الرئيسية منتديات مجلس القانون والقضايا والتشريعات نظرية التعسف في استعمال الحق

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #12952
    مجد العرب
    مشارك

    في الواقع أن للإنسان قبل وبعد ولادته تنشأ له حقوق ، وتترتب عليه التزامات في ذمته .

    وبطبيعة الحال فإن هذه الحقوق التي تنشأ للإنسان هي ليست على نمط واحد ، بل تختلف حسب اختلاف مصادرها المنشئة وهي نوعان :

    النوع الأول : تنشأ من خلال الوقائع القانونية ، ويطلق عليها بالأحداث المادية أو الوقائع المادية وهذه الأحداث المادية قد تكون أحداث طبيعية أي لا دخل للإنسان في وجودها بواقعنا الملموس ، كالكوارث الطبيعية مثل الصواعق أو الزلازل ، أو حدث الولادة الذي ينشأ للمولود حق في العيش وحق في الإرث ، أو حدث الوفاة الذي ينشأ حق للورثة في تركة مهلكهم .
    وقد تكون أفعال يأتي بها الإنسان بالخطأ فيرتب على نفسه التزام للغير ، كقيام بفعل ضار يلحق بالغير ضررا ، مما يلزمه تعويض المضرور .

    أما النوع الثاني : فهي تنشأ من خلال التصرفات القانونية ، وهي تلك التي يرتبها الإنسان على ذمته أو ذمة غيره بإرادته الحرة ، وهي إما عن طريق العقد مثل عقد البيع الذي ينشأ حق للمشتري في استلام المبيع محل العقد بالنسبة للمشتري ، وينشأ حق للبائع في قبض الثمن وهو محل العقد بالنسبة للبائع . وإما عن طريق إرادة الإنسان المفردة مثل الهبة أو الوصية .

    وبهذين النوعين من المصادر المنشئة للحقوق ، تتولد الحقوق للإنسان ، وتكون له سلطات عليها بحيث يستطيع ممارستها بكل حرية .

    وبعد هذا الضوء الخافت عن مصادر الحقوق .. فالآن سوف يدور الحديث حول حرية التمتع بهذه الحقوق المكتسبة ، وما يملك من سلطات قانونية على هذه الحقوق في ممارستها والتصرف بها .

    ويتبع >>>

    #387266
    مجد العرب
    مشارك

    دون خافية أن لكل إنسان يملك من الحقوق فله عليها ثلاث سلطات قانونية ، وهي سلطة الاستعمال ، و سلطة الاستغلال و سلطة التصرف .

    ومثل سلطة الاستعمال ، فالشخص الذي يملك سيارة فله الحق في استعمال هذه السيارة لأغراضه الشخصية ، والتنقل بها في أي مكان ، وأن يحمل عليها أي شخص ، وله أن يقضي عليها مآربه الأخرى .
    ومن يملك منزلا فله الحق في السكنة .

    ومثل سلطة الاستغلال ، فالذي يملك السيارة له أن يستغل سيارته عن طريق التأجير . والذي يملك المنزل له أن يؤجر العقار على من يشاء ومتى يشاء .

    ومثل سلطة التصرف ، يستطيع مالك السيارة أن يبيع سيارته التي يملكها أو يرتب عليها رهنا كضمان لوفاء الدين الذي عليه . ويستطيع أيضا أن يهبها لأي شخص آخر ، أو يوصي بها لشخص معين تنفذ وصيته بعد وفاته .

    وهذه السلطات الثلاث يقرها القانون ، ويوفر لها الحماية الهادئة من أي اعتداء خارجي يبدر من الغير . وكما أنها تمنح للإنسان حرية التمتع في الحقوق ، وتعد حق له لا ينازعه أحد من الغير ولا أن يعترض عليه أحد عند ممارسة الصلاحيات الممنوحة له قانونا .

    ونظرا إلى أن حرية التمتع بالحقوق جاءت فضفاضا مما قد يتجاوز صاحب الحق حدود صلاحيته القانونية في ممارسة الحقوق الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق بالغير أضرار مدنية تتمثل في إصدار المضايقات أو إتلاف الأموال ، لذا ابتدع فقه القانون نظرية تدعى نظرية التعسف في استعمال الحق وذلك للحد من تجاوز الممارسات التي يمكن لصاحب الحق القيام بها على غير الوجه المطلوب منه ، أي عكس ما هو المطلوب منه أن يتيح للغير أيضا التمتع بحقوقهم تمتعا هادئا .

    فمالك الأرض له الحق أن يقيم على أرضه منزلا للسكنى ، وأن يقيم على حدود أرضه حائطا مناسبا يقي حرمة منزله ، فهذا الشخص هنا يمارس حقه طبيعيا ، ولكن ماذا لو أقام حائطا مرتفعا جدا يحجب الضوء والهواء عن منزل جاره في الاتجاه الذي يحصل منه على الضوء والهواء تعمدا منه ، فيعد تصرفه هذا تعسفا منه في استعمال الحق .

    وهذا مالك السيارة له الحق في استعمال سيارته والسير بها في أي مكان وفي أي وقت ويحترم قواعد المرور ويعطي كل ذي حق حقه في العبور والمرور ، فهو يمارس حقه طبيعيا ولكن ماذا لو قام مالك السيارة تعمدا منه ودون مبررا بقيادة سيارته بسرعة هائلة وجنونية على شارع الحي الذي يسكنه والمزدحم بالمارة مما يدخل في قلوبهم الرعب والخوف عند عبورهم بهذا الشارع ، فيعد تصرفه هذا تعسفا منه في استعمال الحق الذي يخوله القانون .

    وهناك معايير وضوابط وضعها الفقه القانوني في هذه النظرية للتمييز بين جواز استعمال الحق وبين الخروج عن حدوده أو التعسف .

    ومن هذه المعايير والضوابط أوردها مشرع القانون المدني المصري تتلخص في الآتي :

    1 ـ قصد الإضرار بالغير وهو معيار ذاتي أو شخصي .
    ومثاله كما جاء أعلاه .
    2 ـ تحقيق مصلحة غير مشروعة وهو معيار موضوعي .
    ومثاله : من لا يقوم بتسجيل عقد الإيجار لدى الجهات المعنية لأجل أن يحصل على زيادة في الأجرة .
    3 ـ تحقيق مصلحة تافهة لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر وهو معيار موضوعي أيضا .
    ومثاله : من يقوم بهدم حائط منزله الذي يتخذه جاره حجابا أو سترة لمنزله .

    وطبيعيا كل من يتعسف في استعمال حقه سيتعرض للجزاء وهو محصور ما بين التعويض والإيقاف هذا التعسف من قبل جهات القضاء إذا ما اقتضت الضرورة . وهذا الجزاء يعتبر من قبيل الالتزام المقابل الذي يترتب على حق الممارسة ، أو بمعنى آخر كما أنه يحق للإنسان ممارسة حقوقه بحرية هادئة فعليه أيضا أن لا يسمح لنفسه التعدي على حقوق غيره في الممارسة بحرية هادئة ، وإلا فالجزاء خير رادع له .

    وديننا الإسلامي الحنيف أخذ هذا المبدأ الذي يقضي علـى أنه ( لا ضرر ولا ضرار ، والضرر يزال )

    ولكم منا التحية

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد