هذه هي القاعدة البسيطة لإنقاص الوزن ، لكنها رغم بساطتها صعبة التطبيق من الناحية العملية بالنسبة للكثيرين ، فمن النادر أن يتمكن المرء من تناول كمية أقل من الطعام في جو اجتماعي يدعوه لأن يأكل ويشجع الآخرين على الطعام سواء كان ضيفاً أو مضيفاً تعبيراً عن المودة وقبول الآخرين ، والطعام بالنسبة للبعض طريقة للتسلية وتمرير الوقت ، بل هناك من يعتبر إمكانية احتمال تناول الكثير من الطعام الثقيل دليلاً على الصحة والعافية.

من الناحية الأخرى يطرح السؤال التالي : من لديه الوقت للحركة والرياضة ؟!!! .. فالنهار يبدأ بالإسراع لتحضير الأطفال وإيصالهم لمدارسهم ثم الإسراع للعمل ومتاعبه ثم العودة إلى المنزل لالتقاط الأنفاس والقيلولة تحضيراً لفترة السعي المسائية لتلبية الحاجات الاجتماعية ، ومعالجة مشاكل الأسرة وغيرها .. ويعود السؤال أين الرياضة من ذلك ؟!!! .. ألا يعتبر كل هذا السعي رياضة بحد ذاته ؟!!!..

ربما هو الوضع كذلك في حالات استثنائية ، لكن إن كنتم حقاً تنوون التخلص من الكيلوغرامات الزائدة من أوزانكم فعليكم إيجاد طريقة ناجحة تناسب كل واحد منكم وإلا فإنكم ستستمرون في البحث عن الأعذار وستستمر الشحوم بالتراكم في أجسامكم .

هناك العديد جداً من برامج الحمية والريجيم ومعظمها يَعِدُ بخسارة كمية من الوزن خلال فترة من الزمن بشكل سهل وآمن ، وبعضها يَعِدُكم بألا تشعروا بالجوع ولا بالتعب وتقول : إن النتائج مضمونة ؛ لكنّ المنطق العلمي ما يزال مصراً على أن الشكل الأساسي الصحي والناجح لإنقاص الوزن هو بتخفيف الوارد من الطعام مع زيادة استهلاك المخزون من الشحوم في الجسم بالرياضة والحركة ، ويقتضي ذلك اتباع تعديلات هامة على نموذج الحياة نفسه ، وربما تعديل واستبدال بعض الأفكار الكامنة خلف السلوكيات الخاصة بالأكل والشرب ، وذلك لضمان النجاح بإنقاص الوزن والاستمرار فيما بعد على وزن صحي مثالي . وربما تساعدكم في ذلك الأفكار التالية .

1- الالتزام أساسي:

يتطلب الوصول إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه التزاماً مدى الحياة تقريباً مع كل ما يعنيه ذلك من تركيز ووقت وجهد ، لذلك تأكدوا أولاً من استعدادكم لإجراء بعض التغييرات اللازمة في نموذج حياتكم ، والتي يتوجب الالتزام بها طويلاً ريثما تصبح عادة متأصلة فيكم .

إنكم وحدكم القادرون على مساعدة أنفسكم ، ولن تخسروا الفائض من أوزانكم إلا إذا كنتم مقتنعين وراغبين فعلاً في خسارة الوزن واعتماد حمية ورياضة تختاروها بأنفسكم كطريقةٍ للوصول إلى هدفكم أنتم وليس بطلب من الآخرين .

مهما كنتم حريصين في التزامكم ومستعدين للأمر فمن المتوقع أنه سيحلو لكم أحياناً أن تفرطوا في الطعام أو أن تتناولوا أغذية يجب أن تمتنعوا عن تناولها ، والمهم أن تتذكروا أنكم تخرقون قانوناً تعهدتم به وحاولوا العودة سريعاً للالتزام بتعهداتكم ، وحاولوا التقليل من مثل تلك الخروقات ، وشجعوا أنفسكم بالتفكير في فوائد إنقاص الوزن كالحيوية واللياقة والخفة في الحركة وزوال حس التعب وتحسن الوضع الصحي .

2- اطلبوا العون من الآخرين :

من الطبيعي أنكم أنتم من ستساعدون أنفسكم ، وأنتم المسؤولون عن سلوككم لكن هذا لا يعني أنه عليكم أن تفعلوا كل شيء وحدكم ، بل اطلبوا العون من العائلة والأصدقاء وكل من يتمنون لكم الأفضل ، فالكثير منهم مستعدون لتبادل الأفكار والمشاعر معكم وسوف يشجعونك على الالتزام ببرنامجكم الغذائي والرياضي ، وستحبون من بينهم من هو مستعد أيضاً لمشاركتكم ذلك البرنامج خاصة إذا توفر بينهم من ينوي أيضاً التخلص من بعض الوزن الزائد لديه .

إن البعض يفضل الدعم من الاختصاصين مثل خبراء التغذية وخبراء الرياضة ، والبعض الآخر يفضل الاعتماد على خبرات من استطاعوا النجاح في إنقاص أوزانهم ، وسواء بهذه الطريقة أو تلك المهم أن يتوفر لديكم من يستطيع تقديم الدعم لكم عند الحاجة .

اطلبوا من العائلة والأصدقاء أن يظهروا مودتهم لكم بطريقة أخرى غير الاهتمام بتغذيتكم وتقديم ما يلذ من الأطعمة لكم .

3- حددوا هدفاً معقولاً :

كونوا واقعيين عند تحديد ما تريدون الحصول عليه من برنامجكم الغذائي والرياضي ، فنقص الوزن الصحي يحدث ببطء وبشكل ثابت ومستمر ، واجعلوا هدفكم أن تخسروا 1 – 0.5 كغ في الأسبوع وليس أكثر ، ولكي تحققوا ذلك عليكم أن تحرقوا 1000 – 500 حريرة في اليوم مع اعتماد حمية قليلة الطاقة وممارسة الرياضة ، وتأكدوا أن إنقاص الوزن بمعدل أسرع من هذا ما هو إلا فقدان للسوائل أو خسارة للنسيج العضلي نفسه أكثر مما هو تخلص من الشحوم المتراكمة في أجسامكم .

حددوا هدفاً أسبوعياً أو شهرياً وراقبوا تطوركم ، ولا تجبروا أنفسكم على تحقيق هدفٍ صعب وإلا تحوّل برنامجكم إلى نوع من المشقة وسوف توقفونه في لحظة ما .

بالإضافة لذلك اجعلوا هدفكم خلق حدثية مستمرة كمحاولة تغيير نمط الحياة أكثر منه خلق حدث معين بحياتكم يتمثل بإنقاص الوزن مثلاً : الهدف هو (الأكل باعتدال والتمرين بانتظام) وليس مجرد فقدان الوزن (فقدان 20 كغ من الوزن) فالمفتاح في تحقيق نقص الوزن هو تغيير العادات اليومية في الطعام أو الحركة . وليكن هدفكم ممكن التحقيق وقابلاً للقياس مثل: (المشي لمدة نصف ساعة في اليوم على مدى خمسة أيام في الأسبوع) .

حاولوا الانتقال من نموذج الحياة الحالي إلى النموذج الصحي للطعام والحركة بشكل تدريجي ، واختاروا تاريخاً معيناً للبدء وحالوا تحري الأمور التي قد تعيقكم ، وأوجدوا الحلول لها ومن المستحسن أن تسجلوا كل ذلك في برنامج على الورق يشمل خطتكم الرياضية والمسموح والممنوع من الطعام مع الكميات ، وحاولوا أن تكثروا من الماء والفواكة والخضار .

4- تعلموا الاستمتاع بالأطعمة الصحية :

لا يمكن الاعتماد على السوائل فقط أو الخلطات الغذائية المنحفة أو حبوب إنقاص الوزن ، فهي لن تجدي أبداً على المدى الطويل بل وربما تنطوي على العديد من المخاطر الصحية ، وبدلاً من ذلك حاولوا أن يكون غذائكم متنوعاً وصحياً .

إن الأساس في البرنامج الغذائي المجدي في إنقاص الوزن هو إنقاص مجمل السعرات الحرارية التي تتناولونها يومياً ، لكن إنقاص المحتوى الحراري للغذاء لا يعني التخلي عن الأطعمة اللذيذة ، أو إجبار أنفسكم على أطعمة لا تحبونها أو مطبوخة بطريقة معينة لا تفضلونها .

إحدى الطرق الناجحة هي بالتوجه نحو الأطعمة النباتية الأصل الغنية بالخضار والفواكة والحبوب الكاملة ، وهنا لديكم مجال واسع للاختيار بما يناسب ذوقكم ورغباتكم ، وتذكروا أن الإقلال من الدسم أمر أساسي في إنقاص المحتوى الحراري للغذاء .

يمكنكم الاستعانة برأي الطبيب أو خبير التغذية عند تحديد حاجتكم اليومية من الطاقة ولكن بشكل عام اعتمدوا الدليل البسيط التالي :

الوزن بالكلغ

الحاجة اليومية

المرأة

الرجل

أقل من 100 كغ
1000 حريرة
1200 حريرة

120 – 100 كغ
1200 حريرة
1400 حريرة

120 كغ وأكثر
1400 حريرة
1600 حريرة

تتغير الحاجة اليومية من السعرات الحرارية مع الزمن وحسب الحالة الصحية للجسم وكمية الوزن المطلوب إنقاصه وكذلك حسب الرغبة الشخصية للإنسان ، ويمكن تعديل الأرقام السابقة وفق ما يقتضي الحال لكل فرد ، ومن الطبيعي أنه عند الوصول إلى الوزن الصحي المطلوب يجب إعادة النظر وتعديل الوارد الغذائي الحراري بشكل يمكنكم من الحفاظ عليه وعلى حالة الصحة لديكم .

تذكروا أن الحميات الغذائية الفقيرة بالطاقة ليست اختياراً جيداً على المدى الطويل فمثل تلك الحميات قد يؤدي بكم إلى الإصابة بنقصان بعض العناصر المغذية الأساسية لصحة الجسم .

5- كونوا نشيطين :
يمكن للحمية وحدها أن تنقص الوزن ، فمثلاً بإنقاص الوارد الغذائي بمعدل 600 – 500 حريرة باليوم يمكنكم خسارة نصف كغ في الأسبوع وتتضاعف خسارة الوزن هذه إذا مشيتم لمدة نصف ساعة يومياً على مدى أربعة أيام في الأسبوع .

الهدف من الرياضة والحركة الفيزيائية هنا هو إنقاص الوزن باستهلاك كمية أكبر من الحريرات مع أن الرياضة تمتلك فوائد صحية أخرى لأجسامكم ، وتتحدد كمية المصروف من الحريرات وفقاً لعدد مرات التمرين ومدته وشدة التمارين التي تُؤدونها ، وبشكل عام يكفي أن تعتمدوا روتيناً يومياً من الحركة الخفيفة الشدة كالمشي والتمارين الهوائية ولكن لمدة طويلة نسبياً فربما يكون هذا أنسب بكثير من ممارسة التمارين الشديدة لفترة أقصر ، ويكفي عادة المشي لمدة نصف ساعة يومياً والأفضل أن تزيدوها قليلاً فهذا من مصلحتكم .

والمفيد هنا الإشارة إلى أن التمارين الشديدة باستعمال الأجهزة الرياضية والأثقال تقي من خسارة النسيج العضلي التي تحدث مع التقدم في السن ويجب عليكم الحفاظ على كتلة عضلية كافية فهي من جهة تفيدكم في أداء فعالياتكم اليومية دون الشعور بالتعب ومن جهة أخرى تعتبر العضلات من أكثر نسج الجسم استهلاكاً للطاقة وبالحفاظ عليها تحافظون على النسج التي سوف تحرق السعرات الحرارية التي تتناولونها كي لا تتراكم في الجسم على شكل شحوم .

ابدأوا برنامجكم الرياضي بالتدريج ومع الزمن زيدوا مدة وشدة التمارين ، فالبداية بالمشي اختيار جيد ويمكنكم فيما بعد اعتماد السباحة وركوب الدراجة والكثير غيرها ، وتمرنوا بشكل جماعي مع الأصدقاء والمعارف إذا كان ذلك يسركم أكثر .

لا تقتصروا على التمارين فقط بل زيدوا الحركة في حياتكم اليومية واغتنموا لذلك أية فرصة ممكنة كأن تحاولوا صعود الأدراج بدلاً من المصعد أو أوقفوا السيارة بعيداً قليلاً عن المكان الذي تقصدونه وأكملوا الباقي مشياً أو قللوا من استعمال أجهزة التحكم داخل المنزل وكل ذلك يعتبر من الجهود الصغيرة لكنها بتراكمها تشكل كمية كبيرة ومفيدة من الحركة .

6- غيروا نموذج حياتكم :

باعتمادكم الحمية الصحية والتمارين الرياضية والنشاط على مدى عدة أسابيع أو أشهر سوف تصلون إلى الوزن الصحي المناسب لكم .. لكن ماذا بعد ؟!! .. من الطبيعي أن الاختيار السليم بعد هذا أن تدمجوا تلك العادات الغذائية والرياضة الصحية في نموذج حياتكم وتجعلوها سلوكيات يومية اعتيادية دائمة ولا تعتبروها مؤقتة ذات هدف محدد سوف تنتهون منها بعد أن تؤدي غايتها .

سوف يساعدكم التفكير في عاداتكم الغذائية السابقة التي أدت بكم إلى زيادة الوزن حاولوا أن تجيبوا أنفسكم على بعض الأسئلة التالية : هل تأكلون عندما تشعرون بالملل؟ أو بالغضب ؟ أو بالقلق؟ أو بالاكتئاب؟ أو بالضغوط الأخرى بالحياة؟

هل تأكلون بسرعة ؟ هل تأكلون أثناء مشاهدة التلفزيون ؟ هل تأكلون ما يتركه أطفالكم في صحونهم ؟ هل تعتبرون تقديم الشوكولا والحلويات تكريم لمن تحبون ؟

بعد الإجابة على مثل هذه الأسئلة سوف تتضح لديكم الأسباب التي أدت بكم لزيادة الوزن ، والمطلوب عندها التخلص من تلك العادات والتخلص أيضاً من الأفكار الكامنة خلفها وتذكروا أن صحتكم في خطر وعليكم قبول هذا التحدي ، وبالتأكيد سوف تضعفون أحياناً لكن هذا طبيعي فلا يوجد بيننا من يدعي الكمال والمهم ألا يتكرر ذلك كثيراً وألا تتخذوا من تلك الخروقات مبرراً لترك البرنامج بحجة عدم الجدوى الآن مع الوعد بالبدء من جديد فيما بعد ، بل أبدوا من جديد صباح اليوم التالي وتذكروا أنكم تغيرون سلوكياتكم وعاداتكم ، وهذا لن يكون سهلاً ولن يتحقق دفعة واحدة لكنه يستحق الالتزام لأن صحتكم هي التي في الميزان .