الرئيسية منتديات مجلس أخبار ومقالات أوباما عندنا.. يا مرحبا !

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #111662
    mostafa85
    مشارك
    أوباما عندنا.. يا مرحبا !
    بقلم/ مصطفى شحاته
    الثلاثاء 2/6/2009

    تنتظر مصر والدول العربية بل الدول الإسلامية والعالم أجمع، زيارة باراك أوباما الرئيس الأمريكي للعاصمة المصرية القاهرة يوم الخميس القادم والتي سيلقي خلالها خطابه للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة العريقة، والأمل معقود عليه في إيضاح ملامح المرحلة الجديدة من العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي التي تحدث عنها أوباما كثيراً. وكلمة الترحيب الواحدة الواردة في العنوان تعني أننا لم نلمس بعد كل التغيير الذي تحدث عنه أوباما في علاقته معنا وعندما يحدث ستكون رسالة الترحيب ثنائية كما تعود المصريون، ولا يتعارض هذا مع كرم الضيافة الذي سيلقاه أوباما في بلاد الكرم.

    وتأتي الزيارة في إطار مراحل بدأت لتصحيح مسار العلاقات الأمريكية مع الدول الإسلامية تتخذ أشكالا متعددة منها التصريحات والزيارات الرسمية للدول الإسلامية، وتغيير لغة الخطاب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
    وظهر الاهتمام بهذه العلاقة وإعادة صياغتها في خطاب تنصيب أوباما لرئاسة الولايات المتحدة في يناير الماضي عندما أعلن أنه يسعى للتقدم للأمام من خلال علاقات أمريكية إسلامية تقوم على أساس الاهتمام والاحترام المتبادل، كما اتضح أيضاً في زيارة أوباما لتركيا وإعلانه احترام الدول الإسلامية التي أسهمت في الحضارة الإنسانية، وبدا كذلك في رفع اليد الأمريكية – إلى حد ما – عن الدعم اللامحدود لإسرائيل، والرغبة في توسيع حجم العلاقات الاقتصادية التي من شأنها أن تساهم في تحسين وضع الاقتصاد الأمريكي كهدف بديهي.

    زيارات أوباما وزيارات بوش

    لم أستطع أن أتناول تداعيات زياراة أوباما إلى إحدى الدول دون أن نشير ونقارنها بزيارات جورج بوش التي لم تكن الشعوب ترحب أو تفخر بها، بل كانت تستقبله بكلمات الكره والاستهجان والغضب والسخط والمظاهرات، وهذا صنيع يديه الذي جعل العراقيون يودعونه بالأحذية، استناداً لما نفذه من سياسات خاطئة بُنيت على الاستعلاء والاستكبار وفرض الرؤى على دول العالم.
    أما أوباما – وما زال الطريق طويلاً لكي نصدر حكماً عاماً عليه -، فالشعوب والحكومات تتباهي بزيارته لها، لأنه الداعي إلى التغيير وهو الناظر إلى الآخرون كما يبدو من كلماته وأعماله الأولية، مما يعزز قيم الحوار والتعاون والتصالح ونبذ العنف الذي لجأ إليه بوش لحل المشكلات.

    ولا أريد أن أخوض ثانية في أسباب اختيار أوباما للقاهرة لتوجيه الخطاب منها للعالم الإسلامي لأن كثيرون تحدثوا فيها وأجادوا، إلا أن الأمر الذي يستحق الانتباه إليه، ولم أقرأ عنه شيئاً في كتابات العديد من الكتاب هو دلالات زيارة أوباما لتركيا وتوجيه خطاب منها قيل وقتها أنه خطابه للعالم الإسلامي، وبعدها بفترة وجيزة يتم الإعلان عن عزم الرئيس الأمريكي زيارة القاهرة لتوجيه خطابه للعالم الإسلامي، فهل هناك أكثر من خطاب أراد أوباما توجيهه للعالم الإسلامي؟ وهل أراد اختيار أكثر من دولة لتوجيه الخطاب منها؟ وإذا كان ينوي من البداية أن يكون خطابه من القاهرة فلماذا توجه أولاً إلى تركيا وألقي فيها خطاباً قيل وقتها أنه خطابه للعالم الإسلامي؟

    الخطاب المُطعم بالمصالح

    أعتقد أن كل هذه التساؤلات ربما تجد إجابات لها إذا علمنا أن زيارتا تركيا ومصر وأيضاً السعودية – ولكن بدرجة أقل – صيغت بدهاء شديد، عندما رددت واشنطن ما أسمته خطاب أوباما للعالم الإسلامي، ورغبة رئيسها أن ينطلق هذا الخطاب من دولة إسلامية ومن ثم ثارت التكهنات عن الدولة التي سيختارها الرئيس الأمريكي هل تكون مصر أم السعودية أم تكون تركيا أم إندونيسيا. وبعد أن رسا العطاء على تركيا، وجاءت الحصيلة من خطابه وزيارته ضئيلة لم تشبع نهم ملايين المسلمين المنتظرين تغييراً جذرياً ولم تشبع نهم الرئيس الأمريكي نفسه الراغب في ترميم وتعزيز العلاقات الأمريكية مع مصر والسعودية أيضاً لينعكس على الوضع الأمريكي إيجاباً، لذا تم الإعلان ثانية عن خطاب أوباما للعالم الإسلامي من قلب الوطن العربي بالعاصمة العريقة القاهرة.

    أريد أن أقول أن زيارة أوباما لتركيا بُنيت في الأساس على تحقيق مصالح أمريكية ترتبط بسحب القوات الأمريكية من العراق وما يمكن أن تقدمه أنقره في هذا السبيل. كما ترتبط زيارته للقاهرة بتعزيز العلاقات الثنائية وما يمكن أن يتم الاتفاق حوله من تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين والاستفادة من الدور المصري في المنطقة العربية، وهو ما اتضح مبكراً من خلال تصريحات رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري قبيل سفره إلى واشنطن ضمن وفد رسمي كان الرئيس مبارك قد كلفه بزيارة الولايات المتحدة حيث قال أنه سيتم توقيع خطة عمل أثناء الزيارة لإقامة شراكة اقتصادية إستراتيجية تضمن دعم التعاون في مجالات التجارة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والبيئة والطاقة الجديدة والمتجددة والملكية الفكرية، والاتفاق على توسيع بروتوكول المناطق الصناعية المتخصصة للتصدير للسوق الأمريكية بدون جمارك الكويز لضم عدد من محافظات الصعيد للاستفادة من هذا البروتوكول خاصة محافظتي المنيا وبني سويف.
    وستتضح الأمور أكثر من ذلك بعد الزيارة المرتقبة التي جرى تطعيمها – بذكاء شديد – بنغمة الخطاب للعالم الإسلامي، وهي زيارة ستعقب مباشرة زيارة أوبامية هامة للملكة العربية السعودية وضعها أوباما في برنامجه مؤخراً لتوسيع مهمته في المنطقة والإمساك بزمام الأمور من خلال الدول المؤثرة في المنطقة والتي ترتبط بعلاقات قوية سياسياً واقتصادياً بالولايات المتحدة.
    أعتقد أن أوباما بالغ في توظيف هذا المصطلح لتحقيق مآربه، وإن لم يأت الخطاب المنتظر قوياً وفاعلاً ويلقي الضوء على مشكلات العالم الإسلامي التي غرستها الولايات المتحدة فيها، وإذا لم تأتِ الزيارة والخطاب بإيجابيات ملموسة، سيفقد العرب تدريجياً الآمال التي عقدوها على الرئيس الأمريكي وزياراته ودبلوماسيته المعتادة التي سيعتبرونها وقتها لوناً من ألوان الخداع والكذب والنفاق.
    ولا أريد أن أستبق الأحداث، أو أبخس نتائج زيارات الرئيس الأمريكي للدول الإسلامية باعتبارها بُنيت في الأساس على المصالح الأمريكية، وفي نفس الوقت لا أرغب أن أبني أحلاماً على الآخرون حتى لو كانوا صادقين، لأنني أعتقد أن الاعتماد على النفس في هذا الشأن هو الطريق الأمثل لتسوية القضايا الشائكة في الوطن العربي، فحل القضايا العربية والوقوف أمام الاحتلال الإسرائيلي لابد أن ينبع من الداخل العربي ووقتها سيكون مدعوماً بقوة داخلية، لأنه إذا كان هناك من يعمل لصالحنا اليوم، فلن يكون موجود غداً وما قدمه في ذلك اليوم سيتلاشي لأنه لن يجد وقتها القوة التي تحميه أو تقف أمام قوى الشر.

    إرضاء كل الأطراف

    من تابع الرئيس الأمريكي منذ حملته الانتخابية العام الماضي وحتى الآن يستطيع أن يستنتج بسهوله المهارة التي تجعله في وفاق مع كل الأطراف تقريباً، حتى إذا كانت أطراف متصارعة، فأثناء حملته الانتخابية استطاع أن يجذب الإسرائيليين واليهود الأمريكان إلى صفه لأنه دعا وقتها إلى جعل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وزار إسرائيل، وتعهد بحماية أمنها هو ونائبه جو بايدن. وفي نفس الوقت زار فلسطين والتقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ووعد بتغيير العلاقات مع العالم الإسلامي التي ساءت كثيراً في عهد سلفه جورج بوش فأيده الفلسطينيون أيضاً وتمنوا فوزه. فالرجل وقتها نجح في تحقيق المتناقضات، والآن يتَّبع السياسة ذاتها عندما يجمع مفاتيح الشرق الأوسط في يديه من بوابة تركيا والسعودية ومصر وهم الفاعلون في المنطقة دون أن يُظهر تفضيلاً لدولة على أخرى، أو يثير الخلافات بين تلك الدول إذا خصّ دولة واحدة بالزيارة، وليس هذا قصده بالفعل، وإنما أراد أن يحقق مصالح أمريكية مع الثلاثة في المقام الأول.

    زيارة السعودية

    لا تنفصل زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية بأي شكل من الأشكال عن زيارته لتركيا الشهر الماضي وزيارته لمصر المرتقبة الخميس المقبل، فأوباما يريد تقوية العلاقات الثنائية مع السعودية باعتبارها ضمن أكبر 15 شريكا تجاريا للولايات المتحدة، وكانت العلاقات بين البلدين قد ساءت في عهد بوش. ويوضح ذلك الصحفي الأمريكي ديفيد أوتاواي في كتابه المهم رسول الملك: الأمير بندر بن سلطان والعلاقات الأمريكية المتشابكة مع المملكة العربية السعودية الذي نشره في عام 2008 حيث يشير إلى أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدخلت العلاقات الأمريكية – السعودية مرحلة من الاضطرابات والقلائل بعد أن أُعلن أن أغلب منفذي تلك الهجمات الإرهابية سعوديون، ثم الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، وما ترتب على هذا الغزو من اضطرابات وقلائل إقليمية. فقد أدت الحرب الأمريكية في العراق إلى تزايد دور شيعة العراق وبالتبعية تزايد قوة شيعة المملكة الذين بدءوا في تهديد النظام السعودي القائم. ويضاف إلى أسباب التوتر ارتفاع أسعار النفط بصورة خيالية إلى أن تجاوز سعر برميل النفط منتصف عام 2008 حاجز الـ 140 دولار للبرميل في ظل العجز السعودي – حسب الأمريكيين – عن وقف هذا الارتفاع المتزايد بطرائق عدة منها ارتفاع إنتاجها وهو ما رفضه الجانب السعودي، وقيادة المملكة هذا الرفض داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك).
    ليس هذا فقط الذي أدى إلى توتر العلاقات، ولكن أسهمت في ذلك أيضاً – كما يشير كاريل مورفي في مقال منشور على موقع صحيفة المجلة على الانترنت بعنوان مستقبل العلاقات السعودية الأميركية – إعلان الملك عبد الله بن عبد العزيز: أن وجود الولايات المتحدة في العراق بمثابة احتلال أجنبي غير مشروع. وكذلك توقيع صفقات ضخمة مع شركاء صينيين، وروس، وإيطاليين، وأسبان مع استبعاد الشركات الأمريكية في مجال التنقيب عن الغاز. ويضاف إلى ذلك قيام المملكة بتشكيل تحالفات مع أطراف دولية أساسية لتعميق روابطها التجارية، والدبلوماسية، والثقافية، والعسكرية مع روسيا والهند والصين على وجه الخصوص. كما جعلت المملكة من بريطانيا شريكاً طويل الأمد في شراء المعدات العسكرية. وهذه الأسباب من شأنها أن تجعل واشنطن راغبة وبشدة في تعزيز العلاقات الثنائية وإعادة المياه إلى مجاريها في ظل أزمة مالية أوهنت الاقتصاد الأمريكي.
    عموماً إذا كان للشأن العربي مكانة بجانب المصالح الأمريكية التي تفوح روائحها من الزيارات الأمريكية للدول الإسلامية سيكون هذا مكسباً لم يتحقق من قبل، وأظن أن هذا ما يضعه أوباما في حسبانه، ولكنه يتحدث إلينا وكأنه فاعل خير يعمل من أجل الصالح العربي فقط. ولكن ما أراه في الأساس أن ما لهم أكثر مما سيكون لنا، وهو ما يحاولون تجنب الحديث عنه ولكنا نستطيع استخلاصه وقراءته من بين السطور.
    فالأمور إذاً ليست بيضاء كما يصورها البعض، ولا كلها سوداء مثلما يصفها آخرون انطلاقاً من الشك والظن الدائم الذي ترسخ في عقولهم نتيجة مواقف أمريكية سابقة.

    خطوط ومسارات السياسة الأمريكية إذن تتلاقى كلها عند نقطة واحدة ظهرت بوضوح من زيارة أوباما لتركيا التي استهدفت إعادة الدفء للعلاقات التركية الأمريكية – التي ساءت نتيجة موقف تركيا من حرب العراق – ومساعدة تركيا لواشنطن في الانسحاب من العراق. وزيارة السعودية تتصل كذلك بتحسين العلاقات الأمريكية – التي ساءت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر – مع شريك تجاري كبير. وفي الإطار نفسه تأتي زيارة أوباما لمصر لتصحيح مسار العلاقات الثنائية بعد انحرافها في عهد جورج بوش عن مسارها نتيجة تدخله في السياسة الداخلية المصرية بخصوص ملف الإصلاح السياسي.

    فرؤيتنا لزيارة أوباما للقاهرة إذن لابد ألا تنعزل عن زيارته لأنقرة والرياض ويجب ألا تنفصل كذلك عن خلفية العلاقات الثنائية بين أمريكا وهذه البلاد الثلاث والرغبة الأمريكية في تحسين العلاقات معها – وهي بلاد تعتبرها الولايات المتحدة أصحاب سياسة معتدلة في المنطقة – لتستفيد واشنطن سياسياً في توظيف هذه الدول أو مشاركتها في تحقيق السياسات الأمريكية في المنطقة العربية، بالإضافة إلى تحقيق شراكة اقتصادية من شأنها أن تسهم في انتشال الاقتصاد الأمريكي من محنته. وهنا يضرب أوباما عصفورين بحجر واحد وهما تحسين صورة الولايات المتحدة، وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في الوقت نفسه عن طريق توظيف زكي للتصريحات وإعمال العقل الذي افتقدته الإدارة الأمريكية السابقة، وهذا لا يجعلنا نستبعد أن هناك تغيير من جانب أوباما تحدثت عنه منذ الانتخابات التمهيدية الأمريكية العام الماضي.
    .

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد