مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #12148
    بحبوح
    مشارك

    القوس العذراء

    محمود محمد شاكر

    إلى صَدِيقٍ لا تَبْلِى مودَّتُه:
    أمّا بَعْدُ، فإني لم أكنْ أتوقََّّعُُ يومئذ أن ألقاكَ. وإذا كُنتَ قد أُوتيتَ حياء يغلُبك عند البغْتَة على لسانك، حتى يُعوزَك(1) ما تقول، فقد أُوتيت أنا ضَرباً ثَرثاراً من الحياء، يُطْلِق لساني أحياناً عند البَغْتَة، بما لا أُحبُّ أن أقول، وبما لا أدري كيف جاء، ولم قيل! كنت خليقا يومئذ أن أقول غير ما قلت، ولكني وجدت شيئا منك يَنْسَرِبُ(2) في نفسي فيُثيرها، حتى يدورََ حديثي كُلُّه على إتقان الأعمالِ التي يُتَاح للمرء أن يزاولهَا ـ في لِمحة خاطفة من الدهر، نُسميها نحن الناسَ : العُمُر!! ياله من غُرُور! بيدَ أنّ هذا الحديثَ أَبَى إلا أن ينقلبَ عائداً معيَ في الطريق، يُسايرني، ويُصاَحِبني، ويُؤنس وَحْشتي، ويُسرُّ إليَّ بوَسْوسة خفية من أحاديثه التي لا تتشابَه، والتي لا تَتَناهى والتي هي أيضا لا تُمَلُّ. وإذا كانتْ ثرثرةُ حيائي قد صَكّت مَسامعك ببعض عُنفي وصَرَامتي، فعَسى أن يبعثَ في نفسك بعضَ الرضى، ما أرْوِيهِ لك من بقايا َتلك الأحاديث التي رافقتني منذُ فارقتك إلى أن استقرت بي الدارُ، ثم طارت عني إلى حيثُ يطير كُلُّ فِكْرٍ، وغابتْ حيثُ َيغيب!
    الإنسانُ خَلقٌ عجيبٌ!! كلّ حَيٍّ، بل كُلّ شيء مخلوق، يسير على نَهْج(3)ٍ لاَحب لا يختلّ، يُؤَيِّده هَدْيٌ صادق لا يتبدَّل. ومهما تباينتْ مسالكُهُ في حياته، وتنوَّعت أعمالُه في حِياطة مَعِيشته، فالنهجُ في كل دَربٍ من دُروبها هُوَ هُوَ لا يتغَّيروالهَدْي في كل شأن من شؤونها هو هو لا يتخلّفُ(4).
    تُولد الذَّرَّة(5) من النِّمال، وتنمو، وتبدأ سيرتها في الحياة، وتعمل فيها عملَها الجِدَّ، وتَفرغ من حَقِّ وجُودها، ثم تقضي نَحبَها(6) وتموت. هكذا مُذْ كانت الأرضُ وكانت النِّمال : لا تتحوّل عن نَهجٍ، ولا تَمْرقُ(7) من هَدْيٍ. وتاريخ ُأحدثِها مِيلاداً في مَعْمعة الحياة، كتاريخ أعَرقِ أسلافها هَلاكاً في حَومِة الفَنَاء. لا هي تُحدِث (8) لنفسها نَهجاً لم يكنْ، ولا هي تبتدعُ لوارثِها هَدْيا لم يتقدَّمْ.
    فسَلْ كل حيًّ : كيف تعملُ؟ ولِمَ تعمَلُ؟ ومَنِ الذّي عَلَّمَكَ وهَدَاك؟ ومَنِ الإمامُ الذي سَنَّ لك الطريقَ(9)؟ وبأيّ عبقريّة يأتي إبداعُك؟ ولمَ كان عملُك نَسَقاً(10) مُنْقادًا لا يتغير؟ وكيف كَانتْ مهَارتُك تُراثاً(11) مُؤَبَّدًا لا يتبدل؟ وحذْقُك طَبْعاً راسخا ًلا يتحوَّل؟ ولم صارتْ سُنّة(12) الأوائل منكم لِزَاماً على الأواخر؟ ومِنهاج(13) الغابرين شَرَكاً للوارثين! بل كيف أخطأ الآخرُ منكُمْ أن يَسْتدرِك عَلَى الأوَل؟ والخَلفُ أن يُنَافس صَنعْةَ السَّلَف؟ وعَجَباً إذنْ! كيف صارَ كُلّ عملٍ تَعْمَله مُتْقناً، وأنت لم تَجْهَدْ في إتقانه؟ وأنى بلغتَ فيه الغاية، وأنت مسلوبٌ كلّ تدبيرٍ ومَشِيئة؟ وما أنتَ وعملُك؟ أتحبُّه وتألفُه؟ أم تَشْنَؤُه(14) وتسأَمُه؟ أتُخامُرك نَشْوة الإعجابِ؟ أبدعتَ فيه؟ أم تنتَابُك لَوْعة الحُزْن إذ أصابه ما يُتْلِفُه أويؤْذيه؟ ألم تسألْ نفسكَ قطُّ : فيمَ أعمَل؟ ولمَ خُلِقت؟ وفيمَ أعيشُ؟
    وأنا على يقين من أنّك لن تسمَعَ جواباً إلا الصَّمَت المُستَنِكرَ، والذُّهولَ المُعرضَ، والصمَم المُسْتَخِفَّ الذي لا يَعْبَأ.
    * * *
    إلاّ الإنْسانُ!! إلاّ الإنْسان!!
    ليتَ شِعْري كيف كَانَ مَدْرَجُ(15) أوَّله على أمِّه الأرض؟ وأيُّ هَدْيٍ كان لَفَرطه في مَطْلَعِ الفجْر؟
    إنّه ككلّ حيّ، لم يُخْلَق سُدًى(16) ولم يُتْرك هَمَلاً. سلَك له ربُّه النَّهْجَ الأوّل(17) حتى يتكاثَر، وآتاهُ الهدْيَ القديمَ حتّى يَسْتَحْكِمَ، وسدَّد يَدَيْه حتى يشتدّ، وأنارَ بَصِيرتَه حتى يَسْتَكِمل، وأنْبَطَ(18) فيه ذخائر الفطْرة حتى يَسْتبحِر، وفَجَّرَ فيه سَرائرَ الإتقان حتى يَسُودَ ويتملَّك، وعلّمه البَيانَ حتى يَسْتَفْهِمَ، وكرَّمه بالفَتْحِ حتى يَتَغلَّب.
    فلّما ثَبَتَ عليها وتأيَّد(19)، وتأَثَّل فيها وعَمَر، نَظَر إلى معروفها فاعتَبَر، وهجَم على مَجهولها فاستنكَرَ، فكأنَّهُ من يومئذٍ حادَ(20) عن النهج الذي لا يخَتلّ، ومَرَق من الهَدْي الذي لا يتبدّل.
    ابتُليَ من يومئذ فتَمرَّس(21)، وأُسلِم لمَشِيئته فتحيَّر. جارَ وعَدَل، فعَرف وجرّبَ. أخطأَ وأصاب، ففكّر وتدبر. نزع(22) إلى النهج الأوّل، فأخفَق وأدرك. تاق إلى الهدي القديمِ، فأعْطِي وحُرِم. احتَفر(23) ذخائر الفِطرة، فأَكْدَت عليه تارَةً ونَبَعْت. التمس شواردَ الإتقان، فنَدّتْ(24) عليه مرَّةً واستقادتْ. وإذا كلُّ صُنْعٍ يتقاضاه حَقُّ إحسانِه، وكلّ عملٍ يَحنُّ بِه إلى قرارِة إتْقانه. فعندئذ حاكَ الشكُّ في صدْر اللاحقِ، حتى قَدَح في تمام صُنْع السَّابِقِ، فَاسْتدرَك عليه. وقلِقَ الوارثُ، حتى خاف تقصيرَ الذاهب، فاستنكفَ الإذعانَ إليه. فكذلك جاشتْ نفسُه(25)، حتى انْدفقت صُبابةٌ منها فيما يعمل، وتَضَرَّمَ قلبُه، حتى ترك مِيسَمه(26) فيما أنشأ فَتَدَلَّهَ بصُنْع يديْه، لأنّه استودعه طائفة من نفسه، وفُتِن بما اسْتَجَاد(27) منه، لأنه أفْنَى فيه ضِراماً من قْلبه.ِ وإذا هو يَسْتَخِفُّهُ الزَّهْوُ(28) بما حَازَ منه ومَلَك، ويُضنِيه الأَسَى عليه إذا ضاع أوْ هلَك.
    هذا هُوَ الإنسان وعملُه. فإذا دبَّت بِينَهما جَفْوة تَخْتل(29) النَّفس حتى تَمَلّ وتَسْأم، أوْ عَدَتْ اليهما(30) نَبْوة تُراودُ القلبَ حتى يَميل ويُعرضَ، انطمستْ عندئذٍ أعَلامُ(31) النهج الأوّل، وركدتْ بَوارقُ (32) الهدْيِ المُتقادِم، وبقي الإنسانُ وحيداً مَلُوماً محُسوراً لا يزال يسْأل نفسَه: فيمَ أعملُ؟ ولم خُلِقت؟ وفيَم أعيش؟ فما يكون جوابُه إلاَ حَيْرةً لا تَهْدَأ، ولهيباً لا يَطفَأ، وظَلاماً لا يَنْقِشع.
    * * *
    بل حَسْبي وحسُبك. فلقد خشيتُ أن تقول لي: إنّما أنتَ تحدّثني عن الفنّ، ـ فهذه صفِة أهله ـ لا عن العمل، فليس هذا من نَعْتِه! وكأنّي بك قد قلتَ: إنَ الفنّ تَرَفٌ مُسْتَحْدَثٌ، أما العمل فشقاء مُتَقادِم. هذا مّما تَعجَّله الإنسانُ وعاناهُ لقَضاء حاجته، وذاك مّما تَأنَّى فيه وصافَاه(33) للاستمتاع بلذّته. والإنسان إذا جوَّدَ العمل، فمُنْتهَى هَمِّه أن يجعلَه على قضاِء مآرِبه أعْوَنَ، أو يكونَ له في أسباِب معيشته أنَجح وأربح. أمّا الفنّ، فَثَمَرة لغَير شجرته، يَسْقيها متأنِّق(34) من ينابيعَ ثرَّةٍ في وُجْدانه، وينْضجُها مشغوفٌ بِلاعجٍ منْ وَجْده وافتتانِه، في غير مَخَافةٍ مَرْهوبة، ولا مَنْفعة مَجْلوبَة، فذاك إذن بطبيعته مستهلك مُمتَهن(35)، وهذا لحرمة نَشْأته مَذْخورٌ(36) مُكرَّم.
    وأقول : بل أنت تحدّثني عن الإنْسان وقد فَسَق (37) عن تِلاد فطْرته، واسَتْغَواه(38) الشُّحّ حتى انْسلخ من ركاز جبلَّتَه. غَرَّهُ ما أُوتيَ من التدبير، فاقتحم على غَيْب مُدَبَّر، يَعْتسفُه بسَفاهة جُرأته. واستخفّه ما أُعين به من المَشيئة، فهجَم على خْيرٍ مبذول، يستكثِر منه بضَراوة(39) نَهْمَته. فانْبَتَّ من يومئذ في فَلاة مَطْموسة بلا دَليل، يَظلُّ يكدح فيها كدْحًا حتى يُنادَى للرَّحيل!
    جَاء مُيسَّراً لشيء خُلقَ له، فظلمه حقَه حتى عَضِل(40) بأمره فتعسَّر، وهُديَ مسددًا إلى غاية، فَغَفل عنها حتى تبدّد خَطوه واختلّ. ولو دانَ الإنسانُ بالطاعة لِفطْرته المكنونة فيه منذُ وُلِد، لأفْضى إلى خَبْئها(41) التَّليد إذا ما اسْتوىَ نَبْتُه واستحصَد. ولصارَ كلّ عمل يَعْتَمِلُه(42)، تدريبا لما استْعَصى منه حتَّى يلينَ وَيْنقادَ، وتهذيباً لما تراكم فيه حتى يَرِفَّ(43) ويتوهَّج. فإذا دَرِب عليه وصَبَر، أزال الثرى عن نَبْعٍ مُنْبِثق، فإذا ألحّ ولم يَملَّ، انشَقَّت فطرتُه عن َفْيضٍ متدفّق. ويومئذ يُسْفر(44) لَعينيه مَدَب ُّالنَّهجِ الأوّل، بعد دُرُوسه وعِفائه، ويَسْتَشْرِي في بَصيرته وَميضُ الهَدْي المتقادِم، بعد رَكْدته وخفائِه. وإذا كلّ عملٍ يَفْصم عنْه مُتْقَنًا، وكأنّه لم يجْهد في إتْقانِه، وإذا هو مُشرفٌ فيه على الغاية، وكأنه مسلوبٌ كلّ تدبيٍر ومَشِيئة، ولكنّه لايَفْصمُ عنه حين يفصِم، إلاّ مَطْويًا على حُشاشةٍ(45) من سِرّ نَفْسه وحياته، موسوماً بلَوْعَةٍ مُتَضرمة، على صَبْوَةٍ(46) فَنِيتْ في عِشرته ومُعَاناته.
    فالعملُ كما تَرَى، هو في إرثِ(47) طَبِيعته فنٌ مُتمكّن، والإنسانُ بَسِليقة(48) فِطْرَتِه فَنَّان مُعْرِقٌ.
    * * *
    وإنّي لَمُحدِّثك الآنَ عن رجُلٍ من عُرض البشَر(49)، يَتَعيش بكدِّ يَديْه، صابَرَ(50) الفاقةَ عامَيْن، يعمَل عملاً يُفْلِتُ نَفَسًا من الغنى إليه، أغواهُ ثَراء يَبْهرهُ، فما كاد يُسْلِمه للبَيْع حتى بكَى عليه.
    لم أعْرفُه، ولكن حدَثني عنه رجُلٌ مثْلُه عَمَلُه البَيان، ذاك فِطْرتُه في يَدَيه، وهذا فطْرتُه في اللِّسان.
    * * *
    هذا عامرٌ أخو الخُضْر : توجَّسَتْ(51) به الوحْشُ من عِرْفانها شدّةَ نِقْمته، جاءتْ ظامئة في بَيْضَة الصيف(52)، فراعَها مَجْثَمهُ في قُتْرتِه. قليلُ التِّلاد، غيرَ قوسٍ أو أسْهُمٍ، خفيّ الِمهَاد، غيَر مُقْلة تتضرَّم. تبيَّنتْ لَمْحَ عَيْنيه، فانقلبَت عن شريعة الماء هاربة، ذكرت نِكاية مَرْماهُ، فآثرت مِيتَةَ الظَّمأ على فَتْكة الأسْهُم الصائبة.
    وما عامرٌ وقَوْسَه؟!
    1 ـ فَدَعِ الشَّمَّاخَ يُنْبِئْكَ عن قَّواسِها البَائِس في حَيْثُ أَتاَهاَ:
    2 ـ أيْن كاَنتْ فيِ ضَمِير الغَيْبِ منْ غِيلٍ(53) نَماَهاَ؟
    3 ـ كَيْف شقَّتْ عينُهُ الحجْبَ إليْها، فاجْتَبَاهَا(54)؟
    4 ـ كَيْفَ يَنْغَلُّ(55) إلَيْهاَ فيِ حَشاَ عِيصٍ وقاَهَا؟
    5 ـ كَيْفَ أَنحى(56) نَحْوَها مِبْرَاتَهُ، حتى اخْتَلاَهَا؟
    6 ـ كَيْفَ قَرَّتْ فيِ يديه، واطْمأنَّتْ لِفَتَاهَا؟
    7 ـ كَيْفَ يَسْتَودِعُها الشَّمْسَ عَامَيْن.. تَرَاهُ وَيَرَاهَا؟
    8 ـ كَيْفَ ذَاقَ البُؤْس.. حتى شَربَتْ ماَء لِحاَها(57)؟
    9 ـ كَيْفَ نَاجَتْهُ.. وَنَاجَاها.. فَلاَنَتْ.. فَلوَاهَا؟
    10 ـ كَيْفَ سَوَّاهَا.. وَسـَوَّاهَا.. وَسَوَّاهَا فَقَامَتْ.. فَقَضَاهَا؟
    11 ـ كَيْفَ أَعطَتْهُ منَ الِّليِن، إذَا ذَاقَ(58)، هَوَاهَا؟
    12 ـ أيُّ ثَكْلَى أَعَولَتْ إذْ فَارَقَ السَّهْمُ حَشَاهَا؟
    13 ـ كَيْفَ يُرْضِيهِ شَجَاهَا؟ كَيْفَ يُصْغِي لبُكاَهَا؟
    14 ـ كَيْفَ ريعَ الوَحْشُ مِن هَاتِفِ سَهْم إِذْ رَمَاهَا؟
    15 ـ كَيْفَ يَخْشَى طَارِقاً، فيِ لَيْلةٍ يَهْمِي(59) نَدَاهَا؟
    16 ـ كَيْفَ رَدَّاهَا(60) حَريرَ البَزِّ حِرْصاً وَكسَاهَا؟
    17 ـ كَيْفَ هَزَّتْهُ فَتَاهَا؟ وَتَعالَى وَتَبَاهى؟
    18 ـ كَيْفَ وَاَفى مَوْسَم الَحج بِهَا؟.. مَاذَا دَهَاهَا؟
    19 ـ أيُّ عَيْن ٍلَمَحَتْ سرَّهُمَا المُضْمَرَ؟.. بَلْ كَيْفَ رَآهَا؟
    20 ـ انبَرَى كَالصَّقْرِ يَنْقَضُّ إلَيهَا.. فَأَتَاهَا!!
    21 ـ مَسَّهَا ذُو لَهْفَة تَخْفى..، وَإنْ جَازَتْ مَدَاهَا
    22 ـ قَالَ: سُبْحَانَ الذيِ سَوَّى!! وأَفْدِي مَنْ بَرَاهَا
    23 ـ أَنْتَ..!! بِعْنِيهَا..
    ـ نَعَمْ إن شِئْتَ!! [تَعْسَا وَسَفَاهَا](61)
    24 ـ قَالَ : بِالتِّبْرِ.. وَبالفِضَة، بالخزِّ.. وَمَا شِئْتَ سِوَاهَا
    25 ـ بِثِيَاب الخالِ(62).. بِالعَصْبِ المُوَشَّى.. أَتَراهَا؟
    26 ـ وأدِيِمِ(63) الماعزِ المَقْرُوظِ.. أرْبَى مَنْ شَراهَا!
    27 ـ [كَيْفَ قَالَ الشَّيخُ؟!.. كَلاَّ! إنَّهَا بعْضِي وَالمَالُ؟. بَل ِالمالُ فَدَاهَا
    28 ـ إنّها الفاقةُ والبُؤسُ!!.. نَعَمْ!.. هذا غِنًى!!.. كَلاَّ وشَاهَا (64)
    29 ـ بَلْ كَفَاني فَاقَةً.. لاَ!.. كَيْفَ أَنْساهَا؟.. وَأَنَّى؟! وَهَوَاهَا]
    30 ـ لَمْ يَكَدْ.. حَتَّى رَأَى نَاسَا، وَهَمْساً، وَشِفَاهَا:
    31 ـ بَايِع الشَّيْخَ! أَخَاكَ الشَّيْخَ!.. قَدْ نِلتَ رِضَاهَا!!
    32 ـ إنَّهُ رِبْحٌ..! فَلاَ يُفلتْكَ!.. أَعطَى، واشْتَرَاهَا(65)!
    33 ـ وَرَأْى كَفَّيِه صفْراً، وَرَأَى المَالَ… فَتَاهَا(66)
    34 ـ لَمْحةً…، ثُمَّ تَجَلى الشَكُ عَنْهُ…، فَبَكَاهَا!
    35 ـ وَرَثَاها بدُمُوع، وَيحَهُ! كَيْفَ رَثَاهَا؟1
    36 ـ فَتَوَلَّى.. وَسَعِيرَ النَّارِ يُخْفِي وَلظَاهَا!
    37 ـ حَسْرَةٌ تُطْوَى عَلَى أَخْرَى..، فأَغْضْى… وَطَوَاهَا!

    * * *
    فاسمعْ إذنْ صَدَى صوتِ الشّمَّاخ:
    38 ـ تَجَاوبُ عَنْهُ كُهُوفُ القُرُونِ، تَرَدَّدَ فِيها كَأنْ لم يَزَلْ
    39 ـ وَأوْفَى عَلَى القِمَم الشَّامخَات: جبَالٌ مِنَ الشِّعْر مِنْهَا اسْتَهلْ(67)
    40 ـ تَحَدَّرُ أَنْغْامُه المُرْسَلاَتُ، أَنَغَامَ سَيْل طَغْى وَاحتَفَلْ(68)
    41 ـ رَأَى حُمرَ الوَحْشِ، فَابْتَزَّهَا(69) بِلاَبِلَها منْ حَدِيِث الوَجَلْ
    42 ـ رَآهَا ظَمَاءً إلَى مَوْرِدٍ، فَفَزَّعَها عَنْه خَوْفٌ مَثَلْ(70)
    43 ـ فَطَارتْ سِراعَا إلى غَيِِرِه، بِعَدْوٍ تَضَرَّمَ حَتى اشتَعَل
    44 ـ فَلَم تَدْنُ حَتَّى رَأتْ صَائِدَينِ، فَصدَّتْ عَنِ المَوْتِ لما أَهَلّ
    45 ـ فَكَالبَرْقِ طَارَتْ إلى مَأمَن عَلَى ذِي الأرَاكَةِ(71) صافيِ النَّهَلْ
    .. فحَّلأهَا عَنْ ذِي الأرَاكَةِ عَامِرٌ
    أخُو الخُضْر، يَرْمِي حَيْثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
    ـ قلِيلُ التِّلاَد، غَيَر قَوْسٍ وَأَسْهُمٍ؛
    كَأَنَّ الَّذي يَرْمِي منَ الوَحْشِ، تَارِزُ
    ـ مُطِلاَّ بزُرْقٍ مِا يُدَاوَى رَمِيُّها،
    وَصَفْرَاءَ مِن نَبْعٍ عَلَيْهَا اَلَجلاَئِزُ
    46 ـ فَكَيْفَ تَدَسَّسَ هَذَا البَيانُ حَتَّى رَأَى بعُيُونِ الحُمرْ؟
    47 ـ وَكَيْفَ تَغَلْغَلَ هَذَا اللسَانُ وَبَيَّنَ عَنْ رَاجِفَاتِ الحَذَرْ(72)
    48 ـ لَوَاهَا(73) عَنِ الَّريِّ عِرْفَانَهَا أَخَا الخُضْرِ، عرْفَان مَن قَدْ عَقَلْ!
    49 ـ وَعَلَّمهاَ أَيْن تُكْوى اُلُجنُوب بنَارِ الطَّبِيبِ لِدَاءِ نَزَلْ!
    50 ـ وَأَنَّ اَلخَصَاصَةَ(74) قَوْسُ البَئِيسِ، إذا انْقَذفَ السَّهْمُ عَنْها قَتَلْ!
    51 ـ يُسَابِقُ مُسْتَنْهِضَاتِ(75) الفِرَارِ فَيَقْتُلُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِلْ!
    52 ـ فَيُدرِكُهَا الَموتُ مَغروسَة قَوائِمُها في الثَّرى..، لَمْ تَزُلْ!
    53 ـ وَعَرَّفَهَا أَنَّهُنَّ السِّهَامُ: زُرْقٌ تَلأَلأُ أَوْ تَشْتَعلْ!
    54 ـ وَصَفْرَاءُ فَاقِعَة (76)، أَذْ كَرَتْ مَصَارِعَ آبآئِهِن الأول
    55 ـ سِهَامٌ تَرَى مَقْتَلَ الحَائمَاتِ(77)، وقَوسٌ تُطلُّ بِحتْفٍ أَظَلّْ!
    ـ تَخَّيرَهَا القَوَّاسُ مِنْ فَرْعِ ضَاَلِة
    لَهَا شَذَبٌ مِنْ دُونِها وَحَوَاجزُ
    ـ نَمَتْ فيِ مَكَانٍ كنهَا، فَاسْتَوتْ بِهِ،
    فَمَا دُونَها مِنْ غِيلِهَا مُتَلاَحِزُ
    ـ فَمازَالَ يَنْجُو كُلَّ رَطبٍ وَيَابِس
    وَيَنْغَلُّ..، حَتَّى نَالـَهَا وَهْوَ بَارِزُ
    ـ فأَنْحَى عَلَيْها ذَاتَ حَدّ، غُرَابُهَا
    عَدُوٌّ لأِوْسَاط العِضَاهِ مُشَارِزُ
    ـ فَلما اطْمَأَنَّتْ في يَديْهِ..، رَأَى غِنًى
    أحَاطَ بِهِ، وَأَزْوَرَّ عَمَّنْ يحُاَوِزُ
    56 ـ تَخَّيرهَا بَائِسٌ، لَمْ يزل يُمَارِسُ أَمْثَالهَا مُذْ عَقَلْ
    57 ـ تَبَيَّنَهَا وَهْيَ مَحْجُوَبةٌ، وَمِنْ دُونِها سِتْرُهَا المُنْسَدِلْ(78)
    58 ـ حَمَاهَا العُيُونَ فأَخْطَأنَهَا، إلىَ أنْ أَتَاهَا خَبِيٌر عَضِلْ(79)
    59 ـ رَأَى غَادَةَ نُشَّئَتْ في الـظِّلاَل، ظِلالِ النعيِم، فَصَلَّى(80) وهَلّ
    60 ـ فَنَادَتْه مِنْ كِنِّهَا(81) فَاسْتَجَابَ: لَبَّيْكِ! [يَاقَدَّها المُعتَدلْ]
    61 ـ سُتُورٌ مُهَدَّلَةٌ(82) دُونَهَا، وَحُرَّاسُها كَرِمَاِح الأَسَلْ
    62 ـ يَبيسٌ(83) ورَطْبٌ وَذُو شَوكة فأَشَرطَها نَفْسَهُ.. لمُ يَبلْ
    63 ـ وَسلَّ لِسَاناً من الباتِرَاتِ،… وَانَغلَّ(84) عاشِقُها اُلمخْتَبَلْ!!
    64 ـ يَحُتُّ اليَبِيسَ(85)، ويُرْدِي الرِّطَابَ، ويُغْمِضُ في ظُلَمات تُضِلْ
    65 ـ فَهَتَّكَ أَسْتَارَهَا بَارِزاً إلى الشَّمْسِ.. قد نَالَها! حَيَّهَلْ(86)!!
    66 ـ فَأَنْحَى إلَيْها الِّلسَان الحَدِيدَ يَبْرُقُ..، وَهْوَ خَصِيمٌ جَدِلْ
    67 ـ عَدُوٌّ شرِيس(88)، لَه سَطْوَةٌ بكُلِّ عَتِيٍ قَدِيِمِ الأَجَلْ
    68 ـ فَأَثْكل أُمّا غذَتْها النَّعيمَ، ورَاحَ بِهاَ وَهْوَ بَادِي الجَذَلْ(89)
    69 ـ فَلَمَّا اُطْمَأَنَّتْ على رَاحَتَيِه، وَعَيْنَاهُ تَسْتَرِقَانِ(90) القَبَلْ
    70 ـ رَقَاهَا، فأَحْيَى صَبَابَاتِها بتَعْوِيذَةٍ مِنْ خَفِيِّ الغَزَلْ
    71 ـ فَنَاجَتْه..، فَاهتَّز من صَبْوةٍ، وَمِن فَرَح بِالغِنَى المُقْتَبَلْ(91)
    72 ـ وَأَعْرَضَ عَنْ كُلّ ذِي خَلّةِ (92)، غِنىً بالّتيِ حَازَهَا… وَانْفَتَلْ…
    ـ فَمَظَّعَهَا عَامَيْن ِمـَاءَ لحَائِهَا
    وَيَنْظُرُ منهَا : أَيَّهـَا هُو غَامِزُ
    ـ أَقَامَ الثِّقافُ وَالطَّرِيدَةُ دَرْأَهَا،
    كَمَا قَوَّمتْ ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهَامِزُ
    73 ـ مَعَ الشَّمْسِ عَامَيْنِ.. حَتَّى َتِجفَّ وَتَشْرَبَ مَاءَ لِحَاءِ(93) خَضلْ
    74 ـ وَفِي البُؤسِ عَامَيْنِ… يَحْيَى لَهَا، وَيُحْييه منها: الغنَى وَالأَمَلْ
    75 ـ تَردَّدَ عَامَيْنِ… مِنْ كَهْفِهِ إلَى مَهْدِهَا، عِنْدَ سَفْحِ الجَبَلْ
    76 ـ يُغَنِّي لَهَا، وَهُوَ بَادِي الشَّقاءِ، بَادِي البَذاذةِ(94)، حَتَّى هُزِلْ
    77 ـ يُقلبها بِيَديْ مُشْفِقٍ لَهِيف (95)، لطِيف، رَفِيق، وَجِلْ
    78 ـ يُعَرِّضَها لِلَهيبِ الهَجِيِر، رَؤُوفاً بِهَا، عَاكِفاً لا يَمَلْ
    79 ـ فَلَمَّا تَمَحَّصَ(96) عَنْهَا النَّعِيمُ، وَاْشْتَدَّ أُمْلُودُهَا، وَاْنْفَتَلْ
    80 ـ عَصَتْهُ، وَسَاءتْهُ أَخْلاَقُهَا نُشُوزا(97)ً.. فَلَمَّا اْلتَوَتْ كَالمُدلْ
    81 ـ أَعَدَّ الثِّقَافَ (98) لَهَا عاشِقٌ يُؤدِّبُها أَدَبَ المُمْتَثِلْ
    82 ـ وَعَضَّ عَلَيْها.. فَصَاحَتْ لَهُ، فَأَشْفَقَ إشْفَاقَةً، وَانْجَفَلْ(99)
    83 ـ فَجَسَّ، فَغَاظَتْهُ وَاْسْتَغْلَظَتْ، فَعَضَّ بأُخْرَى، فَلَمْ تَمْتَثِلْ
    84 ـ فَأَلْقَى الثِّقَافَ…، وَأَوْصى الطَّرِيدَةَ(100) أَنْ تَسْتَبِدَّ بِهَا، لاَ تَكِلْ
    85 ـ وَألْقَمَهَا قَدَّها، فَانْبَرَتْ تُخَاشِنُها بغَلِيظٍ مَحِلْ(101)
    86 ـ يُجَرِّدُهَا مِنْ ثِيَابِ العِنَادِ، وَمِنْ دِرْعِها الصَّعْبِ، حَتَّى تَذِلْ
    87 ـ فَلمَّا تَعَرَّتْ لَهُ حُرَّةً وَمَمْشُوقَةَ القدَّ رَيَّا(102)، جَفَلْ
    88 ـ وَسَبَّحَ لَمَّا اسْتَهَلَّتْ لَهُ، وَلاَنَ لَهُ ضِغْنُهَا(103)… وَابْتَهَلْ
    ـ وذَاَقَ..، فَأَعْطَتْهُ مِنَ الَّلينِ جَانباً
    كَفَى ـ وَلََهَا أَنْ يُغْرِقَ السَّهْمَ حَاجِزُ
    ـ إذَا أَنْبَضَ الرَّامُونَ عَنْهَا، تَرَنَّمَتْ
    تَرَنُّمَ ثَكْلَى أَوْجَعَتْهَا اَلجنَائـزُ
    ـ هَتُوفٌ..، إذَا ماخَالطَ الظَّبْيَ سَهْمُهَا!
    وَإنْ رِيعَ مِنْهَا أَسْلَمَتْه النَّوَاقِز
    89 ـ أَطَاعَتْهُ مِنْ بَعْدِ أَنْ لَوَّعَتْهُ بَالوجْدِ عَامَيْنِ حَتَّى نَحلْ
    90 ـ يُزَلْزِلُهُ أَمَلٌ يَسْتَفِزُّ فِي قَيْدِ بُؤْسٍ يُميِتُ الأَمَلْ
    91 ـ فَلَمَّا أَذَاقَتْهُ، إذْ ذَاقَهَا، هَوًى أَضَمَرْتهَُ لَهُ لَمْ يَزَلْ
    92 ـ تَبَّينَ إذْ رَامَهَا، حُرَّةً حَصَاناً(104)، تَعِفُّ فَلاَ تُبْتَذلْ
    93 ـ تَلِينُ لأِنْبلِ عُشَّاقِهَا، وَتَأْبَى عَلَيْهِ إذَا مَا جَهِلْ(105)
    94 ـ فَأَغْضى حَيَاءً..، وَأَفْضَى بِهَا إلَى كَهْفِهِ خَاطِفًا، قدْ عَجِلْ
    95 ـ فَأَهْدَى لَهَا حِلْيةً صَاغَهَا بِكَفَّيْهِ، وَهْوَ الرَّفِيقُ العَمِلْ(106)
    96 ـ تَخَيَّرَهَا مِنْ حَشَا أَذْؤبٍ (107)، رَآهَا لَدى أَمِّها تَسْتظِلْ
    97 ـ أَعَدَّ لَهَا وَتَراً كَالشُّعاعِ حُرَّا..، عَلَى أَرْبَعٍ(108) قَدْ فُتِلْ
    98 ـ فَلَمَّا تَحَلتْ بِهِ، مَسَّهَا فَحَنَّتْ(109) حَنِينَ المَشُوقِ المُضِلْ
    99 ـ فَكَفَّلَهَا(110) مِنْ بَنِي أُمِّها صَغِيراً، تَرَدى بِرِيشٍ كَمَلْ
    100 ـ لَهُ صَلعَةٌ كَبَصِيصِ الَّلهِيبِ مِنْ جَمْرةٍ حَيَّةٍ تَشْتَعِلْ
    101 ـ فَضَمَّتْ عَلَيْه الَحشَا رَحْمَةً وَكَادَتْ تُكَلِّمُهُ.. لَوْ عَقَلْ!
    102 ـ فَجُنَّ جُنُونُ المُحبِّ الغَيُورِ..! فَأَنْبَضَ(111) عَنْها أَبِيٌّ بَطَل!ّْ
    103 ـ أرَنَّتْ(112) تُبَكِّي أَخَاهَا الصَّغِيرَ: وَيْحِي!! أَخِي!! وَيْلَهُ!! أَيْنَ ضَلّْ
    104 ـ فَظَلَّ يُفَجِّعُها(113) : أَنْ تَرى جَنَائِزَ إخْوَتِها… وَآ ثَكَلْ!
    105 ـ فأَعْرَضَ ظَبْيٌ(114) فَنَادَى بِهِ أَخُوهَا..، وَنَادَتْهُ: هَا! قَدْ قُتِل
    106 ـ وَقَفَّاهُ(115) ظَبْيٌ فَصَاحَتْ بِهِ..، فَخَارَتْ قَوَائِمُهُ.. ، فَاضْمَحَلّْ
    107 ـ فَآبَا.. يَسَائُلهَا: هَلْ رَضِيتِ بثُكلِ الأَحَبَّةِ؟ قَالَتْ : أَجَلْ
    108 ـ فَبَاتَا بلَيْلِة مَعْشُوقَةٍ تُباذِلُ عَاشََقَها مَا سَأَلْ
    ـ كـَأَنَّ عَلَيْهَـا زَعْفَرَانَاً تَميرُهُ
    خـَوَازِنُ عَطـَّارٍ يَمـَان كَوَانِزُ
    ـ إذَا سَقَط الأَنْدَاءُ، صِينَتْ وأُشْعرِتْ
    حَبِيرًا، وَلَمْ تُدْرَجْ عَلَيهَا المَعَاوِزُ
    109 ـ يُغَازِلُهَا، وَهْيَ مُصْفَرَّةٌ، عَلَيْها بَقِيَّةُ حُزْنٍ رَحَلْ
    110 ـ تُنَاسِمُهُ(116) عِطْرَها، وَالشَّذَا شَذَا زَعْفَرانٍ عَتِيقِ الأَجَلْ
    111 ـ تَوَارَثْنَهُ الغِيدُ يَكْنِزْنَهُ لِزِينَتِهنَّ، خَفِيَّ المَحَلّْ
    112 ـ فَسَاهَرهَا(117) يَزْدَهِيِه الجَمَالُ وَيُسكِرُهُ العَرْفُ، حَتَّى ذَهَلْ
    113 ـ فَنَادَتْهُ : وَيْحَكَ! أَهَلَكْتَنِي! أَغِثْنِي… هَذَا النَّدَى قَدْ نَزَلْ
    114 ـ فَطَارَ إلَى عَيْبَة(118) ضُمِّنَتْ حَرِيرًا مُوَشَّى نَقِيَّ الخَمَلْ
    115 ـ كَسَاهَا حَفِيّ بهَا عَاشِقٌ! إذَا أَفْرَطَ الحُبُّ يَوْمًا قَتَلْ
    116 ـ فَأَلْبَسَها الدِّفْءَ ضِنَّا بِها… وَبَاتَ قَرِيرًا(119).. عَلَيْه سَمَلْ!!
    ـ فَوَافى بِهَا أَهْلَ المَوَاسِم، فاْنْبَرَى
    لَهَا بَيِّع يُغْلي بِهَا السَّوْم رَائِزُ
    ـ فَقَالَ لَهُ : هَلْ تَشْتَرِيهَا؟! فَإِنَّهَا
    تَبُاَعُ بِمَا بِيعَ التِّلاِدُ الحَرَائِزُ
    ـ فَقـَالَ : إِزَارٌ شَرْعَبِيٌّ، وَأَرْبَعٌ
    منَ السَّيَرَاءِ، أَوْ أَوَاقٍ نَوَاجِزُ
    ـ ثَمَانٍ مِنَ الكُورِيِّ، حُمْرٌ، كَأنَّها
    مِنَ الجَمْرِ مَا أَذْكَى عَلَى النَّارِ خَابِزُ
    ـ وَبُرْدَانِ مِن خـَالٍ، وَتِسْعونَ دِرْهَمًا،
    عَلَى ذاكَ مَقْروظٌ مِنَ الجـِلْدِ مَاعِزُ
    117 ـ تَمَتَّع دَهْرًا بأَيَّامِهَا وَلَيْلاَتِهَا نَاعِماً قِدْ ثَمِلْ(120)
    118 ـ يَرَاهَا، عَلَى بُؤْسِهِ، جَنَّة تَدَلَّتْ بِأَثْمَارِهَا، فَاسْتَظَلّْ
    119 ـ تُصَاحِبُهُ فِي هَجِير القِفَارِ، وَفِي ظُلَم الَّليْلِ أَنَّى نَزَلْ
    120 ـ فَيَحْرُسُهَا وَهْو فِي أَمْنَةٍ(121)، وَتَحْرُسُهُ فِي غَوَاشِي الوَجَلْ
    121 ـ يَجُوبُ الوِهادَ(122)، وَيَعَلُو النِّجادَ، وَيَأْوِي الكَهُوفَ، وَيَرْقَى القُلَلْ
    122 ـ ويُفْضي إلَى مُسْتَقَّر الحُتُوفِ: فِي دَارِ نِمْرِ، وَذِئْبٍ، وَصِلّْ(123)
    123 ـ مَنَازِلَ عَادٍ، وَأَشْقى ثَمُودَ، وَحِمْيَرَ، وَالبَائِدَاتِ(124) الأُوَلْ
    124 ـ مَجَاهِلَ مَا إنْ بِهَا مِنْ أَنِيسٍ، وَلاَ رَسْم دَارٍ يُرَى أَوْ طَلَلْ
    125 ـ يُعَلِّمُهَا كَيْفَ كَانَ الزَّمَانُ، وَمَجْدُ القَدِيم، وَكَيْف انَتَقَلْ!
    126 ـ وَكَيْفَ تَسَاقَى بِهَا الأَوَّلُونَ رَحِيقَ الحَيَاةِ وَخَمْرَ الأَمَلْ!
    127 ـ وَأَيْنَ الأَخِلاَّء كَانُوا بِها يَجُّرونَ ذَيْلَ الهَوَى وَالغَزَلْ!
    128 ـ وَملْكٌ تَعَالَى، وَطَاغٍ عَتَا، وَحُر أَبَى وَحَرِيصٌ غَفَلْ!
    129 ـ فَدَمْدَمَ(125) بَيْنَهُمُ صَارِخٌ: بَقَاء قَلِيلٌ!! وَدُنْيَا دُوَلْ!!
    130 ـ فَعَرْشٌ يَخِرُّ، وَسَاعٍ يَقَرُّ(126)، وَسَاقٍ يَمِيلُ.. وَنَجْمٌ أَفَلْ!!
    131 ـ زَهِدْتُ إليْك وَفَارَقْتُهُمْ أَخِلاَّءَ عَهْدِ الصِّبَا وَالجَذَلْ
    132 ـ فَنِعْمَ الصَّدِيقُ! وَنِعْمَ الخَلِيلُ وَنِعْمَ الأَنِيسُ.. وَنَعْمَ البَدَلْ!!
    133 ـ صَدِيقٌ(127) صَدَاقَتُها حُرَّةٌ، وََخِل خِلاَلَتُهَا لاَ تُمَلّْ
    134 ـ وَغَابَا مَعًا عَنْ عُيُونِ الخُطُوبِ، وَعَنْ كَلِّ وَاشٍ وَشى أَوْ عَذَلْ
    135 ـ وَعَنْ فِتْنَةٍ تُذْهِلُ العَاشِقَيْن، تُضِيءُ الدُّجَى لِدَبِيبِ المَلَلْ
    136 ـ وَطَالَ الزَّمَانُ، فَحَنَّتْ بِهِ إلى الحَجِّ دَاعِيَةٌ تَسْتَهلّ(128)
    137 ـ آَذَانٌ مِنَ اللّْهِ! كَيْفَ القَرَارُ؟ وَأَيْنَ الفِرَارُ؟ وَكَيْفَ المَهَلْ(129)
    138 ـ تُرَدِّدُهُ البَيدُ بَيْنَ الفِجَاجِ، وَفَوْقَ الجِبَالِ، وَعِنْدَ السُّبُلْ
    139 ـ أَصَاخَ لَهُ، وَأصَاخَتْ لَهُ، وَلَبَّتْهُ فَاْمْتَثَلتْ، وَامْتَثَلْ
    140 ـ وَطَارَا معًا كَظِمَاءِ القَطَا(130)، إلَى مَوْرِدٍ زَاخِرٍ مُحْتَفِلْ
    141 ـ فَوَافى المَوَاسِم. فَاسْتَعْجَلتْ تُسَائلُهُ: مَنْ أَرَى؟.. أَيْن ضَلْ؟
    142 ـ أَسَرَّ إلَيْها: أولاَكِ الحَجِيجُ!! فَلَبَّى لِرَبٍ تَعَالَى وَجَلْ
    143 ـ وَنَادَتْهُ جَافِلَةً(131): مَا تَرَى! أَجَذْوَة نَارٍ أَرَى أَمْ مُقَلْ؟
    144 ـ فَمَا كَادَ… حَتَّى رَأَى كَاسِرًا(132) تَقَاذَف مِن شَعَفَاتِ الجَبّلْ
    145 ـ يُدَانِي الخُطَا، وَهْوَ نَارٌ تَؤُجُّ(133)، وَيُبْدِي أَنَاةً تَكْفُّ العَجَلْ
    146 ـ وَمَدَّ يَدا لا تَرَاها العُيُونُ، أَخْفَى إذَا مَا سَرَتْ مِنْ أجَلْ
    147 ـ وَنَظْرَةَ عَيْنٍ لَهَا رَوْعَةٌ، تُخَالُ صَلِيلَ سُيُوفٍ تُسَلّْ
    148 ـ فَلَمَّا أَهَلَّ وَأَلْقَى السَّلاَمَ، واْفتر عَنْ بَسْمِة المخْتَتِلْ(134)
    149 ـ وَقَالَ : أذِنْتَ؟! وَيُمنَى يَدَيْه تَمَسُّ أَنَامِلُهَا مَا سَأَلْ
    150 ـ رَأَى بَائسا مَالهُ حُرْمةٌ تَكُفُّ أَذىً عنه..، بُؤْسٌ وذُلْ
    151 ـ وَقَالَ : فَدَيْتُكَ! مَاذَا حَمَلتَ؟ وَمَاذَا تَنَكَّبْتَ(135) ياَذَا الرِجُلْ؟!
    152 ـ وَأَفْدِي الَّذِي قَدْ بَرَى عُودَهَا، وَقَوَّمَ مُنْآدَها(136)، وَاعْتَمَلْ!!
    153 ـ فَهَزَّتْهُ مَا كِرَةٌ، (137)لم يَزَلْ يَتِيهُ بِهَا السَّمْعُ، حَتَّى غَفَلْ
    154 ـ فَأَسْلمَهَا لِشَدِيد المِحَالِ(138)، ذَلِيقِ الِّلسَانِ، خَفِيِّ الحِيَلْ
    155 ـ فَلَمَّا تَرَامَتْ عَلَى رَاحَتَيْه، وَرَازَ(139) مَعَاطِفَهَا وَالثِّقَلْ
    156 ـ دَعَتْ: يَاخَلِيليَ! مَاذَا فَعَلْتَ؟! أَأَسْلَمْتَني؟! لِسَوَاكَ الهَبَلْ(140)!!
    157 ـ فَخَالَسَهَا (141) نَظْرَةً خَفَّضَتْ غَوَارِبَ جَأْشٍ غَلاَ بِالوَهَلْ
    158 ـ وَقَالَ : لَكَ الخَيْرُ! فَدَّيْتَنِي بنَفْسِكَ!!
    ـ بَارِي قِسِيّ!
    ـ أَجَلْ!!
    159 ـ فَبِعْنِي إذَنْ!!
    ـ هِيَ أغـْلَى عَلَّي، إذَا رُمْتَهَا، مِنْ تِــلاَد(142)ٍ جـــَلَلْ!
    160 ـ فَقَالَ : نَعَمْ! لَكَ عِنْدِي الرِّضى، وَفَوْقَ الرِّضَى!
    ـ [وَيْلهُ مَنْ مُضِلْ!]
    161 ـ فَهَلْ تَشْتَرِيهَا(143)؟!..
    ـ نَعَمْ أَشْتَرِي!
    ـ لَكَ الوَيْلُ مِثْلُك يَوْمًا بَخِلْ!
    162 ـ فَدَيْتُكَ!! أَعْطَيْتُ مَا تَشْتَهِيهِ!.. مَابِيَ فَقْرٌ ولا بِي بَخَلْ(144)!
    163 ـ فَنَادَتْهُ، وَيْحَكَ! هَذَا الَخِبيثُ! خُذْنِي إَليْكَ، وَدَعْ مَا بَذَلْ
    164 ـ فَبَاسَمَها(145) نَظْرَةً..، ثُمَّ رَدَّ إلَى الشَّيْخِ نَظْرَةَ سُخْرٍ مُطِلّْ:
    165 ـ بكَمْ تَشْتَرِيها؟!..
    فَصَاحَتْ بِهِ : حـَذَارِ! حـَذَارِ! دَهَـاكَ الخَبَلْ!!
    166 ـ لَهُ رَاحَةٌ نَضَحَتْ(146) مَكْرهَاَ عَلَي، فَدَع عَنْكَ! لاَ تُغْتَفَلْ
    167 ـ فَقَالَ : إزَارٌ مِنْ الشَّرْعَبِيِّ(147) وَأَرْبَعُ مِنْ سِيَرَاءِ الحُلَلْ
    168 ـ بُرُودٌ تَضِنُّ بِهِنَّ التِّجَارُ(148) إذَا رَامَهُنَّ مَلِيكٌ أَجَلّْ
    169 ـ وَمِنْ أَرْضِ قَيْصَرَ : حُمْرٌ ثَمَانٍ جَلاَهَا (149) الهِرَقْلِيُّ، مِثْلُ الشُّعَلْ
    170 ـ ثَمَان تُضيءُ عَليكَ الدُّجَى! إذا عَمِيَ النَّجْمُ، نعمَ البَِدلْ
    171 ـ وَبُرْدَانِ من نَسْجِ خَالٍ(150)، أَشَف وَأَنْعَمُ مِنْ خَدِّ عَذْرَاءَ..، بَلْ
    172 ـ إذَا بُسِطَا َتْحَتَ شَمْسِ النَهارِ، فَالشَّمْسُ تَحْتَهُمَا..، لَيْسَ ظِلّْ
    173 ـ وَتِسْعُون مِثْلُ عُيُونِ الجَرَادِ..، بَرَّاقَةٌ كَغَدِيرِ(151) الوَشَلْ
    174 ـ كَمِرْآةِ حَسْنَاءَ مَفْتُونٍة، كَرَأْسِ سِنَانٍ حَدِيثٍ صُقِلْ
    175 ـ أَجَلْ..!! وَأَدِيمٌ(152) كَمِثْلِ الحَرِيرِ، يُطْوَى وَيُرْسَلُ مثْلَ الخَصَلْ
    176 ـ وَحَوْلَهُمَا زَفَرَاتُ الزِّحَامِ، وَأَذْنٌ تَمِيلُ، وَرَأْسٌ يُطِلّْ
    177 ـ وَغَمْغَمَةٌ(153)، وَحَدِيثٌ خَفِيٌ وَنَغْيَةُ زَارٍ، وآتٍ سَأَلْ
    178 ـ وَعَاشِقةٌ في إِسَارِ(154) السوَامِ!! وَعَاشقُها في الشَرَاكِ اُحْتُبِلْ
    179 ـ تُنَادِيه مَلْهُوفَة تَسْتَغِيثُ، ضَائَعَةُ الصَّوْتِ..، عَنْهَا شُغِلْ
    ـ فَظَلَّ يُنَاجِي نَفْسَهُ وَأمِيرِهَا
    أيَـأْتِي الَّذِي يُعْطى بِهـَا أَمْ يُجـَاوزُ
    ـ فَقـَالوا لـهُ : بَايِعْ أَخـَاكَ.. وَلا يَكُنْ
    لَكَ اليَوْمَ عَنْ رِبْحٍ مِنَ البَيْعِ لاَهِزُ
    180 ـ [أَعُوذُ بِرَبِّي وَرَبّ السَمَاء وَالأرْض!.. مَاذَا يَقْولُ الرَّجُلْ؟!
    181 ـ أَجُنَّ؟! نَعَمْ.. لاَ!.. أَرَى سُورةً(155) مِنْ العَقْل، لاَخَلجَاتِ الخَبَلْ!
    182 ـ وَعَيْنَيْ صَفَاءِ كَمَاء القلاَتَ(156)، وَعِرْنِينَ أَنْفٍ سَمَا وَاعتَدَلْ
    183 ـ وَجَبْهَةَ زَاك (157)، نَمَاهُ النَّعِيمُ في سُؤْدُدٍ وَسَرَاءٍ نَبُلْ
    184 ـ أَيُعْطِي بِهَا المَالَ؟! هَذَا الخَبَالُ! قَوْس وَمَالٌ كَهَذَا؟ ثُكِلْ!!
    185 ـ وَيَارَبِّ! يـَارَبِّ! مَاذْا أقَولُ؟.. أقَولُ نَعَـمْ!.لا فَهَذَا خَطَلْ
    186 ـ أَبِيعُ!! وَكَيْفَ!.. لَقَدْ كَادَنِي(158) بِعَقْلِي هَذَا الخَبيثُ الَمِحْل
    187 ـ أُفَارِقُها! وَيْكَ(159)!! هَذَا السَّفَاهُ! قَوْسِيَ! كَلاَ! خَدَيني وَخِلّْ!!
    188 ـ أَجَلْ!! بَلْ هُوَ البؤْسُ بَادٍ عَليَّ! فأَغْراهُ بي! وَيْحَهُ! مَا أَضَلّْ!!
    189 ـ يُسَاوِمُنِي المَالَ عَنهَا؟! نَعَمْ!.. إذَا لَبِسَ البُؤْسُ حُرَّا أَذَلّْ
    190 ـ إذَا مَا مَشَى تَزْدَرِيِه العُيُونُ، وَإنْ قَالَ رُدّ كَأَنْ لَمْ يَقُلْ
    191 ـ نَعَمْ! إنَّهُ البُؤْسُ!! أَيْنَ المَفَرُّ مِنْ بَشَرٍ كَذِئَاب الجَبَلْ؟!
    192 ـ ثَعَالبُ نُكْرٍ(160) تُجِيدُ النِّفَاقَ حَيْثُ تَرَى فُرْصةً تُهْتَبَلْ
    193 ـ كلاَبٌ مُعَوَّدَةٌ لِلهَوَانِ تُبَصْبِصُ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ بَذلْ
    194 ـ فَوَيْحِي مِنَ البُؤْسِ!.. وَيْلٌ لَهُمْ!!. أَرى المَالَ نُبْلاً يُعَلي السِّفَلْ(161)
    195 ـ فَخُذْ مَا أَتَيِتَ بِهِ..!! إِنَّه مَلِيك يُخَافُ، وَرَبٌ يُجَلّْ
    196 ـ وَسُبْحَانَ رَبِّي! يَدِي! مَا يَدِي؟! بَرِيْتُ القِسِيَّ بها لم أَمَلْ!
    197 ـ حَبَاني(162)ِ به فاطِرُ النَيِرِّات وَبَاري النَّباتِ وَمُرْسِي الجَبَلْ!
    198 ـ وَأَوْدَعَهَا سِرَّهَا عَالِم خَبِيرٌ بَمكْنُونِها لَمْ يَزَلْ!
    919 ـ وَفِي المَالِ عَوْنٌ عَلى مِثْلِها! وَفِي البُؤْسِ هُونٌ(163)، وَذُلٌّ، وَقُلّْ!]
    200 ـ تَنَادَوْا بِهِ : أنْتَ؟! مَاذَا دَهَاكَ؟! مَالكَ يَا شَيْخُ؟! قُلْ يَا رَجُلْ!
    201 ـ وَآتٍ يَُصِيحُ، وَكَفٌّ تُشِيرُ، وَصَوْتٌ أَجَشُّ(164)، وَصَوْتٌ يَصِلّْ!
    202 ـ وَطَنَّتْ مَسَامِعُهُ طَنَّةً..، وَزَاغَتْ نَوَاظِرُهُ وَاخْتُبِلْ
    203 ـ .. وَأَفْضَى إِلَيْهِ كَهَمْسِ المَرِيضِ أَشْفَى(165) عَلَى المَوْتِ مَا يَسْتَقِلّْ..
    204 ـ تُنَادِيِه: وَيْحَكَ! وَيحِي!! هَلَكْتُ!! أَتَوْكَ بَقَاصِمَةٍ! وَآثَكَلْ!
    205 ـ تَلَفتَ يَصْغِي..، وَمِثْلُ الَّلهيبِ ضَوْضَاءُ وَعْوَعَةٍ(166) فِي زَجَلْ
    206 ـ فَهَذَا يُؤُجُّ(167)..، وَهـَذَا يَعَجُّ..، وَهَذَا يَخُورُ..، وَهَذَا صَهَلْ!
    207 ـ وَدَان يُسِرُّ..، وَدَاعٍ يَحُثُّ..، وَكَفٌّ تُرَبِّتُ: بِعْ يَا رَجُلْ!
    208 ـ لَقَدْ بَاعَ! بْع! بَاعَ! لاَ لَمْ يَبِعْ! غِنَى المالِ! وَيْحَكَ! بعْ يَا رَجْل!
    209 ـ [وَحَشْرجَةُ(168) الموْتِ: خُذْنِي.. إلِيكَ!!
    ـ لَبِّيْكِ!! لَبِّيْكِ!]
    بِعْ يَا رَجُلْ!!
    210 ـ [أَغِثْنِي!. أَجَلْ!]
    بَاعَ! مَاذَا؟! أَبـَاعَ؟! نَعْم بَاعَ قَدْ بـَاعَ! حَقّاً فَعَلْ؟!
    211 ـ [أَغِثْنِي! أَغِثْنِي! نَعَمْ!]
    قَدْ رَبِحْتَ!!.. بــُورِكَ مــَالُكَ!
    أَيْنَ الرَّجـــــــُلْ؟!
    112 ـ مَضَى!.. أَيْنَ!.. لاَ، لَسْتُ أَدْرِي!.. مَتَى؟
    لَقَدْ بِعْتَ ؟!.. كــَلاّ وَكَــلاّ.. أَجَلْ!
    213 ـ لَقَدْ بِعْتَ! قَدْ بِعْتَ!
    ـ كــَلاّ! كَذَبْتَ!
    لَقَدْ بِعْتَ! قَدْ بــــَاعَ!
    ـ وَيْحِي! أَجـــَلْ
    214 ـ لَقَدْ بِعْتُهَا.. بِعْتُهَا.. بِعْتُهَا.. جُزِيتُمْ بَخْيرِ جَزَاء، أَجَلْ!!..
    215 ـ أَجَلْ بِعْتُهَا.. بِعْتُهَا. بِعْتُهَا!! أَجَلْ بِعْتُهَا!! لا،َ أَجَلْ لا،َ أَجَلْ
    فَلَمَّاَ شَرَاهَا فَاضَتِ العَيْنُ عَبْرَةً،
    وَفِي الصَّدرِ حَزَّازٌ مِنَ الوَجْدِ حَامِزُ
    216 ـ [أَجَلْ.. لاَ أَجَلْ بِعْتُهَا! بِعْتُهَا!. أَجَلْ بعتها! بِعْتُهَا!.. لاَ أَجَلْ
    217 ـ وفَاضَتِ دُمُوعٌ كَمِثْلِ الحَمِيم(169)، لَذَّاعَةٌ، نَارُها تَسْتَهِلّْ
    118 ـ بُكَاء مِنَ الجَمْرِ جَمْرِ القُلُوبِ، أَرْسَلهَا لاَعِجٌ(170) مِنْ خَبَلْ
    219 ـ وَغَامَتْ بِعَيْنَيْهَ، وَاْسْتَنْزَفَتْ دَمَ القَلْبِ يَهْطِلُ فِيما هَطَل
    220 ـ وَخَانِقَةٌ ذَبَحَتْ صَوْتَهُ، وَهيضَ(171) اللِّسَانُ لَهَا وَاعْتقِلْ
    221 ـ وَأَغْضَى عَلى ذِلَّة مُطْرِقًا، عَلْيه مِنْ الهَمِّ مِثْلُ الجَبلْ
    222 ـ أَقَامَ..، وَمَا إِنْ بِهِ مِنْ حَرَاكٍ، تَخَاذلُ (172) أَعَضَاؤُهُ كَالأَشَلّْ
    223 ـ وَفِي أُذَنْيهِ ضَجِيجُ الزِّحَامِ، وَ«بعْ بَاعَ، بعْ بَاعَ، بعْ يَا رَجُلْ»!
    224 ـ وَأَخْلَدَ فِي حَيْثُ طَارَ السوَامُ(173) بِمُهْجَتِهِ، كَأرُومٍ مَثَلْ
    225 ـ كَأَنْ صَخْرةٌ نَبَتَتْ، حَيْثُ قَامَ، تِمثَال حُزْنٍ صَلُودٍ(174) عُتُلْ
    226 ـ وَمِنْ حَوْلِهِ النَّاسُ مِثْلُ الدَّبَى(175) عِجَالاً تَنَزى، دَهَاهُنَّ طلْ
    227 ـ فَمِنْ قَائِلٍ : فَازَ! رَدَّت عَلَيْهِ قَائِلَةٌ : لَيْتَهُ مَا فَعَلْ!
    228 ـ وَمِنْ هَامِسٍ: وَيْحَهُ مَادَهَاهُ! وَمِنْ مُنْكِرٍ: كَيْفَ يَبْكِي الرَّجُلْ!
    229 ـ وَمِنْ ضَاحِكٍ كَرْكَرَتْ(176) ضَحْكَةٌ لَهُ مِنْ مَزُوحٍ خَبِيثٍ هَزَلْ
    230 ـ ومِنْ سَاخِر قَالَ : يَا آ كِلاً! تَلَّبسَ فِي سَمْتِ(177) مِنْ قَدْ أُكِلْ!
    231 ـ وَمِنْ بَاسـِطٍ كَفَهُ كَالمُعَزِّي وَهَيْنمَةٍ(178) غَمْغَمَتَ لَمْ تُقَلْ
    232 ـ وَمِنْ مَشْفِقٍ سـَاقَ إِشْفَاقَهُ وَوَلَّى، وَمُلْتَفِتٍ لَمْ يُوَلّ
    233 ـ وَسَالَت جُمُوعُهُمُ فِي الرِّمَالِ.. وَمَاتَ الوَغَى(179).. غَيْرَ حِسّ يَصِلّْ
    234 ـ وَأَسْـفَرَ(180) وَانْجَابَ دَاجِي السَّوَادِ عَنْ مُخْبتٍ خَاشِع كَالمُصَلّْ
    235 ـ وَظَلَّ طَوِيلاً.. لَهُ سَبْتَةٌ(181) وَإطْرَاقَةٌ، وَأَسىً يَنْهَمِلّْ
    236 ـ أَفَاقَ وَقَيذَاً(182)، بَطِيءَ الإِفَاقَةِ.. يَرْفَعُ مِنْ رَأْسِهِ كَالمُطِلّْ
    237 ـ وَقَلّبَ عَيْنِيهِ: ماذَا يَرى؟ وَأَيْنَ الزِّحَامُ؟ وَأيْنَ الرَّجُلْ!
    238 ـ رَأَى الأرْضَ تَمْشِي بِهِم كَالخَيَال، أَشَبْاحُهُمْ خُشُبٌ تَنْتَقِلْ
    239 ـ وَهَامٌ(183) مُحَّلقَةٌ رُجـَّفٌ، وأُخْرى بَدَتْ كَنَزِيعِ البَصَلْ
    240 ـ وَأَغْربةٌ (184): بَعْضُها جَاثِم يُحَرِّك رَأْسًا، وَبَعْضٌ حَجَلْ
    241 ـ وَحَيَّاتُ وَادٍ، لِشَمْسِ الضُّحَى تُلوّي حَيَازَيمَها(185) والقُلَلْ
    242 ـ وَأَزْفَلَةٌ(186) مِنْ ضِبَاع الفَلاَة تَخْمَعُ مِنْ حَوْلِ قتْلَى هَمَلْ
    243 ـ وَهَنَّا وَهَنَّا ضِبَابٌ(187) مَرَقْن مِنْ كُلّ جُحْر لسَيْل حَفَلْ
    244 ـ وَثَوْبٌ يََطِيرُ بِلاَ لاَبِسٍ، يَمِِيلُ مَعَ الرِّيحِ أَنَّى تَمِلْ
    245 ـ تَمَطّى بِهِ البعْثُ مِنْ نَعْسَةٍ، ومِنْ سِنة كَفُتُورِ الكَسَلْ
    246 ـ وَدَبَّتْ إِليْه بَقَايَا الحَياةِ، فَرَفَّعَ أَعْطَافَهُ(188) وَاعْتَدَلْ
    247 ـ وَظَلَّ يُنَازِعُ كَبْلَ(189) الذُّهُول وَيَحْتَلِجُ النَّفْسَ مِنْ أَسْرِ غُلْ
    248 ـ كَنَاشِطِ(190) ثِقْلٍ طَوِيلِ الرِّشَاِء مِنْ هُوّة في حَضِيض الجَبَلْ
    249 ـ رُوَيْدَا رُوَيْدَا فَثابَتْ لَهُ مُلَجْلَجَةً(191) يَعْتَرِيهَا هَلَلْ
    250 ـ وَمِثْلَ الحَمَامَة بَيْنَ الضّلُوعِ قَدْ انْتَفَضَتْ مِنْ غَواشِي بَلَلْ
    251 ـ يُقَلِّبُ جمْجُمَةً، خَالهَا كَجُلمُودِ صَخْرٍ رَكين(192)ٍ حَمَلْ
    252 ـ فَلأياً بِلأَي(193)ٍ وَآبَتْ لَهُ مُبَعْثَرَة مِنْ أَقَاصِي العِلَلْ
    253 ـ وَنَفَّسَ عَنْ صَدْرِهِ زَفْرَةً، وَخَامَرَهُ(194) البُرْءُ حَتَّى أَبَلّْ
    254 ـ أَحَسَّ بكَالجَمْر فِي رَاحَتَيْه: سَعِير تَوَقّد!! مَاذَا احْتَمَل؟
    255 ـ وَيَبْسُطُ كَفَيهِ: مَاذَا أَرى جَوَابٌ حَثِيثٌ وَلوْ لَمْ يَسَلْ!!
    256 ـ عُيُونٌ تُحَمْلِقُ فِي وَجْهِه، مِنْ الخُبْثِ تَزْهَرُ(195) أَوْ تأتَكِلْ!!
    257 ـ [أَجَلْ بِعْتُهَا! بِعْتُهَا بِعْتُهَا!.. بَقَاءٌ قَلِيلٌ وَدُنْيَا دُوَلْ!]
    258 ـ وَألْقَى الغَنىِ لِلثَّرى! وَانَتَحَى(196) وَنفَّض كَفَيْهِ: [حَسْبي! أَجَلْ]
    259 ـ وَألْقَى إلَى غَالِيَاتَ الثِّيَابِ وَالبَزِّ نَظْرَةَ لاَ مُحْتَفلْ!
    260 ـ وَوَلى كَئيبًا ذَلِيلَ الخُطَا، بَعيدَ الأَنَاةِ، خَفَّيِ الغُلَلْ(197)!
    261 ـ وَأَوْغل فِي مُضْمرَاتِ(198) الغُيُوبِ يَطْوِي البَلاَبلَ طَيَّ السِّجِلّْ
    262 ـ أرَادَ لِيَنْسَى وَبَيْنَ الضُّلوُعِ نَوَافِذ مِنْ ذِكَرٍ تَنْتَضِلْ
    663 ـ فَأَحْيَتْ صَبَابتَهُ، وَالجِرَاحُ دِمَاءٌ مُفَزَّعَةٌ لَمْ تَسِلْ
    264 ـ تُرِيهِ الرُّؤَى وَهْوَ حَيُّ النَّهارِ، وَتسْري بِهِ وَهْوَ لَمْ يَنْتَقِلْ
    266 ـ وَيَبْسُطُ كَفَّيه مُسْتَغْرِقًا، فَتَحْسَبُهُ قَارِئًا قَدْ ذَهِلْ
    267 ـ يَرَى نِعْمَة لَبِسَتْ نِقْمةً، وَنُورًا تَدَجَّى(199)، وَسِحْرا بَطَلْ
    268 ـ وَآيَتَهُ(200) عَاثَ فِيهَا الشُّحُوبُ فَأنَكَرَ مِنْ لَوْنِها مَا نَصَلْ
    269 ـ وَأسَرارَهَا(201) فَضَّهَا طَائف لَهُ سَطْوَة وأَذى حَيْثُ حَلْ
    270 ـ وَسَحْقَ(202) غِشَاءِ عَلَى أَعْظُمُُ، تَهَّتَك مثْلَ الأدِيم النَّغِلْ
    271 ـ وَمَستْ أَنامِلَهُ رَجْفَةٌ، تَسَاقَطَ عَنَها سَنَاهَا(203) وَزَل
    272 ـ وَأَفْضَى بَنظْرَتِهِ نَافِذًا إلى غَيْبِ مَاضٍ بَهَيمِ(204) السُبُل
    273 ـ تَلاَوَذُ(205) أَشباحُهُ، كَالذَّليلِ، بِلُغْزِ نَخِيلٍ، وَدَاجِي دَغَلْ
    274 ـ وَأَسْوِدَةً خَطِفَتْ فِي الظلاَم هَارِبة مِنْ صَيُودٍ خَتَلْ
    275 ـ وَطْيرًا مُرَوَّعَةً أَجْفَلَت، وَآمِنَ طَيْرٍ وَدِيعٍ هَدَلْ(206)
    276 ـ وَشقَّت لَهُ السُّدَفَ(207) الغَاشِيَاتِ حَسْنَاء ضالٍ عَلَيهْا الحُلَلْ
    277 ـ أَضَاءَ الظَلاَمُ لَهَا بَغْتَةً، وَقَوَّضَ خَيْمتَهُ وَاُرْتَحَل
    278 ـ أَطَلَّتْ لَهُ مِنْ خِلاَل الغُصُونِ عَذْرَاء مَكْنُونَة لَمْ تُنَلْ
    279 ـ «رَأى غَادَةً نُشّئَتْ فِي الظِّلاَلِ، ظِلاَل النَّعِيم»، عَلَيْهَا الكللْ(208)
    280 ـ عَروسٌ تَمَايَلُ مُخْتَالَةً، تُمِيتُ بدَلّ، وَتُحْيِي بِدَلَ
    281 ـ وَنَادَتْه، فَاَرَتـَدَّ مُسْتَوفِزًا(209) بَجُرْحٍ تَلَظى وَلمْ يَنْدمِلْ:
    282 ـ أفِق! قَدْ أَفَاقَ بِها العَاشِقُون قَبْلَكَ، بَعْدَ أَسىً قَدْ قَتَلْ!
    283 ـ أَفِقْ! يَا خَلِيلِي! أفِق! لاَ تَكُنْ حَلِيف الهُمُومِ، صَرَيع العِلَلْ
    284 ـ فَهَذَا الزَّمَانُ، وَهَذِي الحيَاةُ، عَلّمْتِِنيها قَدِيمًا: دُوَلْ!!
    285 ـ أَفِقْ! لاَ فَقَدْتُكَ! مَاذَا دَهَاكَ؟! تَمَّتعْ! تَمَتَّع! بِهَا! لاَ تَبلْ!
    286 ـ بِصُنْع يديْك تَرَاني لَدَيْكَ، فِي قَد أخْتِي! وَنِعْمَ البَدَلْ!
    287 ـ صَدَقْتِ! صَدَقْتِ!. وَأَيْنَ الشبَابُ؟ وَأَيْنَ الوَلْوعُ؟ وَأَيْنَ الأَمَلْ
    288 ـ صَدَقْتِ صَدَقْتِ!!.. نَعْمَ قَدْ صَدَقْتِ! وَسِر يَدَيْك كَأنْ لَمْ يَزَلْ
    289 ـ حَبَاكَ بِهِ فَاطِر النَيِّراتِ، وَبَارِي النَّبَاتِ، وَمَرْسِي الجَبلْ
    290 ـ فَقُمْ! وَاسْتَهِلَّ(210)، وَسَبِّحْ لَهُ! وَلبّ لِرَبٍ تَعالىَ وَجَلّْ

    …. وَأستغْفِر اللَّه، فإلا تكنْ رَضيتَ فقد أَمْلَلْتك، وَإذَا أنا قد أسأتُ من حيثُ أردْتُ الإحسان.. ولكنَّكَ بعثتَ كَوامِنَ نفسِي مُنْذ رأيتُك، فتوَسَّمْتُ وَجْهك، وعرفتُ فيه شيئًا أخطأتُه في وُجوه كثير من أهلِ زَماننا، فأحببتُ أن أعِظك وَأعظَ نفسي بِنْعمة اللَّه عَلَى عباده، إذ جَعَل بعضَهم لبعضٍ قُدوة ًوَعِبْرَةً، وَآتاهُم من مكنونِ عِلْمه مالا يغُفلُ عَنْه إلاّ هالكٌ، ولا يُضَّيعه إلاّ مُسْتَهينٌ لا يبالي. وقد بلّغنَا رسولُ اللَّه عن ربهِّ بلاغًا يُضيء لكَل حَيِّّ نَهْجَ حياتِه، ويُمْسِكُ عليه هَدْي فِطْرته، إذ قال: «إنّ اللَّه يُحِبُّ إذَا عَمِل أَحَدُكُم عملاً أن يُتْقِنَه» وقال: «إنّ اللَّه كتَبَ الإحْسانَ على كُلِّ شيء، فإذَا قَتَلْتم فأحسِنُوا القِتلة، وإذا ذَبَحْتُم فأَحْسِنُوا الذِّبْحة، وَليُحدَّ أحدُكُمْ شَفْرتَه، ولْيُرِحْ ذَبِيحتَه» فَانْظُر إلى أين كتب اللَّه عَلَينا أن نبلُغَ في إتقان ما نَصْنع، وإحسانِ ما نَعْمَل!
    اللهُم إنَّا نسألُك الثباتَ في الأمر، والعزيمةَ على الرُّشْد، والإتقَان في العَمَل، وَالإحسانَ فيما نأتي وما نَذر. وَنسْأَلُكَ منْ خير ما تَعْلم، ونعوذُ بك من شَرّ ما تَعْلم. وَنسألُك قَلْبا سَلِيمَا، ولسانًا صادقًا، وعملاً صالحًا، وسَداداً في الخير. والسلامُ على مِنْ اتَّبَع الهُدَى.
    من أخيك..
    محمود محمد شاكر
    القاهرة: 17 ربيع الآخر سنة 1371هـ
    15 يناير سنة 1952م
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    هوامش:
    (1) أعوزه الأمر يعوزه: إذا اشتد عليه وعسر، واحتاج إليه فلم يقدر عليه.
    (2) ينسرب: يجري سائلاً متتابعاً لا يكاد يحسه.
    (3) النهج: الطريق المستقيم الواضح البين. واللاحب: الطريق الواسع الأملس، لا يعوقك في مسيرك فيه شيء. والهدي: السيرة المستقيمة المؤدية إلى غاية لا تضل عنها.
    (4) لا يتخلف: لا ينقطع عنها فيتأخر، ويأتي في غير موعده ومكانه.
    (5) الذرة: النملة الصغيرة الحمراء. النمال (جمع نملة).
    (6) تقضي نحبها: تفرغ من عملها، وتبلغ مدة أجلها.
    (7) تمرق: تخرقه وتخرج منه ضالة على وجهها.
    (8) تحدث: تبتدع طريقاً مخالفاً لسنة خلقها.
    (9) سن الطريق: بينه ووطأه مستقيماً إلى قصد معروف.
    (10) نسقاً: أي نظاماً متتابعاً متواتراً على سواء السبيل. منقاداً: سلساً مفضياً إلى نهايته.
    (11) التراث: الإرث المورث، والمؤبد: الخالد منذ أبد الآبدين.
    (12) السنة: الطريقة والسيرة اللازمة.
    (13) المنهاج: المسلك الواضح. الغابر: الماضي. والشرك: جادة الطريق لاتخفى معالمها، لظهور آثار السائرين فيها، فالسائر كأنه يهتدي فيها ويستقيم اضطراراً.
    (14) تشنؤه: تجده قبيحاً شنيعاً فتبغضه، تخامرك: تخالط نفسك فَتُغَطِّي على حسن تمييزك، كما تفعل الخمر بالعقول.
    (15) مدرج أوله: دبيب آبائه الأولين عليها. درج الصبي: دب على الأرض ومشى مشياً ضعيفاً. والفرط: السابق المتقدم.
    (16) سدى: مهملاً غير مأمور ولا منهي ولا مسدد. الهمل: الضال المتروك بلا بيان يهديه أو يحكمه.
    (17) النهج الأول، والهدي القديم هو الفطرة التي فطر الله عليها آدم وولده قبل اختلافهم وضلالهم، ونزول التكليف، وبعثة الأنبياء.
    (18) أنبط: استخرج الماء من بطن الأرض. الذخائر (جمع ذخيرة) وهو ماتخيرته فأخفيته ودفنته عن العيون. يستبحر: ينشق ويتسع ويصير كالبحر لاينقطع ماؤه. السرائر (جمع سريرة):وهو ماكان مكتوماً كالسر، لايعرف حتى تعلنه. والفتح:ما انفتح بعد استغلاق.
    (19) تَأَيَّد: صار ذا أيد وقوة وتمكن. تأثل: تقادم عهده وثبت أصله. عمر: عاش وبقي زمانا طويلاً.
    (20) حاد: مال عنه وعدل إلى غيره. مرق: خرقه وخرج إلى ضلال المسالك.
    (21) تمرس: احتك بالشيء فأثر فيه. أسلم: ترك مخذولا بلا هداية.
    (22) نزع: حن واشتاق.
    (23) احتفر: بذل الجهد في الحفر. أكدى حافر البئر: إذا حفر فبلغ الصخور، فقطع الحفر خيبة ويأساً.
    (24) ندت: نفرت هاربة واستصعبت. استقادت: خضعت وأعطته المقادة.
    (25) جاشت نفسه: فارت وارتفعت. والصبابة: بقية الماء التي تصب.
    (26) الميسم: اثر الوسم بالنار، تدله: ذهب عقله من الحب والهوى
    (27) استجاد: وجد لذة جودته وحسنه.
    (28) الزهو: التيه والفخر والعظمة.
    (29) ختله: خدعه على حين غفلة.
    (30) عدت إليه

    #381007
    أبو بلعرب
    مشارك

    أهلا !
    عزيزي بحبوح نحن لا نريد منك أن تقوم بنسخ ولصق في صفحة اللسان ، لأننا لا نقبل إلا الإبداع أو ما يماثله من غبتكار فكرة نناقشها مع بعضنا كل يستفد ويفد ، ولو كلن القصد هو التجميع لمتلك جميع المشاركين القدرة على الإتيان بمواضيع ولصقها في الصفحة .
    هذا واعذرني إن أسأت الفهم .

    #381021
    بحبوح
    مشارك

    أنا متأكد 100% أنك لم تقرأ ما خطه أبو العربية ألكبير محمود شاكر
    ’أظن أنك لا تعرفه البتة.

    فهذا بدلا من أن تستفيد وجهت ألي تلميح بالطرد

    وتنصحني بالإبداع ولم أرى مبدعا فيكم

    علما بأني قد كتبت موضوع ( صدام الأفكار) ولم يرد
    عليه أحد لا المشرف ولا غيره بل لم يقرأه إلا القليل
    فكيف تريد مني أن أبدع ولا يوجد هناك تشجيع
    وأرى أن كثير منكم قد توقفوا عن المشاركة

    وإذا استمر الحال على ذلك فعلى لسان العرب كبر أربعا

    ثم من نصبك مشرفا يا أبو بلعرب وانت ما زلت جليس جديد
    وأراك قابعا تحت مظلة مجلس واحد لا تتعداه

    ثم يا أخي ما المانع من الإستفادة من روائع الأدب العربي

    ومن جانب آخر قرأت بعض مواضيعكم ولم ألحظ فيها ما تسميه بالإبداع

    وبعضها مواضيع جامدة وقديمة وآخر يعلن أن غدا أخبار النحو عجبي

    عموما أرى أن في مجلس الثقافة والأدب مكان مناسب لمشاركاتي

    فهناك يوجد من يريد أن يتعلم ويزداد علما

    فهنيئا لك مجلس لسان العرب……………………………………………وداعا

    #381316
    فتى سمائل
    مشارك

    أخي بارك الله فيك ضع في مجلسنا ما تشاء لا بأس عليك ولكن بالله عليك أسئلك ماذا لو وضعنا في مجلسنا الأشعار والقصص دون أن نخضعها لوجهة نظر هل سنتميز عن مجلس اثقافة والأدب في شيء لا إذن نحن ننشد التميز لذى إذا أتيت بنص علق عليه موضحا سبب المجيء به هذا أشفع لنا ولك بارك الله فيك ثمرك يؤكل ولكن قد يتأخر النبت

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد