النصرانية و الإسلام والخلاف على مسائل أساسية ،بيّنها الدكتور حسين هيكل بالتفصيل فى كتابه ( حياة محمد ) ، و يمكن تلخيصها:-

1. النصرانية لا تُقرّ بنبوة محمد كما يُقرّ الإسلام بنبوة عيسى.

2. النصرانية تقول بالتثليث و تؤله عيسى ، و الإسلام يقر بالتوحيد و ينكر ما سوى ذلك أشد الإنكار .

3. أمّا مسألة صلب المسيح التي يعتقدها النصارى ، فالقرآن صريح فى نفى أن اليهود قتلوا المسيح أو صلبوه .

و كانت هذه المسائل مثار جدال بين المسلمين و النصارى ، منذ أيام الرسول صلى الله عليه و سلم ، الذي كان يستمع إليهم و يجادلهم بالتي هي أحسن ، و لم يكن يشتد في جدالهم شدته في جدال المشركين و عبّاد الأصنام .

إلاّ أن هذه العلاقة المتسامحة لم تدم طويلاً ، فقد انتهت عندما نظر المسيحيون إلى الإسلام نظرة سياسية ، وعدّوه بمثابة خطر يتهدد إمبراطوريتهم ، فشرعوا في التآمر عليه و الكيد لأهله . حتى أنهم أرسلوا جيشاً عدته عشرات الآلاف ، و خرج المسلمون لملاقاتهم بقيادة سيدنا محمد فكانت غزوة ( تبوك ) وفيها انسحب الروم أمام المسلمين .

و تعتبر غزوة ( تبوك ) بداية الخصومة السياسية بين المسيحيين و المسلمين و ظلت تلك الخصومة سائدة من جانب المسيحيين إلى يومنا هذا ، و لم تقتصر على القتال بالسلاح بل تعدّت ذلك إلى ميادين الجدل و النضال الكلامي .

و لأن الإسلام يقرّ بنبوة عيسى عليه السلام ، و يعلي من شأنه ، لذا لم يتعرّض المسلمون للحط من مقام سيدنا عيسى أو التشنيع عليه . أما المسيحيون فقد حاربوا المسلمين ، و طعنوا في دينهم طعناً فاحشاً ، وعرّض الكثير منهم بالنبي محمد ، و نعتوه بأوصاف بذيئة ،و لم يقف الأمر عند رجال الكنيسة و المبشرين ، بل تعداهم إلى الكتاب و الفلاسفة و المفكرين .

و موسوعة ( لاروس ) الفرنسية حافلة بالكثير من آراء كتاب المسيحية ممن عرّضوا بالإسلام و حاولوا النيل من النبي ، و من كبار كتابهم و مفكريهم الذين أقذعوا الرسول بفاحش القول : ( دانتى ) و (فولتير ) و المستشرق ( مارجليوت ) .

و للحقيقة فإن عدداً من الكتاب المسيحيين تناولوا حياة الرسول بشيء من الإنصاف و العقلانية، و لكنهم كانوا نسبياً قلة و يمثلون استثناء.