الرئيسية منتديات مجلس الصحة مفهوم الصحة النفسية في القران الكريم والحديث الشريف

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #110753

    أولا مفهوم الصحة النفسية في القران الكريم والحديث الشريف

    إن علماء النفس المحدثين، في محاولتهم لفهم شخصية الإنسان والعوامل المحددة لها، قد عنوا بدراسةأثر كل من العوامل البيولوجية والاجتماعية والثقافية في الشخصية ، وفي دراستهم لتأثير العوامل البيولوجية على الشخصية، قد اهتموا بدراسة أثر كل من الوراثة والتكوين البدني، وطبيعة تكوين الجهاز العصبي، والجهاز الغدي وما يفرزه من هرمونات متعددة، وفي دراستهم لتأثير العوامل الاجتماعية والثقافية على الشخصية، فقد اهتموا بدراسة تأثير خبرات الطفولة وخاصة في الأسرة وطريقة معاملة الوالدين، كما اهتموا بدراسة تأثير الطبقات الاجتماعية، والثقافات الفرعية المدرسة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، وجماعات الرفاق والأصدقاء 0غير أن علماء النفس المحدثين قد أغفلوا في دراستهم للشخصية تأثير الجانب الروحي من الإنسان في شخصيته وسلوكه، مما أدى إلى قصور واضح في فهمهم للإنسان وفي معرفتهم للعوامل المحددة للشخصية السوية وغير السوية ، كما أدى إلى عدم اهتدائهم إلى مفهوم واضح دقيق للصحة النفسية 0 وأدى ذلك بالتالي إلى عدم اهتدائهم إلى الطريقة المثلى في العلاج النفسي لاضطرابات الشخصية

    وقد لاحظ اريك فروم المحلل النفسي قصور علم النفس الحديث وعجزه عن فهم الإنسان فهما صحيحا بسبب إغفاله دراسة الجانب الروحي في الإنسان 0 ويبدو ذلك واضحا من قوله : \إن التقليد الذي يعد السيكولوجيا دراسة لروح الإنسان دراسة تهم بفضائله وسعادته ـ هذا التقليد نبذ تماماً ، وأصبح علم النفس الأكاديمي في محاولته لمحاكاة العلوم الطبيعية والأساليب المعملية في الوزن والحساب ـ أصبح هذا العلم يعالج كل شيء ماعدا الروح ، إذ حاو ل ، هذا العلم أن يفهم مظاهر الإنسان التي يمكن فحصها في المعمل ،وزعم أن الشعور ـ وأحكام القيمة، ومعرفة الخير والشر، ما هي إلا تصورات ميتا فيزيقية تقع خارج مشكلات علم النفس 0 وكان اهتمامه ينصب في أغلب الأحيان على مشكلات تافهة تتمشى مع منهج علمي مزعوم، وذلك بدلا من أن يضع مناهج جديدة لدراسة مشكلات الإنسان الهامة 0 وهكذا أصبح علم النفس علما يفتقر إلى موضوعه الرئيسي وهو الروح، وكان معنياً بالميكانيزمات،وتكوينات ردود الأفعال والغرائز، دون أن يعنى بالظواهر الإنسانية المميزة أشد التمييز للإنسان: كالحب والعقل والشعور والقيم \0وهذا القصور في فهم علماء النفس المحدثين للإنسان قد دفع أبرا هام ماسلو أيضا إلى اقتراح تصنيف جديد لدوافع الإنسان! يشمل الدوافع الروحية التي يغفلها عادة علماء النفس المحدثون قي دراستهم لدوافع الإنسان . إننا لا نستطيع أن نفهم الإنسان فهما واضحاً دقيقاً ، كما لا نستطيع أن نكون مفهوماً دقيقاً وسليما عن صحته النفسية دون أن نفهم جميع العوامل المحددة لشخصية الإنسان، سواء أكانت عوامل بيولوجية أم روحية أم اجتماعية أم ثقافية

    .
    تكوين الإنسان

    يتكون الإنسان كما أخبرنا القرآن الكريم من جسم وروح، وروح الإنسان قبسة من روح الله سبحانه وتعالى ، تميز بها عن سائر الحيوان ، وهي التي خصته بالاستعداد لمعرفة الله والإيمان به وعبادته وتحصيل العلوم وتسخيرها في عمارة الأرض، والتمسك بالقيم والمثل العليا، وبلوغ أعلى
    مراتب الكمال الإنساني، وهي التي تؤهله لخلافة الله سبحانه وتعالى في الأرض

    ولكل من الجسم والروح حاجات، ويشارك الإنسان الحيوان في حاجاته البدنية التي يتطلبها حفظ الذات وبقاء النوع، وما تثيره فيه من دوافع فسيولوجية مختلفة كالجوع والظمأ والدافع الجنسي إلى غير ذلك من الدوافع الفسيولوجية الأخرى، غير أن للإنسان أيضا حاجاته الروحية التي تشمل في تشوقه الروحي إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والإيمان به وعبادته . وهذه الحاجة فطرية في الإنسان ، فالإنسان يشعر في أعماق نفسه بدافع يدفعه إلى البحث والتفكير في خالقه وخالق الكون، وإلى عبادته والالتجاء إليه، وطلب العون منه 0 وترى بعض آيات القرآن الكريم إلى أن دافع التدين فطري في الإنسان. قال تعالى: { فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }0

    ففي هذه الآية الكريمة إشارة واضحة إلى أن في فطرة الإنسان استعدادا لمعرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وعبادته0قال الله تعالى: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين }

    وتبين هذه الآية أن الله جل شأنه أخرج من صلب آدم وبنيه ذريتهم نسلاً بعد نسل على هيئة ذر، وأشهدهم على أنفسهم بربوبيته تعالى حتى لا يقولوا يوم القيامة إنهم كانوا عن هذا التوحيد غافلين وجاء في الحديث الشريف أيضاً ما يؤكد أن دافع التدين فطري في الإنسان. فقد جاء في صحيح مسلم عن عباس ابن عمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله: ( إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم )0وجاء في حديث رواه الإمام أحمد وأخرجه النسائي في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا إنها ليست نسمة
    تولد إلا ولدت على الفطرة ، فما تزال عليه حتى يبين عنها لسانها فأبواها يهودانها وينصرانها) 0

    الصراع بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان

    يتضمن الإنسان إذن في شخصيته صفات الحيوان التي تتمثل في حاجاته البدنية التي يتوقف على إشباعها حفظ ذاته وبقاء نوعه، كما يتضمن في شخصيته أيضاً صفات الملائكة التي تتمثل في تشوقه الروحي إلى معرفة الله تعالى والإيمان به وعبادته 0 وقد يحدث بين هذين الجانبين من شخصية الإنسان صراع ، فتجذبه أحياناً حاجاته البدنية ومطالب الحياة الدنيوية الأخرى، وتجذبه أحياناً حاجاته وأشواقه الروحية ومطالب الاستعداد للحياة الأخرى الباقية 0 ويشير القرآن الكريم إلى هذا الصراع النفسي بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان، وذلك في قوله تعالى: { فأما من طغى واثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى }0
    ويشير القرآن الكريم أيضا إلى الصراع بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان في وصفه تعالى لخروج قارون على قومه في زينته، مما جعل بعض الناس يتمنون أن يكون لهم مثل ما لقارون من ثروة، فيرد عليهم البعض الآخر من ذوي العلم والتقوى بأن ما عند الله خير وأبقى .
    قال تعالى : { فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذوحظ عظيم () وقال الذين أتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاهاإلا الصابرون }

    وتشير آيات أخرى كثيرة إلى هذا الصراع في الإنسان بين الجانبين المادي والروحي. ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون }0
    وقوله تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجرعظيم }0

    إن الصراع النفسي بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان هو الصراع النفسي الأساسي الذي يعانيه الإنسان في هذه الحياة وقد أشار القرآن
    الكريم إلى ذلك في قوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في كبد }

    إن إغفال المطالب الروحية للإنسان، يجعل حياة الإنسان خالية من المعاني السامية التي تجعل للحياة قيمة، وتفقده شعوره برسالته الكبرى في الحياة كخليفة لله تعالى في الأرض، فتضيع منه الرؤية الواضحة لأهدافه الكبرى في الحياة وهي عبادة الله0والتقرب إليه، ومجاهدة النفس في سبيل بلوغ الكمال الإنساني 0 ويتملك الإنسان في هذه الحالة الشعور بالضياع ويصبح فريسة للقلق وقد صور القرآن الكريم حالة الصراع والقلق التي تنتاب الإنسان الذي يفقد إيمانه بالله سبحانه وتعالى بالحالة التي يشعر بها الإنسان الذي يخر من السماء فتتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق ، قال تعالى : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق }

    ويصور النبي عليه الصلاة والسلام الصراع بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان تصويراً واقعياً بقوله عليه الصلاة والسلام : ( مثلي كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها وجعل، يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها،قال: فذلكم مثلي أو مثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقحمون فيها )0 رواه مسلم 0

    ففي هذا الحديث الشريف تصوير بارع للصراع بين الشهوات الحسية ومغريات الحياة الدنيوية، وبين الوازع الديني الذي يمنع الناس من الانغماس في ملذاتهم وشهواتهم 0ولعل مشيئة الله تعالى قد اقتضت أن يكون أسلوب الإنسان في حل هذا الصراع بين الجانبين المادي والروحي في شخصيته هو الاختبارالحقيقي الأساسي الذي وضعه الله جل شأنه للإنسان في هذه الحياة 0 يقول تعالى:
    { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً }0

    وقال الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا المعنى : ( إن الدنيا خضرة حلوة وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فان أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم 0

    وقال عليه الصلاة والسلام أيضا : ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )0 رواه الترمذي وأحمد والحاكم.

    فمن استطاع أن يوفق بين الجانبين المادي والروحي في شخصيته، وأن يحقق بينهما أكبر قدر مستطاع من التوازن، فقد نجح في هذا الاختبار، واستحق أن يثاب على ذلك بالسعادة في الدنيا والآخرة.

    وأما من انساق وراء شهواته البدنية وأغفل مطالبه الروحية، فقد فشل في هذا الاختبار، واستحق أن يجازى على ذلك بالشقاء في ا لدنيا والآخرة: قال تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى }0

    وقال تعالى : { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }0

    وقد كان من رحمة الله سبحانه وتعالى بالإنسان، ومن نعمه العظيمة عليه، أن أمده بجميع الإمكانات اللازمة لحل هذا الصراع، واجتياز هذا الاختبار الصعب، بأن وهبه العقل ليميز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل 0 كما أمده سبحانه بحرية الإرادة والاختيار ليستطيع أن يبت في أمر هذا الصراع وأن يختار الطريق الذي يريده لحل هذا الصراع 0 وأن حرية إرادة الإنسان في اختيار الطريق الذي يحل به هذا الصراع إنما يمثلان مسئوليته وحسابه ، كما أنهما يضعان الأساس سعادته وشقائه قال تعالى : { وهديناه النجدين }0
    وقال تعالى : {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }
    وقال تعالى : { وقل الحق ، من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر }
    وقال تعالى : { ونفس وما سواها () فألهمها فجورها وتقواها () قد أفلح من زكاها () وقد خاب من دساها}

    #1277592
    noor_888
    مشارك

    تسلم فتى ع المجهود الرائع

    #1277804
    الرهيب
    مشارك

    مشكور فتى على الموضوع

    #1277836

    يسلمو فتى عالموضوع الحلو

مشاهدة 4 مشاركات - 1 إلى 4 (من مجموع 4)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد