قد صنع الزمان من خردة الأوجاع صفحة …
و امسك بمسطرة الهموم و خططها بحبر الآلام ..
و كتب بقلم الجرح كلمة قد حطمت ربيع الذكريات …

ما اقساك ايها الزمان ….
كتبت ما قد يرضي القلة و تركت اولئك يمشون في رصيف الأحلام آملين في ان يصلوا للرصيف الآخر …
لماذا ايها الزمان؟ ..
أوقعت في شدائدهم؟
أأحسست بما لهم من رغبة في تحقيق آمالهم؟

و انا هناك ..
بين اولئك المنعمون و اولئك المذلون ..
انا اوسطهم .. انا في ذلك المكان الذي لا يوجد فيه الا انا ..
نعم هناك ..
قرب شواطئ ذكرياتي التي لا يجاورها البحر …
هل تسمعني؟

اني اناديك:
من اين استوحيت لغتك؟
لم نكد ان نضيع لغتنا حتى اتيتنا بلغتك القاسية ..
يالك من زمن ايها الزمان ..
قَلّ من هم شرفاء النفوس فيك ..
و زادوا ذئابك البشرية ….
اترجاك ايها الزمن …

علمني لغتك … لأناجي ذلك البحر:
اغرقني في اعماقك …
لأسترد تلك الذكريات ..
فلا ملاذ لي سواها …
رد علي الزمن قائلا: من انتِ لأنصت لكِ؟ ….. هل تسألني من انا؟ ..
انا تلك التي ضاعت بين ردهاتك و بحار ذكرياتك …. انا تلك التي اوقفتها في نصف شارع الأمل … تلك التي احببت اناس عاشوا فيك … تلك التي عانت لكل خطوة تخطوها في دربك الموحش… انا تلك التي تحت رقابة لا تنتهي … هل علمتَ من اكون؟ …..

علمتُ ان لا جدوى منك .. تبا لك .. تبا لتابعيك و مرتاجيك …. تبا لك .. قد عذبتني و سقيتني من مائك الملوث بالمعاصي …
اعود و اقول يالك من زمن ايها الزمان … رسمت في وجوهنا بسمة مزيفة .. و حفرت في قلوبنا اسماء اناس قد ارتقوا من مستواك .. و ذهبت بهم جميعا …

قل لي اين مصلحتك في هذا … هل مصلحتك في اخذ قلوب قد غمرتها بدم الذنوب؟ ..
ام هي في ترويضك لقلوب قد غششتها بطيبتك و انت في اكمل صور وحوشتك؟ ….
قد تكمن مصلحتك في التسلية! …
نعم التسلية … فقد اصبح خداع القلوب و اسرها تسلية لك و لأمثالك ….
ماذا تنتظر منّا؟ الرجاء … الحلم .. التفاؤل ام تنتظر منّا تلقي دروسك؟
لست من مستواي لألقي لك النصائح .. و لكن لماذا لا أرتقي اكثر؟
نصيحة ايها الزمان … لا تنتظر منّا سوى ذاك الأنين ..
فلم تبقِ لنا سوى المواجع .. اخذت منّا تلك الطاقة التي تصنع من هم امثالك و أسمى …
و لكن سبقت رحمتك ذاك العذاب ايها الزمان ..
اني و في وحشتك التي اخذت كياني اناجي احدهم قائلة:
اين انت؟ … فهذا اول سؤال قد يخطر ببال شخص قد ضاع بين ازقتك الطويلة ..
ثم اتلقى الاجابة: انا هنا .. اقابلك في طريقي! ….
و انا في حيرة: اين هو؟؟! فلا ارى امامي سوى ذلك البحر و تلك السفينة ..
و لا احدٌ فيها … يرد قائلا: لست الا صدى صمت قد خبأه الزمان في جعبته …
لم يلبث حتى سمعتهِ انتِ … ارد في دهشة و قناعة في آن واحد! :
نعم .. اعرفك ايها الصدى… فسبق و ان كنت ذاك الصدى الذي تغلفه الأحزان
و كنت صديقي يا صدى الصمت! فقد كتمت انيني بتلقي دروس من صوتك ..
قد كنت نعم الأنيس ايها الصمت …
أما هناك … في ذلك الشارع الذي اقف فيه ..
نعم .. انه شارع الأمل .. الشارع الذي خطوت فيه اولى خطواتي ..
لأصل فقط الى الشارع المقابل! …….
و لكن كيف اعاني لكل خطوة و في نهاية المطاف أصل للطرف الآخر؟! …
لا غريب فيك ايها الزمان طالما انت الغريب بذاته …
غريب كذاك الذي ضاع في غير بلاده …
يالك من زمن ايها الزمان …. يالك من زمن ايها الزمان ..

29/9/2008
———————————————————–