مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #10522

    زواج أثار الناس …

    وهذا ما فعله الإمام سعيد بن المسيب عندما زوج ابنته من طالب علم فقير ( ابن أبي وداعة ) بعد أن ضنّ بها أن تكون زوجا لوليّ عهد المؤمنين عبدالملك بن مروان ، فأثار غضب الخليفة وقرر الانتقام منه بإرسال عامله ليشهر به ويشنع به في مجلسه الذي يتخذه لتعليم الناس …

    وكان يتحدث عن الصبر على مجاهدة النفس وعن العزم الذي يفصل بين النفس الروحية وبين النفس الحيوانية لتكون السعادة الحقيقية ، وذلك هو صبر أولي العزم من الرسل .

    فصاح عامل الخليفة :

    ذلك أيها الشيخ صبر أولي الرسل أو صبر ابنتك على مكاره العيش مع ابن أبي وداعة ، لا يجد إلا ما يمسك بها الرمق عليها ، وقد كانت النعمة لها مُعرِضة ، فدفعتها إليه _ زعمت َ _ لتهلك به شخصها الحيواني ، وتوكلت على الله وألقيت انتك في اليم ….؟

    فتربد وجه الشيخ وأطرق هنيهة ، ثم رفع رأسه وقال : أين المتكلم آنفا ؟

    فارتفع الصوت : ها أنا ذا .

    قا ل: ادن مني .

    وبعد أن تخطى الناس واقترب منه قال له :

    أيها الرجل ، لا تسمعني بإذنك وحدها . أرأيتك ( بمعنى أخبرني ) لو سمعت خبرا ليس في نفسك أصل من معناه ، أو ورد عليك الخبر ونفسك عنه في شغل قد أهمها ، أفكنت تنشط له نشاطك للخبر الذي احتفلت له نفسك أو أصاب هوى منك أو رأيته موضع اعتبار ؟

    قال : لا

    قال الشيخ : فإذا سمعت بأذنك وحدها فإنما سمعت كلاما يمر بإذنك مرا ، وإذا أردت الكلام لنفسك ، سمعت بإذنك ونفسك معا ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : فكل ما لا تنفرد به حاسة واحدة ، بل تشارك فيه الحواس ، كلها أو أكثرها ، لا يكون إلا موضع اهتمام للنفس ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : فمن هنا يكثر الفرح والحزن كلاهما إذا شاركت فيهما الحواس . فيأتي كل منهما كثيرا مهما قل وتزيد كل حاسة في اللذة لذةً وفي الألم ألما ، فتعمل النفس في ذلك أعمالا تسحر بها ، فيكون الشيء لصاحبه غير ما هو للناس ، كالصوت الباكي أو الضاحك في لسان طفلك ، تسمعه أنت منه بكل حواسك ، فإذا أنت سمعت الصوت عينه من لسان رجل في الناس ، رأيته غر ذاك أكذلك هو ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : أفيكون السرور بالغا عجيبا أكثر ما هو بالغ ، حين يجد المال والغنى في الإنسان ، أم حين يجد القوة النفسية وطبيعة المرح والرضى ؟

    قال : بل حين يجد النفس ….

    قال الشيخ : أرأيت الإنسان يكون سعيدا بما يتوهم الناس أنه غنيٌّ سعيد ، أم بشعوره هو وإن كان بعد فيما لا يتهم الناس في الغنى والسعادة ؟

    قال : بل شعوره .

    قال الشيخ : أفلا توجد في الدنيا أشياء من النفس تكون فوق الدنيا وفوق الشهوات والمطامع ، كالطفل عند أمه ، كل ما تعلق به من شيء وُزن به هو لا بغيره ، وكان الاعتبار عليه لا على سواه ، أتعرف أما ترضى أن يذبح ابنها في حجرها لقاء أن يُملأ حجرها ذهبا وإن كانت فقيرة معدمة ؟

    قال : لا

    قال الشيخ : فإذا كانت النفس تشعر أكثر مما ترى ، أفيذهب ما تراه فيما تشعر به ، ويكون شعورها هو وحده الذي يَلبسُ ما حولها ويصورّه ويُصرفّه ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : أفتعرف أن لكل نفس قويه من هذا العالم الذي تعيش فيه عالما آخر هو عالم أفكارها ، وإحساسها ، وفيه وحده لذاتُ إحساسها وأفكارها ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : أفرأت المرأة إذا صح حبها أو فرحها أو عزمها ، أرأيتها تكون إلا في عالم أفكارها ؟ أرأيت كل ما يتصل برغبتها حينئذ يكون إلا من أشياء قلبها لا من أشياء الدنيا ؟ أرأيتها لا تعيش في هذه الحالة إلا بالمعاملة مع قلبها الذي لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يجمع المال ولا يريد إلا الشعور فقط ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : أرأيت إذا كان الإيمان قد ولد ونشأ وترعرع في قلب المرأة ، ألا يكون هو طفل قلبها ؟

    قال : نعم هو ذاك .

    قال الشيخ : أرأيت إذا كان الخمر عند مدمنها شيئا عظيما ، وكانت ضرورة من ضرورات وجوده الضعيف المختل ، فلا يستقيم وجوده ولا َسفَهُ وجوده إلا بها ، أفيلزمُ من ذلك أن تكون الخمر من ضرورات صاحب الوجود القوي المتظم ؟

    قال : لا

    قال الشيخ : أفموقن أنت لا بد من آخر لأيام الإنسان ولياليه في هذه الدنيا ، فينقطع به العيش ؟

    قال : نعم

    قال الشيخ : أفيؤرخ الإنسان يومئذ بتاريخ معدته وما حولها ، أم بتاريخ نفسه وما فيها ؟

    قال : بل بتاريخ نفسه .

    قال الشيخ : فإذا كنت صاحب حرب ، وكنت بطلا من الأبطال ، وأيقنت الموت في المعركة ، أيكون الحقيقي عندك هذه الساعة هو الموت أم الحياة ؟

    قال : بل الحياة عندئذ وهم وباطل .

    قال الشيخ : فتفرُّ في تلك الساعة إلى الحياة ولذاتها في خيالك أم تفر منها ومن لذاتها ؟

    قال : بل الفرار منها ، فإن خيالها يكون خبالا .

    قال الشيخ : ففي تلك الساعة التي هي عمرُ نفسك ، عمل نفسك ، ورجاء نفسك ، تستشعر اللذة في موتك بطلا ، أم تحس الكرب ، والمقت من ذلك ؟

    قال : بل استشعر اللذة .

    قال : إذن فهي كبرياء الروح العظيمة على مادة التراب والطين في أي أشكالها ولو في الذهب .

    قال : هي تلك .

    قال الشيخ : إذن فبعض أشيا ءالنفس تمحو في بعض الأحوال كل أشياء الدنيا أو الأشياء الكثيرة من الدنيا .

    قال : نعم

    قال الإمام : يرحمك الله ، كذلك محيّ عندنا أمير المؤمنين وابن أمير المؤمنين ، ومُحي المال والغنى ، ولم يكن ذلك عندنا إلا سعادة ، ومن رحمة الله أن كل من هدى سبيله بالدين أو الحكمة ، استطاع أن يصنع بنفسه لنفسه سعادتها في الدنيا ، ولو لم يكن له إلا لقيمات ، فإن السعة سعة الخلق لا المال ، وإن الفقر فقرُ الخليفة لا العيش .

    ثم التفت إلى الناس وقال :

    أما إني _ علم الله _ ما زوجت ابنتي رجلا أعرفه فقيرا أو غنيا ، بل رجلا أعرفه بطلا من أبطال الحياة ، يملك أٌوى أسلحته من الدين والفضيلة ، وقد أيقنت حين زوجتها منه أنها ستعرف بفضيلة نفسها فضيلة نفسه ، فيتجانس الطبع والطبع ، ولا سعادة لرجل وامرأة إلا أن يجانس طبعه طبعها ، وقد علمت وعلم الناس أن ليس في مال الدنيا ما يشتري هذه المجانسة ، وأنها لا تكون إلا هدية قلب لقلب يأتلفان ويتحابان .

    القناعة كنز لا يفنى

    #370687
    سبأ
    مشارك

    أتعرف أما ترضى أن يذبح ابنها في حجرها لقاء أن يُملأ حجرها ذهبا وإن كانت فقيرة معدمة ؟

    قال الشيخ : أرأيت إذا كان الإيمان قد ولد ونشأ وترعرع في قلب المرأة ، ألا يكون هو طفل قلبها ؟

    قال الشيخ : إذن فبعض أشيا ءالنفس تمحو في بعض الأحوال كل أشياء الدنيا أو الأشياء الكثيرة من الدنيا .

    المهاجر للأبد ،،،، حضورك جميل ها هنا ،،،، أتمنى أن يظل كذلك ،،، لك التحية وإلى الأمام ،،،،

    #370884

    مشرفتنا العزيزة سبأ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0000 الحمد لله أنكم بدأتم تتقبلون المهاجر للأبد في مجلس الثقافة والأدب وأنا والله العظيم أريد يا مشرفتنا الرقي بهذه المجالس 00000وسأثبت لك ولأعضاء مجلس الثقافة والأدب بأني اهتم برفع مستوى جلس الثقافة والأدب ولست كمن يحاول الإفساد فيه ..

    وهذه المشاركة خير دليل على حسن نوايا المهاجر للأبد 0000 وعلى حسن ذوقه الرفيع في اختيار المشاركات في هذا المكان 0000ليستفيد منها أكبر قدر من القراء ومحبي العلم والفائدة 0000000

    مع تحياتي المهجرية للأبد 000000000000000000

مشاهدة 3 مشاركات - 1 إلى 3 (من مجموع 3)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

يستخدم موقع مجالسنا ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك في التصفح. سنفترض أنك موافق على هذا الإجراء، وفي حالة إنك لا ترغب في الوصول إلى تلك البيانات ، يمكنك إلغاء الاشتراك وترك الموقع فوراً . موافق إقرأ المزيد