مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #132723
    تجليآت
    مشارك

    محمد بن حسين الأنصاري

    في مقال سابق وُسِم بفلسفة التغيير كان الحديث عن التغيير الحقيقي الذي ينتج عملاً، ويثمر تقدّمًا لصاحبه، وعن التغيير الإيجابي والسلبي، وعن إمكانية التغيير ويُسْره من عدمه.

    وفي هذا المقال نتمّم ما يتصل بالتغيير الإيجابي من نتائج تدفع صاحبها نحو العمل الجاد، والتكيّف مع الواقع المتغيِّر مهما بلغ شره وقلّ حَسَنه (بحول الله) وهو ما أسميه: بحصاد التغيير. فالتغيير الإيجابي هو ما يكون لحقائق الأمور، وهو الذي يتأسس من الداخل، وينطلق من القناعات الذاتية، وهو الذي يحصد صاحبه الثمار التالية:
    1- الثبات:
    المحمود بكل لسان هو من تمسّك بأصول الإسلام، ولم ينجرف مع هذا السيل العارم من الأفكار الهدّامة، والشُّبَه المضلّة، ولعل الزمن الذي يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر قد أظلّنا!

    وخير معين على ثبات المرء – بعد توفيق الله – هو العلم الصالح، فهو الغيث المبارك الذي يصفي الأرواح من درنها، ويذهب عن النفوس وساوس الشُّبَه. والعالم هو الذي يقف سداً منيعاً أمام تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين..

    والعلم: ما نفع، ورَفع الجهل عن صاحبه. وخيره الذي يقترن بالفهم والإدراك.. فمن فهم الأصول حاز الفنون أي: أصول العلم وكلّيات الدين.
    2- إعمال العقل:كثيراً ما يقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم: (أَفَلاَ تَعْقِلُون). [البقرة:44]، أيضاً في آية: [البقرة:76]، وفي آية: [آل عمران:65]، وفي آية: [الأنعام:32]، وفي آية: [الأعراف:169].. وفي… وفي…

    وتارة يقول ربنا: (لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون). [يوسف:2] أيضاً في عدة مواطن..

    وأحياناً أخرى يقول: {إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون} [الشعراء:28]، ويقول جل وعلا: (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُون). [يس:62]…

    وهكذا نعلم أهمية العقل والتعقّل في شريعة رب العالمين؛ فهو من أجلِّ ما كرّم الله به الإنسان وميّزه به عن غيره من المخلوقات؛ لهذا ضلّ فيه طوائف من المسلمين قديماً وحديثاً؛ فجعلوه أساساً للمعرفة، وحاكماً على نصوص الوحيين، ولهم في ذلك طرائق قدداً.. مذكورة في مظانّها..

    ولو كانت العقول كافية وشافية لهداية الناس، وفصل النزاع فيما اختلفوا فيه؛ لما أنزل الله الكتب وأرسل الرسل إذ لا يمكن الحكم بين الناس في موارد النزاع والاختلاف على الإطلاق إلاّ بكتاب منزّل من السماء، ولا ريب أن بعض الناس قد يعلم بعقله ما لا يعلمه غيره؛ وإن لم يمكنه بيان ذلك لغيره، ولكن ما عُلم بصريح العقل لا يُتصوّر أن يعارضه الشرع البتة. بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط. [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (1/83)].

    على كل الجميع يتفق على ضرورة: إعمال العقل في موضعه، وذلك بملاحظة مواطن الخلل في أقوال القائلين كقصور في الفهم، وتصوّر ناقص، وتحليل غير منطقي.

    ومن ذلك معرفة مكان الحكم في كل مسألة شرعية، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بالمناط، وكذلك التماس علل الأحكام وحِكمها.

    وهذا من أهم ما يساعد على تنمية عقل الإنسان، إضافة إلى أمور أخرى مهمة وهي:

    – القراءة في كتب النقد العلمي والأدبي.

    – القراءة لأذكياء العالم العربي والغربي.

    – القراءة في كتب الأدب عموماً، فقديماً قيل: كتب الجاحظ تربي العقل.

    – القراءة في الشعر خاصة.

    – النقاشات العلمية الجادّة.

    يبقى أن الله ضرب مثل الذين حُمّلوا التوراة ثم لم يحملوها بالحمير التي لا تعقل، مما يؤكد ضرورة ذلك، فعدم إعمال العقل هو نوع من السلاسل والأغلال التي تحجب الإنسان عن فهم الحقيقة.

    3- تغيير في الأدوات والأساليب:التغيير من طبيعة البشر فإن الإنسان لا يثبت على حال في صعود وهبوط دائم.. فالإنسان يمر بعدّة حالات: حب.. كره.. فرح.. حزن.. غنى.. فقر.. طفل.. شاب.. كهل.. عالم.. جاهل.. حرب.. سلم.. نصر.. هزيمة.. تابع.. متبوع..

    فالتغيير سنة ثابتة من السنن الإلهية تفرض نفسها على حياة الإنسان، بحيث لا يمكن أن يخترق هذا القانون الإلهي، ويقاومه ويختار الجمود والبقاء على نفس حالته.

    – والتغيير الحقيقي يبدأ من النفس والنظر في المآلات، ثم اختيار الطريق الأكثر أمنًا والأحمد عاقبة.

    – ومن شرطه أن يكون خطوة.. خطوة.. فقسر النفس وحملها على أمر ما بقوة غالباً ما يأتي بالضد، فلا تكن كالمنبت، والقصد.. القصد تبلغوا.

    – أعطِ النفس فرصة الاستمتاع بالمباح؛ لتعطيك القوة والنشاط عند الحاجة.

    – عشْ واقعك.. ولا تُمنِّ النفس بأوهام غير ممكنة عقلاً ولا شرعاً.

    وعدم التغيير يورث التالي كما قيل: الأمم التي لا تستجيب للتغيير فإنها تحكم على نفسها بالموت، فانحطاط أغلب الحضارات وانقراضها يبدأ عندما لا تفهم بأنها يجب أن تغير من واقعها استجابة للمستجدات التي واكبت الحركة البشرية المتصاعدة، أو أنها تبدأ بالحركة المتسافلة نحو الاندثار عندما تختار عناصر الانحطاط والتراجع.

    4- التغلب على المعوّقات:

    صاحب النفس الطموح التي تنشد التميز والإبداع دوماً؛ لا يقف أمامه شيء مهما كان صعباً، ومع أزمة العقبات المتجدّدة من المفيد للمرء في هذه الأحوال أن يعتمد – بعد الله عز وجل – على نفسه في زمن اليأس، وتوافر النماذج المخذِّلة، وقلة الناصر والمعين من الأهل والأصحاب.

    ما في الصحاب أخو وجدٍ نطارحه حديث نجدٍ ولا خلٌّ نجاريه

    على المرء أحياناً الشعور بالوحدة في تحقيق مطالبه وأهدافه؛ لأنه لو لم يفعل ذلك وتعلق بغيره لنكص على عقبيه عند فقدانه!

    لطالب التغيير الحذر من أعداء النجاح، وآفات التغيير الإيجابي مثل:

    – الخوف من ذات التغيير.. بسبب مواقف سلبية.

    – ضعف الإرادة.

    – عدم الوعي بأهمية التغيير.

    – عدم الطموح والاكتفاء بالحال.

    – التثبيط من المجتمع القريب والبعيد.

    5- التغيير وعلاقته بالأهداف..

    التغيير الإيجابي لا بد أن يؤثر في الأهداف إمّا تحديداً أو تحقيقاً؛ فتغيير المرء يعني تغيير أهدافه من الحسن للأحسن..

    والحياة لا قيمة لها بلا أهداف، ومما يعلم عند كافة الأمم أن الوقت هو الحياة، ووجود الهدف عند الإنسان مما يجعل شعوره بالوقت آكد، ويساعده ذلك في تغيير أوضاعه وأحواله.

    كثيراً ما يُهدر الوقت في التعامل مع اللحظة الحاضرة بسبب أننا لم نفكر فيها من قبل، وبذلك تتحوّل ساعات الإنجاز إلى فراغ.

    – كنْ صريحاً مع نفسك عند تحديد الهدف، واحسمْ صراع الخيال بأمر معقول.

    – حاولْ التغلب على تفاصيل الحياة الكثيرة لتخدم هدفك المنشود.

    – قسّم الأهداف إلى مراحل، ودعْ نفسك تتذوق حلاوة الإنجاز.

    – اقتنعْ بهدفك، وحدّد الأولويات، وقدّم الأهم فالمهم.

    – اتسمْ بالمرونة، والملاءمة بينك وبين هدفك.

    وبعد: فالتغيير مسؤولية الجميع..

    كلٌ بحسبه؛ التغيير كل ما كان محدوداً كان ناجعاً، وأقرب للواقع؛ بهذا تعظم مسؤولية الفرد تجاه نفسه، والأسرة، ثم العلماء، والحكام؛ فلو قام الجميع بما يجب عليه لصلح الحال. والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً…

    #1453243

    أعطِ النفس فرصة الاستمتاع بالمباح؛ لتعطيك القوة والنشاط عند الحاجة
    فعلا الانسان محتاج فرصه
    لكى يغير من نفسه كثير
    حته يعرف يتعمل مع البشر
    تسلم ايدك اخت شوق
    بارك الله فكى

    #1453272
    تجليآت
    مشارك

    الله يسلمك أخيآآ ..

    #1453294
    تحيا مصر
    مشارك

    كنْ صريحاً مع نفسك عند تحديد الهدف، واحسمْ صراع الخيال بأمر معقول.

    نسلمى غاليتى شوووق ع الانتقاء القيم

    بارك الله فيكِ

    #1453568
    تجليآت
    مشارك

    الله يسلمك .. رحيق

مشاهدة 5 مشاركات - 1 إلى 5 (من مجموع 5)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد