السلام عليكم ..

الإخوة الأعزاء .. طيب الله أوقاتكم ..
عندما حان موعد احتسائي لكوب النسكافية توجهت لغرفة الجلوس لمشاهدة التلفاز متخذاً مكاناً في الأريكة يحميني من أن أغوص في أحشائها .. ولكني انتبهت بحنق أني نسيت أمراً هاما “الريموت كنترول”!! .. فلعنت اليوم الذي اخترعوا فيه هذه التقنية الناقصة فسرحت بخيالي الخصب عن إمكانية تشغيل التلفاز بتحريك حواجبي .. عموما ..

بعد أن وجدت الريموت أدرت التلفاز لمشاهدة قناة الجزيرة وما تحمله من أخبار .. صعقني خبر اكتشاف قضية تجسس في قطر بطلها صحفي أردني لصالح المخابرات الأردنية وقد حكمت عليه المحكمة القطرية بالإعدام شنقا أو رميا بالرصاص حتى الموت .. وذلك لأنه كان يُرسل معلومات تقول قطر إنها محظورة إلى موقع تابع للمخابرات الأردنية .. وشاهدت منظر المحكوم عليه بالإعدام وهو يغشى عليه من هول هذا الحكم ..
تخيلت نفسي بكل براءة في ذلك الموقف فاستبحت لنفسي العذر أن أصاب بغيبوبة وليس مجرد إغماء !!

حزنت كثيرا لهذا الصحفي الشاب الذي يبدو لي أنه وقع ضحية لعب الكبار .. حيث رجعت بذاكرتي لسلسة الخلافات القطرية الأردنية بسبب قضية المهندس إبراهيم غوشه القيادي في حركة حماس الذي تم نفيه من الأردن إلى قطر في نوفمبر 1999 ومعه 3 آخرون لمدة تزيد عن سنة ونصف السنة بسبب نشاطهم السياسي .. وفجأة قرر غوشه في يونيو 2001 العودة إلى وطنه بحجة انه مواطن أردني ووجوده في الأردن يعتبر حق مكتسب .. وهنا حدثت الأزمة فلم يتم إخطار الأردن بقرار العودة المفاجئ مما أثار غيض المسئولين بالأردن وبالتالي إصدارهم قرار باحتجاز الطائرة القطرية التي كانت تُقْل غوشه ومنعه من دخول البلاد لمدة تجاوزت الأسبوع .. وتصاعدت الأزمة وحاولت عدة جهات عربية ودولية التدخل لحل هذه الأزمة وكلما مر يوم تزيد حدة الاتهامات من الجانبين والمسكين غوشه ينتظر في المطار !!

وبعد أن تم حل الخلاف على مضض توجه غوشه إلى منزله وعادت الطائرة لقطر وهدأ مطار علياء الدولي ولكن زي ما بيقولوا إلي أنكسر عمره مابيتصلح .. فكلا الفريقين كان ينتظر الفرصة لرد الصفعة فتم إصدار قرار بإغلاق الأردن لمكتب قناة الجزيرة واحتجاز بعض المراسلين .. والتصريحات النارية لمسئولين قطريين عن إفتعال الأردن أزمات وغيرها من الأعمال الصبيانية !!

الغريبة هنا أن قطر لم تصدر حكما بإعدام 4 بحرينيين اتهمتهم بالتجسس بل أفرجت عنهم ..
ثم ما هي نوع المعلومات الحساسة التي تخاف قطر من إفشائها ؟ ..
وهل هذا هو الوقت المناسب لظهور خلافات التخوين بين أشقاء بينما العدو الحقيقي يسرح ويمرح ؟!! فهاهي أمريكا تبني وتستأجر القواعد تلو الأخرى في مناطقنا .. وليس ببعيد خبر توسيع قاعدة عسكرية أمريكية بقطر وإليكم الخبر بعيون الـ BBC وليس بكاميرا الصحفي الجاسوس
وهاهي إسرائيل تتفنن في إذاقة العذاب لشعب أعزل .. ونحن هنا نتشاجر على طائرة وجزيرة وبعير !! .. ومن جهة أخرى أبواق الحكومات تغني وتشتم وترقص !! ثم أين جهود قطر في تبني قضايا عربية وإسلامية لماذا لا تظهر في مثل هذه المواقف ؟ ولماذا الإعدام أصلا ؟!! حتى جواسيس إسرائيل يتم الاحتفاظ بهم للمقايضة !!

بعد كل ما شاهدته في القناة وما دار في عقلي .. عُدت إلى الواقع لأجد نفسي غارقا في الأريكة .. لعنت اليوم الذي اخترعوا فيه البوليستر الإسفنجي .. وشحذت خيالي الخصب لاختراع مادة عربية لا تغرق !!

تحياتي الجاسوسية ..