مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #10862
    الباسل
    مشارك

    ما أتفه الدنيا , وما أحقرها , وما أقلها !

    وما هي إلا جيفة مستحلبة ** عليها كلاب همهن اجتذابها

    فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها ** وإن تجتذبها نازعتك كلابها

    ولذلك دع الكلاب فيما هي عليه متقاتلة , فأنا أشبه لكم الدنيا عند ربنا – ولله المثل الأعلى – أنت إذا أكلت لحما يبقى بعد اللحم العظام , هذه العظام تلقيها على باب دارك , أو تأبه أي كلب من كلاب الجيران يأخذ عظمة كبيرة , وأي كلب يأخذ عظمة صغيرة , فالذي يأخذ عظمة كبيرة , يخرج رئيس والذي يأخذ عظمة صغيرة يكون كناسا , أو كاتب في شركة , أو مسكين , تعب من الصباح حتى المساء , حتى يحصل لقمته , عظمته صغيرة لا يسد منها شيء – ولله المثل الأعلى – هكذا الدنيا عند الله عزوجل , يرميها للكلاب , فكلب يخرج له عظمة كبيرة , وكلب يخرج له عظمة صغيرة , وانظر إلى الكلاب وهي تتهارش على عظمة صغيرة انظر إليهم .

    ولذلك لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء .

    عندما دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ورآه متكئا على حصير قد أثرّ في جنبه , بكى , قال : يا رسول الله , أنت ها هنا وكسرى وقيصر على الأسرة ؟!قال : (( أوفيّ شك يا عمر ؟ أولئك قوم عجلت إليهم طيباتهم في الحياة الدنيا ))

    قال تعالى : ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) سورة الاحقاف : 20

    وضع طعام شهي أمام عمر بن الخطاب , فبكى , وقال : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ قال : أخاف أن نكون ممن قال الله فيهم : ( أذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا واستمتعتم بها ) .

    فما الفرق الآن بين أفقر أفغاني في هيرات , وبين أغنى أمريكي في فلوريدا ؟ فقط أن هذا قطعة اللحم أو العظم كبيرة , وهذه قطعة العظم صغيرة , وهذا الأفغاني ينام مطمئنا مرتاحا بعد أن يأكل قطعة الخبز الجافة مع الملح , وذاك فيه القرح وتصلب الشرايين, والضغط والأزمات , والقلق النفسي .. غير ذلك ؟ , ودائما معه حقيبة الحبوب , إذا تأخرت عنه ست ساعات يبدأ يتأوه .. نعم لا فرق طبعا , هذا إذا تغاضينا عن الناحية النفسية , السعادة الغامرة التي يفيضها رب العالمين على النفس التي تعبده .

    ولذلك أنت من ناحية الجهاد , إن نظرت إلى أصل القضية تهون الدنيا في نفسك , وإن نظرت إلى النتيجة ينبعث الشوق في قلبك , وإن نظرت إلى الواقع الذي أنت فيه كذلك تستريح لما أنت فيه , الأصل أن الدنيا التي تركناها لا تعدل عند الله جناح بعوضة , ولا تعدل الجدي الميت كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم .

    الواقع (( عليكم بالجهاد , فإنه باب من أبواب الجنة , يذهب الله به الهم والغم )) والنتيجة إنما هي إحدى الحسنيين :

    قال تعالى : ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) – التوبة : 52

    الجهاد أصلا وواقعا , ونتيجته هو أفضل وسيلة للنفس البشرية , لكن الجهاد لا يمكن أن يكون إلا بالولاية , يعني الجهاد ليس عملية فردية , لولاية المؤمنين , ومعاداة الكافرين .. ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ) .. ( ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) .

    مع ولايتك للمؤمنين , ونصرتك لهم , ووقوفك بجانبهم , ومعاداتك عدوهم , ومشاركتهم آلامهم , ومشاطرتهم أفراحهم . هذا شيء ضروري لا ينفك عن الجهاد , ( ولا تخشون الناس واخشون ) عدم خشية الناس , خشية الله عزوجل ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) عدم النظر إلى الدنيا , وولاية المؤمنين , هذه أحكام أربعة مهمة جدا , من أجل الجهاد الذي هو النجاة

    #372423

    الباسل .. أيها العزيز ..

    فعلا إنها منتنة وقذرة … ونحن فيها كعابري سبيل …

    ولكن ألا تلاحظ أخي أننا ركنا إليها كثيرا … حتى أصبحت شغلنا الشاغل …

    وأصبح اعتمادنا على الأسباب أكثر من اعتمادنا على رب الأسباب … اعتمادنا على المخلوق أمسى أكثر من

    اعتمادنا على الخالق … أصبح لا نعرف من هو النافع ومن الضار .. من الرازق .. من المحيي من المميت …

    نسينا قول الله تعالى في الحديث القدسي : عبدي كن لي كما أريد أكن لك كما تريد … نسينا أيضا : من

    عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب … كما نسينا : عبدني أطعني تكن ربانيا تقول للشيئ كن فيكون …

    تحياتي الليل المنير

مشاهدة مشاركاتين - 1 إلى 2 (من مجموع 2)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد