الرئيسية منتديات مجلس القصص والروايات " فتى الجـَعَـل " رواية حابسة للأنفاس ،يمنع دخول مرضى الربو

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #113645
    المحايد99
    مشارك

    :
    1
    :
    بما اننا في فصل الصيف وها بدأ موسم الهجره للديره في منزلنا الأثري ، وبما أن أبي دائم التساؤل عن سبب تخلفي عن السرب الطائر للديره ، وبما أن أول سؤال تواجهه عائلتي حال وصولوها هناك :هاه فلان وينه؟ وراه ماجا ياكافي؟هاه !.. يالهؤلاء القرويين، يحرضهم إنزيم اللقافه فيبدأون عد أفراد العائله حتى يكتشفون الرقم الناقص فيطلقون هذا التساؤل -بكل ساديه- لوالدي مما يجعل الادرينالين يرتفع لديه فيتصل بي مهزئاّ : فشلتني مع الجماعه لعنتن تلعنك !! فأرد بإمتعاض: يارجال أمحق جماعه،أطيبهم اللي معه شهادة سادس، وش اللي فشلتك تكفـ..طوط طوط ! بما كل ماسبق.. وبما اننا في عالم افتراضي يدعى النت لا تعرفوني ولا اعرفكم وكل واحد ينصب على الثاني ، وبما أنني مليء بترسبات الماضي حد الفيض فقد أتيت هنا لأفضفض لأعترف لأنطق ..فقولوا أهلاً للرجل المفضفض !
    :
    2
    :

    قريتي تكاد لا تعرفها الخريطه! تحيطها الضلعان والحزوم والكثبان الرمليه ، العج صديقها الدائم و النفود يراقبها عن كثب كحبيب ٍ صامت لايجرؤ على الاعتراف.. الشمس تتعامد فوقها برومانسيـه فتحيطها بأشعتها المخلصه ، الشوك والحرمل يفرش أرضها بإقتدار وسمائها ملبدة بالتراب لا بالغيوم أما صوت الرياح الصافره فما هي إلا الموسيقى التصويريه للمكان ، المطر؟ شيء تسمع به قريتي لكن لا تراه ، وإن شئت قل تراه على عجاله ثم يختفي حتى تكاد تنساه ، يزورها في العقد مره ! هذه قريتي هنا مسقط رأسي وبرغم كل هذا تجدنا نحب كل شبر فيها! كيف لا أدري، تناقض؟ ربما.. لكننا نحبها ( بشر امك ( !!
    عدد أعضاء منتداكم يفوق عدد سكان قريتي ، أكبر عدد تواجد للسكان على أرض القريه – ويكون عادة ً يوم العيد – لا يوازي أكبر تواجد للأعضاء بالمنتدى ! المزارع والبيوت والشوارع لا تمثل الا 10% من مساحة القريه، نعم فنحن نسكن جزءا بسيطاً منها ، أما بقية المساحه فهي الفضاء/الفراغ/اللا أحد.. حيث الجبال والوديان والطبيعة القاسيه!
    البيئه الحيوانيه هنا غزيرة ، عالم من الحيوانات والحشرات علمت منه ومالم تعلم ، طبيعي أن تسمع صوت الديك فيقابله عواء الذئب ، عادي جداً ان ترى ابا الحصين جالس بين الخرفان الصغيره كداشر ٍ يدور بزقارته عند مدرسة ابتدائي ! لا تستغرب إن مر امامك حيوان لا تعرف اسمه ولم تر له من قبل صوره ، وإن توقف هو عندك وسألك عن اسمك أو قال لك :أول مره اشوفك هنا يالحبيب! فأجب وأعطه نبذه عنك تراه راعي محل ! عادي ان تخرج من بيتكم فتجد أحد الجمال السائبه يلحس جرس بابكم .! أو تشعر أن اللمبة ضعفت انارتها للنصف فترفع رأسك لتجد الحشرات البثره قد غطت معظمها! طبيعي ان تتمشى مع اخوياك فيدخل مسرعاً بين رجليك ورر قاعد يطارد ضب ، لا تلتفت ولا تجفل ولا تقطع سالفتك ودع الورر وشأنه حتى لا تكون مادة خصبه للذب عند شباب القريـة !
    في قريتي يلعب الصغار بالأسلحه الخفيفه ! عندما يتوقف أمامك احد الاطفال و ينشن على جبهتك فأنصحك بالهرب ، تحرك سريعاً فالسلاح الذي معه ليس لعبة تخرج ضوءاَ وصوت فرقعه كأسلحة اطفال العاصمه ، لا يا صديقي فالسلاح حقيقي والطلقه مدميه ! لا تحقر هذا الطفل عندما ترى السوائل تتقاطر من خشمه مع طاقيته التي تكاد تغطي جبهته ! لا تعنفه ولا تنهره لأني أخشى ان يخرج لك من جيبه قنبله يدويه مستفيضاً في لعبه البريء قويـه صح ؟
    في قريتي ينجح الطفل من ثاني إبتدائي لثالث فيشتري له أبوه وانيت نيسان ! في المدن المتقدمه يحضى الأطفال بالدراجات حتى سن المتوسط لكن في قريتي يتعلمون القياده بعد سن الفطام بسنتين ! كن على حذر عندما تقود في قريتنا إذ لربما ياتيك وانيت معاكس الشارع او يقتحم عليك الطريق قادماً من اللفه دون إحم ولا دستور ،خلك ريلاكس حين يخرش الريوس ويرجع اليك بكل ما أوتي من بجاحه ويشرشحك ويصفك بالعليمي اللي مايشوف .. نصيحتي لك لا تبادله السباب فالسلاح الذي فوق الطبلون حقيقي كما سبق وشرحت لك ! ثم إن الذي علم هذا الصغير القياده هو والده .. ووالده أحد شيبان القريه .. وشيبان القريه ألله من زين السواقه تكفى يوم انهم يدرسون عيالهم! ياشيخ في ذمتي لو درى مخترع السياره كيف يقودون لأنبه ضميره على اختراع هذه الوسيله المميته ! صدق أو لا تصدق لا يوجد جدار في قريتنا او نخله أو عمود إناره الا ووضع شيابنا بصمتهم القياديه عليه ! بالأمس على سبيل المثال احتفل شعب قريتي بإنتهاء المجسم الجمالي الذي استغرق وضعه اسابيع ، عباره منصه تحمل دلة كبيرة وفناجيل كنايه عن الترحيب بالقادم اليهم .. لم يصمد هذا المجسم الا ساعتين حيث أن ابو عبدالرحن الشايب السبعيني اصطدم به وهو لا يدري مما جعل الدله تحت الفناجيل ، وأكمل الكارثه العم أبو صالح تالي مسيّان حين اقتحم حاملة المجسم وصعد فوق الدله وفناجيلها بالشاص أثناء ماكان مستغرقاً في النظر يمنة ً ويسره بحثاً عن خرفانه !!
    يقول موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب عندما يأتي المساء.. أسأل: هل من حبيب عنده علم ٌ بحالي؟ وأنا أقول .. عندما يأتي المساء لا حبيب ولا هم يحزنون .. بل أصوات غريبة وطبول وإيقاعات تأتي من المجهول في وسط هذه الظلمة الحالكه ، نحن واهل بسم الله – الجـن – ربع وولايف في قريتنا ، بيوت الطين القديمه والمهجوره باتت ملاذاً آمناً للجن فمنذ أن تنتهي صلاة العشاء تبدأ حياة أخرى هناك في الجانب الآخر من القريه ، إن لم تكن ذو قلب قوي وشجاع فارحل من قريتنا فورا لا مكان لك هنا إطلاقاً !
    وأنا صغير كان يحدثني أبي – ذات أرق – أن أحد أصدقاءه ذهب نحو الخربات او البيوت الطينيه المهجوره ، ذهب هناك بحثاً عن بعيره الذي فقده ، يقول أبي : ومنذ ذلك اليوم لم يعد البعير ولا حتى الصديق ! قاطعت أبي قائلاً ألله من زين التربية الحين بزعمك جالس تحكي لي حكاية ماقبل النوم ! ألا يا نايم بعد هالسالفه وتعنقدت فيه ببثاره حتى الصباح وسط تذمر والدتي !!
    :

    3
    :

    الجعل .. حبيبي الجعل ! هو ذكر الخنفساء، وهو شبيه لها لكن يتميز عنها بعدة مزايا :
    ١_الشكل: هو أكبر منها بكثير وأشد سوادا ولرجليه حراشف خشنة وفي مقدمة وجهه زوائد تشبه المقص
    ٢_يطير! وإذا طار وفرد جناحيه بات حجمه في حجم راحة اليد! أسوأ ميزات طيرانه أنه أعمى. متعارف عند العوام أنه لايرى لذلك كثيرا ما فقأ عين أحد أو يصطدم بوجه أحد وهو منهمك في الحديث ويبدأ بالطنين داخل الثوب اذا سقط في ملابسك أما أنت فتبدأ بالزعيق والهلع إن كنت مثلي.!
    3- إذا طار فإن لطيرانه صوتاً شبيها ً بخرفشة الأوراق ، صوت مدوي يثير الرعب !

    هذه المقدمه الحيوانيه أسوقها لأقول أنني وفي هذا السن وهذا الطول وهذا العرض ، لا أخاف من شئ كخوفي من (الجعل) ! آآآآه أخيرا قلتها .. لا أصدق أنني اعترفت .. أشعر بالراحه الآن وأنا ألقي بهذا السر الذي أثقل كاهلي سنوات ! كل ما ذكرته لكم عن قريتي استطعت التكيف معه ، تلائمت بشكل او بآخر مع الظروف الغريبة هناك ..حتى بدأت عقدة الجعل هذه فقلت لقريتي هذا فراق بيني وبينك ! هذه بإختصار العقدة الأزلية التي كانت ولا زالت حتى اليوم تقف حجر عثرة بيني وبين الذهاب هناك من جديـد ، إذا رأيتم رجلاُ في قريتنا يجري وشماغه وعقاله يتدليان من رقبته فاعلموا انه محدثكم هارباً من مكان حلّق فيه طائر النورس حق الديره الجعل !
    تباً لهذا الوغد المسمى جعل ، جعلني أضحوكة القريه فبت لا أستطيع الذهاب هناك، تعقدت منه في صغري فلاحقني خوفه وانا رجل! بإمكانك أن ترميني في صحراء قاحله ليلا ولن أخاف كخوفي من مواجهة هذا الحيوان الوغد.. في الحقيقه هو علميا يطلق عليه حشره لكني أسميه حيوان لأني أرى فيه حجما أكبر من الحشرات وطباع أقرب للسباع!
    هو علميا أيضا حشره بريئة.. لا لدغ ولا سم.. يتغذى على الفضلات والتربه لكنه في نظري أسوأ وأرعب من أي حيوان سام.. العقرب أنموذجا !
    عندما أعلم أن في المكان عقرب أو داب أو انشالله جني لا أهلع كهلعي عندما يتنامى لسمعي صوت طنين جنحان الجعل وأحس بقربه من مكاني!.. لا أبالغ ولكن لسبب بسيط:
    العقرب له عينان/ يرى / بالعربي مفتح .. من عشرتنا الطويله لديرتنا المليئه بالعقارب السوداء والصفراء عرفنا جيدا طباع العقرب: العقرب لن تقتحم سكنك! والعقرب تهرب من الإنسان ولا تلدغ إلا أذا أحست أنها حوصرت. ( ابراي لله لحد يصدق هالحتسي )
    لكن هذا المهايطي لا يرى. لايبصر.يصطدم بأقرب حاجز ولا يهمه نوعية هذا الحاجز فيكرر نطحه والطيران عليه! أعمى جدآ ورغم هذا يكابر فلا يطير بهدوء بل يعتمد السرعه القصوى تحت شعار على عماها !
    أضف لذلك أن هذا العبد لايصدق أن يرى خرما في الباب أو مسافه في النافذه حتى يتطفل فورا على غرفتك فيداهمك في سكنك وربما أنت مع زوجتك في لحظات حميمة! بعكس العقرب التي بطبعها تأنف البيوت وإن تجرأت لم تتعد السور الخارجي. أفضل أن يرميني أحدكم بالرصاص على أن يرميني بغرفه فيها هذا الطائر البشع وأكاد أقسم على ذلك ( بدا التشليخ )
    :

    4
    :

    بداية الحرب البارده مع (الجعل) كانت في بيت جدتي حين كان عمري بالكاد خمس سنين! كان بيتا من الطين. غرف النوم فيه صغيره اجزاء كبيره من جدرانه تداعت للسقوط، أسقف المنزل عباره عن شجر أثل ، أبوابه عباره عن ألواح خشبيه كبيره ، كان في الأيام الخوالي يمثل بيتاً كبيراً في أعيننا أما الآن فأصفه وانا لا أكاد أصدق ان هذا البيت كان يضم 3 عوائل سابقا ً ! كنت مبوبزا في الحمام أغني في سباهة متناهيه وأردد رائعة صالح القرني سرى الليل يابو ثلاثه ، كنت أقضي حاجتي ببراءه عندما نظرت للجعل يدبي فوق رأسي أعلى السقف..لم أكن حينها أعرفه ولم تبدأ أواصر علاقتي معه، حسبته حشرة عادية_ ليس لي مشكله مع الحشرات فقد توقعته أحدها وعدت لغنائي الخلاب وأخذت أردد بصوت شجي رائعة ام كلثوم أذن الديك وقوقا يحسبني دجاجه مادرى اني سعيده بنت شيخ القطاوه .كنت منهمكا في النغم حين رفعت رأسي مره أخرى وقلت لا ليس حشره صغيره هذا خنفساء عادية ستتوارى حالا في أحد فتحات السقف وتختفي.. ولكن أياً من ذلك لم يحدث..فقد حدثت الكارثه : تكوم على نفسه ورفع مقصيه لأعلى ثم فرد جناحيه في ثقة وحلق في هذه الغرفه الضيقه المسماه بالحمام! يا للصوت الهادر ! طار هذا الأعمى السكران وأخذ يصدم الجداران بشكل متكرر ومتسارع كأنه تزعجه هذا الحيطان ويريد هدمها!
    صدقوني ، صوت طيرانه يطن في أذني حتى اللحظه وهو صوت أميزه إلى اليوم لايمكن لأذني أن تخطأه! طار بشكله البشع وصوته المخيف وسرعته الهائله واصطدم بالجدار في عنف.. هو لا يضره ألأصطدام أبدا سواءا كان عنيفا أو خفيفا فقد حباه الله بصدفية صلبه هي ظهره فلذلك عندما يرتطم بالجدار أو النافذه فكأنه صوت حجر ! أصبحت في ورطه مع هذا الخصم الشرس وبت كما قال ابو متعب القبر من امامي والكذب من خلفي ولا أعلم وش الدبره
    ارتعبت و قلت العطه يابطه وهرعت لأخرج وكانت حركة ً غبية مني! فقد كان مرتدا من الجدار الى الجدار المقابل الذي أنا أرتكيء عليه ، لم أكن أريد أن أحمي ظهر الجدار لكن الوغد كانت سرعته فائقه في الإرتداد و..عندما وقفت .. طااااخ !
    نعم أصطدم بخدي الأيسر وبالتحديد بالقرب من نقطة إلتقاء شفتاي الصغيرتين الورديتين! (( ألله من واحد خـق الحين )) صرخت كأنني ليلى علوي في فيلم المغتصبون ورميته بيدي من خدي وآآه كم كان مقرفاً وملمسه خشنا وحراشيفه لن أنساها ماحييت..صرخت وفتحت الباب وانا ربي كما خلقتني لا شيء يستر سؤتي . سقطت في بهو الدار عند أمي وخالي وجدتي كأنني ملحوق من عصابة بتلعن جدفي ، لم يحتج الأمر أي إيضاح فأمي تسمع صوت جنحان (الجعل) المدويه الآن في الحمام..أخذتني في حضنها تسمي علي ، كنت أنظر لعيون جدتي التي كان لسان حالها يقول وش ذا المفصخ اللي انسدح فيذا تسنه حوت دخل خالي الحمام وهو يحمي وجهه بشماغه وضرب الجعل فسقط! لا أدري هل كان متلثماً كي يحمي وجهه من الجعل أم يحمي أنفه ؟ من يدري ! فقد كان الحمام غير نظيف لأني خرجت منه كرها لا طوعا وهذا الإحراج أمام خالي وأمي وجدتي ولد في نفسي كرها أكبر لهذا الحيوان الحشره! ومن يومها بدأت عداوتنا التي لم تنتهي
    :
    5
    :

    كبرت وكبر قلبي وإدراكي فأصبحت لا أخشى الظلام ولا أوسوس في الليل بالجن وأضحك من أفلام الرعب بعد أن كنت أصرخ قديما
    أول من يقوم لقتل العقرب أنا وأول من يبادر لقتل الأفعى بين أصدقائي هو أنا . أسكن لوحدي ولا أخاف الوحده أو السكون أو اللصوص. لم أعد أخشى وأنا في هذه السن حتى السباع! أصبحت مهايطياً عتيدا وأبضاياً ايزكرتياً .
    لكن هناك شئ واحد لم أتغلب على خوفه ، شئ واحد مازال يرعبني وأخافه الى الآن: الوغـد الطائر الجعل !
    مجرد صوت جناحيه يخيفني أشد مما يفعل زئير الأسود وضراء النمور!! كنت اتسائل هل زالت عقدتي بمرور هذه السنين ؟ أحسست اني بحاجه لإختبار حقيقي لأعرف شعوري بعد هذه الحقبه الطويله ،
    حانت الفرصه في الصيف الماضي حين جاء أخي الكبير يطلب رفقتي لمزرعتنا في القريه! كان موسم التمور والنخل جاد بمحصوله وطلب مني رفقته ليومين فوافقت !
    وصلنا إلى مزرعتنا والحر في ازهى فصوله وأعتى درجاته، الحر لايمكن وصفه وسكوون ليس هناك غبار أو هواء، الغبار يقتل الحشرات ويلزمهن بالمبيت في بيوتهن وهذه ميزته الوحيدة!
    لكن وافق يوم مجيئنا للمزرعه أن الجو: صحو_سكون_حر شديد !
    لا تسل عن هذا الجو فهو أشهى ماتتمناه الحشرات، هذا شهر العسل فيبدأن التدييت والفحوله ، كان لسان حال الحشرات في قريتنا يقول وش هالجو الكايف ياعيال هذا الجو يجعلها في فترة نشاط ونمو وتكاثر وتبلغ أحجامها أقصى ماتصل إليه طوال دورتها بفضل الحر.. كانت أبواب الغرف داخل المزرعه يعلوها الذر والبق والجراد والعناكب الصغيره والظواطير الكبيره والصغيره السوداء والبرصاء والخنافس وكل ماتعرف ومالا تعرف من حشرات وزواحف!
    كنت أقول لنفسي : مادامت تزحف سأحتملها المهم أنها لاتطير! طالما الجعل الأسود ليس معهم إذن فكل شيئ بالنسبه لي بخير وتحت السيطرة
    جلسنا أنا وأخي و عامل المزرعه نحتسي الشاي ( ذاب الميانه هنديّهم ) ، كان العامل ينظر لي وكأنه مشبه ولسان حاله يقول : من ذا ولده ! هو لا يعرفني إطلاقاً فأنا من بين اخواني الوحيد الذي قاطع القريه واهلها ! بعد حديث طال مع العامل عن التمر واحواله وبعد ان غابت الشمس قرر أخي الخروج لألقاء نظره على المحصول كأنه من عيال الراجحي على غفله . هنا لا أنسى ذبة الهندي حين أخذ يحدث نفسه بالاوردو ضاحكاً فقلت لأخي تراه يقول عنك خفاش الاخو؟ وش هاللي مايتفقد النخل والتمر وتحلا له الجوله الا مسيّان ؟ التفت علي الهندي ولسان حاله يقول يلعن أوووووم النكبه تعرف اوردو ؟
    خرج العامل وخرج وراءه أخي وخرجت ثالثهم..
    كان المساء قد حل والحشرات فوق الباب تلتف على اللمبه بحثا عن عشيقها النور!
    كنت ألبس فردة حذائي اليمنى ذاهبا مع رفيقاي..و هنا لا أخفيكم كنت أحدث نفسي ان العقده زالت عني وأنني بت أستمتع بالرحله ، أحسست بأنـ …
    (طررررررررر)
    قطع تأملاتي هذا الصوت .!!!!
    أهلا أهلا ..كان صوتا أعرفه جيدا/ صوت يستحيل أن لا أميزه
    كنت ألبس حذائي وكان بالأعلى يطير ويصدم اللمبه ويكرر هذا الاصطدام سريعا كأنه يريد كسرها!
    صوت الطيران وأسلوب الاصطدام(الصدم الهمجي المتسارع)
    خصلتان تميزان عدوي القديم..
    ذكرت على الفور ذلك الأعمى المجنون الذي كأنه كان يريد هدم جدار الحمام!
    إنه هو..!
    عرفته وأنا لم أرفع رأسي لأنظر!
    ورغم انني حتى الآن لم أبصره لكني أيقنت أنه ذلك الوغد الأسود بمجرد سماعي صوت الجناحين الصلبين!
    ارتبكت قدماي فلم أقو حتى على ارتداء فردة الحذاء الثاني. قفزت سريعا مبتعدا عن المنطقة الخطره وعندما قفزت كان الوغد قد حلق في الهواء الطلق مطلقا لنفسه العنان في جولة تفقدية غير محددة الجهات!
    إلتفت للوراء وأنا أمضي قدما ورأيته_ نعم رأيته وكان أسودا فاردً جناحيه متجها إلى المجهول إلى اللا مكان إلى حيث ألقت..فهو أعمى ضرير!
    كان صوته كالهليكوبتر يحوم فوق رأسي
    لم يتحرك حين خرج الهندي
    ولم ينبس ببنت شفه عندما خرج أخي
    ولكن عندما خرجت أنا حلق نحوي في حبور متجها إلي وكأنه يقول: أهلا صديقي القديم هل تذكرني؟
    ..اللعنة عليك نعم أذكرك_ ومن غيرك يحلق بهذه السرعة دون بصر!
    كنت أجري وهو حولي وصوت جناحيه المرتعدان ينبأان أنه بالقرب ثم سكتت العاصفه وأختفى الأعمى وإنقطع الصوت
    كان أخي والعامل ينظران لي في ذهول وتعجب من قفزاتي المفاجأة ومن قدماي ذات النعل الواحدة ولسان حالهم يقول سلامات وش جاه ..
    عندما جئت أصرّف السالفه أحسست بشعر رأسي يتحرك وكأن هناك من يشده!
    مسحت بيدي فوق شوشتي فلمست يداي تلك الحراشف اللعينة وقلت بصوت عالي:يلعن أممك وألقيته من أصابعي التي تشبث بها مصافحا! عاد صوت التحليق المخيف بين خصلات شعري، ضربت رأسي مسحته ونفضت شعري بتقرف فسقط! نعم سقط اخيرأ و هاهو اللعين أمامي وقد وقع أرضا على ظهره
    كنت أنظر له وهو يغالب نفسه ليعدل جسمه الثقيل
    كان التراب يتطاير من فعل جناحيه الصاخبين
    رفعت قدمي بأعلى ماأستطيع وكأني أرفع سيفآ صقيلا
    ورميت قدمي فوقه وكأني أغمد السيف في بطنه
    أفرك حذائي في أحشائه وأنا أتذكر فعلته بي في ذلك الحمام الصغير في البيت العتيق.
    كنت أسمع صوت ظهره القاسي يسحق وكانت أحشاءه تخرج وأنا أكرر الدهس تلو الدهس وأسناني تصر بعضها وكأنني أنتقم لشرفي من غريم قديم!
    أنتهت المعركه، أنفاسي تتلاحق، وحذائي واحدة هنا وأختها هناك، والوغد ملقى في التراب بأحشآئه المتناثره
    اتجهت نحو حذائي .. وبصوت لاهث وريق ناشف سألت أخي متى نرجع؟
    بعد بكره..هكذا أجاب
    خلص شغلك الليله بنمشي فجر..هكذا أجبت!
    لم أفعل لأبناء قبيلة الجعل شيئا من قبل، ومع هذا لم أسلم شرهم.. كيف الآن وقد قتلت فلذة كبدهم !
    أخي يريد البقاء ليومين كاملين.. وهذا الحادث جعلني أغربل خط سير رحلته، عبثآ حاول أقناعي البقاء وعندما أراد أن يستنهض رجولتي قال باستفزاز: أفااا
    حشرة ترجعك الرياض!ياحيف على الشوارب
    أجبته وأنا أعطيه ظهري:
    ذبني في قفص أسـد بس لا تذبني في ديره مليانه جعول
    عبثا حاول أخي فقفلنا عائدين للرياض ، وعندما باتت القريه ورائنا وبدأت تختفي عن أنظارنا ، إلتفت نحوها نحو نخيلها وبيوتها العتيقه وانا اقول :
    وداعا قريتي ـ فالعقدة تولد لكنها لا تمـوت !

    #1310703

    مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

    تحيتي

    #1317002
    يتيم الحب
    مشارك

    شكرا على القصة الرائعة تحياتي

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد