مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #105578

    خلق الله الكون ، فأحسن خلقه ، وأبدع نظامه ، وسيره وفق إرادته ومشيئته ، فجاء خلقا حسنا بديعاً ، وكان من كمال ملك الله سبحانه ، وعظيم سلطانه ، أن أناط تدبير الكون وأعمال الخلق بملائكة خلقهم لذلك ، كما قال تعالى : { فالمدبرات أمرا } ( النازعات : 5) قال الحسن : هي الملائكة تدبر الأمر من السماء إلى الأرض ، وقال تعالى : { فالمقسمات أمرا } ( الذاريات : 40) جاء في تفسيرها : هي الملائكة تقسم الأعمال عليها ، من الخصب والجدب والمطر والموت والحوادث.

    وقد ذكر الله تعالى بعض الأعمال التي وكل بها ملائكته ، فمن ذلك قوله تعالى { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11) ) فهذه ملائكة تحفظ الإنسان من الشرور بأمر الله سبحانه ، حتى إذا جاء القدر خلو عنه ، وقال سبحانه: { وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون }(الأنعام:61) فذكر في هذه الآية أن الملائكة هي التي تتولى نزع روحه .

    وجاء في السنة ما يدل على عناية الله بالإنسان في بدء تكوينه وتخلقه في الرحم فقد روى البخاري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله عز وجل وكَّل بالرحم ملكا يقول : يا رب نطفة ، يا رب علقة ، يا رب مضغة ، فإذا أراد أن يقضي خلقه قال : أذكر أم أنثى ، شقي أم سعيد ،فما الرزق والأجل فيكتب في بطن أمه ).

    ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بتتبع حلق الذكر فقد روى البخاري أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر . فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم ).

    ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بحفظ الأماكن المقدسة من الدجال ، كما روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ، .. ) .

    فهذه بعض أعمال الملائكة التي ذكرت في الكتاب والسنة دون تعيين أصحابها من الملائكة .
    وفي المقابل ورد في الكتاب والسنة ذكر أعمال معينة مصرحا بأسماء أصحابها ، ومن أعظم الملائكة الذين صرح الكتاب والسنة بذكرهم : جبريل عليه السلام أمين الوحي ، وميكال أمين القطر وكلاهما موكل بالحياة فجبريل موكل بحياة القلوب وميكال موكل بحياة الأبدان ، وبهما ( الوحي والقطر ) تقوم الحياة وتنعم البشرية ، قال تعالى { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } (البقرة:98) .

    وممن ورد ذكره في القرآن مصرحا باسمه مالك خازن النار قال تعالى : { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون } (الزخرف:77) .

    ومن الملائكة الذين صرح القرآن بأسمائهم هاروت وماروت عليهما السلام ، قال تعالى : { وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت }(البقرة: من الآية 102) .

    وقد ذكر في السنة بعض أسماء الملائكة وأعمالهم ، فممن صرحت السنة باسمه ،إسرافيل عليه السلام وهو الموكل بالنفخ في الصور ، فقد روى أحمد والترمذي وصححه الألباني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وانتظر أن يؤذن له . قالوا كيف نقول يا رسول الله ؟ قال قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا ) ، وقد ورد في رواية التصريح بأن إسرافيل هو صاحب الصور .

    وممن ذكر اسمه في السنة المطهرة أيضاً منكر ونكير عليهما السلام ، وهما الملكان الموكلان بسؤال العبد في قبره وقد ورد ذكرهما عند الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا قبر أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير .. ).

    وقد اشتهر على ألسنة الناس أن اسم ملك الموت عزرائيل ، وهذا التسمية – كما يقول العلماء – لم ترد في حديث صحيح ، وقد ذكر سبحانه ملك الموت بذكر عمله فقال { قل يتوفاكم ملك الموت } ( السجدة : 11 ).

    فهذه بعض أعمال الملائكة التي وردت في الكتاب والسنة ، وهي تدل – كما يقول ابن القيم – على أن الله سبحانه وكل بالعالم العلوي والسفلي ملائكة ، فهي تدبر أمر العالم بإذنه ومشيئته وأمره ، فلهذا يضيف التدبير إلى الملائكة تارة لكونهم هم المباشرين للتدبير كقوله : { فالمدبرات أمرا } ، ويضيف التدبير إليه كقوله : { إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر } ، فهو المدبر أمرا وإذنا ومشيئة ، والملائكة المدبرات مباشرة ، وبهذا التصور لحركة الكون ، المنبثق من حقائق التنزيل ، تتجلى عظمة الخالق سبحانه ، ويتجلى عظيم ملكه ، وبديع سلطانه.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد