الرئيسية منتديات مجلس الثقافة العامة عندما يفقد الشاعر ادواته

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #122583

    ثقافة وفن: الشاعر حكمت شبر: الشعر الكلاسيكي لم يفقد ادواته في التعبير عن الواقع والحياة

    حاوره: ابراهيم مراد

    الشعر حالة تصوير للواقع بأدوات لفظية سمعية تقرن الأحساس باللغة في دلالة ربطية بين الشعور والمعنى، لكن هل يمكننا التساؤل بأن الشعر ملكة منحت لأفراد معينين دون غيرهم ام ان الشعر هو ترجمة لتراجيديا الحياة ومآسيها ومظالمها ومسراتها، وهل الشعر يبدأ مع الأنسان منذ نعومة أظفاره ام انه حالة قد تكون متاخرة لايحدد لها زمان ومكان، وهل هو محدد بوقت ولادة معين ام انه يأتي متى ما يشاء وكيفما أراد، الشاعر والدكتور النجفي حكمت شبر يجيب عن هذا السؤال بالايجاب، نعم تاتي القصائد والابيات بعد النضج الفكري والفهم السياسي والأدراك الأجتماعي، فهي متمثلة في تجربته الشعرية التي بدأت في عمر الخمسين، حكمت شبر فضلا عن كونه شاعراً فهو استاذ قانون في جامعة بغداد له العديد من البحوث والدراسات نذكر منها (في القانون الدولي) و (دراسة مقارنة في الفقهين الأشتراكي والرأسمالي) بالأضافة الى ترجماته من الروسية والانكليزية الى العربية، التقت جريدة (الأتحاد ) به في السليمانية وسألته عن علاقته بالشعر والقصيدة ولماذا انتظر وقتاً طويلا حتى يكتب قصيدته الأولى؟

    انا لم اولد شاعرا بل كنت احفظ الشعر، بحكم وجودي في مدينة عريقة مثل النجف وهي المدينة التي نشأ وترعرع ونبغ فيها الكثير من الشعراء وفي مقدمتهم الشاعر محمد مهدي الجواهري ومحمد رضا الشبيبي ومحمد بحر العلوم والكثير من الشعراء ولذلك نحن وبشكل طبيعي وتلقائي كنا نستمع الى الشعر ونحضر مهرجانات الشعر،وفي مدينة صغيرة كالنجف ليست فيها اي وسيلة من وسائل التسلية كان الفرد منا يتوجه اما الى السياسة او الى الأدب،فالحراك الثقافي في مدينة النجف كان له بالغ التأثيرعلي ففي هذه المدينة ليس هناك مفر الا الى الشعر،انا اتذكر اني مشيت مرة من النجف الى الكوفة وكانت الطريق صحراء وكنت طالباً في المتوسطة وفي الطريق حفظت قصيدة كاملة لن انساها للجواهري والتي كان عنوانها (ستالينغراد) حفظتها بشكل كامل، صراحة لم أكن شاعرا في البداية وأنما كنت احفظ الشعر واكتب بعض الابيات الغزلية، فحالي حال الاخرين وحين بلغت الخمسين من العمر بلغ الظلم مداه في العراق وهي الفترة التي فصلت فيها من التدريس الجامعي حيث كانت الحرب العراقية الأيرانية مندلعة وكان الالاف من الناس يهاجرون او يقتلون في ذلك الوقت وجدت نفسي أكتب الشعر ولن انسى اول قصيدة كتبتها باسم التتر في بغداد اقول فيها (بغداد قد عاد التتر الى ربوعك من جديد وفضوا بكارتك وباعوك بأسواق العبيد، قتلوا الأنامل والصغار وتعطروا من دم الشهيد،لم يرتو جلادوك بالدم ياويل جلاد يعيش على الصديد) كانت هذه هي البداية واستمر الشعر يتدفق من عندي من حيث لا ادري ولازلت عندما انتهي من قصيدة اقول انها الاخيرة ولكن اجد نفسي في اليوم التالي أو بعد اسبوع او بعد شهر أكتب قصيدة اخرى ولا اعرف هل هو فعلا كما يقولون (عبقر الجن) او كما يقول كولن ولسن هو العقل الباطن المزدوج للانسان ام كما يقول الاخرون انه شيطان الشعر.
    *هل كانت قصائدك الأولى أبناً شرعياً لواقع العراق الأجتماعي والسياسي لانها اقترنت بوصف الظلم والقمع؟
    مثلما الحب له علاقة بالشعر فالظلم ايضا له علاقة بالشعر لان الشاعر مرهف الاحاسيس،حساسيته أقوى من الأخرين فأستجابته وردود فعله أكبر، فالعاشق الذي يحرم من الألتقاء بحبيبه يشعر بالظلم وهذا الظلم لا يختلف عن ظلم اخر سواء ظلم السلطة او المجتمع أو البيئة،يعني مثلما نبغ لدينا شعراء سياسيون كالجواهري فلدينا شعراء غزليون فهي استجابة لحساسية الشاعر لانه اذا كان الفرد العادي لا يرضى بالظلم مرة فان الشاعر لا يرضى به بعشرات المرات، صحيح ان الشعر هو تنفيس عن خوالج النفس،وتنفيس عما يشعر به الانسان،فلا تجد الشعر الا وقد خرج كالشلال من جوف الصخر على شكل قصيدة كاملة أو عدة ابيات،فالشاعرعندما يشعر بضيق مساحة حرية الرأي والتعبير يعبر عن نفسه بالشعر، حاله حال القصة والرواية، فالروائي والقاص يكتبان قصصا وروايات درامية فيها ظلم فيها تعبير عن مأساة الأنسان كذلك الشعر، فالشعر بأعتقادي هو احد الفنون التشكيلية الموجودة في العالم ،لذلك فهو تعبير حقيقي عن خوالج النفس.
    *ماالعلاقة بين الشعر والفنون الجميلة وكيف ربطت بينهم،وكيف يمكن تصنيف الشعر ضمن الفنون التشكيلية ؟
    فالربط والالتقاء موجودان بينهما،لانك في الرسم ترى الصورة ولكن في الشعر فأنت تقرأ الصورة، تقرأ التعابير سواء في شعر الحب أو في ذلك المعبرعن واقع ظالم او المعبرعن حب الطبيعة، فحال الشاعر حال الرسام والموسيقي، فعندما تستمع الى الموسيقى فأن ذلك يشبه الأستماع الى الشعر وتطرب له ،لان الشعر يملك موسيقاه الخاصة به،هذا الكلام ينطبق أكثر على الأشعار الكلاسيكية العمودية، لكن لا اريد القول ان الشعر المنثور ليس به موسيقى،لكن انا شاعر على الطريقة الكلاسيكية، ولست ضد اي توجه ادبي يخدم الانسان والانسانية ولست من المحافظين، لكن ارى أن الكثرة من الشعر المنثور يضر ويسيء الى سمعة الشعر المنثور، فكل واحد يمسك القلم ويكتب بعض الكلمات ويقول عنه بأنه شعر وينشره هذا شيء معيب لانه علينا أحترام الشعر.
    *هل أحترام الشعر برايك يكون بالعودة به الى الجذور والاصول التي نبت ونشأ فيها؟
    الأصول موجودة سائدة فالشعر ديوان العرب، الشعر هوية العرب هذا لا يعني أني لا احبذ الحداثة والمحدثين ،لكن هذا التراث الكبير من الشعر وهؤلاء الشعراء العظام الذين عبروا عن وضع مجتمعاتهم وحياتهم في الأزمان الماضية، يعني عبروا عن حقيقة ما كانوا يعيشونه،اي ان الشعر الكلاسيكي لم يفقد ادواته في التعبير عن الواقع والحياة كما يقول الممتطون ظهور الحداثة،كتبت قصيدة طويلة في رثاء الجواهري مئة بيت متماسكة المعنى وفي وحدة الموضوع وفيها التعبيرالحقيقي عن الحالة وكتبت عن العولمة وسقوط الحضارات أكثر من مئة وخمسين بيتا ومن الممكن ان اكتب مئات الابيات التي تعبرعن مكنونات النفس والعصر وفي لغة مفهومة بدون الوقوع في فخ أستخدام الكلمات الصعبة كالتي أستخدمها المتنبي أو ابو تمام وغيرهم من الشعراء العظام، فيمكن أستخدام لغة العصر ومفاهيمه وادخاله الى القصائد العمودية بدون صعاب، يقولون اذا لم أكتب الشعر المنثور لا أستطيع التعبير عن نفسي، انا ارد بأن المسألة معكوسة فالشعر العمودي لم يفقد معناه ولا تأثيره، فالقصيدة العمودية تؤثر في الناس اكثر من القصيدة المنثورة، فالشعر المنثور بالأصل نثر اذا اضفنا عليه صفة الشعر، لا اتجه الى نزع صفة الشعر عن القصائد المنثورة لكن اطلب من الادباء ومن الشعراء ان لا يقلدوا الحداثة والشعر الموجود في الغرب، فأوروبا ظروفها تختلف عن ظروفنا،فنحن لا نستطيع ان ننقل كل ما هو موجود في اوروبا الى ادبنا، فالحداثة جميلة ولكن ليس بالشكل فقط وانما بالجوهر والمضمون ايضاً، هذه وجهة نظري اما هم كيف يقرأون المسألة فهو شيء يتعلق بهم،لي صديق شاعر يكتب شعرا منثورا وعندما توفي أحد الاصدقاء المقربين نظمت قصيدة عمودية اما هو فقد نظم قصيدة نثرية فقلت له: ياقحطان انت تستطيع ان تكتب قصيدة عمودية فلماذا تكتب قصيدة نثرية فرد ان الشعر المنثور اسهل فانا اكتب خلال ساعة خمسين بيت في حين اني لا استطيع ان اكتب في يومين بيتين، هذه المسألة مهمة وأذكر ايضا أن الجواهري كان يتحدى الحداثويين من خلال دعوتهم الى كتابة عشرة ابيات عمودية لها معنى، فاضل العزاوي لديه قصيدة يسميها القصيدة الميكانيكية تتالف من خمسة عشر بيتا يعتبرها جوهرة القصائد، والله لم أجد فيها سوى الميكانيك بينما ضاعت البلاغة والفصاحة والموسيقى الشعرية،لا أريد الدخول في معارك معهم فيكفينا ما نحن فيه من معارك، أعلم اني اعرض نفسي بهذا الكلام الى النقد خاصة من مدارس المحدثين كمدرسة العنف ومدرسة الشتم ومدرسة الدعاية السيئة التي ولدتها الانظمة الشمولية ولذلك فعندما ينتقد احدنا لا ينقد بأدب ولكن يشتمك ويصفك بالمتخلف والقديم وصاحب الفكر البالي الى اخر هذه الكلمات التي لا داعي لها.
    *بدأت بالشعر السياسي هل أستمريت عليه ام انك حاولت الولوج الى قضايا اخرى كالعشق والحب والمواضيع الاخرى؟
    كتبت العديد من القصائد الشعرية وخاصة بأم اولادي لانها هي التي وقفت الى جانبي في الاوقات التعيسة والصعبة جدا، وهي من وقفت الى جانبي وتحملتني وتحملت عصبيتي عند كتابة الشعر لانك في كتابة الشعر تعيش حالة ولادة جديدة حالة مخاض وأرهاصات وعذابات قبل أن تخرج القصيدة الى النور، بدات بالشعر السياسي ومازلت، فاخر قصيدة كتبتها اسمها (حوار الدم)، كتبت عدة قصائد منها قصيدة (اعتناق المسخ) وقصيدة (اعراس كانون) وكتبت بغداد ياعنقاء بعد تحريرها من يد النظام السابق، كل هذه القصائد جمعتها وأتيت بها الى كردستان لطباعتها، فالقصائد الحالية أذا اردت تجزئتها على طريقة الحداثويين يمكن أن تتحول الى عدة دواوين شعرية خمسة او ستة دواوين لانها اكثر من مئة قصيدة واكثر من أربعة آلاف بيت من الشعر العمودي، اما على الطريقة النجفية فنحن نجمعها في ديوان واحد.
    *هناك مقولة ترى أنه من الصعب الألتقاء سياسياً وأجتماعياً وفكرياً اذا لم نلتقى ثقافياً،هل الشعر أداة توحد بين الشعوب، كيف تنظر الى هذه الناحية وخاصة في العراق أقوام متعددة كالعرب والكرد وغيرها من القوميات ؟
    ان الالتقاء الثقافي هو جوهر الانسانية وهو خلاصة تطور الحضارة فنحن منذ قصيدة كلكامشالى الزمن الحالي عبر الملاحم اليونانية تتواصل للحضارات، هذه القصائد والملاحم منزهة من الشر ومن الكره ومن الحقد وتصب في خدمة الانسانية والبشرية، فكيف في حالة العراق ونحن أمة واحدة من شعبين امة خاضت صراعات ضد الظلم ولا زالت تخوض الصراعات، الألتقاء الثقافي او الشعري يجمع ويوحد مشاعر الانسانية كلها، يعني المسألة بديهية فعندما يتحدث شيركو بيكس عن الظلم الذي وقع على الكرد فكانه يتحدث عن الظلم في العالم أجمع، وعندما اتحدث عن الظلم الذي وقع على العراقيين كأني اتحدث عن الظلم الذي وقع على الكردي والعربي، وقد كتبت عن الكرد ما يقرب من عشر قصائد، كتبت عن حلبجه الشهيدة وعن الانفال وكتبت قصيدة الى مام جلال واخرى الى البارزاني سميتها العنقاء وكتبت الى ام كردية ثكلى.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد