحجَرِية وفنادقها الفخمة، فهي مُتْعة للمتسوِّقين؛ إذْ تَعْرض متاجِرُها المصنوعات اليدوية والقِطَعَ الأثرية الفريدة والمنقوشات الخشبيَّة، كما تجد هنا الأقمشة المحلِّية المُطرَّزة وملابس الأطفال والأحذية الرائعة، ومحالَّ الأزياء التي تَعْرض بضائع أفضل المصمِّمين العالَميِّين والقِطَع الفنِّية ذات الطابع الخاص، وهناك 20 ملعبًا للغولف في مانيلا وحْدَها، فضْلاً عن المطاعم العديدة التي تُقدِّم العديد من مأكولات العالَم، وللتَّعرُّف أكثر على تاريخ هذه الجزُر هناك زيارة لقرية نايونغ فيلبينو النموذجية التي تَعْرِض أزياء وتقاليد العديد من القبائل الفلبِّينية.

    يوجد مسجد وطني ومركز إسلامي عريق في العاصمة مانيلا، ومسلمو العاصمة إمَّا طالب عِلْم جاء مِنَ الجزر البعيدة ليتعلَّم، وإمَّا باحث عنِ الرِّزق، أو هارب من مشاكل الجنوب.

    جزيرة بوركاي تُعرف برملها الأبيض الناعم وأجوائها الهادئة الجميلة، وتبعد عن العاصمة بنحو ثلاث ساعات بالقارب، وتقدِّم بوركاي العديد من ألعاب الرياضة المائية، ومحال الغَطْس وتسهيلات الغوص التي تستقطب الزُّوار.

    أمَّا جزيرة بوركاي فهي متطوِّرة وهادئة ولطيفة، مُناخها يدعو للاسترخاء والاستجمام في إطار من الهدوء والسَّكينة، أما جزيرة سيبو (التي كانت أوَّل محطَّة لـماجلان)، فهي ما زالت – كعادتها – ترحِّب بزائريها بحفاوة فريدة، وتعتبر سيبو أهمَّ جزر فيساياز، وتعتبر مدرجات أرز بناوي إحدى عجائب الدُّنيا، وقد أعلَنَتْها منظَّمة اليونسكو موقعًا حضاريًّا عالَميًّا، وتضيف حقول الأرز الذَّهبية ومصاطب الأرز اللاَّمتناهية جمالاً إلى مسطَّحات الأراضي، ينبغي أن يكون هناك دورٌ كبيرٌ للاستثمار العربي والإسلامي في مناطق المسْلِمين، يعوِّضهم عن نَقْص إمكاناتهم التنموية.

    المسلمون ومشكلات وتحدِّيات الحاضر:

    مع كلِّ هذه الموارد السياحية والاقتصادية والتنموية، إلاَّ أن المسلمين في الفلبِّين – وخاصَّة في محافظة لانا والجنوحي – يعانون الحِرْمان؛ الحرمان من القيادة المخْلِصة والأصيلة، وتحقُّق تمثُّلهم تمثيلاً نزيهًا، وذلك بسبب التَّزوير والتزييف وشراء أَصْوات الناخبين الذي يتجدَّد كلَّ ثلاث سنوات في المحافظة والبلدية، فكثيرٌ ممن يتولَّون القيادة لا تربطهم بقضية المسلمين رابطة، بل همُّهم الاستزادة من المكاسب والمصالح الشخصية.

    أمَّا من يَطْلب الوظيفة الحكومية فهو يحتاج إلى مبلغ كبير من المال يدفعه إلى مسؤول لتعيينه في الوظائف الشَّاغرة في القسم الذي يرأسه، إنَّ هذا الفساد (اختلاس الأموال) والظُّلم، قد وَجَد طريقه إلى المساعدات الماليَّة من بعض الأثرياء المسْلِمين، أو من المؤسَّسات الخَيْرية، فنحْوُ ستِّين في المائة من هذه المساعدات قد تم إنفاقها في المشاريع الشخصية، أو في الانتخابات للوصول إلى المناصب العالية في الحكومة؛ لذا فعَلى هؤلاء المحْسِنين أن يتنبَّهوا ويفتحوا عيونهم؛ لِيَروا أموالهم التي قدَّموها إلى الجهات المختلفة، أو قدَّموها لتوزيعها على الفقراء والمساكين والأيتام؛ حتى لا يتكرَّر الأمر.

    ومِن مُشكلات المسلمين انتشارُ الجهل بتعاليم الإسلام: إنَّ عددًا كثيرًا من المسلمين قد هاجروا إلى المدن والبلديَّات في المحافظات التي يسيطر عليها المسيحيُّون طلبًا للرِّزق، وهم يزاولون الأعمال التِّجارية، وإنَّ هؤلاء الذين هاجروا إلى الأماكن المختلفة أكثرهم لا يعلمون عن الإسلام إلاَّ قدرًا ضئيلاً، وهم قد وُلِدوا من أبوين مسْلِمَين، وصاروا مسلمِين بالوراثة، وهم في حاجة ماسَّة إلى معرفة الإسلام؛ لتتمثَّل التعاليم الإسلامية في أخلاقهم ومعاملاتهم، ويَكونوا صورة حيَّة للإسلام، فالمواطنون من الأديان الأخرى يوجد عدد منهم يَنْظرون إلى بعض المسلمين المنحرفين كمرآة للإسلام، وهم لا يميِّزون بين الإسلام وبين سلوك بعض المسلمين.

    ومحاولات التَّنصير المستمِرَّة، وتوهين صلة المسلمين بالإسلام، وإحداث البِدَع في عقيدتهم، والتشكيك في القرآن الكريم، ونَشْر مصاحف محرَّمة ومزيَّفة، واتِّهام الإسلام زورًا بأنه: دين التخلُّف والفوضى والعنف، وإحياء النَّعرات القومية والإقليمية واللُّغوية، وإشاعة الخمر والقمار والبِغاء ولحم الخِنْزير بينهم.

    هناك مشاكل أُسَرية واجتماعية: فقَبْل الحرب العالمية الثانية وبعدها بسنوات كان المسْلِمون في الفلبِّين لا يسمحون بزواج بناتهم من المسيحيِّين؛ طاعةً لكتاب الله، ولكن في الوقت الحاضر وفي فترة الحكم العُرْفي انقلب هذا الأمر، وبعد إعلان الحكم العرفي والمعارك الكثيرة التي دارت بين المجاهدين وبين الجيش انحطَّ المستوى المعيشيُّ نتيجةً للمعارك والاضطرابات الدَّاخلية، هناك عشرات المئات من البنات المسْلِمات يَعْملن كخادمات في الدُّول العربية.

    وهناك مشاكل في التربية والتعليم: محاولات حثيثة للفصْل بين الآباء والأبناء؛ حتى يَخرج الأبناء من تحت التربية الدِّينية للآباء؛ كي ينفصلوا عن العقيدة والتوجيه الدِّيني، وعن الصِّلة بالعُلَماء، ففي أواخر 2004م بدأت بعض الدُّول المسيحيَّة مثل الولايات المتَّحدة وأستراليا في تنفيذ مشروع وَضْع المناهج الدِّراسية لتدريس العلوم الإسلامية في المدارس النموذجية – على حدِّ تعبيرهم – التي يقيمونها، وقد بدؤوا باختيار أناس من المسلمين يتعاونون معهم في وَضْع المناهج الدراسية وصياغتها وتدريب المدرِّسين يقومون بتدريس العلوم الإسلامية في المدارس التي يقيمونها، وإن الأموال التي أُعدَّت لهذا الغرض بلغَتْ مئات الملايين من الدولارات الأمريكيَّة.

    إنَّ غير المسلمين الذين يُنفقون الأموال الطائلة لتدريس العلوم الإسلامية لأبناء المسلمين – لا شكَّ – أنَّ لهم أغراضًا وراء هذه الأعمال؛ فهذا جزْءٌ من المخطَّطات للقضاء عليه، أو تحريفه في قلوب أبناء المسلمين (للسُّكوت على الحقوق، والصَّمت عن قول الحق، وتعطيل تعاليمه ورسالته، وقَصْرِه على المسجد فقط، حيث أداءُ الشعائر والفرائض التعبُّدية، لا يسير حياة الفرد والأمَّة في مختلف جوانب الحياة، وفي شتىَّ النشاط الإنساني الفردي والجماعي)، في حين أنَّ الإسلام الأصيل لم يترك ميدانًا من ميادين الحياة إلاَّ وضع فيه نظامًا فريدًا، يقول الله – جلَّ وعلا – : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].

    كثرة الخلافات المذهبية بين المسلمين: إنَّ بعض العلماء الذين تخرَّجوا من الجامعات الإسلامية من الدُّول العربية، ما زالوا يُثِيرون الخلافات المذهبيَّة، وهذا ليس في صالح الدَّعوة الإسلامية في الفلبِّين.

    ومشكلات عامة بين المسلمين: كانتشار الأُمِّية والفقر وسُوء الأوضاع الاقتصادية، إن أعداء مسْلِمي الفلبِّين يحاولون بالطُّرق المختلفة إهمال شؤون المسلمين، وعدم الاهتمام بما يمارسه بعض المسلمين من التزوير والتزيين وشراء أصوات الناخبين في الانتخاب.. واختلاس أموال الحكومة، ينسحب المسلمون الملتَزِمون بِدِينهم من ميدان السِّياسة، ويتركونها لهؤلاء الانتهازيِّين، وبالتالي فالحكومة المركزيَّة تتمكَّن من السيطرة على المناطق الإسلامية، واستغلال خيراتها، وفرض إرادتها على هؤلاء المسؤولين الذين تولَّوا المناصب الحكومية بالانتخاب المزيَّف، مع أن السِّياسة النَّزيهة لا تنفصل عن الدِّين، بل هي أهَمُّ أقسام الدِّين التي تَضْمَن حفظ القوانين الإلهية وتنفيذها والدِّفاع عنها.

    هناك جهود دوليَّة كبيرة (وخاصة من ليبيا) تسعى لضمان دعم عملية السَّلام في الجنوب المسْلِم، وخاصَّة المسائل المتعلِّقة بالتَّمكين السياسي والاقتصادي، والحكم في إقليم مينداناو جنوب الفلبِّين عِلاوة على الدُّخول في حوار مع الجبهة الإسلامية لتحرير مورو بما يَضْمن الوحدة والتَّضامن بين الجبهتين الوطنية والإسلامية، وتقَرر الدعوة إلى انعقاد مؤتمر شعب مورو ليقرِّر نهائيًّا مسألة القيادة، وليتبنىَّ برنامج العمل قبل نهاية شهر أغسطس 2008، وقد أبدى القادة عَزْمَهم والتزامهم بتركيز الاهتمام على تحقيق الوَحْدة والتضامن واستعدادهم للالتزام بقرارات لجنة القيادة الانتقالية، ودعا القادةُ الحكومةَ إلى إعادة تفعيل لجنة المراقبة المشتركة؛ حتى تتمكَّن من أداء مهامها المحدَّدة في اتِّفاق السَّلام المُوقَّع في 2/ 9/ 1996م، كما دعوا الحكومة الفلبِّينية إلى منح العفو العامِّ لكلِّ أعضاء الجبهة الوطنية لتحرير مورو المتَّهَمين بالتمرُّد، (وكان قد أُعلن بالعاصمة مانيلا عن الإفراج عن نور مسواري رئيس الجبهة الوطنية لتحرير مورو في السادس والعشرين من الشهر الماضي؛ وذلك نتيجة للجهود المتواصلة التي بذلَتْها مؤسَّسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية منذ زيارة رئيسها سيف الإسلام للفلبِّين في الثاني عشر من شهر ديسمبر 2007م).

    وعبَّر قادةُ الجبهة الوطنية لتحرير مورو عن تقديرهم لمبادرة حكومة جمهورية الفلبِّين المتعلِّقة بمخطَّط إقامة النظام الفيدرالي في الفلبِّين، ويدعوها بإلحاح إلى اشتراك الجبهة الوطنية في هذا الأمر، وطالَبوا الحكومة الفلبِّينية بإشراك الجبهة في مباحثات السلام مع الجبهة الإسلامية.

    المسلمون يُشكِّلون اليوم خمُس سكَّان الكرة الأرضية، ينبغي لهم النهوض بدورهم الذي يليق بهم في هذا العالَم، وإنَّ العامل الرئيس الذي أدَّى إلى هذا الوضع هو الفُرْقة والتشتُّت اللَّذانِ فُرِضا على المسلمين تحت عناوين القوميَّة والطائفيَّة والوطنيَّة؛ لذا يتحَتَّم فسْخُ هذا النَّهج المناهض لروح الإسلام، فالقرآن يؤكِّد على توحيد الصَّفِّ الإسلامي حول محور الدِّين والاعتصام بحبل الله المتين.

    والمسلمون في الفلبِّين في حاجة ماسَّة إلى توحيد صفوفهم؛ فوَحْدتهُم وتضامنهم هما الأمل لمواجهة المؤامرات التي تُحاك للقضاء عليهم، ثم هم ينتظرون مدَّ يد العون والتعاون والتكافل والنُّصرة لحقوقهم المشروعة، فهل من مُجيب؟؟

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد